جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 48)

الآية وبناءً على هذا الاحتمال أيضاً تبقى في مقام التعليل ، فلا فرق بين هذا الاحتمال والاحتمال الأوّل ، ولكن السؤال: ما هو وجه التعليل في هذا الاحتمال؟
التعليل هنا لبيان العلّة في وجوب الوضوء ، أي للجواب على هذا السّؤال وهو: لماذا إذا قمتم إلى الصلاة عليكم أن تغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق؟ ولماذا {إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}؟ وما هي العلّة في أ نّكم لو كنتم مرضى أو على سفر ولم تجدوا ماءً عليكم أن تيمّموا صعيداً طيّباً؟ ففي جميع هذه الموارد يأتي التعليل في خصوص الجانب الإثباتي للحكم .
ولنا أن نتساءل هنا كيف يمكن للتعليل أن يكون في الجانب الإثباتي للحكم؟
والجواب أ نّ الله تبارك وتعالى يريد أ نّ يبيّن أن ما ألزمكم به عند الصلاة من الوضوء أو الغسل أو التيمّم ، فلا اُريد بذلك أن أشقّ عليكم أو أثقل كاهلكم ، إنّما أقصد بذلك هدفاً أسمى وأعلى . وهذا الهدف الذي أبتغيه يخصّكم أنتم ، ويعود عليكم بالمنفعة ، وهو تطهيركم ، أي اُريد بذلك أن تحصلوا على طهارة النفس وطهارة البدن أيضاً . بناءً على ذلك ولتحقيق هذا الهدف السامي هل يعتبر الوضوء أمراً حرجيّاً؟ وهل يعدّ الغسل عملاً صعباً؟ وهل التيمّم شاقاً؟
ومثال ذلك ، أن يقول الأب لابنه : يابنيّ إنّما أوجب عليك الذهاب إلى المدرسة صبيحة كلّ يوم ، لا لكي أشقّ عليك ، أو أزيد في عنائك ، بل أريد بذلك أن تتعلّم وتحصل على مكانة علمية سامية في المجتمع .
إذن، إذا قلنا بأنّ الآية: {ومَايُرِيدُاللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} تتعلّق بالأحكام الثلاثة ، وبالجانب الإثباتي لهذه الأحكام ، أي أ نّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يقول: إنّي ما أوجبت الوضوء ولا التيمّم ولا الغسل لكي أشقّ عليكم ، أو أجعلكم في حرج ، وإنّما أردت أن أطهّركم ، وهذا المعنى يتطابق مع تعبيراتنا العرفيّة الشائعة ، ولكنّه خارج عن إطار بحثنا ، ولا علاقة له بقاعدة نفي الحرج ، والسبب في ذلك هو
(الصفحة 49)

أ نّ قاعدة نفي الحرج إنّما تستخدم عندما تكون لدينا إطلاقات وعمومات في الجانب الإثباتي للحكم ، ونريد أن ننفي بعض هذه الأحكام بواسطة هذه القاعدة .
فمثلاً ، إذا كان الصوم يشكل حرجاً بالنسبة لأحد المكلّفين ، هنا يسقط وجوب الصيام الذي يفهم من قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} وتأتي قاعدة نفي الحرج هنا لتنفي بعض الأحكام التي تفهم بمقتضى الإطلاقات الموجودة في الآية ، ولو لم تكن هذه القاعدة ، لاقتضت الإطلاقات وجوب الصوم على الإنسان ولو كان في مرض الموت ، كالصلاة التي تجب حتّى على الغريق الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وعليه أن يؤدّيها في لحظة أو لحظات ، إذن قاعدة نفي الحرج في الحقيقة هي قاعدة نفي الحكم ، حيث تواجه الدليل الذي يريد أن يثبت الحكم من خلال الإطلاق في كلّ الموارد حتّى في موارد الحرج ، فتنتفي ذلك الحكم . لذا يعبّر عنها بالنفي [ ما جعل عليكم من حرج] فهناك إشارة إلى أ نّ الأحكام المستلزمة للحرج غير مرادة للشارع . وجعل الجاعل وإرادته الجديّة لم تبتن على أساسها ، حتّى ولو كان مقتضى الإطلاق يفيد الثبوت في موارد الحرج .
ومن هنا نتوصّل إلى هذه النتيجة ، وهي أ نّ مجرّد وجود كلمة (الحرج) في هذه الآية: {ومَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} لايعني أ نّها من أدلّة نفي الحرج ، بل يجب علينا أن نبحث هل أ نّ التعليل ناظر إلى التيمّم ، أو لا؟
وكما أشرنا سابقاً هناك جانبان في التيمّم: جانب نفي ، وهو عدم وجوب الوضوء والغسل ، وجانب إثباتي وهو التيمّم ، فإذا كان هذا التعليل فيما يخصّ التيمّم في جانب النفي ، حينئذ يمكن أن نعدّه من الأدلّة على بحثنا هذا . وإذا كان يتعلّق بكلّ الأحكام الموجودة في الآية وفي جانبها الإثباتي ، أي ذكر السبب والعلّة في وجوب الوضوء ووجوب الغسل والتيمّم ، حينذاك تكون الآية خارجة عن إطار بحث قاعدة نفي الحرج .

(الصفحة 50)

مساعدة الظهور للاحتمال الأوّل

وهنا قد يقال: هل إنّ ظاهر الآية يفيد الاحتمال الأوّل ، وبذلك تكون الآية من أدلّة نفي الحرج ، أو أ نّ ظاهرها يدلّ على الاحتمال الثاني فتخرج الآية عن إطار بحثنا هذا؟
لقائل أن يقول: إنّ الآية فيها إجمال من جهة متعلّق التعليل ، فلا يمكن إستظهار عود التعليل إلى التيمّم فقط ليصحّ الاستدلال بالآية الشّريفة .
والتحقيق أ نّه بالإمكان العثور على ما يرجّح الاحتمال الأوّل . لأ نّ الله سبحانه وتعالى ذكر في باب الغسل: {إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} ، فعبّر عن الغسل بالتطهير . وعلاقة الوضوء والغسل بالتطهير علاقة واضحة ، خاصّةً وأ نّ التطهير يتضمّن طهارة الجسم أيضاً ، إذن الماء مطهّر ، وهذا معلوم ومفروغ عنه ، أمّا بالنسبة للصعيد ـ سواء كان المراد منه التراب الخالص ، أو مطلق وجه الأرض ـ [هذا ينبغي أن نبحثه في التيمم]  ، فهو مالا يستأنس به ، إذ لا علاقة للتمسّح بالتراب بالطهارة ، بل يمكن اعتبارها ضدّ الطّهارة ، وأ نّها عمليّة مشفوعة بالقذارة .
هنا احتمل [ولا أقول أقطع] أ نّ قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} يتعلّق بنفس التيمّم خاصّة ، أي أ نّ الله سبحانه وتعالى في صدد الإجابة على الإستفهام الذي قد يتبادر إلى الذهن عن طبيعة الأمر بالتيمّم وعلاقة التراب بالطهارة ، فيقول : يطهّركم به .
وبناءً على ذلك يستبعد أن يكون قوله تعالى: {يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} عائداً على قوله فيما سبق {فَاطَّهَّرُوا} في باب الغسل وفي باب الوضوء ، وهذا يؤيّد أن يكون قوله: {يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} إنّما هو في خصوص التيمّم . فالله عزّوجلّ يريد أن ينبّه الإنسان إلى أ نّ مسألة التيمّم لا تتلخّص بالصورة الظاهريّة للتيمّم ، بل يريد ليطهّركم بذلك .

(الصفحة 51)

وفي تتمّة الآية يقول تعالى: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ} فهنا إشارة إلى مسألة التيمّم ، فالإتمام لايمكن أن يتصوّر إلاّ إذا كان أصل النعمة موجوداً . فما هو أصل النعمة؟
أصل النعمة الطهارة ، سواء بالوضوء أو الغسل ، فإذا لم تتحقّق الطهارة بالوضوء ولا بالغسل بالمعنى الذي تصوّره الآية الكريمة ، وبالتالي إذا لم تتحقّق أصل النعمة فإنّ التيمم كفيل بإتمام النعمة .
محصلّة القول إنّ هذه المؤيّدات التي ذكرناها بالإضافة إلى القرائن الاُخرى من قبيل أ نّ مسألة التيمّم جاءت في آخر الآية وتبعها قوله تعالى: {ومَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} تشكّل ظهوراً في الآية الشريفة على أ نّ قوله: {ومَا يُرِيدُ اللهُ} تتعلّق بالتيمّم ، وحينئذ تكون الآية صالحة للاستدلال بها على قاعدة نفي الحرج .
ولكن قد يدّعي البعض أ نّ الآية في ظهورها تشمل الطهارات الثلاث ، أو أ نّها مجملة من هذه الناحية . وفي هذه الحالة تخرج الآية من كونها دليلاً على قاعدة الحرج .

الآية الثالثة:

من الآيات التي استدلّ بها على هذه القاعدة هي الآية الشريفة في سورة البقرة الواردة في سياق الحديث عن مسألة الصوم ، حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}(1) .
فقوله: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ، وردت في مقام
  • 1  . البقرة: 180 .

(الصفحة 52)

التعليل . والآية الشّريفة في البداية تذكر التكليف الشرعي ، وهو صوم شهر رمضان ، مدّته وطبيعته ، ثمّ بعد ذلك تستثني الآية طائفتين من الناس: أحدهما المريض ، والآخر المسافر ، حيث يقول تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ} ، أي على المريض أن يصوم هذه المّدة المقرّرة في غير شهر رمضان ، وكذا المسافر .
وما نلاحظه هنا هو وجود نوع من التناسب . أو إن شئت فقل نوع من السنخيّة بين الحكم والتعليل ، ففي هذه الآية هناك حكمان ثبوتيّان ، يخصّ أحدهما غير المريض وغير المسافر في شهر رمضان ، والحكم الآخر هو للمريض والمسافر في غير شهر رمضان ، إذن هذان حكمان ثبوتيان ذكرتها الآية ، ويعلّل الله سبحانه وتعالى ذلك بقوله: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} هذا التعليل يخصّ جانب النفي ، والذي يستفاد من الحكم الثبوتي الثاني .
وكما قلنا في باب التيمّم من وجود حكمين:
أحدهما عدم وجوب الوضوء والغسل .
والآخر وجوب التيمّم .
هنا أيضاً يوجد حكمين في خصوص المريض والمسافر ، أحدهما: أ نّ المريض والمسافر لايجب عليهما الصيام في شهر رمضان . والآخر: تعيّن الصيام عليهما في غير شهر رمضان .
إذن ، الآية كأ نّها تدلّ على أنّ المريض والمسافر لا يجب عليهما الصوم في شهر رمضان ، لأنّ الله تعالى قال: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} فمن البديهي أ نّ صوم شهر رمضان بالنسبة للمريض فيه عسر ومشقّة ، وكذا الحال بالنسبة للمسافر خصوصاً في الأزمنة السابقة ، ما نريد أن نؤكّد عليه هو أ نّ قوله تعالى: {وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} يخصّ جانب النفي لا الجانب الإثباتي ، لأ نّ الجانب الإثباتي لايتناسب