جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه ثلاث رسائل
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 95)

التباين؟ وعلى فرض التباين ، كيف يكون الحكم؟
في البداية يجب أن ندقّق في معاني هذه العناوين خصوصاً عنوان الحرج ، باعتبار أ نّ القاعدة عرّفت بهذا العنوان .
العنوان الأوّل هو عنوان الحرج . عرّف كبار أهل اللغة الحرج بما يلي:
يقول الجوهري في كتاب الصحاح : ـ مكانٌ حرج: أي ضيّق . فهنا أوّلاً جعل الحرج صفة للمكان ، ثمّ عرّفه بأن قال عنه: ضيّق . وفي الحقيقة فإنّ الحرج أساساً يعني الضيق كما أنّه فسّره بالإثم أيضاً . حيث يقول الجوهري في الصحاح قد يستعمل كلمة الحرج بمعنى الإثم .
وجاء في القاموس ، الحرج: «المكان الضيق الكثير الشجر» ومن هنا يمكن أن نستفيد من القاموس فائدة جديدة لم يشر إليها في الصحاح ، وهي أ نّ المعنى الأوّل للحرج أخذ فيه المكان . لأ نّ عبارة الصحاح هي الحرج ، أي الضيّق ، وأمّا القاموس فقد عرّف فيها الحرج قائلاً: المكان الضيّق ، الكثير الشجر . وفي الحقيقة فإنّ هذا المعنى راجع إلى المعنى الأوّل . لأ نّ المكان الذي يكثر فيه الشجر ، يكون ضيقاً . لأنّ كثرة الشجر تعني المسافة بين الأشجار متقاربة جدّاً ، وبالتالي فهذا يتضمّن حالةً من الضيق .
المعنى الثالث للحرج ـ الذي ينصّ عليه القاموس ـ هو الإثم . وهذا المعنى بنفسه قد اشير إليه في الصحاح ، ويضيف ابن الأثير في كتاب النهاية إضافة جديدة على المعنيين المتقدّمين فيقول: إنّ الحرج في الأصل الضيق ، ويقع على الإثم والحرج . إلاّ أ نّ المعنى الأصلي للكلمة هو الضيق ، وأمّا معنى الإثم والحرام فهو ليس أصلاً ، ثمّ يقول: وقيل: الحرج ، أضيق الضيق . أي لا مطلق الضيق ، بل الضيق الشديد .
ومحصّله أ نّ للضيق عدّة مراتب ، أعلى هذه المراتب هي الحرج .

(الصفحة 96)

وورد في مجمع البحرين: أ نّ {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} أي ما ضيّق . وهذا يعني أنه فسّر الحرج بالضيق . ولكن أرى أ نّ تفسيره بـ«ما ضيّق» يستقيم معه معنى الجملة . فيكون معنى الآية «ما ضيّق بأن يكلّفكم مالا طاقة لكم به وما تعجزون عليه» وسبق وأن قلنا : إنّ العجز وعدم الطاقة ليس بمعنى الحرج . لكن نعود فنقول: إنّ الأساس هو أ نّه فسّر الحرج بالضيق والتضيّق .
بعد ذلك يورد صاحب مجمع البحرين قولاً يؤيّد فيه ما جاء في كتاب النهاية . يقول صاحب مجمع البحرين: وفي كلام الشيخ علي بن إبراهيم ـ وهو من الأدباء واللغويين ـ الحرج الذي لا مدخل له ، والضيقة ماله مدخل . إذن الضيق فيه مندوحة ومهرب ، وأمّا الحرج فلا مفرّ منه ولا مهرب .
وظاهر هذا الكلام ، أ نّه مرادف لما جاء في النهاية من أ نّ الحرج هو أضيق الضيق .
وأدقّ ماورد في تفسير هذا الكلمة ، هو ما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته ، ـ وهو من الكتب النفيسة جدّاً ـ من أ نّ أصل الحرج والحراج ، هو مجتمع الشيء وتصوّر منه ضيق بينها ، فقيل للضيق حرج ، وللإثم حرج . إذن من هنا نفهم أ نّ الحرج ليس بمعني الضيق ، ولا بمعنى الإثم ، بخلاف ما أورده صاحب النهاية إذ يقول: الحرج في الأصل الضيق ، بل هو اجتماع أجزاء شيء واحد وحدوث تداخل وترابط فيما بينهم . هذا الاجتماع هو ما يسمّى بالحرج . ويلزم عن حالة الاجتماع هذه الضيق . لأ نّ الشيء إذا كانت أجزاؤه متفرّقة فلا ضيق ، وأمّا إذا تجمّعت في مكان واحد ، خاصّة إذا كان الشيء من قبيل السوائل التي لها تركيب خاص ، حينئذ فإنّ الإجتماع يستلزم الضيق . أي أ نّ الأشياء تداخلت فيما بينها وترابطت ، ومن هنا عبرّ عن المعنى الحقيقي للحرج بأن قال: هو مجتمع الشّيء ـ على حدّ تعبيره ـ وقوله تصوّر منه ، يعني استلزم من حالة الاجتماع ضيق فيما بين الأجزاء .

(الصفحة 97)

وبذلك فهو يعطي لكلمة الحرج معنى لانجده من أيّ من الكتب التي أشرنا إليها آنفاً . ثمّ يقول: فقيل للضيق حرج ـ أي أ نّ استعمال كلمة الحرج في معنى الضيق جاء في رتبة متأخّرة ـ وللإثم حرج .
أمّا استعمال كلمة الحرج في معنى الإثم فقد ورد في التفاسير . والإثم أحد مصاديق الضيق . لأ نّ الإثم يعني أ نّ هناك تقصير من قبل العبد تجاه المولى ، وبعبارة اُخرى ، هناك مؤاخذة على العبد في مقابل الباري تعالى ، وهذه المؤاخذة تعدّ ضيقاً على العبد وضيقاً على العاصي . وحتّى مع عصيان العبد وتمّرده فإنّ الضيق متحقّق . إذن الإثم أيضاً هو من مصاديق الضيق بالشكل الذي أشرنا إليه .
ومن جهة اُخرى هناك بعض الآيات الكريمة التي يستفاد منها بأ نّ الحرج بمعنى الضيق كما اُستفيد هذا المعنى من مفردات الراغب هذا . فالآية الكريمة تنصّ على ذلك حيث قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}(1) هنا كلمة «حرجاً» يقصد بها نفس الضيق ، ولا يراد بها معنىً آخر . بل يمكن أعتباره نوعاً من الفنّ في التعبير ، حيث ذكر كلمة «ضيّقاً» ابتداءً ثمّ قال «حرجاً» فالجمع بينهما في هذه الآية يمكن أن نسوقه كدليل على أ نّ الحرج هو نفس الضيق ، وإلاّ لايمكن أن نتصوّر أ نّ الآية تريد أن تخطر في الذهن معنيين مختلفين .
وقد اختلف في تفسير الآية ، وخاصّة في كيفية: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}؟ ويمكن تصوّر هذا المعنى بأن نقول: إنّ كلّ من كان على صراط غير مستقيم ، وعلى غير الإسلام ، فإنّه يفتقد الإطمئنان والسكينة ، وهذا ما يظهر من قوله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(2) والقلب الذي يفتقد الطمأنينة والسكينة هو قلب
  • 1  . الأنعام : 125 .
  • 2  . الرعد: 28 .

(الصفحة 98)

يعيش الضيق والحرج . وطمأنينة القلب لا تحصل إلاّ في ظلّ ذكر الله والاعتقاد به والتوجّه إليه في كافّة الاُمور .
وتوجد هناك آيتان إذا جمعنا بينهما ، يمكن أن نتوصّل من خلال ذلك أ نّ الحرج هو بمعنى الضيق ، أحدهما قوله تعالى: {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ}(1)وكلمة «لايكن» مثار للبحث ، هل أ نّها تفيد النهي ، أو الدعاء ، أو ماشابه ذلك؟ وهذا خارج عن دائرة بحثنا .
وأمّا ما نحن بصدد بحثه هو أ نّ الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله من جهة بقوله: {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ}(2) ومن جهة اُخرى يقول في آية أخرى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} فشرح الصدر هذا في مقابل ذلك الحرج . فالشرح هو التوسيع والإنارة ، إذن لو أخذنا الآيتين معاً بنظر الإعتبار ، حينئذ يمكن أن نستفيد من القرآن أيضاً على أ نّ الحرج هو بمعنى الضيق . وهناك آيات اُخرى فيها كلمة الحرج . من قبيل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}(3) .
وقد فسّر البعض «الحرج» هنا بالإثم ، أي ليس على المريض إثم ، وليس على الأعمى إثم . في حين أ نّه لا داعي لأن نفسّر الحرج بالإثم . فلو قلنا في خصوص هذه الآيات أ نّ الحرج يعني الضيق ، فيلزم عن ذلك أ نّ نفس قوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} بأ نّ المريض والمجنون لا ضيق عليهما ، ولايناط بها ما من شأنه أن يشكّل صعباً عليهما . لأ نّ كلٌ يتحمّل بقدره . فالأعرج لكونه أعرج ينبغي أن نلاحظ ماهو ضيق بالنسبة إليه وما هو ليس بضيق . ومن هنا يتّضح أ نّ قوله
  • 1 . الأعراف : 2 .
  • 2  . الانشراح : 2 .
  • 3  . سورة النور : 61 .

(الصفحة 99)

تعالى: {وَلاَ عَلَى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ} بمعنى أ نّ الأعرج بما هو أعرج لا ضيق عليه ، وكما قلنا فقد فسّروا الحرج هنا بالإثم . وهو من مصاديق الضيق أيضاً . ولا داعي أن نفسّر هذه الآيات بالإثم . بل يكفي في ذلك أن نفسّر الحرج بالضيق ، لانّه معنى عام للحرج الذي صرّح به القرآن الكريم .

الاستدلال بالرّوايات

ويمكن الاستدلال على ما قلناه بالروايات التي سبق وإن استعرضناها . منها الرواية التي استشهد فيها المعصوم بالآية الكريمة: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} ثمّ فسّرها مباشرة بأن قال (عليه السلام) : أي من ضيق .
وهناك رواية اُخرى لم تفسّر الآية ، لكن يمكن أ نّ نستفيد منها ذلك المعنى بقرينة استشهاد الامام (عليه السلام) بالآية ، فقد جاء في رواية أبي بصير أ نّ الإمام (عليه السلام) قال مستطرداً : فإنّ الدين ليس بمضيّق وقد قال الله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} ، فقوله: إنّ الدين ليس بمضيّق ، واستشهاده بالآية: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} هو دليل على أ نّ الحرج في هذه الآية بمعنى الضيق . وذلك لأ نّ قوله (عليه السلام): «إن الدين ليس بمضيّق» ، إنّما يستند إلى الآية الكريمة: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} .
إذن ، أقوال اللّغويين ، والروايات ، والقرآن الكريم كما في قوله تعالى: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} جميعها تشير إلى أن الحرج يعني الضيق . فلا مجال للشكّ في أ نّ الحرج هو تعبير آخر للضيق .

الحرج والإصر

أحد العناوين التي ورد في القرآن الكريم ، هو عنوان الإصر . كما في قوله