جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 117)

بوجوب قراءة سورة كاملة هو الوجوب النفسيّ الاستقلاليّ الذي محلّه الصلاة بعد قراءة الحمد ، فلا منافاة بينه وبين مضيّ الصلاة ، وعدم وجوب إعادتها فيما لو تركها متعمّداً ـ مستبعد جدّاً . وكيف! يمكن ذلك ، مع أنّه لم يعهد من أحد القول بوجوب السورة لا بنحو الجزئية .
وكيف كان فيمكن أن يحمل كلامه في التهذيبين والخلاف ، على ما هو ظاهر كلامه في المبسوط والنهاية ، فيكون للشيخ قول واحد وهو الاستحباب .
ويمكن أن يقال: بأنّ له في المسألة قولين : القول بالوجوب ، وهو ظاهر كلامه فيها . والقول بالاستحباب ، وهو ظاهر كلامه فيهما .
وبالجملة : فالذي يستفاد منه أنّ الوجوب ليس أمراً مسلّماً مقطوعاً به بين الإمامية ، حيث قال في المبسوط: الظاهر من المذهب(1)  . . . ، وعليه فليست قراءة السورة كقراءة الحمد ، في أنّ وجوبها كان ضروريّاً بحيث لا يحتاج إلى إقامة الدليل عليه ، فالواجب النظر إلى الأخبار الواردة في المقام .
إذا عرفت ذلك فنقول : قد استدلّ للقول بعدم وجوب السورة بالأخبار التي تدلّ بظاهرها على إجزاء فاتحة الكتاب وحدها .
منها : صحيحة عليّ بن رئاب عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : «إنّ فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة»(2)  .
ومنها : ما رواه عليّ بن رئاب عن الحلبي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «إنّ فاتحة الكتاب تجزي وحدها في الفريضة»(3) . والظاهر كونهما رواية واحدة ، بمعنى أنّ سامع هذا الكلام من الإمام(عليه السلام) إنما هو الحلبي ، غاية الأمر إنّ حذفه في سند الأولى
  • (1) المبسوط 1 : 107 .
  • (2) التهذيب 2: 71 ح259; الإستبصار 1: 314 ح1169; الوسائل 6: 39. أبواب القراءة في الصلاة ب2 ح1.
  • (3) التهذيب 2 : 71 ح260; الوسائل 6 : 40. أبواب القراءة في الصلاة ب2 ح3.


(الصفحة 118)

إمّا أن يكون مستنداً إلى عليّ بن رئاب ، ويكون الوجه فيه قطعه بصدق الحلبي في نقلها ، وكون هذا كلام الإمام(عليه السلام) يقيناً ، وإمّا أن يكون مستنداً إلى أحد من الرواة بعده اشتباهاً .
وحينئذ فيقوى في النظر أن تكون هذه الرواية هي ما رواه حمّاد بن عثمان عن الحلبي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الاُوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شيئاً»(1) .
وحينئذ فلا يبقى مجال للقول بأنّ الروايتين الاُوليين مطلقتان ، والأخيرة مقيدة ، والواجب حمل المطلق على المقيّد كما عن صاحب الحدائق(رحمه الله)(2) ، لأنّ ما ذكره مبنيّ على احراز صدور المطلق والمقيّد معاً ، وقد عرفت أنّ في المقام لا يعلم ذلك ، لاحتمال كون الصادر هو المقيّد فقط ، وكيف كان فالاستدلال بهذه الأخبار للقول بالاستحباب غير تامّ .
ثم إنّه يظهر من بعض الأخبار الواردة في المقام ، جواز تبعيض السورة وحصول الاجزاء به ، مثل ما رواه عليّ بن يقطين في حديث قال : سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عن تبعيض السورة؟ فقال : «أكره ذلك ولا بأس به في النافلة»(3)ودلالتها على جواز التبعيض في الفريضة مبنية على أن يكون قوله : «في النافلة» متعلّقاً بقوله : «لا بأس به» فقط ، وأن يكون المراد بالكراهة هي الكراهة المصطلحة ، وأمّا لو كان متعلّقاً بقوله أُكره أيضاً ، كما لا يبعد دعواه أو كان المراد من الكراهة أعم من الحرمة ، فلا يدلّ على الجواز في الفريضة أصلا .
وما رواه سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال : سألته عن
  • (1) التهذيب 2: 71 ح261; الإستبصار 1: 315 ح1172; الوسائل 6: 40. أبواب القراءة في الصلاة ب2 ح2.
  • (2) الحدائق 8 : 116 .
  • (3) التهذيب 2 : 296 ح1192 ; الإستبصار 1 : 316 ح1178 ; الوسائل 6 : 44. أبواب القراءة في الصلاة ب4 ح4.


(الصفحة 119)

رجل قرأ في ركعة الحمد ونصف السورة، هل يجزيه في الثانية أن لا يقرأ الحمد ويقرأ ما بقي من السورة؟ فقال : «يقرأ الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة»(1) .
ورواية زرارة قال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام): رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في قراءَته، أو يدع تلك السورة ويتحوّل عنها إلى غيرها؟ فقال : «كلّ ذلك لا بأس به وإن قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع»(2) .
والظاهر أنّ المراد من الغلط  ، الغلط مع عدم العلم بصحيحه ، وإلاّ فاللاّزم عليه إعادته صحيحاً كما هو واضح .
وغير ذلك من الأخبار التي ظاهرها جواز التبعيض ، ولكن لا يخفى أنّه لم نظفر على قول من يقول بوجوب السورة ولو ناقصة من بين أصحابنا الإمامية ، بل القائلون بالوجوب ظاهرهم وجوبها تامّة، وحينئذ فتسقط هذه الأخبار عن الحجية بعد إعراضهم عنها .
هذا، ويدلّ على وجوب سورة تامّة ـ مضافاً إلى الاجماعات المنقولة المدّعاة في كلام كثير ، المعتضدة بالشهرة العظيمة(3) ـ جملة من الأخبار الظاهرة في ذلك ، بل بعضها يدلّ على مفروغية ذلك عندهم ، وأنّ السؤال إنما وقع عن بعض الخصوصيات .
منها : رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «لا يصلّى على الدابة الفريضة إلاّ مريض يستقبل به القبلة وتجزيه فاتحة الكتاب ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء، ويؤمي في النافلة إيماءً»(4) . فإنّ ظاهرها أنّ إجزاء
  • (1) التهذيب 2: 295 ح1191; الإستبصار 1: 316 ح1177; الوسائل 6: 45. أبواب القراءة في الصلاة ب4 ح6 .
  • (2) التهذيب 2: 293 ح1181; الوسائل 6: 45. أبواب القراءة في الصلاة ب4 ح7.
  • (3) الإنتصار: 146; أمالي الصدوق: 512; الوسيلة: 93; الغنية: 77; مفتاح الكرامة 2 : 350; تذكرة الفقهاء 3 : 130 مسألة 219; مستند الشيعة 5 : 90 المسألة التاسعة; جواهر الكلام 9 : 331 .
  • (4) التهذيب 3 : 308 ح952; الوسائل 4 : 325. أبواب القبلة ب14 ح1 .


(الصفحة 120)

فاتحة الكتاب وحدها إنما هو بالنسبة إلى المريض  .
ومنها : رواية الحلبي المتقدمة الدالة على إجزاء فاتحة الكتاب وحدها بالنسبة إلى المستعجل وأشباهه(1) .
ومنها : رواية منصور بن حازم قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام)  : «لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر»(2) . فإنّ المتفاهم منها عند العرف هو وجوب سورة كاملة ، لا أقلّ منها ولا أكثر ، وإن شئت قلت : إنّ النهي عن التبعيض لا ينطبق إلاّ على القول بالوجوب ، فإنّ القائل بالاستحباب يقول بجوازه .
وغير ذلك من الأخبار التي ظاهرها ذلك .
هذا ، والعمدة في هذا الباب أنّه ثبت متواتراً عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه كان يقرأ بعد الحمد سورة(3) ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين ، وذهاب الجمهور إلى الاستحباب إنما هو لأجل بعض الأخبار المروية بطرقهم(4) ، الدالة على أنّ السورة ليست جزءً للصلاة ، وإلاّ فكون عمل النبي(صلى الله عليه وآله) ذلك ممّا لا إشكال فيه عندهم .
ومن المعلوم أنّه لا يجوز التعدّي عن فعله(صلى الله عليه وآله) بعد ثبوت كون تعليمه للصلاة التي اخترعها ، إنما هو بسببه ، نعم لو دلّ الدليل على عدم دخالة بعض الأفعال في ماهيتها وحقيقتها ، لرفعنا اليد عن ظاهر الفعل ، ولكنّك عرفت عدم ثبوته .
ومن هنا يظهر الجواب عمّا ربما يمكن أن يقال: من أنّه لو كانت السورة واجبة ،
  • (1) الوسائل 6: 40. أبواب القراءة في الصلاة ب2 ح2.
  • (2) الكافي 3 : 314 ح12; التهذيب 2: 69 ح253; الإستبصار 1: 314 ح1167; الوسائل 6 : 43. أبواب القراءة في الصلاة ب4 ح2 .
  • (3) صحيح البخاري 1: 207 ح759 وص208 ح762; صحيح مسلم 4: 143 ح154 و155; سنن النسائي 2: 177 ح973 و974; سنن البيهقي 2: 59; الوسائل 6: 49. أبواب القراءة في الصلاة ب7 ح2 و4 وب24 ح3 و6.
  • (4) المجموع 3: 388; سنن البيهقي 2: 61; المغني لابن قدّامة 1: 568; تذكرة الفقهاء 3: 130; الخلاف 1: 335.



(الصفحة 121)

لكان اللاّزم أن يكون البيان أكثر ممّا عرفت ، فإنّ هذا الأمر الذي مخالف لجمهور العامة ـ حيث إنّهم يقولون بالاستحباب ـ لو كان ثابتاً عند أئمّة الشيعة صلوات الله عليهم أجمعين ، لتكرّر ذكره في كلماتهم ، بحيث لا يبقى لشيعتهم الشكّ فيه ، وذلك لأنّ هذا الأمر لكونه موافقاً لعمل النبي(صلى الله عليه وآله)  ، ولمواظبة الشيعة عليه ، صار بحيث لايحتاج إلى البيان أصلا .
ولذا قد عرفت أنّ أكثر الأخبار الواردة في المقام إنما يكون متعرّضاً لبعض الخصوصيات كالقرآن والتبعيض ونظائرهما ، ويستفاد منه كون أصل الوجوب مفروغاً عنه عند السائلين ، بحيث لم يكونوا يحتاجون إلى السؤال عنه، كما هو غير خفي .
وبالجملة: فالعمدة في هذا الباب هو عمل النبي(صلى الله عليه وآله) ومداومته على قراءة سورة بعد الحمد ، واستمرار عمل المسلمين بعده ، ومواظبتهم عليه ، بحيث إنّه حكي أنّه صلّى معاوية بالناس في المدينة وقرأ سورة بعد الحمد من دون البسملة ، فلمّا فرغ من صلاته صار مورداً لاعتراض أهل المسجد وايرادهم عليه بقولهم : أسرقت من الصلاة أم نسيت؟(1)
فانظر أنّ مجرّد ترك البسملة مع كون اعتقادهم على أنّها لست جزءً للسورة كيف يكون مستبعداً عند المهاجرين والأنصار ، بحيث يعترضون بسببه على خليفة الوقت، مع غلبة سلطنته وشدّة اقتداره ، وليس ذلك إلاّ لكونه مخالفاً لعمل النبي(صلى الله عليه وآله) والخلفاء بعده ، وقد عرفت أنّ ذهاب الجمهور إلى الاستحباب ليس إلاّ لبعض الأخبار الدالة عليه(2) ، فالأحوط بل الأقوى هو القول بوجوب سورة تامّة .
  • (1) التفسير الكبير 1: 180 ; الحجّة الرابعة.
  • (2) سنن البيهقي 2: 61 باب الإقتصار على فاتحة الكتاب.