جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 41)

يكون الأمر بالعكس(1) ، انتهى .
واعترض عليه في المصباح بما ملخّصه : إنّ تضعيف الداعي النفساني قد لا يكون ميسوراً حتى يصح تعلّق التكليف به ، ألا ترى امكان تكليف الأب في المثال المذكور بوجوب أن لا يكون انقاذ الابن من حيث هو مقصوداً له  ، نعم لو كان القصد المؤثر في الفعل مجرّد الملاحظة أو الاخطار الصوري لكان ذلك ميسوراً لكلّ أحد مطلقاً ، وإذ ليس فليس .
فحينئذ إمّا أن يلتزم بارتفاع وجوب الوضوء وانتقال فرضه إلى التيمّم ، أو يقال بكفاية إيجاد الفعل بداعي القربة ، مع انضمامها إلى إرادة حصول أمر مباح ، لكونه هو القدر الممكن في مقام الاطاعة ، والأول مع مخالفته لظاهر الأدلة; بديهي الفساد ولا يلتزم به أحد، فيتعيّن الثاني(2) . انتهى .
أقول : ويمكن الفرق بين الداعي وبين العلّة الغائية ، فإنّ مع تعددها لا يمكن استناد التأثير إلى واحد منها دون الآخر بعد اشتراكها فيه ، وهذا بخلاف الداعي ، فإنّه يمكن للفاعل إيجاد الفعل ببعض الدواعي بالخصوص ، وإن كان في نفسه بعض الدواعي الاُخر ، الصالح للتحريك والدعوة فتأمّل .
هذا كلّه في الضمائم المباحة ، وأمّا الضمائم الراجحة ، فحكمها حكم الضمائم المباحة ، فتبطل العبادة مع تبعية قصد القربة ، أو كون الداعي هو المجموع ، وفي صورة استقلالهما اشكال ، والأحوط وجوب الإعادة والله أعلم .

اعتبار قصد التعيين وبيان المراد منه

يظهر من بعض الأصحاب اعتبار قصد التعيين في العبادات زائداً على قصد
  • (1) كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري بحث الوضوء: 95 .
  • (2) مصباح الفقيه، كتاب الطهارة: 116 .


(الصفحة 42)

القربة(1) ، بمعنى أنّه يجب أن ينوي خصوص الأمر المتعلّق بالمأتي به ، فلو أمر المولى بفردين من طبيعة واحدة مرتين ، كما إذا أمر يوم السبت مثلا بتحرير رقبة ، ويوم الخميس أيضاً بذلك ، وعلم التعدد من الخارج لا التأكيد ، فيجب عند الاعتاق أن ينوي خصوص الأمر الصادر يوم السبت ، أو يوم الخميس ، ولا يكفي مجرّد الاعتاق بداعي مطلق الأمر ، وطبيعته من غير تعيين الخصوصيات .
وأنت خبير بأنّ ذلك مجرّد ادعاء بلا بينة ، إذ لا يعتبر في العبادة إلاّ أن يكون الداعي إلى إتيانها ، هو الذي يقتضي طبع العبادة والعابد والإتيان بها بذلك النحو . وبعبارة اُخرى أن لا يكون الداعي إلى إتيانها هي الأغراض الدنيوية .
وأمّا خصوصية الأمر فلا دليل عليه ، نعم لو كان المراد من قصد التعيين ما ذكرنا من قصد العنوان الذي لا ينصرف العمل المشترك من حيث الصورة بين عنوانين أو أزيد إلى واحد معيّن منهما أو منها إلاّ بمجرّده كعنوان الصلاة ، وكذا الأنواع الواقعة تحتها كالظهر والعصر وغيرهما ، فلا إشكال في اعتباره كما عرفت سابقاً .
ولكن لا يخفى أنّ ذلك لا يتوقّف على تعدد الأمر ، بل لو كان هنا أمر واحد متعلّق بصلاة الظهر مثلا ، يجب الإتيان بها بقصد ذلك العنوان ، لأنّ صيرورتها كذلك تتوقّف على القصد ، بل قد عرفت عدم اختصاصه بالعبادات لاعتباره في بعض التوصليات أيضاً ، كما عرفت مثاله فيما تقدّم ، بل لا يختصّ بالأحكام التكليفية ، لاعتباره في المعاملات أيضاً كما مرّ .
ثم إنّه قد يطلق قصد التعيين ويراد به الامتثال على طريق العلم التفصيلي في
  • (1) مستند الشيعة 5 : 11; كشف اللثام 3 : 408 ـ 409 ; جواهر الكلام 9 : 156; تذكرة الفقهاء 3 : 101; الحدائق 8 : 13 ـ 18; مدارك الاحكام 3 : 309 .


(الصفحة 43)

مقابل الإكتفاء بالامتثال العلمي الاجمالي ، فيمن علم بوجوب الظهر أو الجمعة مثلا على نحو الاجمال ، وأتى بهما جميعاً في مقام الامتثال ، مع التمكن من المراجعة إلى الأدلة ، واستنباط ما يكون واجباً بالخصوص عند زوال يوم الجمعة ، وكذا في الأقل والأكثر ، فيما إذا دار أمر الجزء الزائد بين أن يكون واجباً ، أو لغواً ، لا مستحبّاً .
فإنّ الظاهر أنّ الملاك فيهما واحد ، فإنّ الآتي بالأكثر لا يعلم أنّ الامتثال هل يتحقّق بخصوص الأقل أو به مع ضمّ الجزء الزائد ، كما أنّ الآتي بصلاة الظهر لا يعلم أنّه يتحقّق بها الامتثال ، أو بصلاة الجمعة التي يأتي بها بعدها ، أو أتى بها قبلها ، فالتفصيل بين الصورتين ـ كما حكي عن بعض(1) ، حيث فرّق بين ما إذا كان الاحتياط مستلزماً للتكرار ، كما في المتبائنين فلا يجوز ، وبين ما إذا لم يكن مستلزماً له ، كما في الأقل والأكثر فيجوز ـ ممّا لم يعلم له وجه أصلا ، لما عرفت من أنّ الملاك فيهما واحد، هذا في الشبهة الحكمية .
وأمّا الشبهة الموضوعية فالحكم فيها أيضاً كذلك ، مثل ما إذا كان ثوبه الطاهر مشتبهاً بثوبه النجس مع تمكّنه من الصلاة في خصوص الثوب الطاهر ، إمّا لتمكّنه من الفحص والتمييز بينهما ، أو من غسل أحدهما والصلاة فيه ، أو كان له ثوب ثالث يتمكّن من الصلاة فيه .
فإنّه قد يقال بوجوب الامتثال العلميّ التفصيلي ، وعدم كفاية امتثال العلمي الاجمالي في جميع الصور ، نظراً إلى أنّ احتمال الأمر لا يكفي في مقام الامتثال ، مع التمكّن من الإتيان بما علم تعلّق الأمر به ، كما في المقام ، حيث إنّ المفروض هو صورة تمكّن المكلّف من الامتثال العلمي التفصيلي ، وإلاّ فالاكتفاء بالامتثال العلمي
  • (1) السرائر 1: 185 ـ 186; وحكى عنه الشيخ الأنصاري في فرائد الاُصول مبحث القطع: 15.


(الصفحة 44)

الاجمالي ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، فالكلام إنما هو في صورة التمكّن منه ، ومعه لا يكفي الإتيان بداعي احتمال الأمر .
أقول : لا يخفى إنّ مسألة الإتيان بداعي احتمال الأمر لا ارتباط لها بالمقام أصلا ، فإنّه من الواضح أنّ الإتيان بالمأمور به فيما نحن فيه إنما هو بداعي الأمر المعلوم ثبوته ، والاجمال والاشتباه إنما حصل في ناحية المأمور به لا الأمر ، والإتيان بجميع الأطراف إنما هو لأجل تحصيل العلم بامتثال الأمر المعلوم المتعلّق إلى واحد منها معيناً في الواقع ، غير معيّن عند المكلّف .
وبالجملة : فالمكلّف إنما يقصد التقرب بما هو المأمور به واقعاً لا بكلّ واحد منها ، والمفروض تعلّق الأمر به يقيناً ، والإتيان بداعي احتمال الأمر انّما هو فيما لم يعلم بوجوده أصلا ، كما في جميع الشبهات البدوية الوجوبية ، وأمّا في مثل المقام ممّا علم بوجود الأمرفلاإشكال في أنّ الإتيان بجميع الأطراف إنماهو بداعي الأمر المعلوم.
بل يمكن أن يقال بأقوائية الداعي بالنسبة إلى المكلّف الذي يأتي بتمام الأطراف ، تحصيلا للعلم بتحقّق المأمور به ، لأنّه يتحمل في مقام الامتثال مشقّة كثيرة لكي يعلم بتحققه ، بخلاف المكلّف الذي لا يأتي إلاّ بما يكون هو المأمور به يقيناً كما هو واضح ، فالإشكال في الاكتفاء بالامتثال العلمي الاجمالي من هذه الجهة ، الراجعة إلى الاخلال بقصد القربة المعتبر في العبادة ممّا لاينبغي .
نعم يمكن أن يقال بأنّه يعتبر في العبادة زائداً على قصد القربة ، أن يعلم المكلّف تفصيلا; بأنّ المقرّب هل هذا الذي يأتي به أولاً ، أو الذي يأتي به ثانياً؟ ولكن هذا ادعاء بلا بينة وبرهان .
نعم استظهر الشيخ(رحمه الله) في رسالة القطع ، بل حكى عن بعض ثبوت الاتفاق على عدم جواز الاكتفاء بالاحتياط ، إذا توقّف على تكرار العبادة(1) ، واستظهر من
  • (1) فرائد الاُصول : 15 .


(الصفحة 45)

المحكي عن الحلّي في مسألة الصلاة في الثوبين المشتبهين ، عدم جواز التكرار للاحتياط حتّى مع عدم التمكّن من العلم التفصيلي(1) ، ومرجعه إلى سقوط شرطية الستر مع اشتباه الثوب الطاهر بالنجس .
ويظهر أيضاً ممّا ذكره في رسالة الاشتغال(2) ، إنّه قد يقال بعدم جواز الاحتياط ; للزوم التشريع ، وذلك لأنّ قصد القربة المعتبر في الواجب الواقعي لازم المراعاة في كلا المحتملين ليقطع باحرازه في الواجب الواقعي ، ومن المعلوم أنّ الإتيان بكلّ من المحتملين بوصف أنّها عبادة مقربة موجب للتشريع بالنسبة إلى ما عدا الواجب الواقعي ، فيكون محرّماً ، فالاحتياط ممّا لا يمكن في العبادات ، وإنما يمكن في غيرها ، لعدم اعتبار قصد القربة فيها المستلزم لإتيان غير العبادة بوصف أنّها عبادة كما عرفت .
وأما الاجماع فلا حجية له في نظائر المسألة ، وقد حقّقنا في الاُصول(3) أنّ حجيّته منحصرة بما إذا كان معقده من المسائل الأصلية المدونة في الكتب(4)الموضوعة لنقل الفتاوى المأثورة عن الأئمة الطاهرة(عليهم السلام)  ، بعين ألفاظها الصادرة عنهم ، وذلك لكشفه عن وجود نصّ معتبر لم يصل إلينا ، فحجّيته تكون من حيث الكشف الراجع إلى حجية المكشوف، لا الكاشف .
وأمّا المسائل التفريعية غير المذكورة في تلك الكتب ، بل الأصحاب ذكروها في كتبهم المعدّة لمثلها ، فلا يكون الاجماع فيها حجّة ، خصوصاً في مثل المسألة التي لم يتعرّضها إلاّ قليل من الأصحاب .
  • (1) السرائر 1 : 185 ـ 186 ، أحكام النجاسات.
  • (2) فرائد الاُصول : 266 .
  • (3) نهاية الاُصول: 538 .
  • (4) كالمقنعة والنهاية والمقنع والإنتصار والغنية والوسيلة.