جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 28)


اعتبار قصد القربة في الصلاة

إنّ قصد القربة من الأمور المعتبرة في الصلاة زائداً على القصد إلى عنوانها ، توضيح ذلك: إنّه لا إشكال في أنّ كلّ فعل اختياريّ صادر عن الفاعل المختار لابدّ أن تسبقه الإرادة ، بخلاف الأفعال الطبيعية الصادرة من فاعليها ، بمقتضى طبيعتها من غير شعور ولا إرادة ، وكذا لا إشكال في أنّ الإرادة لا تتعلّق أولاً إلاّ بما هو محبوب للفاعل بالذات ، ومشتاق إليه بنفسه . ثم تتولّد من هذه الإرادة إرادة اُخرى متعلّقة بما يتوقّف عليه تحقق مطلوبه الأقصى ومحبوبه الأولى ، فالعطشان تتعلّق إرادته أولاً برفع العطش ، وثانياً بشرب الماء كذا سائر المقدّمات .
وبالجملة: تعلّق الإرادة بالأفعال الصادرة إنما هو لكونها محبوبة لنفس الفاعل بالذات ، أو دخيلا في تحقق ما هو محبوب كذلك ، وإلاّ فمع عدم المحبوبية مطلقاً لا يعقل تعلّق الإرادة بها . هذا في الأفعال الدنيوية التي لا يترتب عليها إلاّ الآثار الدنيوية .
وأمّا الأفعال العبادية فلا شبهة في أنّ تعلّق الإرادة بها مع عدم كونها محبوبة للنفس ومشتاقاً إليها أصلا لابدّ من أن يكون ناشئاً من الملائمة الحاصلة بينها وبين النفس في بعض المراتب ، إمّا لكون النفس مقهورة عند عظمة الحقّ جلّ جلاله وسطوته وجماله وجلاله ، فتأتي بالعبادة خضوعاً في مقابل عظمته ، وخشوعاً في مقابل الكمال المطلق الذي إليه يرجع كلّ الكمال ، وإمّا لكونها شائقة إلى شكر نعماء الله لتوجّهها إلى أنّه تعالى وليّ النِعم ، فتأتي بالعبادة شكراً لنعمه ، وإمّا لكونها شائقة إلى ما يترتب على فعل العبادة ، من حصول الثواب الأخروي ، أو خائفة عمّا يترتب على تركها من العقاب الاُخروي ، وإمّا لكونها شائقة إلى زيادة النعم
(الصفحة 29)

الدنيوية ، أو بقاء ما كان منها .
ولا يخفى أنّ هذه المراتب تختلف باختلاف الفاعلين في كمال النفس وضعفها ، والانصاف كفاية كلّ واحد منها في صحة العبادة ، ولولا ذلك يلزم بطلان عبادة عامة الناس ، وتكون الصحة حينئذ منحصرةً على عمل الأنبياء والأول ياء فقط ، مع أنّ هذه المراتب ليست اختيارية للنفس ، بل قد عرفت أنّ اختلافها يدور مدار ضعف النفس وكمالها ، فلو كان بعض المراتب العالية معتبراً في صحة العبادة ، لكان اللاّزم من باب المقدّمة تكميل النفس إلى تلك المرتبة ، مع أنّه لم يكن ذلك ثابتاً حتّى في زمان النبي(صلى الله عليه وآله)  .
وبالجملة: لا إشكال في عدم اعتبار تلك المراتب ، وكفاية كلّ واحد منها ومن المراتب الذاتية .
ثم إنّ الوجه في عدم تعرّض الأخبار لمسألة قصد القربة واعتباره في العبادات ، إنما هو ما عرفت من أنّ الأفعال العبادية لا تكون محبوبة للنفس مع قطع النظر عن الأمر بها ، فالآتي بها مع كونها كذلك لا يكاد ينفكّ من ذلك القصد بإحدى المراتب المتقدّمة ، وحيث إنّه قد يعرضها بعض الأغراض الدنيوية ، فيمنع عن وقوعها على ما هي عليه بمقتضى طبعها الأول ي كالرياء ونحوه ، فلذا قد تكرّر في الأخبار ذكره(1) وأنّه موجب لبطلان الصلاة .
وبالجملة: فلا إشكال في اعتبار قصد القربة في العبادات ، وإن لم تتعرضه الأخبار ، كما أنّه لا خلاف فيه بين علماء الإسلام(2) . والقول بعدم اعتباره في
  • (1) الوسائل 1: 70. أبواب مقدّمة العبادات ب12 .
  • (2) الخلاف 1: 71، مسألة 18; مستند الشيعة 2 : 45 ـ 49; جواهر الكلام 9 : 156; تذكرة الفقهاء 3 : 100 مسألة 200; مدارك الاحكام 3 : 309 ـ 310; الذكرى 3 : 245 ; بداية المجتهد 1: 33.


(الصفحة 30)

الطهارات الثلاث ـ كما حكي عن أبي حنيفة(1) ، ـ وفي الزكاة والخمس(2) ـ كما ربما يمكن توجيهه خلافاً للمتأخّرين من الإمامية(3) ـ إنما هو لعدم كونها عبادة عند القائل بعدم اعتباره فيها ، لا لأجل عدم اعتبار قصد القربة في العبادة كما هو واضح .
ثم إنه ما اشتهر في ألسنة المتأخّرين(4) ، وتكرّر في كلماتهم بأنه يجب الاتيان بالعبادة بقصد إطاعة الأمر المتعلّق بها وامتثاله ، وأنّه يجب توسيطه ، وجعله مقدّمة لحصول القرب ، أو ترتّب الثواب ، أو غيرهما من المراتب المتقدّمة ، وكأنّه لايحتاج إليه في صيرورة العبادة عبادة ، فإنّه يكفي في ذلك مجرّد الإتيان بها ، لكونها محبوبة للمولى ، وموجبة لحصول القرب وترتّب الثواب .
فإنّه إذا لم يكن للعبد غرض دنيوي مترتب على إتيانها ـ لعدم كونها محبوبة للنفس بالذات ، أو بالتّبع ، حتّى تتعلّق الإرادة بها من هذه الجهة ـ فالإتيان بها لا محالة يكون لغرض اُخرويّ ، ولكونها عبادة لله تعالى ، محبوبة له جلّ شأنه ، وقد عرفت أنّ هذا هو الوجه في عدم تعرّض الأخبار لاعتباره في العبادات .
وبالجملة : فصيرورة الشيء عبادة إنما تتوقّف على أن لا تكون الإرادة المتعلّقة بإتيانها ناشئة من المبادئ الدنيوية ، والأغراض المرتبطة بهذا العالم ، نعم يعتبر مع
  • (1) الخلاف 1 : 71 مسألة 18; بداية المجتهد 1 : 33; كشف اللثام 1 : 502; وهو قائل بعدم الاشتراط في الطهارة المائيّة فقط لا مطلقاً . راجع المجموع 1: 313; تذكرة الفقهاء 1: 139.
  • (2) القائل هو الأوزاعي: المجموع 6: 180; المغني لابن قدّامة 2: 502; الشرح الكبير 2: 673; تذكرة الفقهاء 5: 327، مسألة 238.
  • (3) المعتبر 2: 559; تذكرة الفقهاء 5: 327; مستند الشيعة 9: 374; جواهر الكلام 15: 471; رياض المسائل 5: 136; مدارك الأحكام 5: 299.
  • (4) تذكرة الفقهاء 3: 101 ـ 102; كشف اللثام 3: 408 ـ 409; جواهر الكلام 9: 154 ـ 156; مستند الشيعة 5: 11; الحدائق 8 : 13 ـ 18; مدارك الأحكام 3: 309.


(الصفحة 31)

ذلك ورود الإذن من الشارع ولو كان في ضمن الأمر ، وأمّا اعتبار قصد إطاعة الأمر وامتثاله ، فلا دليل عليه ، كما أنّ اعتبار قصد القربة بمعناه الظاهري الذي يرجع إلى الإتيان بالعبادة لتحقّق القرب من المولى لا دليل عليه أيضاً .
مضافاً إلى ما عرفت من أنّ هذه المرتبة من المراتب السافلة في مقام الإتيان بالعبادات ، فإنّ بعض الأوحديّين من الناس يكون الداعي له إلى العبادة مجرّد كون المعبود أهلا ومستحقّاً لها ، كما حكي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال : «إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ولا طعماً في ثوابك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»(1) .
ومضافاً إلى أنّه لو كان قصد التقرب بمعناه الظاهر معتبراً ، لكان الواجب على الناس معرفة القرب من الله تعالى بأيّ معنى حتّى يقصد ذلك المعنى ، ومن المعلوم خلافه .
والذي ينبغي أن يقال: إنّ المعتبر في صحة العبادة هو الذي يقتضي طبع العبادة وكذا طبع العابد الإتيان بها بذلك النحو ، وحيث إنّ ذلك متحقّق غالباً بل دائماً في عامّة الناس بالنسبة إلى عباداتهم ، بعدما عرفت من عدم ترتّب غرض دنيوي عليه ، فلذا تكون الأخبار خالية عن بيانه ، واعتباره في الصلاة .
نعم ربما يعرض عليها بعض الأغراض الفاسدة التي تمنع عن وقوعها بمقتضى طبعها ، فتكون صورتها صورة العبادة ، والمقصود بها ترتّب الأغراض الدنيوية وهو الذي يسمّى بالرياء ، فلذا قد تكرّر في الأخبار ذكره ومذمّته والتوبيخ عليه ، وإنه مبطل للصلاة .
وفي الحقيقة يكون مفاد تلك الأدلة الواردة في الرياء إنّه لو لم يطرء على العبادة
  • (1) بحار الأنوار 41 : 14 .


(الصفحة 32)

هذا الأمر الذي يصرفها عن وجهها ، فهي تقع بمقتضى طبعها عبادة ، فالمعتبر في صحّتها هو مجرّد خلوّها عن ذلك الأمر ، إذ بذلك تقع على ما هو مقتضى طبعها ، سواء كان الداعي له إلى إتيانها كون المعبود أهلا لها ، أو تحقق القرب إليه ، أو غيرهما من المراتب المتقدّمة ، وسواء كان قصد إطاعة الأمر وامتثاله واسطة في ذلك أم لا .
ثم إنّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار بطلان العبادة بالرياء وحرمته(1) ، ولا فرق في ذلك بين أن يصير داعياً إلى الإتيان بمجموع العبادة أو ببعض أجزائها ، كما أنّه لا فرق في الثاني بين أن يكون الجزء من الأجزاء الواجبة أو المستحبة ، لأنّ مرجع الرياء في كلّ منهما إلى الرياء بالمجموع ، فالإتيان بالقنوت رياءً ليس إلاّ لإظهار أنّه يصلّي كذلك .
نعم لو كان المستحب شيئاً خارجاً عن الصلاة ، فالإتيان به رياءً في أثناء الصلاة لا يضر بصحتها ، إلاّ أن يرجع أيضاً إلى الرياء فيها ، وكذلك لا فرق في الثاني ـ أي الرياء في الأجزاء ـ بين تدارك الجزء والإتيان به ثانياً وعدمه ، وإن لم نقل ببطلان الأول من حيث الزيادة المبطلة .
هذا ، وقد قيل(2): بعدم بطلان العبادة فيما لو نوى الرياء ببعض الأجزاء المستحبة ، كالقنوت ورفع اليدين بالتكبير ، وغيرهما من الأجزاء المستحبة للصلاة ، لأنّ بطلان الجزء المستحبّ لا تؤثر في بطلان الأجزاء الواجبة المأتيّ بها خالصاً لوجه الله .
قال الشيخ المحقّق الأنصاري(قدس سره) ، في كتاب الصلاة ، في وجه عدم البطلان ، ما
  • (1) الوسائل 1 : 70. أبواب مقدّمة العبادات ب12 .
  • (2) مصباح الفقيه، كتاب الصلاة: 238 .