جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 197)

وحينئذ فلو تحقّقت المخالفة بالنسبة إلى كليهما يستحق العبد لعقوبتين ، لأنّه تحقق منه عصيانان ، ولا مانع من الالتزام بذلك أصلا كما لا يخفى .
بالجملة : فلا استحالة في الترتّب بهذا التقريب ، لأنّ في مرتبة التكليف بالأهم لا يكون إلاّ تكليف واحد متعلّق بواحد من الضدّين ، والتكليف الثاني معلّق على صورة قصور الأول عن التأثير ، وحصول العصيان من العبد ، وقد عرفت إنّه مع إمكانه لا وجه لعدمه بعد ثبوت ملاكه كالأول .

اجتماع الحكم الواقعي مع الظاهري

المحكيّ عن السيد الاصفهاني(قدس سره)أنّه أفاد في وجه الجمع بين الحكمين ، وعدم المنافاة بينهما ما ملخّصه : إنّه لا إشكال في أنّ الأحكام إنما تتعلّق بالمفاهيم المتصوّرة في الذهن ، لكن لا من حيث أنّها حاكية عن الخارج ، ثم إنّ المفهوم المتصوّر تارة يكون مطلوباً على نحو الاطلاق ، واُخرى على نحو التقييد ، وعلى الثاني فقد يكون لعدم المقتضي في ذلك المقيّد ، وقد يكون لوجود المانع .
مثلا قد يكون عتق الرقبة مطلوباً على سبيل الاطلاق ، وقد يكون الغرض في عتق الرقبة المؤمنة خاصّة ، وقد يكون في المطلق إلاّ أنّ عتق الرقبة الكافرة مناف لغرضه الآخر ، ولأجله قيّد العتق المطلوب بما إذا تحقق في الرقبة المؤمنة ، فتقييده في هذا القسم إنما هو من جهة الكسر والانكسار ، لا لتضييق دائرة المقتضي، وذلك موقوف على تصوّر العنوان المطلوب أولاً مع العنوان الآخر المتّحد معه في الوجود المخرج له عن المطلوبية الفعلية ، فلو فرضنا عنوانين غير مجتمعين في الذهن ، فلايعقل تحقق الكسر والانكسار .
فاللاّزم من ذلك ـ والكلام للسيّد الاصفهاني ـ إنّه متّى تصوّر العنوان الذي فيه جهة المطلوبية يكون مطلوباً صرفاً من دون تقييد ، وكذا العنوان الذي فيه جهة المغضوبيّة ، والعنوان المتعلّق للأحكام الواقعية مع العنوان المتعلّق للأحكام
(الصفحة 198)

الظاهرية ممّا لا يجتمعان في الوجود الذهني ، مثلا إذا تصوّر الآمر صلاة الجمعة ، فلا يمكن أن يتصوّر معها إلاّ الحالات التي يمكن أن تتّصف بها في هذه الرتبة ، مثل كونها في المسجد أو في الدار مثلا ، وأمّا اتصافها بكون حكمها الواقعي مشكوكاً ، فليس ممّا يتصوّر في هذه الرتبة ، لأنّ هذا الوصف إنما يعرض الموضوع بعد تحقق الحكم والأوصاف المتأخّرة عنه لا يمكن إدراجها في موضوعه ، فلا منافاة حينئذ بين الحكمين ، لأنّ جهة المطلوبية ملحوظة في ذات الموضوع مع قطع النظر عن الحكم ، وجهة المبغوضية ملحوظة مع لحاظه(1) انتهى .
أقول : قد حقّقنا في الأصول(2) أنّ معنى الاطلاق ، سواء كان راجعاً إلى الموضوع أو إلى المتعلّق ، عبارة عن كون ذلك الموضوع مثلا هو تمام الموضوع للحكم المجعول ، وأنّه لا مدخلية لشيء آخر ، فأصالة الإطلاق الجارية في متعلّق قوله : أعتق رقبة ، معناها أنّ مطلوب الأمر ومحبوبه الذي بعث عبده إليه ، إنما هو هذا العنوان فقط ، بحيث لا مدخلية لشيء من العناوين المتّحدة معه في الخارج في ذلك أصلا .
فكلّ مصداق تحقق في الخارج وصدق عليه هذا العنوان ، يكفي الإتيان به في تحقق الاطاعة ، بما أنّه مصداق لذلك العنوان ، وإن صدق عليه العناوين الاُخر ، مثلا إذا أعتق المكلّف رقبة مؤمنة ، فقد أوجد مطلوب المولى بما أنّه أعتق رقبة ، لا بما أنّه أعتق رقبة مؤمنة ، وكذا الإطلاق الجاري في موضوع الحكم ، مثل عنوان المستطيع الذي يكون موضوعاً لوجوب الحجّ ، فإنّ معناه أنّ من وضع عليه هذا التكليف إنما هو من صدق عليه عنوان المستطيع بما أنّه مصداق لهذا العنوان ،
  • (1) حكاه عنه المحقّق الحائري(رحمه الله) في درر الفوائد : 351 ـ 352 . ولم نعثر عليه في كتاب (الرسائل الفشاركيّة) تأليف السيد الفشاركي(رحمه الله).
  • (2) نهاية الاُصول : 376 .


(الصفحة 199)

فالمستطيع الذي يكون عالماً ومتّصفاً بهذا الوصف إنما يجب عليه الحج لكونه مستطيعاً ، لا لكونه مستطيعاً عالماً .
وبالجملة فمعنى الإطلاق بلا ريب عبارة عن كون الشيء المأخوذ متعلّقاً للحكم أو موضوعاً له تامّاً في ذلك ، بلا مدخلية لشيء آخر ، ومحبوباً أو مبغوضاً بنفسه ، بلا ملاحظة شيء من الخصوصيات ، وليس معناه راجعاً إلى ملاحظة جميع العناوين التي يمكن أن تتحد معه في الخارج موضوعاً وحكماً ، حتى يقال بلزوم الاقتصار من تلك العناوين على ما يمكن تصوره في هذه الرتبة .
فالعناوين الحادثة بعد تعلّق الحكم لا يعقل أن تكون ملحوظة للأمر ، مثل عنوان العلم ، والجهل ، والاطاعة ، والعصيان ، ونحوها من الحالات المتأخّرة عن جعل الحكم ، بل الاطلاق إنما هو بالمعنى الذي عرفت .
وعليه فلا فرق بين العناوين أصلا ، فإنّ صلاة الجمعة مطلوبة مطلقاً ، بمعنى أنّه لا مدخلية لشيء آخر في اتّصافها بذلك ، فمتى تحقّقت تتصف بذلك ، سواء تحقّقت من العالم بحكمها ، أو من الجاهل به ، وسواء عصاه المكلّف ، أم أطاعه ، فإنّه في جميع هذه الصور تكون مطلوبة بما أنّها صلاة الجمعة ، لا بما أنّها صدرت من العالم مثلا . وحينئذ فالحكم الواقعي المتعلّق بالمطلق كما أنّه ثابت بالنسبة إلى العالم ، كذلك يكون ثابتاً في صورة الجهل أيضاً كما عرفت ، فالإشكال لا يندفع بما أفاده السيد .
والذي ينبغي أن يقال في حلّ الاشكال بناءً على ما ذكرنا في معنى الاطلاق : أنّ البعث الصادر من المولى وإن كان مطلقاً ، ولا اختصاص له بالمكلّف العالم به ، للزوم الدور كما عرفت ، إلاّ أنّه لا ريب في قصوره من التأثير في نفس المكلّف الجاهل ، إذ لا يعقل الانبعاث من البعث مع الجهل به ، فالإرادة الباعثة عليه لا محالة تكون مقصورة بصورة العلم بالتكليف .

(الصفحة 200)

فلو أراد المولى تحقق مطلوبه من المكلّف مطلقاً ، ولو كان جاهلا ، لا يجوز له الاكتفاء بذلك البعث ، لما عرفت من قصوره عن التأثير بالنسبة إلى الجاهل ، بل له أن يبعث المكلّف الجاهل بالبعث الأول ثانياً، إمّا مطلقاً أو مقيداً ببعض القيود ، مثل ما إذا أخبر به العدل مثلا فيقول : إذا أخبرك العادل بوجوب صلاة الجمعة تجب عليك ، وهذا البعث لا يمكن أن يكون مسبّباً عن مصلحة اُخرى في صلاة الجمعة غير المصلحة الملزمة التي اُوجبت البعث عليها مطلقاً ، لما عرفت من اطلاقها لصورة الجهل أيضاً ، بل لابدّ أن يكون بلحاظ نفس تلك المصلحة .
وحينئذ فإذا صادف قوله الواقع ، يصير وجوبها بالنسبة إليه فعليّاً ، وإذا خالفه يصير الحكم الثاني حكماً صورياً لا يريد المولى انبعاثه منه ، فالحكم الظاهري إنما جعل لملاحظة الواقع ، ولا يكون مخالفاً له ، لا من حيث الملاك ، لما عرفت من أنّ ملاكه هو ملاكه ، ولا من حيث نفس الحكمين ، لما عرفت من أنّه في صورة التطابق لا يكون هنا إلاّ إرادة واحدة ، وفي صورة التخالف لا يكون هنا إرادة أصلا .
ومن هنا يظهر الفرق بين هذه المسألة ومسألة ترتّب الضدّين المتقدمة ، فإنّه في تلك المسألة يكون التكليف بالأهم باقياً على فعليته أيضاً في صورة العصيان المحقّق لموضوع الأمر بالمهم ، فإنّ المولى لم يرفع يده عن محبوبه الأول ، غاية الأمر إنّه حيث لم يؤثر بعثه في نفس العبد ، بحيث يتحقّق منه الانبعاث ، أوجب عليه محبوبه الثانوي في هذا الفرض .
وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الحكم الواقعي إنما يكون فعلياً بالنسبة إلى خصوص العالم ، والبعث قاصر عن التأثير بالنسبة إلى الجاهل أيضاً ، وبعبارة اُخرى موضوع المسألة الأولى هو العاصي الذي يكون التكليف بالأهم ثابتاً عليه ، لأنّه لا يسقط بالعصيان ، وموضوع المقام هو الجاهل الذي يكون البعث الواقعي قاصراً

(الصفحة 201)

عن التأثير في نفسه ، ولا تكون إرادة المولى تحقق الانبعاث بهذا البعث منه أيضاً .
ثم لا يخفى أنّ لسان بعض الأحكام الظاهرية لسان التوسعة في المأمور به بالأمر الواقعي ، ويكون ناظراً إليه مثلا الحكم بالطهارة الظاهرية المستصحبة ، فيما إذا كان بدن المصلّي أو ثوبه طاهراً سابقاً ، مرجعه إلى جواز الصلاة معه ، فيدلّ على أنّ الأدلة الواردة في اشتراط الصلاة بطهارة البدن والثوب أعمّ ممّا إذا كانت الطهارة طهارة واقعية أو ظاهريّة ثابتة بالاستصحاب أو قاعدتها .
وقد ذكرنا في مبحث الإجزاء من الاصول(1) ، إنّ هذا القسم من الأحكام الظاهرية مقتضية للإجزاء سواء كانت من الأصول أو الأمارات ، وسواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية ، وليس مدلولها مجرّد كون المكلّف معها معذوراً في مخالفة الحكم الواقعي ، فإنّه كيف يمكن أن يحمل قول أمير المؤمنين(عليه السلام) : «ما أُبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم أعلم»(2) ، على مجرّد المعذورية في المخالفة مع الشكّ كما هو واضح .
إذا عرفت جميع ذلك فاعلم أنّه يمكن أن يجاب عن الإشكال المتقدّم الذي مرجعه إلى أنّه كيف يمكن أن يؤخذ العلم في الحكم بوجوب الصلاة جهراً أو اخفاتاً ، بأنّا لا نقول بكون الحكم الواقعي ـ أي الوجوب المتعلّق بالصلاة المشتملة على خصوصية الجهر أو الاخفات ـ مختصّاً بالعالم به ، بحيث يكون العلم داخلا في موضوعه ، بل هو كسائر الأحكام الواقعية مطلق بلا اختصاص بالعالم به ، ولكن الجاهل في المقام حيث إنّه كان عمله موافقاً للحكم الظاهري المتوجه إليه ، فلا محالة يكون عمله تامّاً .
  • (1) نهاية الاُصول : 137 .
  • (2) الفقيه1 : 42 ح166; التهذيب 1 : 253 ح735; الاستبصار 1 : 180 ح629; الوسائل 3 : 467 . أبواب النجاسات ب37 ح5 .