جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 145)

آيتها ، وهذا لا فرق فيه بين أن يكون التكليفان مختلفين من حيث الأهمية ، أو متساويين ، لأنّ المكلّف يوقع نفسه اختياراً في مخالفة أحدهما، ويبتلي نفسه بهما .
4 ـ أن يكون ذلك أي الابتلاء بالتكليفين المتزاحمين ، والوقوع في مخالفة أحدهما حكمة لتعلّق النهي التحريمي بنفس قراءة شيء منها .
5 ـ أن يكون النهي عن القراءة باعتبار السجود الذي يعدّ بنظر العرف جزءً للسورة ، أو باعتبار كونه لازماً شرعياً لقراءة آية السجدة ، فيصير معنى الرواية إنّه لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ، لأنّها موجبة للسجدة شرعاً ، والسجود زيادة في الفريضة، والزيادة العمدية مبطلة لها ، فتكون المقدّمة الأولى والأخيرة مطويّتين في الرواية .
هذا ، ولا يخفى أنّ الاحتمالين الأوّلين لا يناسب شيء منهما ، مع التعليل الوارد في الرواية كما هو ظاهر ، وأمّا الاحتمال الثالث والرابع فهما أيضاً خلاف ظاهر الرواية ، لأنّ غرضها أنّه لا تنطبق طبيعة الصلاة المأمور بها التي يجب على كلّ مكلّف الإتيان بها ، وامتثال أمرها بإيجادها في الخارج ، على الصلاة التي قرأ فيها شيء من العزائم ، فلا يتحقّق الامتثال الموجب لسقوط الأمر ، بإتيان الصلاة المشتملة على قراءة شيء منها ، ولا تعرّض في الرواية لحرمة قطع الصلاة وإبطالها المتوجهة إلى المكلّف بعد الشروع فيها .
وبالجملة: هنا تكليفان :
أحدهما : الأمر بطبيعة الصلاة ووجوبها .
وثانيهما : وجوب الاتمام بعد الشروع وحرمة القطع والابطال . ولا ارتباط لأحدهما بالآخر ، لأنّ المكلّف قد يقع في محذور مخالفة الثاني دون الأول ، كما إذا قطع صلاته عمداً ثم شرع في صلاة اُخرى وأتمّها ، فإنّه امتثل الأمر المتعلّق بطبيعة الصلاة ، وخالف الأمر بالاتمام ، والنهي عن الإبطال .

(الصفحة 146)

ومن المعلوم أنّ الرواية ناظرة إلى الأمر الأول وأنّه لا يسقط بالإتيان بالصلاة المشتملة على سورة العزيمة ، ولا تعرّض لها إلى الأمر الثاني أصلا .
وأمّا الاحتمال الأخير فشقه الأول الراجع إلى أنّ النهي إنما هو باعتبار السجود الذي يكون بنظر العرف جزءً ، فهو أيضاً خلاف الظاهر ، لأنّ العرف لا يفرق بين السجدات الواجبة والمندوبة من هذه الجهة أصلا ، فالتعبير بالعزائم الدالّ على أنّ وجوب السجود له مدخلية في الحكم ينفي ذلك ، فينحصر المراد من الرواية في الشقّ الأخير الراجع إلى أنّ النهي إنما هو باعتبار وجوب السجود الذي يكون لازماً شرعيّاً لقراءة آية السجدة التي تشتمل عليها السورة .
ولا يخفى أنّ الرواية بناءً على هذا أيضاً لا تكون ناظرة إلى أنّ السجود زيادة ، والزيادة مبطلة ، والإبطال حرام شرعاً ، بل المقصود منها بطلان الصلاة بسبب السجود ، فلا تصلح للامتثال ، لعدم انطباق طبيعة الصلاة المأمور بها عليها مع زيادة السجدة ، فتكون ناظرة إلى الأمر المتعلّق بالطبيعة ، لا الأمر بالاتمام والنهي عن القطع ، وحرمة الابطال بعد الشروع فيها .
ثم إنّه بناءً على هذا الاحتمال الذي هو ظاهر الرواية ، يمكن أن يكون النهي عن قراءة سورة العزيمة إرشاداً إلى أنّها موجبة للسجود المفسد للصلاة ، لكونها زيادة عمدية ، وعليه فلا تكون نفس قراءة السورة من حيث هي محرمة أصلا ، فلو قرأ شيئاً من العزائم ونسي السجدة ، أو تركها عصياناً  ، لا يكون ذلك مضرّاً بصحة صلاته أصلا ، لأنّ المفروض أنّ السجدة الموجبة للبطلان لم يتحقّق منه ، وقراءة السورة بنفسها لم تكن محرّمة حتّى تؤثر في البطلان .
غاية الأمر استحقاقه للعقوبة ، من حيث مخالفته لوجوب السجود عند قراءة آية السجدة ، وهذا لا ارتباط له ببطلان الصلاة أصلا كما هو ظاهر ، ويمكن أن يكون النهي عن قراءة السورة نهياً تحريمياً ، ويكون الوجه فيه كونها موجبة
(الصفحة 147)

للسجود شرعاً ، وهو زيادة مبطلة .
ويظهر هذا من بعض الأعاظم من المعاصرين في كتاب صلاته ، وفرّع عليه أنّه يستفاد من الرواية حرمة كلّ ما يوجب السجود مثل الاستماع بل السماع ، إذا كان قادراً على محافظة سمعه ، من أن يقرعه صوت من يقرأ آية السجدة . نعم من سمع قهراً  ، أو قرأ سهواً ، لم يرتكب المحرّم ، وإن كانا أيضاً موجبين لوجوب السجود .
ثم قال ما ملخّصه : إنّه يتفرّع على ذلك أنّ غير القراءة العمدية لا يكون مبطلا للصلاة ، ما لم يسجد به ، سواء كان محرّماً كالاستماع أم لا ، كالسماع غير الاختياري ، وأمّا قراءة العزيمة عمداً فهي مبطلة ، لأنّ الكلام المحرّم في الصلاة وإن كان ذاتاً من الأذكار ، أو الأجزاء يوجب بطلانها ، لكونه ماحياً لصورتها عند المتشرّعة ، مضافاً إلى دعوى الاجماع على ذلك ، وأمّا الموجبات الاُخر غير القراءة ، أو القراءة غير المحرّمة ، فلا تبطل الصلاة ، نعم لو سجد بعدها تبطل بالزيادة العمدية ، لا بتلك الموجبات (1). انتهى .
ولا يخفى أنّ ما ذكره مبنيّ على أن يكون النهي عن قراءة شيء من سور العزائم ، نهياً تحريمياً دالاًّ على حرمة نفس قراءة السورة ، والظاهر خلاف ذلك ، لأنّ النواهي المتعلّقة بكيفيات العبادات إرشادات غالباً إلى فسادها ، مع تلك الكيفيّة المنهي عنها ، وأنّه لا يترتب الأثر المترقّب من العبادة عليها مع هذه الكيفية .
وحينئذ فالنهي في المقام أيضاً للإرشاد إلى فساد العبادة المشتملة على متعلّق النهي ، غاية الأمر إنّه لو لم تكن الرواية مشتملة على التعليل المذكور ، لقلنا ببطلان
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري(رحمه الله): 164 ـ 165 .


(الصفحة 148)

الصلاة بمجرّد القراءة ، من دون توقّف على السجود عقيب آية السجدة ، إلاّ أنّ تعليل النهي عن القراءة بايجابها للسجود الذي هو زيادة مبطلة ، أوجب صرف النهي عنها إلى ما هو لازمها شرعاً ، وهو السجود ، فيصير مدلول الرواية إنّه لاتسجد في الصلاة ، فإنّ السجود زيادة وهي مبطلة .
ودعوى إنّه يمكن أن يكون النهي إرشاداً إلى مانعية متعلّقه ، وهو نفس القراءة ، والوجه في مانعيتها هو كونها موجبة للسجود المبطل للصلاة .
مندفعة بأنّ إمكان ذلك وإن كان غير قابل للمناقشة ، إلاّ أنّ ظهور الرواية في خلافهايطردها ، لأنّ ظاهرها أنّ وصف المبطلية إنما يتّصف به ما يكون زيادة في الصلاة ، وموصوف الزيادة هو خصوص السجدة ، وبعبارة اُخرى ظاهرها أنّ الابطال إنما يجيء من قبل السجود خاصة كما لا يخفى .
وبالجملة: فلا ينبغي الارتياب في أنّ مدلول الرواية هو الارشاد إلى مانعية السجدة التي تكون لازماً شرعياً لقراءة آية السجدة ، وحينئذ فلو قرأ سورة من سور العزائم ، وترك السجدة عصياناً أو نسياناً ، لا يكون ذلك موجباً لبطلان الصلاة أصلا ، لعدم حرمة نفس القراءة ، وعدم تحقق السجدة المبطلة كما هو المفروض ، فلا وجه للقول بالبطلان كما عرفت في كلام بعض المعاصرين ، مضافاً إلى أنّ بطلان الصلاة بمطلق الكلام المحرّم ممّا لا دليل عليه ، لأنّ أدلة مبطلية الكلام إنما تختصّ بكلام الآدمي، كما سيجيء إن شاء الله تعالى .
وكذا دعوى كونه ماحياً لصورة الصلاة عند المتشرّعة ، مندفعة بمنع ذلك ، إذ المراد بالماحي ما يوجب خروجها عن الكيفيّة التي هي كيفية الصلاة بنظرهم ، من القيام مستقبل القبلة في مقابل المولى خاضعاً خاشعاً ، ومن المعلوم أنّ قراءة القرآن لا تنافي هذه الكيفيّة أصلا . وكذا دعوى كونها مبطلة ، لأنّها فعل كثير ، يدفعها أنّ المراد بالفعل الكثير ما يكون خارجاً عن الصلاة ، والمفروض وقوع القراءة
(الصفحة 149)

جزء  لها .
والذي يسهل الخطب ما عرفت من عدم كون القراءة بنفسها محرّمة أصلا فالاستناد في بطلان الصلاة إلى حرمة القراءة ممّا لا وجه له .
نعم ربما يتمسّك للقول ببطلان الصلاة بمجرّد قراءة آية السجدة وإن لم يسجد ، بأنّ الأمر بايجاد السجدة المنافية للصلاة مرجعه إلى الأمر بإبطال الصلاة بفعل المنافي ، ولا يجتمع معه الأمر بالمضيّ ، والاتمام الذي يعتبر في صحة العبادة ، وأجاب عنه المحقّق المتقدّم في كتاب صلاته :
قلت : أولا: لا يبعد عدم وجوب السجدة فعلا عقيب وجود الموجب فوراً ، ويكون المراد من قوله(عليه السلام) في رواية زرارة : «فإنّ السجود زيادة في المكتوبة» ، أنّ القراءة توجب السجود ذاتاً ، فإن فعلته بطلت الصلاة وإن تركته وأتممت الصلاة أخللت بحقّها من التعجيل ، ولذلك لا يجوز فعل موجبها ، فورود المحذور في طرف السجود تركاً وفعلا صار سبباً للنهي ، لا أنّ فعل الموجب حرام ، لكونه سبباً لإبطال الصلاة .
وثانياً: لا يعقل أنّ مجرّد الأمر بإبطال الصلاة بالسجدة ، يكون موجباً لبطلانها ، إلاّ من جهة اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاص ، أو من جهة اقتضائه عدم الأمر بالضدّ ، مع احتياج صحة العبادة إلى الأمر ، وقد حقّق في الأصول عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، وكذلك عدم احتياج العبادة إلى الأمر الفعلي ، بل يكفي رجحانها ذاتاً ، وعلى تقدير الاحتياج إلى الأمر ، لا مانع من الأمر بالضدّ مرتّباً على ترك ضدّه الآخر ، كما بيّنا ذلك في الأصول(1) . انتهى كلامه .
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: 165 .