جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 146)

ومن المعلوم أنّ الرواية ناظرة إلى الأمر الأول وأنّه لا يسقط بالإتيان بالصلاة المشتملة على سورة العزيمة ، ولا تعرّض لها إلى الأمر الثاني أصلا .
وأمّا الاحتمال الأخير فشقه الأول الراجع إلى أنّ النهي إنما هو باعتبار السجود الذي يكون بنظر العرف جزءً ، فهو أيضاً خلاف الظاهر ، لأنّ العرف لا يفرق بين السجدات الواجبة والمندوبة من هذه الجهة أصلا ، فالتعبير بالعزائم الدالّ على أنّ وجوب السجود له مدخلية في الحكم ينفي ذلك ، فينحصر المراد من الرواية في الشقّ الأخير الراجع إلى أنّ النهي إنما هو باعتبار وجوب السجود الذي يكون لازماً شرعيّاً لقراءة آية السجدة التي تشتمل عليها السورة .
ولا يخفى أنّ الرواية بناءً على هذا أيضاً لا تكون ناظرة إلى أنّ السجود زيادة ، والزيادة مبطلة ، والإبطال حرام شرعاً ، بل المقصود منها بطلان الصلاة بسبب السجود ، فلا تصلح للامتثال ، لعدم انطباق طبيعة الصلاة المأمور بها عليها مع زيادة السجدة ، فتكون ناظرة إلى الأمر المتعلّق بالطبيعة ، لا الأمر بالاتمام والنهي عن القطع ، وحرمة الابطال بعد الشروع فيها .
ثم إنّه بناءً على هذا الاحتمال الذي هو ظاهر الرواية ، يمكن أن يكون النهي عن قراءة سورة العزيمة إرشاداً إلى أنّها موجبة للسجود المفسد للصلاة ، لكونها زيادة عمدية ، وعليه فلا تكون نفس قراءة السورة من حيث هي محرمة أصلا ، فلو قرأ شيئاً من العزائم ونسي السجدة ، أو تركها عصياناً  ، لا يكون ذلك مضرّاً بصحة صلاته أصلا ، لأنّ المفروض أنّ السجدة الموجبة للبطلان لم يتحقّق منه ، وقراءة السورة بنفسها لم تكن محرّمة حتّى تؤثر في البطلان .
غاية الأمر استحقاقه للعقوبة ، من حيث مخالفته لوجوب السجود عند قراءة آية السجدة ، وهذا لا ارتباط له ببطلان الصلاة أصلا كما هو ظاهر ، ويمكن أن يكون النهي عن قراءة السورة نهياً تحريمياً ، ويكون الوجه فيه كونها موجبة
(الصفحة 147)

للسجود شرعاً ، وهو زيادة مبطلة .
ويظهر هذا من بعض الأعاظم من المعاصرين في كتاب صلاته ، وفرّع عليه أنّه يستفاد من الرواية حرمة كلّ ما يوجب السجود مثل الاستماع بل السماع ، إذا كان قادراً على محافظة سمعه ، من أن يقرعه صوت من يقرأ آية السجدة . نعم من سمع قهراً  ، أو قرأ سهواً ، لم يرتكب المحرّم ، وإن كانا أيضاً موجبين لوجوب السجود .
ثم قال ما ملخّصه : إنّه يتفرّع على ذلك أنّ غير القراءة العمدية لا يكون مبطلا للصلاة ، ما لم يسجد به ، سواء كان محرّماً كالاستماع أم لا ، كالسماع غير الاختياري ، وأمّا قراءة العزيمة عمداً فهي مبطلة ، لأنّ الكلام المحرّم في الصلاة وإن كان ذاتاً من الأذكار ، أو الأجزاء يوجب بطلانها ، لكونه ماحياً لصورتها عند المتشرّعة ، مضافاً إلى دعوى الاجماع على ذلك ، وأمّا الموجبات الاُخر غير القراءة ، أو القراءة غير المحرّمة ، فلا تبطل الصلاة ، نعم لو سجد بعدها تبطل بالزيادة العمدية ، لا بتلك الموجبات (1). انتهى .
ولا يخفى أنّ ما ذكره مبنيّ على أن يكون النهي عن قراءة شيء من سور العزائم ، نهياً تحريمياً دالاًّ على حرمة نفس قراءة السورة ، والظاهر خلاف ذلك ، لأنّ النواهي المتعلّقة بكيفيات العبادات إرشادات غالباً إلى فسادها ، مع تلك الكيفيّة المنهي عنها ، وأنّه لا يترتب الأثر المترقّب من العبادة عليها مع هذه الكيفية .
وحينئذ فالنهي في المقام أيضاً للإرشاد إلى فساد العبادة المشتملة على متعلّق النهي ، غاية الأمر إنّه لو لم تكن الرواية مشتملة على التعليل المذكور ، لقلنا ببطلان
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري(رحمه الله): 164 ـ 165 .


(الصفحة 148)

الصلاة بمجرّد القراءة ، من دون توقّف على السجود عقيب آية السجدة ، إلاّ أنّ تعليل النهي عن القراءة بايجابها للسجود الذي هو زيادة مبطلة ، أوجب صرف النهي عنها إلى ما هو لازمها شرعاً ، وهو السجود ، فيصير مدلول الرواية إنّه لاتسجد في الصلاة ، فإنّ السجود زيادة وهي مبطلة .
ودعوى إنّه يمكن أن يكون النهي إرشاداً إلى مانعية متعلّقه ، وهو نفس القراءة ، والوجه في مانعيتها هو كونها موجبة للسجود المبطل للصلاة .
مندفعة بأنّ إمكان ذلك وإن كان غير قابل للمناقشة ، إلاّ أنّ ظهور الرواية في خلافهايطردها ، لأنّ ظاهرها أنّ وصف المبطلية إنما يتّصف به ما يكون زيادة في الصلاة ، وموصوف الزيادة هو خصوص السجدة ، وبعبارة اُخرى ظاهرها أنّ الابطال إنما يجيء من قبل السجود خاصة كما لا يخفى .
وبالجملة: فلا ينبغي الارتياب في أنّ مدلول الرواية هو الارشاد إلى مانعية السجدة التي تكون لازماً شرعياً لقراءة آية السجدة ، وحينئذ فلو قرأ سورة من سور العزائم ، وترك السجدة عصياناً أو نسياناً ، لا يكون ذلك موجباً لبطلان الصلاة أصلا ، لعدم حرمة نفس القراءة ، وعدم تحقق السجدة المبطلة كما هو المفروض ، فلا وجه للقول بالبطلان كما عرفت في كلام بعض المعاصرين ، مضافاً إلى أنّ بطلان الصلاة بمطلق الكلام المحرّم ممّا لا دليل عليه ، لأنّ أدلة مبطلية الكلام إنما تختصّ بكلام الآدمي، كما سيجيء إن شاء الله تعالى .
وكذا دعوى كونه ماحياً لصورة الصلاة عند المتشرّعة ، مندفعة بمنع ذلك ، إذ المراد بالماحي ما يوجب خروجها عن الكيفيّة التي هي كيفية الصلاة بنظرهم ، من القيام مستقبل القبلة في مقابل المولى خاضعاً خاشعاً ، ومن المعلوم أنّ قراءة القرآن لا تنافي هذه الكيفيّة أصلا . وكذا دعوى كونها مبطلة ، لأنّها فعل كثير ، يدفعها أنّ المراد بالفعل الكثير ما يكون خارجاً عن الصلاة ، والمفروض وقوع القراءة
(الصفحة 149)

جزء  لها .
والذي يسهل الخطب ما عرفت من عدم كون القراءة بنفسها محرّمة أصلا فالاستناد في بطلان الصلاة إلى حرمة القراءة ممّا لا وجه له .
نعم ربما يتمسّك للقول ببطلان الصلاة بمجرّد قراءة آية السجدة وإن لم يسجد ، بأنّ الأمر بايجاد السجدة المنافية للصلاة مرجعه إلى الأمر بإبطال الصلاة بفعل المنافي ، ولا يجتمع معه الأمر بالمضيّ ، والاتمام الذي يعتبر في صحة العبادة ، وأجاب عنه المحقّق المتقدّم في كتاب صلاته :
قلت : أولا: لا يبعد عدم وجوب السجدة فعلا عقيب وجود الموجب فوراً ، ويكون المراد من قوله(عليه السلام) في رواية زرارة : «فإنّ السجود زيادة في المكتوبة» ، أنّ القراءة توجب السجود ذاتاً ، فإن فعلته بطلت الصلاة وإن تركته وأتممت الصلاة أخللت بحقّها من التعجيل ، ولذلك لا يجوز فعل موجبها ، فورود المحذور في طرف السجود تركاً وفعلا صار سبباً للنهي ، لا أنّ فعل الموجب حرام ، لكونه سبباً لإبطال الصلاة .
وثانياً: لا يعقل أنّ مجرّد الأمر بإبطال الصلاة بالسجدة ، يكون موجباً لبطلانها ، إلاّ من جهة اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه الخاص ، أو من جهة اقتضائه عدم الأمر بالضدّ ، مع احتياج صحة العبادة إلى الأمر ، وقد حقّق في الأصول عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، وكذلك عدم احتياج العبادة إلى الأمر الفعلي ، بل يكفي رجحانها ذاتاً ، وعلى تقدير الاحتياج إلى الأمر ، لا مانع من الأمر بالضدّ مرتّباً على ترك ضدّه الآخر ، كما بيّنا ذلك في الأصول(1) . انتهى كلامه .
  • (1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: 165 .


(الصفحة 150)

واستشكل في المصباح على إثبات الصحة بطريق الترتّب ، بأنّ ذلك لا يجدي في الحكم بصحة صلاته ، على تقدير ترك السجدة ، والمضيّ فيها ، إذ المتبادر عرفاً من الأمر بإيجاد المبطل ، كما هو ظاهر أخبار الباب بحسب مدلولها الالتزامي ، أنّ الشارع لم يرد المضيّ في هذه الصلاة ، بل أوجب نقضها بهذا الشيء ، فيخصّص بهذه الأخبار عموم ما دلّ على وجوب المضيّ ، أو جوازه ، ولا يبقى معه طلب تقديري مصحح لصلاته على تقدير المضي .
نعم ما ذكر إنما يجدي فيما لو كان الحاكم بالتخصيص العقل من باب مزاحمته لواجب أهمّ ، حيث إنّ العقل لا يستقلّ بعدم مطلوبية غير الأهم ، إلاّ على تقدير عدم القدرة عليه ، من حيث اشتغاله بضده الأهم لا مطلقاً ، بخلاف ما لو كان التخصيص مستفاداً من دليل لفظي ، كما في المقام ، فليتأمّل(1) . انتهى كلامه رفع مقامه .
والتحقيق إنّه لو قلنا بحرمة المضيّ والإتمام ، نظراً إلى اقتضاء الأمر بالابطال لذلك ، وقلنا باحتياج العبادة إلى الأمر أيضاً ، ولكن مع ذلك لا مجال للحكم ببطلان الصلاة ، لما عرفت من أنّ هنا أمرين : أحدهما: الأمر بطبيعة الصلاة ، والآخر: الأمر بالمضيّ والإتمام ، وهذا الأمر يتوجّه إلى المكلّف ، بعد الشروع في الصلاة والدخول فيها ، والمعتبر في صحة العبادة على تقدير القول به إنما هو الأمر الأول لا الثاني ، والساقط بسبب الأمر بالإبطال هو الثاني لا الأول ، لوضوح أنّه لو أبطل صلاته بالسجدة أيضاً يجب عليه الإتيان بالصلاة ثانياً .
فما يعتبر في الصحة لا يسقط بالأمر بالإبطال ، وما يسقط به لا يعتبر في الصحة ، لظهور أنّ معنى صحة العبادة كونها موافقة لأمرها المتعلّق بها ، مع ما يعتبر
  • (1) مصباح الفقيه ، كتاب الصلاة : 292 .