جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه نهاية التقرير
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 178)

السفر؟ فقال : «يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، إنما يجهر إذا كانت خطبة»(1) .
ورواية محمّد بن مسلم قال : سألته عن صلاة الجمعة في السفر؟ فقال : «تصنعون كما تصنعون في الظهر، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، وإنما يجهر إذا كانت خطبة»(2) .
هذا ونقل في الوسائل عن الشيخ(رحمه الله) أنّه حمل هذين الخبرين على التقية والخوف ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المراد نفي تأكّد الاستحباب في الظهر ، وإثباته في الجمعة ، واستجود هذا الاحتمال صاحب الجواهر ، وقرّبه في المصباح(3) .
وكيف كان فلا خفاء في ظهور الأخبار الأربعة المتقدمة في وجوب الجهر بالقراءة في صلاة الظهر يوم الجمعة ، وفي ظهور الأخيرتين في النهي عنه ، وربما يجمع بينهما بحمل الطائفة الأولى على الاستحباب ، والثانية على نفي تأكّده ، نظراً إلى أنّ النهي فيها وارد مورد توهّم الوجوب ، فلا يدلّ إلاّ على الجواز ، ومقتضى الجمع بينها وبين الأخبار السابقة حمل الأمر فيها على الاستحباب .
ولكن لا يخفى أنّ النهي عن الجهر بالقراءة في الظهر ظاهر في عدم الجواز ، وأنّ الجهر الواجب أو المستحبّ يختصّ بما إذا كانت خطبة ، فلا يمكن الجمع بالنحو المذكور، وكيف يمكن حمل النهي الظاهر في عدم الجواز على ما ذكروه ، فالظاهر أنّ العرف لا يساعد على ذلك أصلا ، فالأخبار متعارضة .
وحينئذ فلو قدمت أخبار الوجوب ينبغي حملها على الاستحباب ، لعدم معروفية القول بالوجوب من أحد من المسلمين ، مضافاً إلى كون المسألة ممّا تعمّ به
  • (1) التهذيب 3 : 15 ح53 ; الوسائل 6 : 161. أبواب القراءة في الصلاة ب73 ح8 .
  • (2) التهذيب 3: 15 ح54، الوسائل 6: 162. أبواب القراءة في الصلاة ب73 ح9.
  • (3) جواهر الكلام 9: 371، مصباح الفقيه كتاب الصلاة : 300 .


(الصفحة 179)

البلوى ، ومعه كيف يمكن خفاء حكمها على المسلمين بحيث استقرّت سيرتهم على خلافه ، كما يشعر به قول الراوي في بعض الروايات المتقدمة بعد أمر الإمام(عليه السلام)بالجهر : «إنّه ينكر علينا الجهر بها» ، فإنّ ظاهره كون الجهر عندهم من المنكرات ، ومن هنا يمكن ترجيح أخبار المنع ، لموافقتها للسيرة المستمرّة ، فالأحوط لو لم يكن أقوى هو الإخفات كما لا يخفى .

هنا مسائل



المسألة الأولى : معنى الجهر والاخفات



المعروف بينهم أنّ معنى الجهر هو أن يسمع غيره ، ومعنى الاخفات أن يسمع نفسه(1) ، ولكن يرد عليه أنّ إسماع النفس المأخوذ في تعريف الاخفات لا ينافي إسماع الغير ، فيلزم إمكان تصادقهما على مورد واحد ، ولو سلّم كون المراد إسماع النفس فقط ، نقول من الواضح أنّ إسماع الغير وعدمه لا ربط لهما بما هو معنى الجهر والاخفات حقيقة .
ضرورة أنّ المراد بالأول هو إظهار جوهر الصوت ، وبالثاني اخفاؤه كما يظهر بمراجعة العرف الذي هو المرجع في المقام ، لعدم ورود التحديد من الشارع ، نعم لازم الاظهار سماع الغير غالباً، كما أنّ لازم الاخفاء هو العدم ، مضافاً إلى أنّ هذا التعريف لم يصدر من أحد من قدماء أصحابنا رضوان الله عليهم أجمعين ، بل لم يفسروا الجهر والاخفات أصلا .
  • (1) الكافي في الفقه: 117; السرائر 1: 223; المعتبر 2 : 177; شرائع الإسلام 1: 72; تذكرة الفقهاء 3: 153; المنتهى 1 : 277; الدروس 1: 173; مستند الشيعة 5 : 162; كشف اللثام 4 : 36; جواهر الكلام 9 :376 .


(الصفحة 180)

والوجه فيه: أنّهما من الألفاظ التي اُحيل فهم معانيها إلى العرف ، لعدم كون غير ما يفهم منها بنظرهم مقصوداً للشارع ، نعم ذكر الشيخ في النهاية بعد تقسيمه الصلوات إلى الجهرية والاخفاتية ما هذا لفظه : وإذا جهر لا يرفع صوته عالياً ، بل يجهر متوسّطاً ، وإذا خافت فلا يُخافت دون إسماعه نفسه(1) . ونظيره ذكر في المبسوط(2) ، وقال المفيد في المقنعة في ذيل الصلوات الاخفاتية : ولكن لا يخافت بما لا يسمعه اُذنيه(3) .
فإنّ ظاهر هاتين العبارتين أنّ المراد بالجهر والاخفات هو معناهما العرفي ، ولكن حيث إنّ الجهر العرفي يشمل الصوت العالي ، والاخفات كذلك يشمل ما دون إسماعه نفسه ، ذكرا أنّ هذا النحو من الاجهار ، وذاك النحو من الاخفات ، لايكتفى بهما ، بل يشترط في صحة الصلاة الجهر المتوسّط ، والاخفات بما يسمع نفسه .
هذا، ولكن يظهر ممّا ذكره الشيخ في تفسير التبيان في معنى قوله تعالى :{ولاتجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}(4) ، الموافقة لما هو المعروف بينهم في معنى الجهر والاخفات ، بل نسبه إلى الأصحاب حيث قال : قوله:{ولا تجهر . . .} ، نهي من الله تعالى عن الجهر العظيم في حال الصلاة ، وعن المخافتة الشديدة ، وأمر بأن يتّخذ بين ذلك سبيلا ، وحدّ أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر فيه ، بأن يسمع غيره ، والمخافتة بأن يسمع نفسه(5) .
  • (1) النهاية: 80 .
  • (2) المبسوط 1 : 108 .
  • (3) المقنعة : 141 .
  • (4) الإسراء: 110 .
  • (5) التبيان 6: 533 ـ 534 .



(الصفحة 181)

والظاهر أنّه ليس المراد بالتحديد المذكور في كلامه هو الحدّ والتعريف المنطقي ، بحيث يكون إسماع الغير معرّفاً للجهر ، وإسماع النفس حدّاً للاخفات ، بل المراد به بيان المقدار الذي يعتبر في صحة الصلوات الجهرية والاخفاتية ، ولا يجزي في الجهر أكثر منه ، ولا في الاخفات أقلّ منه .
ويؤيد ذلك ما ذكره في المعتبر ، حيث قال : وأقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب، والاخفات أن يسمع نفسه ، أو بحيث يسمع لو كان سميعاً ، وهو إجماع العلماء ، ولأنّ ما لا يسمع لا يعدّ كلاماً ولا قراءة(1) . انتهى .
فإنّ التعليل الأخير يدلّ على أنّ مقصوده مجرّد عدم الاكتفاء بما دون إسماعه نفسه ، لعدم عدّه كلاماً ولا قراءة ، فالاجماع وقع على هذا المعنى .
وبالجملة: فالظاهر أنّ مرادهم بالحدّ هو المحدودية في ناحية الاجزاء وأنّ المراد بالجهر والاخفات المعتبرين في الصلوات الجهرية والاخفاتية ليس ما يصدق عليه الجهر ، ولو كان جهراً عظيماً وصوتاً عالياً، ولا ما يصدق عليه الاخفات ، ولو كان ما دون سماع النفس ، بل المعتبر الجهر المتوسّط والاخفات بما يسمعها .
وليس مرادهم التحديد بمعنى التعريف ، وبيان الحقيقة ، حتى يورد عليهم بما ذكرنا ، بل قد عرفت أنّ عبارات القدماء من الأصحاب خالية عن تفسيرهما ، ولو بما هو المعروف بين المتوسّطين . فدعوى أنّ المشهور بين القدماء هو التحديد بما ذكر ، كما هو المحكيّ عن مفتاح الكرامة(2) ممنوعة جدّاً .
وكيف كان فقد عرفت من النهاية والمبسوط أنّه يعتبر في الجهر أن يكون متوسّطاً ، بمعنى أنّه لا يجزي أكثر منه ، وفي الاخفات أن يكون بحيث يسمع نفسه ، بمعنى أنّه لا يجزي أدنى منه ، وعرفت التصريح بالثاني من المفيد في المقنعة ، ولكن
  • (1) المعتبر 2 : 177 .
  • (2) مفتاح الكرامة 2 : 365 .


(الصفحة 182)

عبارة التبيان المتقدمة مشتملة على أمر زائد ، وهو أنّه يعتبر في الجهر أن يسمع غيره ، بمعنى أنّه يعتبر فيه أن لا يكون أقلّ منه .
ويرد عليه حينئذ أنّه لا دليل على اعتبار هذا الأمر أصلا ، بعد كون معنى الجهر هو اظهار جوهر الصوت ، وهو لا ينافي عدم سماع الغير ، فإنّه قد يتّفق الاظهار مع العدم ، كما هو واضح ، واعتبار كون الجهر متوسّطاً لا عالياً، والاخفات بحدّ يوجب سماع النفس ، إنما هو لدلالة الآية الشريفة(1) ، بضميمة الأخبار الكثيرة الواردة في تفسيرها ، وإلاّ فقد عرفت شمول الجهر والاخفات بمعناهما الحقيقي لهما أيضاً .
هذا ، وعبارة المعتبر المتقدمة كعبارة التبيان تدلّ على اعتبار ذلك الأمر الزائد حيث قال : وأقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب . وقد عرفت أنّه لا دليل عليه أصلا .
ومن الغريب ما وقع من الحلّي في هذا المقام ، حيث قال في السرائر : وأدنى الجهر أن تسمع من عن يمينك أو شمالك ، ولو علا صوته فوق ذلك لم تبطل صلاته ، وحدّ الاخفات أعلاه أن يسمع أُذناك بالقراءة ، وليس له حدّ أدنى ، بل إن لم تسمع اُذناه القراءة ، فلا صلاة له ، وإن سمع من عن يمينه أو شماله صار جهراً ، فإذا فعله عامداً بطلت صلاته(2) . انتهى .
فإنّه اعتبر في الجهر أن يسمع من عن يمينه أو شماله ، ولم يعتبر في طرف أعلاه شيئاً ، بل صرّح بأنّه لا تبطل الصلاة مع الصوت عالياً ، وقد عرفت قيام الدليل على مبطلية الثاني ، وعدم قيامه على الأول ، هذا مع أنّه اعتبر الحدّ في أعلى الاخفات دون أدناه ، وقد عرفت أنّه معتبر في الثاني دون الأول .
  • (1) الإسراء: 110 .
  • (2) السرائر 1 : 223 .