جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب المكاسب المحرمة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 112)

المذكور الذي يستفاد منه ترتّب استحقاق العقوبة على أكل الطين، وهو لا يتمّ إلاّ بعد كونه إعانة على النفس حقيقة وواقعاً، وإلاّ فلا وجه للترتّب المذكور ، وهكذا صدق المعين على العصا ومثله من الأمثلة المذكورة والموارد غير الشاعرة .

والتحقيق أن يقال : إنّه لا ينبغي الإشكال في أنّه يعتبر في صدق الإعانة على الإثم وقوع الإثم في الخارج; لأنّ الظاهر من قوله : {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الاِْثْمِ وَالْعُدْوَ نِ}(1) هو تحقّقه، وأنّه لا يصدق إلاّ معه، فإذا لم يتحقّق خارجاً ولكنّه أوجد شخص مقدّمات عمله ـ ولو كان مقروناً بقصد صدوره منه ـ لا يقال: إنّه أعانه على الإثم بعد عدم صدوره منه ، بل هو توهّم الإعانة على الإثم في صورة القصد، وهو لايكون إلاّ تجرّياً لا إثماً .

ولكنّه ذكر سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن (قدس سره) أنّه يمكن أن يقال : إنّ المفهوم العرفي من الإعانة على الإثم هو إيجاد مقدّمات إيجاد عمله الذي هو الإثم وإن لم يوجد، نظراً إلى أنّه من أعطى سُلّماً لسارق بقصد توصّله إلى السرقة، فقد أعانه على إيجادها، فلو حيل بين السارق وسرقته شيء ولم تقع منه، يصدق على المعطي للسلّم أنّه أعانه على إيجاد سرقته وإن عجز السارق عن العمل، فلو كان تحقّق السرقة دخيلاً في الصدق فلابدّ وأن يقال: إنّ المعتبر في صدق الإعانة إيجاد المقدّمة الموصلة، أو الالتزام بأنّ وجود السرقة من قبيل الشرط المتأخّر لصدق الإعانة، وكلاهما خلاف المتفاهم العرفي منها، بل هما أمران عقليّان (2). انتهى موضع الحاجة .


  • (1) سورة المائدة 5: 2.
  • (2) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني(رحمه الله) 1: 211.

(الصفحة 113)

ويمكن الإيراد عليه بأنّ الكلام ليس في وجوب المقدّمة المبحوث عنه في الاُصول حتّى يكون البحث عقليّاً; لأنّه هناك يكون البحث في حكم العقل بالملازمة والعدم، ويكون القول بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة مورداً للمناقشة ، كما أنّ البحث لا يرتبط بالبحث عن الشرط المتأخّر الذي صار تصوّره ممكناً مع الصعوبة ; فإنّ البحث ليس في المقدّمة ولا في الشرط المتأخّر; لأنّه ربما يكون في البين عناوين تفتقر إلى ثلاثة أشياء كعنوان الضرب .

فكما أنّه يحتاج في تحقّقه إلى اُمور ثلاثة ; الضرب والضارب والمضروب وأمثاله من الموارد الكثيرة، كذلك عنوان الإعانة على الإثم المتوقّف على اُمور ثلاثة: المعين والمُعان والمُعان عليه ، ولا يمكن فرض تحقّقها بدون هذه الاُمور الثلاثة، من دون أن يرتبط ذلك ببحث المقدّمة ولا بالشرط المتأخّر، كما لايخفى .

بل لزوم تحقّق الإعانة على الإثم وتوقّفها عليه إنّما هو كأصل المعصية الصادرة من المكلّف ، فكما أنّه لايكفي فيه مجرّد النيّة وإن قلنا بأنّها بنفسها معصية لكنّه معفوّ عنها ، بل اللازم إيجاد العمل وصدور المعصية منه خارجاً، الموجب لترتّب استحقاق العقوبة عليه، كذلك المقام; فإنّه لايتحقّق عنوان الإعانة على الإثم بدون تحقّقه، ففي المثال الذي أفاده هل يمكن أن يقال بأنّ السارق قد ندم عن السرقة قبل إيجادها ولذا لايستحقّ العقوبة ، وأمّا المعطي للسلَّم له بقصد السرقة يكون معاقباً على عنوان الإعانة على الإثم؟

ودعوى أنّه يلزم حينئذ أن يكون استحقاق العقوبة متوقّفاً على الغير، وهو لايكون تحت إرادة الإنسان واختياره ، مدفوعة بلزوم مثل ذلك في جميع موارد التجرّي; فإنّ استحقاق العقوبة على ارتكاب شرب الخمر يتوقّف على ثبوت هذا العنوان واقعاً ، فلو شرب الخلّ بتخيّل أنّه خمر لايكون في البين إلاّ التجرّي

(الصفحة 114)

لااستحقاق العقوبة على ارتكاب شرب الخمر، كما بيّن ذلك في محلّه ، فتدبّر .

وعدم استبعاد صاحب العناوين عن تحقّقها بدون تحقّقه ممّا لاينبغي أن يصغى إليه ، وممّا يؤيّد ما ذكرناه أنّه لو قصد المعين الإعانة على الإثم، ثمّ انكشف عدم كونه إثماً من رأس; كما إذا أعطى السيف زيداً بقصد صدور القتل المحرّم منه، ثمّ انكشف كونه ـ أي المقتول ـ مهدور الدم وجائز القتل للقصاص ونحوه، فهل يتحقّق عنوان الإعانة على الإثم، أو لايكون في البين إلاّ مجرّد التجرّي ؟ فتدبّر .

وما أبعد ما بين ما أفاده الاُستاذ، وبين ما تقدّم عن بعض الأعلام (قدس سره) من أنّه لايعتبر في صدق الإعانة إلاّ وقوع المعان عليه في الخارج وإن كان لا يمكن الالتزام بما التزم به; من أنّ مسير الحاجّ ومتاجرة التاجر مع العلم بأخذ المكوس والكمارك، وهكذا عدم التحفّظ على المال مع العلم بحصول السرقة منه، فكلّها داخل في عنوان الإعانة; فإنّه لا وجه لجعل أمثالها من قبيل الموضوع للإعانة وخروجها عن عنوانها، كما زعمه شيخنا الاُستاذ(1) والمحقّق الايرواني(2)، كما لا  وجه لما ذهب إليه المصنّف(رحمه الله)من إخراجها عن عنوان الإعانة، من حيث إنّ التاجر والحاج غير قاصدين لتحقّق المعان عليه; لما عرفت من عدم اعتبار القصد في صدقها (3)، انتهى.

وقد ذكر المحقّق الايرواني (قدس سره) أنّ الإعانة عبارة عن مساعدة الغير بالإتيان بالمقدّمات الفاعليّة لفعله، دون مطلق المقدّمات الشاملة للمادّية، فضلاً عن إيجاد نفس الفاعل أو حفظ حياته، فتهيئة موضوع فعل الغير والإتيان بالمفعول به لفعله ليس إعانة له على الحرام ، ومن ذلك مسير الحاجّ وتجارة التجّار وفعل ما يغتاب


  • (1) المكاسب والبيع تقرير أبحاث المحقّق النائيني 1: 27، ومنية الطالب في شرح المكاسب 1: 37ـ 38.
  • (2) حاشية كتاب المكاسب للمحقّق الايرواني(رحمه الله) 1: 97 ـ 98.
  • (3) مصباح الفقاهة 1: 290 ـ 291.

(الصفحة 115)

الشخص على فعله . نعم ، ربما يحرم لكن لا بعنوان الإعانة، ومن ذلك القيادة(1) ، انتهى موضع الحاجة .

أقول : لو قلنا بأنّ مسير الحاجّ ومتاجرة التاجر في الفرض المزبور ومثلهما من مصاديق الإعانة وهي حرام، يلزم انسداد هذه الأبواب في زماننا هذا، خصوصاً بالنسبة إلى الحجّ والتجارة ، فكلّ من الأمرين يترتّب عليهما الحرام وتحقّق المعصية، ولا يمكن الالتزام به .

ودعوى المنع من حرمة الإعانة كما عرفت(2) من بعض، يدفعها أنّها خلاف ظاهر النهي في الآية(3) .

ودعوى أنّ وجوب الحجّ في الفرض المزبور إنّما هو لأجل مزاحمته مع حرمة الإعانة، وتقدّمه عليها لأجل الأهمّية ، مدفوعة بوضوح خلافه، مضافاً إلى أنّه على فرض التماميّة يجري في الحجّ ولا يجري في التجارة، خصوصاً مع عدم توقّف معيشته عليهما، كما لايخفى .

وتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ اعتبار تحقّق المعان عليه الحرام في صدق الإعانة وتحقّق ماهيّتها ممّا لاتنبغي المناقشة فيه .

وأمّا اعتبار القصد فقط زائداً على ما ذكر، فينفيه إسناد الإعانة إلى من لا قصد له، أو شيء لا يمكن في حقّه القصد لعدم الشعور، كما مرّ في الأمثلة المتقدّمة ، وقدعرفت(4) أنّ الإسناد المجازي المسامحي مع أنّه مخالف للظاهر تنفيه كثرة


  • (1) حاشية كتاب المكاسب للايرواني 1: 98.
  • (2) في ص 93.
  • (3) سورة المائدة 5: 2.
  • (4) في ص111 ـ 112.

(الصفحة 116)

الاستعمالات المذكورة.

وتوجيه الاستعمالات الشرعيّة بأنّ صدق الإعانة على مواردها إنّما هو بنحو الحكومة، مثل «أكل الطين» المحكوم بالإعانة على النفس، يدفعه كثرة الاستعمالات العرفيّة، ووجود بعض الاستعمالات الشرعيّة غير القابلة للحمل على الحكومة، كقول عليّ (عليه السلام) لشيعته : أعينوني بورع واجتهاد، وعفّة وسداد(1) ، ومثله.

فاللاّزم أن يقال باعتبار أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ، إمّا القصد، وإمّا الصدق العرفي كما اختاره الأردبيلي (قدس سره) ، كالأمثلة المذكورة في كلامه المتقدّم(2)، وقد عرفت أنّ كلام صاحب العناوين إمّا راجع إليه أو قريب منه .(3)

نعم ، الظاهر أنّه لا يعتبر العلم بتحقّق المعان عليه في الخارج ، بل لو ظنّ ذلك أو احتمل احتمالاً عقلائيّاً، وصدر منه فعل بعض مقدّماته بقصد تحقّق الحرام في الخارج وتحقّق الحرام منه، تتحقّق الإعانة ولو لم يكن عالماً به، كما لايخفى .

وقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّه لا مجال للتفصيل المتقدّم(4) المحكي عن حاشية الإرشاد من منع صدق الإعانة على بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً، وصدقها فيما إذا باعه لذلك; أي مشترطاً عليه الصرف في الخمر، مع أنّ الظاهر أنّ التفصيل بالعكس كان أولى; فإنّه في صورة الاشتراط قد مرّ أنّه لا داعي للمشتري للعمل بالشرط، خصوصاً إذا كان عالماً بالمسألة الفقهيّة، وأنّ مثل هذا الشرط غير لازم الوفاء به; لاستثنائه من عموم «المؤمنون عند شروطهم»(5) وأنّ الشرط الفاسد


  • (1) نهج البلاغة (صبحي الصالح): 417، من كتاب له (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف الأنصاري: الرقم 45.
  • (2 ـ 4) في ص109 ـ 111.
  • (5) تقدّم في ص92.