جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب المكاسب المحرمة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 96)

ثمّ إنّ الشيخ الأعظم (قدس سره) (1) استدلّ بهذه الآية للحكم الوضعي مضافاً إلى الحكم التكليفي أي الحرمة، مع أنّه من الواضح أنّ هذه الآية لا دلالة لها على تقديرها على الحكم الوضعي بوجه، بل مفادها مجرّد حرمة الإعانة على الإثم، كما عرفت .

وممّا استدلّ به الشيخ الأعظم (قدس سره) على بطلان المعاملة في هذا الفرع ـ مضافاً إلى حرمتها ـ قوله ـ تعالى ـ : {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَ لَكُم بَيْنَكُم بِالْبَـطِـلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـرَةً عَن تَرَاض مِّنكُمْ}(2)، حيث قال : إنّ الإلزام والالتزام بصرف المبيع في المنفعة المحرّمة الساقطة في نظر الشارع أكل وإيكال للمال بالباطل(3). وحيث إنّ الآية الشريفة قد استدلّ بها في كثير من أبواب المعاملات، سيّما البيع في موارد متعدّدة، فلا بأس ببسط الكلام فيها إجمالاً، فنقول :

قال المحقّق الأردبيلي (قدس سره) في محكيّ زبدة البيان في ذيل الآية: أي لا يتصرّف بعضكم في أموال الناس بغير وجه شرعيّ، مثل الربا والغصب والقمار، ولكن تصرّفوا فيها بطريق شرعيّ; وهو التجارة عن تراض من الطرفين ونحو ذلك(4) ، انتهى .

ويؤيّده الروايات الكثيرة الواردة في تفسير الآية الدالّة على أنّ المراد بها القمار أو مع بعض المحرّمات الاُخر(5) .

ويرد على ظاهر عبارته من تفسير الطريق الشرعي بالتجارة عن تراض، أنّ


  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 1: 123.
  • (2) سورة النساء 4: 29.
  • (3) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 1: 123.
  • (4) زبدة البيان: 542.
  • (5) وسائل الشيعة 17: 164 ـ 168، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب35.

(الصفحة 97)

مطلق التجارة عن تراض لايكون طريقاً شرعيّاً; فإنّ البيع الغرريّ المنهيّ عنه فيما نقل عن الرسول(صلى الله عليه وآله) تجارة عن تراض، ولكنّه باطل غير صحيح ، اللّهم إلاّ أن يكون مراده التجارة الشرعيّة الناشئة عن تراض. ويؤيّده قوله: «ونحو ذلك» فتدبّر ، إلاّ أن يكون مراده من «نحو ذلك» ما لا يكون تجارةً أصلاً، كالهبة غير المعوّضة ونحوها .

ويظهر ذلك من المحقّق الايرواني، حيث ذكر أنّ الباء للسببيّة دون المقابلة ، وتدلّ الآية على حرمة الأكل بالأسباب الباطلة ، فالآية لا تكون إلاّ للإرشاد(1) . وعلى ما أفاده يظهر بطلان ما أفاده الشيخ من التمسّك بالآية لكلا الحكمين: الوضعي والتكليفي ، فتدبّر .

مع أنّ الظاهر أنّ العناوين المترتّبة عليها الأحكام الشرعيّة لابدّ من الرجوع في مفادّها إلى العرف والعقلاء، إلاّ في العناوين المستحدثة للشارع كالصلاة والصوم والحجّ ومثلها، ولازم ذلك أنّه لابدّ من الرجوع في معنى الباطل إلى العرف والعقلاء .

ومن المعلوم أنّ النسبة بين ما يقول به العقلاء ويحكم بصحّته، وبين ما عند الشارع عموم وخصوص من وجه; فإنّ بعض المعاملات وأنواع التجارات ـ ممّا يكون رائجاً عندهم ـ يكون محرّماً عند الشارع، كبيع الخمر والعين المغصوبة والربا والقمار، وبعض ما هو جائز عند الشارع يكون مجتنباً عنه عند العقلاء ، كبيع الحاكم مال المديون الممتنع عن أداء دينه، أو الزوج القادر الممتنع عن إنفاق زوجته مع عدم رضاهما وعدم إمكان إجبارهما ، وهكذا، ومادّة الاجتماع موارد كثيرة


  • (1) حاشية كتاب المكاسب للايرواني 1: 18.

(الصفحة 98)

كما لايخفى .

ثمّ إنّ الإيراد على الاحتمال الأوّل; بأنّ لازمه كون الآية ناظرة إلى الأدلّة الاُخرى الدالّة على الأسباب غير المملّكة وغير الصحيحة، والأسباب المسوّغة، غير وارد; لأنّه لا دليل على كونها واردة لبيان حكم مستقلّ غير تلك الأدلّة، بل هي للإرشاد  كما ذكر. كما أنّ تصحيح الإشكال بأنّ الباطل عند الشرع قد لا يكون باطلاً عند العقلاء، كالبيع الغرري من طريق الحكومة واضح المنع; مثل دعوى أنّ العقلاء إذا رجعوا إلى فطرتهم الأصليّة يحكمون بمنع مثل القمار، فتدبّر .

وبعد ذلك كلّه فالظاهر أنّه لا محيص عن جعل الاستثناء في الآية منقطعاً، وقد صرّح بذلك القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن(1)، وهذا من دون فرق بين أن تكون «تجارة» منصوبة أو مرفوعة، بناءً على أنّ كان تامّة أو ناقصة ; وذلك لوضوح أنّ المستثنى لايكون من مصاديق أكل المال بالباطل، بل تناسب الحكم والموضوع لايلائم الاستثناء المتّصل بوجه.

نظير الاستثناء من دليل حرمة الشرك; فإنّه لامجال لكون شيء شركاً ، ومع ذلك صار بعض أقسامه مستثنى من الحرمة، بخلاف السجود لغير الله; فإنّه يجوز أن لايكون منهيّاً عنه ، بل مأمور به بالأمر الإلهي، كما في سجود الملائكة لآدم ، فتدبّر; فإنّه كان في الحقيقة سجود له، ومع ذلك أمر الله ـ تعالى ـ به وتخلّف عنه الشيطان لما توهّمه من علوّه على آدم (عليه السلام) ; لأنّه خلق من طين وخلق الشيطان من النار(2) .

ثمّ إنّه لأجل ذلك ـ أي كون الاستثناء منقطعاً، ولازمه كون المستثنى والمستثنى


  • (1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 151.
  • (2) سورة الأعراف 7: 12 ،و سورة ص38: 76.

(الصفحة 99)

منه دليلين مستقلّين لا ارتباط لأحدهما بالآخر  ـ ذكر سيّدنا الاُستاذ الماتن (قدس سره) في ذيل البحث عن الآية، أنّه لو فرض في مورد صدق الأكل بالباطل، وصدق التجارة عن تراض، يقع التعارض بين صدر الآية وذيلها بناءً على دلالتهما على الحكم الوضعي; أي بطلان المعاملة وصحّتها، ولا ترجيح لأحدهما(1) ، انتهى .

ضرورة أنّ التعارض بين الصدر والذيل إنّما يقع بناءً على ذلك المبنى; لأنّه لوكان الاستثناء متّصلاً لا مجال لدعوى التعارض بعد كون المستثنى والمستثنى منه كلاماً واحداً ودليلاً فارداً .

ومن الواضح أنّ الاستثناء من السلب إيجاب ومن الإيجاب سلب، كما لايخفى ، كما أنّه يستفاد من فرض التعارض أنّه (قدس سره) حمل الباطل في الآية على الباطل الشرعي; ضرورة أنّه لا وجه لتوهّم التعارض في غير هذه الصورة، كما هو ظاهر .

والإنصاف أنّ الوصول إلى حقيقة معنى الآية ومفادّها مشكل جدّاً ; لأجل أنّ حمل الباطل المذكور فيها على الباطل الشرعي ـ بحيث لم تكن الآية إلاّ للإرشاد، والأدلّة الاُخرى كانت متصدّية لبيان الأسباب الصحيحة والباطلة ، مع أنّ الظاهر كونها في مقام بيان الضابطة وإفادة القاعدة ـ بعيد جدّاً، وحمل الباطل على الباطل العرفي الذي لا يقول به العقلاء ـ المستلزم لعدم كون مثل البيع الغرري باطلاً، كما هو المتداول في العناوين المأخوذة في موضوعات الأحكام ـ أيضاً بعيد .

كما أنّ حمل الاستثناء على الانقطاع الذي لا محيص عنه ـ كما عرفت ـ أيضاً بعيد، خصوصاً فيما يتعلّق بالدليل الذي هو مسوق لبيان الضابطة الكلّية، خصوصاً في الكتاب والقرآن العزيز .


  • (1) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني(رحمه الله) 1: 243 ـ 244.

(الصفحة 100)

وبعد ذلك كلّه فلا إشكال في أنّه لايستفاد من الآية إلاّ الحكم الوضعيّ الراجع إلى الصحّة والبطلان، دون الحكم التكليفيّ الذي هو محطّ البحث في هذا الفرع على ما عرفت، فهي غير مرتبطة بالمقام .

وربما يستدلّ للحكم بالحرمة في هذا الفرع بالحرمة لأجل المقدّميّة(1)، مع أنّه قدثبت في بحث مقدّمة الواجب من الاُصول أنّ مقدّمات الحرام لاتكون محرّمة إلاّ المقدّمة التي يترتّب عليها ذو المقدّمة قهراً، ولا مدخل لإرادة المكلّف واختياره بعدها(2) .

ومن المعلوم عدم كون المقام كذلك كما هو واضح ، مع أنّ المقدّميّة ممنوعة في هذا الفرع ; لأنّ محلّ الكلام فيه ما لو لم يكن في البين إلاّ بيع العنب مثلاً مع اشتراط صرفه في عمل الخمر أو التواطئ عليه، ومن الممكن أن لا يكون عازماً على ذلك من أوّل الأمر، أو انصرف عن عزمه، وإنّما تكون المقدّميّة ثابتة بالإضافة إلى الفرع الآتي الذي يعلم بصرف المبيع في الحرام، كما لايخفى ، مع أنّه على تقدير ثبوت الحرمة من باب المقدّمة نقول : إنّ الحرمة المدّعاة حرمة نفسيّة، مع أنّ حرمة المقدّمة تبعيّة .

كما أنّه ربما يستدلّ لما ذكرنا بأدلّة وجوب النهي عن المنكر; نظراً إلى أنّ رفع المنكر لو كان واجباً لكان دفعه أيضاً كذلك، بل بطريق أولى(3) .

وفيه ـ مضافاً إلى اختصاص ذلك على تقدير صحّته بصورة العلم بالصرف في الحرام، مع أنّ موضوع الفرع أعمّ من ذلك ـ : أنّ أولويّة الدفع عن الرفع لا مجال


  • (1) مستند الشيعة 14: 96.
  • (2) سيرى كامل در اصول فقه 6: 12 ـ 13.
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان 8 : 47، رياض المسائل 8 : 54، مستند الشيعة 14: 99.