جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب المكاسب المحرمة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 179)

وسيأتي في المقام الثاني تحقيق معنى الغناء إن شاء الله تعالى .

المقام الثاني : في تحقيق موضوع الغناء ومفهومه، وقبل الخوض في هذا المجال ينبغي التنبيه على نكتة نافعة في التفسير وفي الفقه في الموارد التي يكون لها ارتباط بالكتاب ; وهي أنّ الاُصول التي يعتمد عليها في التفسير والوصول إلى مراد الله ـ تعالى ـ من الكتاب ـ كما بيّناها في مدخل التفسير(1) ـ قد تكون هي ظواهر الكتاب بلحاظ ما قرّر في الاُصول(2) من حجّية ظواهر الكتاب كالروايات .

ومن الواضح توقّفها على عدم وجود قرينة على خلافها ولو كانت القرينة عقليّة ، ففي مثل قوله ـ تعالى ـ : {وَ جَآءَ رَبُّكَ}(3) قامت القرينة العقليّة القائمة على عدم جسميّة الربّ وعدم إمكان المجيء في حقّه ، فلابدّ من أن يحمل على حذف المضاف  ويقال: إنّ المراد «وجاء أمر ربّك» .

وقد تكون هي الرواية المعتبرة عن الأئمّة (عليهم السلام) ، الدالّة على أنّ المراد خلاف ما يقتضيه ظهور الآية، أو أنّ المراد من المتشابهات ماذا ؟ فإنّ قولهم (عليهم السلام) قرينة عليه بعد اعتقادنا بأنّ ما أفادوه فهو مأخوذ من الوحي ومُتَّك عليه .

نعم ، لو كانوا في مقابل مخالفيهم في مقام الاستشهاد بالآية على مرامهم لابدّ وأن يكون المستند ظاهر الآية ودلالتها في نفسها على ذلك، وإلاّ لايبقى مجال


  • (1) مدخل التفسير : 161 ـ 172.
  • (2) سيرى كامل در اصول فقه 10: 241 ـ 275.
  • (3) سورة الفجر 89 : 22.

(الصفحة 180)

للاستشهاد والتمسّك بالكتاب في قبالهم ، كما أنّهم قد يستدلّون بالقرآن. ولابدّ وأن يكون الاستدلال بالظاهر في مقابل بعض رواة الشيعة لحديث المسح على بعض الرأس، الذي سأل فيه زرارة عن الإمام (عليه السلام) من أين علمت و قلت: إنّ المسح ببعض الرأس؟... فقال : لمكان الباء(1) ، مشيراً إلى قوله ـ تعالى ـ: {وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ}(2) .

هذا، ولكنّ القرينة مطلقاً ـ ولو في الاستعمالات العرفيّة ـ إنّما تجدي في مورد يكون أصل الاستعمال صحيحاً ، غاية الأمر تردّد المراد بين أن يكون معناه الحقيقي أو المجازي مثلاً، ففي مثل قوله : «رأيت أسداً يرمي» إنّما يجدي القرينة وتفيد أنّ المراد المعنى المجازي الأعمّ من الاستعارة فيما لو كان الرجل شبيهاً بالأسد في الشجاعة، بحيث كانت علاقة المشابهة موجودة . ومن المعلوم صحّة الاستعمالات المجازيّة وكثرتها كالحقيقيّة أو أزيد .

وأمّا لو اُريد بالأسد رجل لا يكون شبيهاً بالأسد بوجه، ولم يكن في الاستعمال شيء من علائق المجاز مع كثرتها، كما هي المذكورة في محلّه، فالقرينة لاتفيد تصحيح الاستعمال، ولا تجدي في ذلك أصلاً ، فالاستعمال الصحيح الذي يكون أمر المراد


  • (1) الفقيه 1: 56 ح212، علل الشرائع : 279 ب190 ح1، الكافي 3: 30 ح4، تهذيب الأحكام 1: 61 ح168، الاستبصار 1: 62 ـ 63 ح186، وعنها وسائل الشيعة 1: 412 ـ 413، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء ب23 ح1.
  • وفي تفسير الصافي 2: 18 عن الفقيه وتفسير العيّاشي 1: 299 ح52.
  • وفي البرهان في تفسير القرآن 2: 256 ح2974 عن الكافي، وفي ص259 ح2984 عن العيّاشي.
  • وفي بحار الأنوار 80 : 289 ح46 عن العلل والعيّاشي.
  • وفي تفسير كنز الدقائق 3: 27ـ28 عن الكافي.
  • (2) سورة المائدة 5: 6.

(الصفحة 181)

فيه دائراً بين المعنى الحقيقي، وبين المعنى المجازي مثلاً، يحمل بمعونة القرينة على خلاف الظاهر مع قطع النظر عن القرينة .

وبعبارة اُخرى: تنقلب أصالة الظهور في المعنى الحقيقي بمقتضى الوضع إلى أصالة الظهور في المعنى المجازي بمعونة القرينة، وقد قرّر في محلّه(1) أنّ أصالة الظهور أعمّ من أصالة الحقيقة ، فتدبّر .

إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ العناوين القرآنيّة المفسّرة في الروايات بالغناء ـ وفيها صحاح وموثّقات معتبرات ـ عناوين أربعة: وهي عبارة عن قول الزور، ولهو الحديث، والزور، واللّغو كما مرّ(2)، هذا من ناحية .

ومن ناحية اُخرى: قد فسّر الغناء كما في المتن بمدّ الصوت وترجيعه بكيفيّة خاصّة مطربة تناسب مجالس اللهو، ومحافل الطرب، وآلات اللهو والملاهي، ولاارتياب في أنّ الغناءبناءً على ذلك كيفيّة للصوت مشتملة على خصوصيّة مذكورة.

وعليه: يقع السؤال عن أنّه إذا كان الغناء عبارة عن الكيفيّة، ولم يكن له أيّ ارتباط بالكلام الذي يقع فيه الغناء ـ ولذا عرفت(3) جريان الحرمة في الغناء في القرآن والأدعية والمراثي ـ كيف يقع تفسيراً لعنواني قول الزور، ولهو الحديث، بناءً على كونه من إضافة الصفة إلى الموصوف، كما هو الظاهر  وإن كان وقوعه تفسيراً لعنواني الزور واللغو ممّا لا مانع منه; ضرورة أنّ العنوانين الأوّلين من مقولة الكلام، والغناء من خصوصيّات كيفيّة الصوت، فكيف يقع تفسيراً لهما.

وقد عرفت أنّ قول الإمام (عليه السلام) وإن كان حجّة علينا بالإضافة إلى خلاف الظاهر،


  • (1) نهاية الأفكار 3: 86.
  • (2) في ص164 ـ 167.
  • (3) في ص175 ـ 178.

(الصفحة 182)

إلاّ أنّ القرينة لا تجدي في تصحيح الاستعمال ، فاستعمال ما ظاهره أنّه من مقولة الكلام، وإرادة ما لا تكون من هذه المقولة، كأنّه غير مناسب عندنا .

وأمّا ما أفاده المحقّق الايرواني في حاشية المكاسب في ذيل آية قول الزور ممّا يرجع إلى أنّ تفسير قول الزور بالغناء لا يقتضي أن يكون الغناء من مقولة الكلام; لصحّة هذا التفسير وإن كان الغناء من كيفيّة الكلام; لاتّحاد الكيفيّة في الخارج مع المكيّف بالكيفيّة، فإذا كانت الكيفيّة زوراً باطلاً صدق أنّ الكلام زور باطل(1).

فيدفعه: أنّ مجرّد الاتّحاد في الخارج لا يصحّح الاستعمال ، أترى أنّ اتّحاد الصلاة مع التصرّف في مال الغير بغير إذنه في مسألة اجتماع الأمر والنهي المعروفة يصحّح استعمال كلّ من العنوانين مكان الآخر، وإن أراد أنّ علاقة الكيفيّة بالإضافة إلى ذي الكيفيّة من علاقة الحالّ والمحلّ ، فمن الواضح خلافه ، اللّهم إلاّ أن يريد عدم لزوم انحصار العلاقة بالعلائق المعهودة المذكورة في محلّها .

ويرد عليه أيضاً: أنّك عرفت أنّ الغناء في القرآن أيضاً حرام بل أشدّ حرمة، ولازم كلامه (قدس سره) ـ نعوذ بالله ـ أن يكون الغناء إذا تحقّق في ضمن القرآن أن يتّصف القرآن بالعنوان المذكور في الآية، كلاّ من تصوّر ذلك .

كما أنّ ما أفاده في ذيل آية لهو الحديث ممّا يرجع إلى أنّ الإضافة لو كانت من إضافة الصفة إلى الموصوف لا بيانيّة، لا تدلّ الآية أيضاً على أنّ الغناء من مقولة الكلام ، فلعلّ صفة لهويّته هي صفة غنائيّة وكيفيّة أداء ألفاظه(2).

يدفعه أنّ البحث ليس في حرمة الغناء من جهة اللهويّة ، بل إنّما هو في استعمال


  • (1) حاشية كتاب المكاسب للايرواني 1: 180.
  • (2) حاشية كتاب المكاسب للايرواني 1: 181.

(الصفحة 183)

اللهو المضاف إلى الحديث بما لا يكون مرتبطاً إلاّ بالكيفيّة، لا بالكلام أصلاً ، ولذا عرفت جريانه في القرآن أيضاً .

ولم يظهر لي إلى الآن ما يحقّ جواباً عن السؤال وحلاًّ للإشكال، فالأولى البحث في تعريف الغناء، فنقول :

قال الشيخ الأعظم (قدس سره) بعد قوله : وإن اختلفت فيه عبارات الفقهاء واللغويين ما لفظه : فعن المصباح: أنّ الغناء الصوت(1)، وعن آخر: أنّه مدّ الصوت(2) ، وعن النهاية، عن الشافعي: أنّه تحسين الصوت وترقيقه . وعنها أيضاً: أنّ كلّ من رفع صوتاً و والاه فصوته عند العرب غناء (3).

ثمّ قال : وكلّ هذه المفاهيم ممّا يعلم عدم حرمتها، وعدم صدق الغناء عليها، فكلّها إشارة إلى المفهوم المعيّن عرفاً(4) .

والظاهر أنّ المراد من الذيل أنّ هذه التعاريف لفظيّة وفي مقام شرح اللفظ، وليست بصدد بيان الحقيقة والتعريف المنطقي بجميع أبعاده، فهو نظير ما ذكره المحقّق الخراساني (قدس سره) (5) في أغلب التعاريف من أنّها تعريفات لفظيّة لا حقيقيّة، مثل قول اللغوي: سعدان نبت(6) ، فتدبّر .


  • (1) المصباح المنير: 455.
  • (2) لم نظفر به عاجلاً. نعم، جعله المحقّق النراقي في المستند 14: 124 ثامن الأقوال من دون إسناد إلى قائل معيّن.
  • (3) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 3: 391، وفيه: تحسين القراءة، وفي معجم تهذيب اللغة 3: 2703 «تحزين القراءة وترقيقها».
  • (4) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 1: 291.
  • (5) كفاية الاُصول: 95.
  • (6) الصحاح 1: 417، القاموس المحيط 1: 418، المعجم الوسيط: 430.