جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب المكاسب المحرمة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 57)

ثبوت وصف الطهارة له; لأنّ بقاء العنوان لا يلائم مع ذلك ، فما دام كونه كذلك غير طاهر، ومع خروجه عنه يخرج عن عنوان هذا القسم . ولا بأس أن تجعل تتمّة البحث في أنّ الأصل الأوّلي في المتنجّس جواز الانتفاع أو عدمه، فنقول :

بعد الاتّفاق ظاهراً على أنّ مقتضى أصالة الحلّية والجواز وبعض الآيات الظاهرة في أنّه خلق الله لنا ما في الأرض جميعاً(1) هو الجواز، ربما يتوهّم حكومة بعض الأدلّة ـ الدالّة على المنع ـ عليهما، كعدّة من الآيات وجملة من الروايات .

فمن الآيات قوله ـ تعالى ـ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنصَابُ وَالاَْزْلَـمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَـنِ فَاجْتَنِبُوهُ}(2). نظراً إلى أنّ المتنجّس من مصاديق الرجس، فيجب الاجتناب المطلق عنه .

والعمدة في الجواب أوّلاً: أنّ الظاهر أنّ الرجس عبارة عن القذارة الباطنيّة كالشرك ومثله، ولا تشمل القذارة الظاهريّة حتّى الأعيان النجسة، ويؤيّده «آية التطهير»(3) الدالّة على إذهاب الرجس عن أهل البيت الشامل لنفس الرسول(صلى الله عليه وآله)، كما بيّناه في رسالتنا في هذه الآية(4)، وإطلاقه على بعض الأعيان النجسة كالكلب لعلّه إنّما هو لأجل ملازماته من عدم دخول الملائكة بيتاً فيه كلب ، وعلى أيّ فلا يشمل المتنجّسات قطعاً ، كما أنّه تؤيّده نفس الآية الدالّة على أنّ الميسر والأنصاب والأزلام رجس; ضرورة عدم ثبوت القذارة الظاهرية فيها .

وثانياً : أنّ وجوب الرجس إنّما تفرّعت في الآية على الرجس الذي يكون من


  • (1) سورة البقرة 2: 29.
  • (2) سورة المائدة 5: 90.
  • (3) سورة الأحزاب 33: 33.
  • (4) آية التطهير رؤية مبتكرة: 121 ـ 124.

(الصفحة 58)

عمل الشيطان; سواء كان مفاده أنّ الشيطان علّمه وبيّن صنعه، أم كان مفاده أمره بالارتكاب، كما هو شأنه بالإضافة إلى كلّ قبيح ، ومن الواضح أنّ المتنجّس لايكون كذلك .

وثالثاً : أنّ مرجع وجوب الاجتناب إلى عمل يناسب شأن كلّ واحد من هذه الاُمور ، فالاجتناب عن الخمر معناه عدم التعرّض لشربه، والاجتناب عن الميسر مرجعه عدم اللعب به، وهكذا; ضرورة أنّه ليس معنى الاجتناب عن الخمر الاجتناب حتّى عن رؤيتها ومثله ، مضافاً إلى أنّ الالتزام بالشمول للمتنجّسات يرجع حينئذ إلى رفع اليد عن المتنجّس مطلقاً، مع وجود أحكام كثيرة ومسائل متعدّدة بالإضافة إلى تطهير المتنجّسات، كالعصير في بعضها ومثل ذلك .

وأمّا ما أفاده الشيخ بعد استظهار أنّ المراد بالرجس ما كان كذلك في ذاته لا  ما عرض له التنجّس، من أنّه لو عمّ المتنجّس لزم أن يخرج عنه أكثر الأفراد; فإنّ أكثر المتنجّسات لايجب الاجتناب عنه(1) .

فقد أورد عليه بعض الأعلام (قدس سره) بأنّه لايلزم من خروج المتنجّسات كلّها من الآية تخصيص الأكثر، فضلاً عمّا إذا كان الخارج بعضها; فإنّ الخارج منها عنوان واحد ينطبق على جميع أفراد المتنجّس انطباق الكلّي على أفراده . نعم ، لو كان الخارج من عموم الآية كلّ فرد من أفراده للزم المحذور المذكور (2).

أقول :الخارج ليس عنوان المتنجّس مطلقاً، بل المتنجّس القابل للتطهير، أوالمتنجّس الذي لا يكون جواز الانتفاع به متوقّفاً على طهارته كالأمثلة


  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الاعظم) 1: 83.
  • (2) مصباح الفقاهة 1: 215.

(الصفحة 59)

المذكورة; ضرورة أنّ القسم الاخير من المتنجّس داخل في العموم، أو الإطلاق على فرض الثبوت، كما لايخفى .

و بالجملة; فالاستدلال بالآية على أنّ الأصل الحاكم على أصالة الجواز في المتنجّسات هو عدم جواز الانتفاع ممنوع جدّاً .

ومن الآيات قوله ـ تعالى ـ: {وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ}(1) بناءً على كون المتنجّس من مصاديق الرجز ، فوجوب الهجر المطلق عنه دليل على وجوب الاجتناب من المتنجّس .

ومن جملة من الأجوبة عن الاستدلال بالآية المتقدّمة يظهر الجواب عن الاستدلال بهذه الآية ، مع أنّ الآية واقعة في السور الأوّلية النازلة من الكتاب ، ومن البعيد أن يكون المراد في هذه الحالة هو الشامل للمتنجّس، ولذا استبعدنا سابقاً أن يكون المراد بقوله : {وَ ثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}(2) هو اعتبار طهارة لباس المصلّي(3) . وعليه: فيحتمل قويّاً أن يكون المراد بالرجز هو الرجس بمعناه الذي تقدّم، ويحتمل أن يكون المراد به العذاب الذي اُريد في الآية موجباته، كما في قوله ـ تعالى ـ : {فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَـلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ}(4).

ومن الآيات قوله ـ تعالى ـ في شأن الرسول(صلى الله عليه وآله) : {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَــِثَ}(5)نظراً إلى انطباق الخبائث على المتنجّسات أيضاً .


  • (1) سورة المدّثر 74: 5.
  • (2) سورة المدّثر 74: 4.
  • (3) في ص 30.
  • (4) سورة البقرة 2: 59.
  • (5) سورة الأعراف 7: 157.

(الصفحة 60)

وأجاب عنه الشيخ بأنّ المراد من التحريم خصوص حرمة الأكل بقرينة مقابلته بحلّية الطيّبات (1).

واُورد عليه بأنّ مقتضى الإطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقاً ، فإذا قلنا بعمومها للمتنجّس يكون مقتضاه هي حرمة الانتفاع بالمتنجّس مطلقاً .

وربما يقال في مقام الجواب عن الاستدلال: أنّ متعلّق التحريم في الآية إنّما هو العمل الخبيث والفعل القبيح لا الأعيان الخارجيّة، مستشهداً لذلك بقوله ـ تعالى ـ : {وَ نَجَّيْنَـهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَـلـِثَ}(2); فإنّ المراد بالخبائث فيها اللواط (3).

ولكنّ الظاهر أنّ ما أفاده الشيخ من أنّ المقابلة تقتضي أن يكون المراد خصوص الأكل; ضرورة أنّ مقابلة الطيّبات مع الخبيثات لا يمكن معه أن يقال: إنّ المراد بالطيّبات الأعمال الحسنة، بداهة أنّه لا مجال لدعوى أنّ إحلال الأعمال الحسنة من شؤون النبيّ(صلى الله عليه وآله); لأنّ حلّيتها ضروريّة، خصوصاً مع المسبوقيّة بقوله ـ تعالى ـ : {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَـلـهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ}(4). فإنّ التّنزل عن الأمر بالمعروف مع إحلال الطيّبات بالمعنى المذكور ممّا لا يكاد يستقيم .

و عليه: فلا محيص من أن يكون المراد هو إحلال الأكل، ولا محالة يكون مقتضى قرينة المقابلة أن يكون المراد بالخبائث القاذورات، كما لايخفى .

وأمّا كون المراد بالخبائث في الآية المستشهد بها بمعنى العمل، فلأجل ذكر العمل


  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 1: 84 .
  • (2) سورة الأنبياء 21: 74.
  • (3) مصباح الفقاهة 1: 216.
  • (4) سورة الأعراف 7: 157.

(الصفحة 61)

معها، والعمل لا يناسب الأعيان، والإتيان بالجمع المفيد للعموم إنّما هو باعتبار شيوع هذا العمل القبيح بينهم، لا الإتيان بجميع الخبائث ، فتدبّر .

ومن الروايات:رواية تحف العقول المتقدِّمة(1) الدالّة على النهي عن التجارة بوجوه النجس، بدعوى كون المراد منها أعمّ من المتنجّس .

ونحن وإن ذكرنا اعتبارها مع إرسالها وعدم سلامة مضمونها ومفادها، إلاّ أنّه من الظاهر أنّ المراد من وجوه النجس الأعيان النجسة بالذات، ولا تشمل المتنجّسات التي لا يكون فيها وجه النجس، خصوصاً مع ملاحظة التعليل الواقع فيها الذي عرفت(2) مفاده ، وينبغي هنا التنبيه على أمر يحتاج إلى مقدّمة ، وهي:

أنّ الأحكام التي بيّنها الرسول(صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) تارةً: تكون خالية عن ذكر العلّة، كما هو الغالب في تلك الأحكام من الواجبات والمحرّمات وغيرهما ، ومن الواضح لزوم الأخذ بها كذلك وإن لم تكن العلّة معلومة لنا; لقصور عقولنا عن الوصول إليها كما هو مقتضى القاعدة .
واُخرى: تكون مشتملة على ذكر العلّة و متضمّنة للتعليل.

وفي هذه الصورة قد تكون العلّة ارتكازيّة ومعلومة للمخاطب، كقوله (عليه السلام)  : لاتشرب الخمر لأنّه مسكر(3) ; فإنّ إسكار الخمر أمر عقلائيّ معروف لدى الناس، والشارع إنّما حكم بالحرمة لأجل هذه العلّة التي يقال لها العلّة المنصوصة ،


  • (1) في ص11 .
  • (2) فى ص 11 و 32.
  • (3) اقتباس من الروايات الواردة في تحريم شرب الخمر، فيراجع وسائل الشيعة 25: 279، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأشربة المحرّمة ب1 و ص296 ب9 وغيرهما.