جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب المكاسب المحرمة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 262)

الدخول فى الولايات من قبل الجائر و بعض فروعاته

مسألة 24 : لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات والمناصب والأشغال من قبل الجائر وإن كان أصل الشغل مشروعاً مع قطع النظر عن تولّيه من قبله، كجباية الخراج، وجمع الزكاة، وتولّي المناصب الجنديّة والأمنيّة، وحكومة البلاد ونحو ذلك ، فضلاً عمّا كان غير مشروع في نفسه; كأخذ العشور والمكوس، وغير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة .
نعم ، يسوغ كلّ ذلك مع الجبر والإكراه بإلزام من يُخشى من التخلّف عن إلزامه على نفسه، أو عرضه، أو ماله المعتدّ به، إلاّ في الدماء المحترمة ، بل في إطلاقه بالنسبة إلى تولّي بعض أنواع الظلم ـ كهتك أعراض طائفة من المسلمين، ونهب أموالهم، وسبي نسائهم، وإيقاعهم في الحرج، مع خوفه على عرضه ببعض مراتبه الضعيفة، أو على ماله إذا لم يقع في الحرج، بل مطلقاً في بعضها ـ إشكال بل منع .
ويسوِّغ خصوص القسم الأوّل ـ وهو الدخول في الولاية على أمر مشروع في نفسه ـ القيام بمصالح المسلمين وإخوانه في الدِّين ، بل لو كان دخوله فيها بقصد الإحسان إلى المؤمنين، ودفع الضرر عنهم كان راجحاً ، بل ربما بلغ الدخول في بعض المناصب والأشغال لبعض الأشخاص أحياناً إلى حدّ الوجوب ، كما إذا تمكّن شخص بسببه من دفع مفسدة دينيّة، أو المنع عن بعض المنكرات الشرعيّة مثلاً، ومع ذلك فيها خطرات كثيرة إلاّ لمن عصمه الله تعالى
1.

1 ـ وقع التعرّض في هذه المسألة للدخول في الولايات والمناصب والأشغال من قبل الجائر ، وفيه فروض :

(الصفحة 263)

الأوّل : الدخول فيها وإن كان أصل الشغل مشروعاً في نفسه مع قطع النظر عن تولّيه من قبله، كالأمثلة المذكورة في المتن ، وقد حكم فيه في المتن بعدم الجواز وثبوت الحرمة .

ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ظاهراً(1)، وإلى رواية تحف العقول المفصّلة المتقدّمة التي حكمنا باعتبار سندها(2)، المشتملة على قوله (عليه السلام)  : «إنّ في ولاية الوالي الجائر دوس الحقّ كلّه، وإحياء الباطل كلّه، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء والمؤمنين وهدم المساجد، وتبديل سنّة الله وشرائعه ، فلذلك حرُم العمل معهم، ومعونتهم، والكسب معهم، إلاّ بجهة الضرورة، نظير الضرورة إلى الدّم والميتة(3).

فإنّ مقتضى إطلاقه حرمة ولاية والي الجائر وإن لم تكن الولاية إلاّ في عمل مشروع; لاقتضاء طبع ولايته الاُمور المذكورة لأجل كونه جائراً، كما هو المفروض .

ومضافاً إلى إطلاق بعض الروايات المتقدِّمة في مسألة معونة الظالمين(4) روايات مستفيضة بل متواترة ، مثل :

صحيحة محمّد بن مسلم قال : كنّا عند أبي جعفر (عليه السلام) على باب داره بالمدينة،


  • (1) منتهى المطلب 2: 1024، الطبعة الحجريّة، الحدائق الناضرة 18: 134، رياض المسائل 8 : 106، جواهر الكلام 22: 156، مصباح الفقاهة 1: 668.
  • (2) في ص 11 ـ 15.
  • (3) تحف العقول: 332، وعنه وسائل الشيعة 17: 84 ، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب2 قطعة من ح1 وبحار الأنوار 103: 45 قطعة من ح11، وفيهما وفي المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 2: 69 «دروس» بدل دوس.
  • (4) في ص190 ـ 197.

(الصفحة 264)

فنظر إلى الناس يمرّون أفواجاً، فقال لبعض من عنده : حدث بالمدينة أمر؟ فقال : أصلحك الله (جعلت فداك خ ل) وُلّي المدينة وال فغدا الناس (إليه خل) يهنّؤونه ، فقال : إنّ الرجل ليغدي عليه بالأمر يهنّئ به، وأنّه لباب من أبواب النار(1) .

ورواية داود بن زربي قال : أخبرني مولى لعليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : كنت بالكوفة فقدم أبو عبدالله (عليه السلام) الحيرة، فأتيته فقلت : جعلت فداك لو كلّمت داود بن علي أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات ، فقال : ما كنت لأفعل ـ إلى أن قال : ـ جعلت فداك ظننت أنّك إنّما كرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم ، وإنّ كلّ امرأة لي طالق، وكلّ مملوك لي حرّ، وعليَّ وعليَّ إن ظلمت أحداً، أو جرتُ عليه (على أحد خ ل) وإن لم أعدل.

قال : كيف قلت ؟ فأعدت عليه الأيمان، فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السماء أيسر عليك من ذلك(2) . بناءً على أن لا يكون المراد من «تناول السماء» إلخ الأيسريّة من عدم الظلم والجور .

وموثّقة مسعدة بن صدقة قال : سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان يعملون لهم ويحبّون لهم ويوالونهم ، قال : ليس هم من الشيعة ولكنّهم من اُولئك .

ثمّ قرأ أبو عبدالله (عليه السلام) هذه الآية : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن م بَنِى إِسْرَ ءِيلَ عَلَى لِسَانِ


  • (1) الكافي 5: 107 ح6، وعنه وسائل الشيعة 17: 188، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب45 ح2، والوافي 17: 155 ح17033، ومرآة العقول 19: 63 ح6.
  • (2) الكافي 5: 107 ح9، وعنه وسائل الشيعة 17: 188، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب45 ح4، والوافي 17: 156 ح17036، ومرآة العقول 19: 64 ح9.

(الصفحة 265)

دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ـ إلى قوله : {وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَـسِقُونَ}(1) قال :
الخنازير على لسان داود، والقردة على لسان عيسى {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}(2) قال : كانوا يأكلون لحم الخنزير، ويشربون الخمور، ويأتون النساء أيّام حيضهنّ .

ثمّ احتجّ الله على المؤمنين الموالين للكفّار فقال : {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ ـ إلى قوله : ـ وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَـسِقُونَ}(3) ، فنهى الله عزّوجلّ أن يوالي المؤمن الكافر إلاّ عند التقيّة(4) .

وغير ذلك من الروايات الواردة(5) في هذا المجال .

ثمّ إنّ مقتضى إطلاق النصّ والفتوى حرمة الدخول في ولاية الجائر وإن كان أصل الشغل محلّلاً في نفسه من حيث هو ، وأمّا لو كان الشغل محرّماً كذلك، كالعشور، والمكوس، وغيرهما، فيدلّ على حرمة الدخول في ولايته في هذه الاُمور ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ ما يدلّ على حرمة الشغل وبطلان الاستئجار على العمل المحرّم(6); لأنّه يشترط في صحّة الإجارة على الأعمال إباحتها ، فلا يجوز


  • (1) سورة المائدة 5: 78 ـ 81 .
  • (2) سورة المائدة 5: 79.
  • (3) سورة المائدة 5: 80 ـ 81 .
  • (4) تفسير القمّي 1: 176، وعنه وسائل الشيعة 17: 190، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب45 ح10، وتفسير الصافي 2: 74 و 75، والبرهان في تفسير القرآن 2: 342 و 344 ح3238 و 3244، وبحار الأنوار 14: 63 ح15 وج79: 126 ح6، وتفسير كنز الدقائق 3: 168 و 169، وتفسير نور الثقلين 1: 660 و 661 ح309 و 314.
  • (5) وسائل الشيعة 17: 177 ـ 192، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب42 ـ 45.
  • (6) وسائل الشيعة 17: 174، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب39، وج19: 101ـ 102، كتاب الإجارة ب1.

(الصفحة 266)

إجارة الحائض لكنس المسجد ومثلها(1) .

الفرض الثاني : الدخول في الولاية من قبل الجائر مكرهاً عليه ، ويظهر من المتن أوّلاً الجواز في هذه الصورة إلاّ بالإضافة إلى الدم; فإنّ مشروعيّة التقيّة إنّما هي لأن تحقن بها الدماء، فلا تسوّغ التقيّة إراقة الدم ، لكنّه أشكل في المتن في إطلاق حكم التقيّة بالنسبة إلى غير إراقة الدم ، وشموله لبعض أنواع الظلم، كالأمثلة المذكورة في المتن ، بل منع من ذلك .

ولعلّ الوجه فيه ما ذكرناه في بعض موارد هذا الشرح; من أنّه لا مجال للالتزام برفع الحرمة عن العمل المكره عليه في غير الدم مطلقاً; أي ولو كان العمل المكره عليه أعظم من حيث مرتبة الحرمة، وأشدّ ممّا توعّد به من الضرر المالي أو العرضي مثلاً ، كما لو فرض إكراه الشخص على ا لزنا بزوجة ذات بعل; فإنّه هل يمكن توهّم الجواز بمجرّد كون الضرر المتوعّد به ماليّاً أو عرضياً لا يبلغ العمل المكره عليه من حيث مرتبة الحرمة بوجه، كسبّه مثلاً ولو بمحضر من الناس .

ولا ينافي ذلك ما اشتهر من قصّة عمّار وأبويه(2) ، حيث إنّ العمل المكره عليه والقول على طبق مقالتهم وإن كان مرتبطاً بالشرك وبإنكار الرسالة المحمّدية(صلى الله عليه وآله)، إلاّ أنّ ما توعّد به على الترك كان هو القتل، كما ارتكبوه بالإضافة إلى من لم يطعهم


  • (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الإجارة: 17 ـ 37.
  • (2) الكشف والبيان، المعروف بـ «تفسير الثعلبي» 6: 45، تفسير البغوي 3: 98، الكشّاف 2: 636، مجمع البيان 6: 191، التفسير الكبير للفخر الرازي 7: 273ـ 274، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 10: 180، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، المعروف بتفسير البيضاوي 3: 241، تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان 4: 309، إرشاد العقل السليم، المعروف بـ «تفسير أبي السعود» 4: 384، وسائل الشيعة 16: 226 و 230، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أبواب الأمر والنهي ب29 ذح2 و13، وتفسير كنز الدقائق 5: 404 و 405 و 407.