جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 152)

ملاحظـة حال المعلوم والمنكشف من حيث التقدّم والتأخّر بحسب الرتبـة، وفـي الصورة الثانيـة يكون رتبـة العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف متقدّمـة على العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطـرف وإن كان حدوثـه متأخّراً عن حدوثـه، لأنّ التكليف بالملاقي إنّما جاء من قبل التكليف بالملاقى. وذلك ـ أي وجـه عدم الورود ـ ما عرفت من أنّ الإشكال إنّما هو من ناحيـة الطرف، لا من ناحيـة تقدّم أحد العلمين على الآخر حدوثاً حتّى يورد عليـه بما ذكر.
هذا مضافاً إلى أنّ هـذا الإيراد فاسد مـن أصلـه، والمثال الـذي ذكـره لايرتبط بالمقام أصلا، حيث قال: لو علم بوقوع قطرة من الدم في أحد الإنائين، ثمّ بعد ذلك علم بوقوع قطرة اُخرى من الدم في أحد هذين الإنائين أو في الإناء الثالث، ولكن ظرف وقوع القطرة المعلومـة ثانياً أسبق من ظرف وقوع القطرة المعلومـة أوّلا، فلاينبغي التأمّل في أنّ العلم الإجمالي الثاني يوجب انحلال الأوّل لسبق معلومـه عليـه(1)، انتهى.
وجـه عدم الارتباط أنّ في المثال بعد العلم الإجمالي بوقوع القطرة في أحدهما أو في الإناء الثالث يعلم أنّ العلم الإجمالي الحادث أوّلا لم يكن واجداً لشرط التنجيز، لأنّـه لم يكن متعلّقاً بالتكليف، لثبوتـه قبلـه المنكشف بالعلم الإجمالي الثاني.
وبـالجملـة: فالعلم الإجمالي الأوّل وإن كان حين حدوثـه متعلّقاً بالتكليف ومؤثّراً في تنجيزه بنظر العالم، إلاّ أنّـه بعد استكشاف ثبوتـه قبلـه
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 87.

(الصفحة 153)

بالعلم الثاني يعلم عدم تعلّقـه بالتكليف وعدم كونـه مؤثّراً في تنجيزه، كما لايخفى.
وهذا بخلاف المقام، فإنّ العلمين حيث تعلّق أحدهما بوجوب الاجتناب عن الملاقي أو الطرف، والآخر بوجوب الاجتناب عن الملاقى أو الطرف لاإشكال في تأثيرهما في تنجيز متعلّقهما من حيث هو. نعم قد عرفت الإشكال في تأثير العلم الثاني من ناحيـة الطرف لا المتلاقيـين، فمن حيث التقدّم والتأخّر من جهـة الرتبـة لا إشكال في تأثيرهما أصلا، كما لايخفى.
فانقدح بذلك وضوح الفرق بين المثال والمقام، فإنّ هنا لا يكون شيء من العلمين فاقداً لشرط التأثير في التنجيز، لأنّ كلاّ منهما تعلّق بتكليف فعلي، والتقدّم والتأخّر من جهـة الرتبـة لا يمنع من ذلك، وهناك لا يكون العلم الإجمالي الحادث أوّلا متعلّقاً بتكليف فعلي بحسب الواقع وإن كان كذلك بنظر العالم ما لم يحدث لـه العلم الإجمالي الثاني.
والسرّ فيما ذكرنا من عدم مدخليّـة التقدّم والتأخّر بحسب الرتبـة أنّ المنجزيّـة من آثار العلم بوجوده الخارجي، لأنّـه ما لم يوجد في الخارج لا يؤثّر في التنجيز كما هو واضح، والتقدّم والتأخّر إنّما هو من أوصاف العلمين عند العقل، ضرورة أنّ العلّـة والمعلول مقارنان بحسب الوجود الخارجي، وتقدّمها عليـه وتأخّره عنها إنّما هو بحسب الرتبـة وفي نظر العقل، ففي ظرف ثبوت وصف التقدّم والتأخّر لا يكون العلم بمنجّز، وفي وعاء التنجيز لا معنى للتقدّم والتأخّر. والمفروض في المقام في الصورة الثانيـة حدوث العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف قبل العلم بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف. فهو ـ أي الحادث ـ أوّلا يؤثّـر في التنجيز بمجرّد حدوثـه، لأنّ التنجيز من آثـار
(الصفحة 154)

وجوده الخارجي كما عرفت. ومع التأثير في التنجيز لا مجال لتأثير العلم الثاني بعد عدم كونـه واجداً لشرطـه، لعدم إمكان التأثير بالنسبـة إلى الطرف، لأنّـه لو كان التكليف متعلّقاً بـه لتنجّز بالعلم الأوّل، ولا معنى للتنجّز مرّتين كما مرّ.
وممّا ذكرنا يظهر الوجـه في وجوب الاجتناب عن المتلاقيـين والطرف في الصورة الثالثـة المفروضـة في كلام المحقّق الخراساني (قدس سره) (1) لأنّـه علم إجمالا بنجاستهما أو الطرف، ولم يكن هذا العلم مسبوقاً بالعلم بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح أو الطرف حتّى لا يجب الاجتناب عن الملاقي، ولا بالعلم بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف حتّى لا يجب الاجتناب عن الملاقى، بل حدث من حين حدوثـه هكذا ـ أي مردّداً بين المتلاقيـين والطرف ـ فيؤثّر في التنجيز على أيّ تقدير، فافهم واغتنم.

إزاحة شبهة

ربما يقال: بأنّـه ما المانع من أن يؤثّر العلمين بجامعهما في تنجيز التكليف بالنسبـة إلى الطرف، ويستقلّ أحدهما بالتأثير في التنجيز بالنسبـة إلى الملاقى ـ بالفتح ـ والآخر بالنسبـة إلى الملاقي ـ بالكسر ـ وحينئذ فيجب الاجتناب عن الجميع في الصورتين الاُوليـين أيضاً، فإنّ العلم الإجمالي الحادث أوّلا وإن أثّر في التنجيز بالنسبـة إلى الطرف، إلاّ أنّ استقلالـه في هذا التأثير مادام لم يحدث العلم الآخر، فإذا حدث يؤثّران بجامعهما في التنجّز بالنسبـة إلى الطرف، كما هو الشأن في أمثال ذلك.

  • 1 ـ كفايـة الاُصول: 412.

(الصفحة 155)

فإنّ الماء الواقع في محاذاة الشمس تكون العلّـة المؤثّرة في الحرارة الحادثـة فيـه هي الشمس، فإذا انضمّ إليـه النار أيضاً تكون العلّـة حينئذ هو الجامع بين العلّتين، لاستحالـة تأثير علّتين مستقلّتين في معلول واحد، لأنّ الواحد لا يصدر إلاّ من الواحد، فلا يعقل أن يكون شيء واحد معلولا لعلّتين مع وصف التعدّد، هذا.
ولكن لا يخفى أنّ استعمال هذه القاعدة ـ أي قاعدة الواحد لا يصدر إلاّ من الواحد ـ وكذا العكس في مثل المقام، استعمال للشيء في غير محلّـه، وقد صدر ممّن لا يكون لـه كثير اطّلاع من العلوم العقليّـة والقواعد الحِكَميـة، فإنّ مورد هذه القاعدة كما قد حقّق في محلّـه هو ما إذا كانت العلّـة التي هي المصدر علّـة إلهيّـة، وكان هناك مصدر وصادر حقيقـة، فلا تشمل القاعدة الفواعل الطبيعيـة التي لا تكون مصدراً حقيقـة ومؤثّراً واقعاً، وقد وقع هذا الخلط والاشتباه في كثير من الموارد كما يظهر بالتـتبّع.
وحينئذ: فالعلم الإجمالي الحادث أوّلا يؤثّر في التنجيز مستقلاّ، وبعد حدوث الثاني لا مجال لـه للتأثير في ذلك، لعدم معقوليّـة التنجّز مرّتين، كما عرفت. هذا كلّـه فيما يقتضيـه حكم العقل.

مقتضى الأصل الشرعي في صور الملاقاة

وأمّا مقتضى الاُصول الشرعيّـة فقد يقال ـ كما قيل ـ بأنّـه لا مانع من جريان أصالـة الطهارة في الملاقي; لأنّ طهارة الملاقي ونجاستـه مسبّبـة عن طهارة الملاقى ونجاستـه، والأصل الجاري في السبب وإن كان حاكماً على
(الصفحة 156)

الأصل الجاري في المسبّب، إلاّ أنّـه حيث لا يجري الأصل في السبب، لأنّـه يسقط بالمعارضـة مع الأصل الجاري في الطرف الآخر، فلا مانع من جريان الأصل في المسبّب، فيكون الملاقي ـ بالكسر ـ محكوماً شرعاً بالطهارة والحلّيـة، هذا.
ولا يخفى أنّـه لم يرد آيـة ولا روايـة على ما ذكروه من أنّ مع جريان الأصل في السبب لا مجال لجريانـه في المسبّب، بل المستند في ذلك هو أنّـه مع جريان الأصل في السبب يرتفع الشكّ في ناحيـة المسبّب تعبّداً، ومع ارتفاعـه في عالم التشريع لا مجال لجريان الأصل فيـه أيضاً.
ولكـن لا يخفـى أنّ هـذا لا يتـمّ بإطـلاقـه، بـل إنّما يصـحّ فيمـا إذا كـان الشكّ في ناحيـة المسبّب في الأثر الشرعي المترتّب على السبب شرعـاً، كالشكّ في نجاسـة الثوب المغسول بالماء المشكوك الكرّيـة، فإنّ مقتضى استصحاب الكرّيـة تحقّق موضوع الدليل الشرعي الـذي يـدلّ على أنّ الكـرّ مطهّر مثلا.
والسرّ في ذلك: أنّ معنى الاستصحاب الجاري في الموضوعات هو الحكم بإبقاء الموضوع تعبّداً في زمان الشكّ، وحيث إنّـه لا معنى لذلك فيما لو لم يكن الموضوع مترتّباً عليـه أثر شرعي فلابدّ من أن يكون الموضوع المستصحب موضوعاً لأثر شرعي، ومن هنا يكون الاستصحاب الجاري في الموضوعات حاكماً على الأدلّـة الواقعيّـة، لأنّـه ينقّح بـه موضوعاتها، وتفصيل الكلام يأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء اللّه تعالى.
إذا عرفت ذلك: فاعلم أنّ نجاسـة الملاقي وإن كانت من الآثار الشرعيّـة لنجاسـة الملاقى، إلاّ أنّ طهارة الملاقي لم تجعل في شيء من الأدلّـة الشرعيّـة