جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 27)

مفاد أخبار من بلغ

وإذا انتهى الكلام إلى ذكر أخبار من بلغ فينبغي التعرّض لبيان مفادها، فنقول: ذكر المحقّق الخراساني (قدس سره) في الكفايـة: أنّـه لا يبعد أن يقال بدلالـة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليـه الثواب، فإنّ صحيحـة هشام بن سالم المحكيّـة عن المحاسن عن أبيعبداللّه (عليه السلام) قال: «من بلغـه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء من الثواب فعملـه كان أجر ذلك لـه وإن كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقلـه»(1)ظاهرة في أنّ الأجر كان مترتّباً على نفس العمل الذي بلغـه عنـه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّـه ذو ثواب، وكون العمل متفرّعاً على البلوغ وكونـه الداعي إلى العمل غير موجب لأن يكون الثواب مترتّباً عليـه فيما إذا أتى برجاء أنّـه مأمور بـه وبعنوان الاحتياط بداهـة أنّ الداعي إلى العمل لا يوجب لـه وجهاً وعنواناً يؤتى بـه بذلك الوجـه والعنوان، وإتيان العمل بداعي طلب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قيّد بـه في بعض الأخبار وإن كان انقياداً، إلاّ أنّ الثواب في الصحيحـة إنّما رتّب على نفس العمل، ولا موجب لتقيـيدها بـه، لعدم المنافاة بينهما(2)، انتهى.
وأفاد المحقّق النائيني على ما في تقريرات بحثـه ما ملخّصـه: إنّ الوجوه المحتملـة في هذه الأخبار من حيث الدلالـة ثلاثـة:
أحدها: أن يكون مفادها مجرّد الإخبار عن فضل اللّه سبحانـه من غير نظر
  • 1 ـ المحاسن: 25 / 2، وسائل الشيعـة 1: 81، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمـة العبادات، الباب18، الحديث3.
  • 2 ـ كفايـة الاُصول: 401

(الصفحة 28)

إلى حال العمل وأنّـه على أيّ وجـه يقع. وبعبارة اُخرى: أنّها ناظرة إلى العمل بعد وقوعـه وأنّ اللّه تعالى حسب فضلـه ورحمتـه يعطي الثواب الذي بلغ العامل وإن تخلّف قول المبلّغ عن الواقع.
ثانيها: أن تكون الجملـة الخبريّـة بمعنى الإنشاء، ويكون مفاد قولـه (عليه السلام): «فعملـه» أو «ففعلـه» الأمر بالفعل والعمل، كما هو الشأن في غالب الجمل الخبريّـة الواردة في بيان الأحكام، سواء كانت بصيغـة الماضي كقولـه (عليه السلام): «من سرّح لحيتـه فلـه كذا»(1)، أو بصيغـة المضارع كقولـه: «يسجد سجدتي السهو»(2)، وعليـه فمقتضى إطلاق البلوغ القول باستحباب العمل مطلقاً، سواء كان قول المبلّغ واجداً لشرائط الحجّيـة أو لم يكن، وهذا ـ أي كون الجملـة الخبريّـة بمعنى الإنشاء وأنّها في مقام بيان استحباب العمل ـ يمكن أن يكون على أحد وجهين:
أحدهما: أن تكون القضيّـة مسوقـة لبيان اعتبار قـول المبلغ وحجّيتـه، سواء كان واجداً لشرائط الحجّيـة أو لم يكن، كما هو ظاهـر الإطلاق، فيكون مفاد الأخبار مسألـة اُصوليّـة مرجعها إلى حجّيـة الخبر الضعيف في باب المستحبّات. ففي الحقيقـة تكون أخبار مـن بلغ مخصّصـة لما دلّ على اعتبار الوثاقـة أو العدالـة في الخبر وأنّها تختص بالخبر القائم على وجوب الشيء،
  • 1 ـ هذا نصّ الروايـة: عن أبيعبداللّه (عليه السلام)، قال: «من سرّح لحيتـه سبعين مرّة وعدّها مرّة مرّة لميقربـه الشيطان أربعين يوماً». الكافي 6: 489 / 10، وسائل الشيعـة 2: 126، كتاب الطهارة، أبواب آداب الحمام، الباب76، الحديث1.
  • 2 ـ تهذيب الأحكام 2: 354 / 1466، وسائل الشيعـة 8: 203، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب3، الحديث14.

(الصفحة 29)

ولا يعمّ الخبر القائم على الاستحباب.
فإن قلت: كيف تكون أخبار من بلغ مخصّصـة لما دلّ على اعتبار الشرائط في حجّيـة الخبر، مع أنّ النسبـة بينهما العموم من وجـه، حيث إنّ ما دلّ على اعتبار الشرائط يعمّ الخبر القائم على الوجوب وعلى الاستحباب، وأخبار من بلغ وإن كانت تختصّ بالخبر القائم على الاستحباب، إلاّ أنّـه أعمّ من أن يكون واجداً للشرائط وفاقداً لها، ففي الخبر القائم على الاستحباب الفاقد للشرائط يقع التعارض، ولا وجـه لتقديم أخبار من بلغ.
قلت: ـ مع أنّـه يمكن أن يقال: إنّ أخبار من بلغ ناظرة إلى إلغاء الشرائط في الأخبار القائمـة على المستحبّات فتكون حاكمـة على ما دلّ على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد، وفي الحكومـة لا تلاحظ النسبـة ـ إنّ الترجيح لأخبار من بلغ; لعمل المشهور بها، مع أنّـه لو قدّم ما دلّ على اعتبار الشرائط في مطلق الأخبار لم يبق لأخبار من بلغ مورد، بخلاف ما لو قدّمت أخبار من بلغ، وهذا الوجـه ـ أي الوجـه الثاني ـ أقرب كما عليـه المشهور(1)، انتهى ملخّص موضع الحاجـة من كلامـه (قدس سره) .
وفيـه وجوه من النظر:
أمّا أوّلا: فلأنّ جعل أخبار من بلغ مخصّصـة أو معارضـة لما دلّ على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد ممّا لا وجـه لـه، بعد كون كلّ منهما مثبتاً، فإنّ ما دلّ على اعتبار خبر الثقـة مطلقاً لا ينفي ما يدلّ على اعتبار الخبر مطلقاً في باب المستحبّات ولا مضادّة بينهما حتّى يجعل الثاني مخصّصاً أو معارضاً. نعم في بعض
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 409 ـ 414.

(الصفحة 30)

أدلّـة اعتبار خبر الثقـة ما يشعر بعدم حجّيـة قول الفاسق كآيـة النبأ، ولكنّـه كما عرفت لا يخلو من المناقشـة.
وثانياً: فإنّـه لو سلّم التعارض فجعل أخبار من بلغ حاكمـة على ما يدلّ على اعتبار الشرائط في الخبر الواحد ممّا لا وجـه لـه، فإنّ ملاك الحكومـة أن يكون الدليل الحاكم ناظراً إلى الدليل المحكوم ومتعرّضاً لحالـه من حيث السعـة والضيق وهذا الملاك مفقود في المقام، فإنّ غايـة ما يدلّ عليـه أخبار من بلغ بناءً على هذا القول هو بيان حجّيـة الخبر مطلقاً في المستحبّات. وأمّا كونها ناظرة إلى تلك الطائفـة ومفسّرة لها فلا يظهر منها أصلا، كما لايخفى.
وثالثاً: فما أفاد من أنّـه لو قدّم ما دلّ على اعتبار الشرائط في مطلق الخبر لميبق لأخبار من بلغ مورد، محلّ نظر; لأنّ هذه الأخبار كما اعترف (قدس سره) تكون شاملـة بإطلاقها لخبر الثقـة وغيرها وإخراج الثاني من تحتها لا يوجب أن لايكون لها مورد بعد بقاء الأوّل مشمولا لها، ولا يلزم أن يكون المورد الباقي مختصّاً بهذه الأخبار، مع أنّ جعل ذلك مـن المرجّحات ممّا لا دليل عليـه، فإنّـه لم يذكر في باب التراجيح أنّ من جملـة المرجّحات خلوّ الدليل الراجح عن المورد، كما لايخفى.
والأظهر في بيان مفاد أخبار من بلغ أن يقال: إنّها بصدد جعل الثواب لمن بلغـه ثواب على عمل، فعملـه رجاء إدراك ذلك الثواب، نظير الجعل في باب الجعالـة والغرض من هذا الجعل التحريص والترغيب على إتيان مؤدّيات الأخبار الواردة في السنن، لئلاّ تفوت السنن الواقعيـة والمستحبّات النفس الأمريّـة، فالغرض منـه هو التحفّظ عليها بالإتيان بكلّ ما يحتمل كونـه سنّـة، سواء كان بلغ استحبابـه بسند معتبر أو غيره.

(الصفحة 31)

وحينئذ: فلا يستفاد من هذه الأخبار استحباب العمل الذي بلغ استحبابـه مطلقاً، بحيث كان ترتّب الثواب عليـه لخصوصيـة في نفس العمل ومزيّـة فيـه مقتضيـة لـه، بل مفادها مجرّد جعل الثواب عليـه تفضّلا لأجل التحفّظ على المستحبّات التي تكون فيها خصوصيـة راجحـة ويكون ترتّب الثواب عليها لأجلها. فهذه الأخبار نظير الأخبار الدالّـة على ترتّب الثواب على المشي إلى الحجّ(1) أو زيارة قبر أبيعبداللّه الحسين (عليه السلام)(2); فإنّ المشي إنّما يكون مقدّمـة، والمقدّمـة لا تكون راجحـة ذاتاً محبوبةً بنفسها، ولكن جعل الثواب عليها إنّما هو لأجل الحثّ والتحريك على ذي المقدّمـة، كما لايخفى.
ومن هنا يظهر الخلل فيما أفاده المحقّق الخراساني (قدس سره) في الكفايـة ممّا تقدّم نقلـه، فتدبّر جيّداً.

  • 1 ـ راجع وسائل الشيعـة 11: 78، كتاب الحج، أبواب وجوبـه وشرائطـه، الباب32.
  • 2 ـ راجع وسائل الشيعـة 14: 439، كتاب الحج، أبواب المزار، الباب41.