جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 446)

عمدوا إلى إيجاد هذا الاختلاف وهيّأوا مقدّماتـه اختياراً، لغرض بقاء الدين، وصيرورة النظر في الروايات الصادرة عنهم، واستخراج مراداتهم من الفنون حتّى يهمّ بعض الناس الورود في هذا الفنّ وصرف أوقاتـه فيـه، وبذلك يتحقّق حزب إلهي في مقابل سائر الأحزاب، ولو أنّهم كانوا قد جمعوا آرائهم في رسالـة واحدة ونشروها بين الاُمّـة ليرجع إليها كلّ من يقتدى بهم من دون تكلّف ومشقّـة نعلم قطعاً بأنّـه لم يكن يبقى من الدين في مثل هذه الأزمنـة عين ولا أثر، كما هو ظاهر لمن تدبّر.
وبالجملـة: فلا ينبغي الشكّ في أنّ هذا الوضع الفعلي كان معلوماً في زمان الأئمّـة (عليهم السلام) لا لأجل كونهم مطّلعين على ما يكون، بل لأجل كون طبع الأمر ينجرّ إلى ذلك، ومع ذلك فلا محيص عن الالتزام بأنّ عدم ردعهم يكشف عن إمضاء الشارع وتنفيذه لنفس هذه الطريقـة، فافهم واغتنم.
إذا عرفت ذلك فنقول:

مناط بناء العقلاء في رجوع الجاهل إلى العالم ومقتضاه

إنّ رجوع الجاهل إلى العالم يمكن أن يكون لأجل حصول الاطمئنان من قولـه، بحيث لا ينقدح في ذهنـه احتمال الخلاف ولا يلتفت إليـه، وعلى تقدير التوجّـه والالتفات لا يعتنى بـه.
ويمكن أن يكون لأجل انسداد باب العلم عليه واضطراره من الرجوع إليـه.
ويمكن أن يكون لأجل التبعيّـة لأئمّتهم ورؤسائهم الجاعلين لهذا القانون في الأزمنـة السابقـة لأغراض منظورة لهم، من دون أن يكون أمراً ارتكازيّاً للناس، بل صار ارتكازيّاً لهم بعد جعل رؤسائهم.

(الصفحة 447)

فهذه احتمالات متصوّرة في بادئ النظر، لكن لا سبيل إلى الثاني، لأنّ الانسداد لا ينتج الرجوع إلى العالم والتعبّد بقولـه، بل يقتضي الاحتياط ولو مبعّضاً كما لايخفى.
والثالث أيضاً في غايـة البعد بل مستحيل عادةً فإنّا نرى أنّ هذا الأمر ـ وهو رجوع الجاهل إلى العالم ـ أمر متّفق عليـه بين جميع أهل الأمصار في جميع الأعصار والقرون.
فدعوى استناد ذلك إلى جعل الأئمّـة والرؤساء ترجع إلى تصادف اتّفاق جميع الأئمّـة على جعل هذا الأمر مع كثرة الفصل بين البلاد وعدم الارتباط بين ساكنيها في تلك الأزمنـة أصلا، فإسناد ذلك إلى مجرّد التصادف مستبعد جدّاً، بل محال عادة، كما عرفت.
فلا محيص عن الالتـزام بأنّ الوجـه في رجـوع الجاهـل إلى العالم هو كون قولـه طريقاً موجباً لحصول الاطمئنان بحيث لا يكاد ينقدح في ذهنهم احتمال الخلاف كما هو الشأن في مثل قاعدة اليد من القواعد العقليّـة المتداولـة بين الناس(1). نعم لا يبعد أن يكون للانسداد دخل في أعمالهم في جميع الموارد أو في بعضها.
لكن يرد على هذا الوجـه: أنّـه كيف يمكن أن يدّعى بناء العقلاء على إلغاء احتمال الخلاف والخطأ مع هذه الاختلافات الكثيرة المشاهدة من الفقهاء بل من فقيـه واحد في كتبـه العديدة بل في كتاب واحد. ولهذا لا يبعد أن يكون رجوع
  • 1 ـ من هنا إلى آخر الكتاب عين عبارات سيّدنا الاُستاذ دام بقاءه في رسالتـه الموضوعـة في هذا الباب فلا تغفل. [المقرّر حفظـه اللّه].

(الصفحة 448)

العامّي إلى الفقيـه إمّا لتوهّم كون فنّ الفقـه ـ كسائر الفنون ـ يقلّ الخطأ فيـه وكان رجوع المقلّد لمقدّمـة باطلـة وتوهّم خطأ، أو لأمر تعبّدي أخذه الخلف عن السلف، لا لأمر عقلائي وهو أمر آخر غير بناء العقلاء.
ودعوى قلّـة خطأ العلماء بالنسبـة إلى صوابهم بحيث يكون احتمالـه ملغى ـ وإن كثر ـ بعد ضمّ الموارد بعضها إلى بعض غير وجيهـة، مع ما نرى من الاختلافات الكثيرة في كلّ باب إلى ما شاء اللّه.
وقد يقال: إنّ المطلوب للعقلاء في باب الاحتجاجات بين الموالي والعبيد قيام الحجّـة وسقوط التكليف والعقاب بأيّ وجـه اتّفق، والرجوع إلى الفقهاء موجب لذلك، لأنّ المجتهدين مع اختلافهم في الرأي مشتركون في عدم الخطأ والتقصير في الاجتهاد، ولا ينافي ذلك الاختلاف في الرأي، لإمكان عثور أحدهما على حجّـة في غير مظانّها، أو أصل من الاُصول المعتمدة ولم يعثر عليهما الآخر مع فحصـه بالمقدار المتعارف، فتمسّك بالأصل العملي أو عمل على الأمارة التي عنده، فلا يكون واحد منهما مخطئاً في اجتهاده، ورأي كلّ منهما حجّـة في حقّـه وحقّ غيره، فرجوع العقلاء إليهما لأجل قيام الحجّـة والعذر، وهما المطلوب لهم لا إصابـة الواقع الأوّلي.
وأوضح من ذلك ما لو قلنا بجعل المماثل في مؤدّى الأمارة.
وفيـه أوّلا: أنّ تسميـة ذلك «عدم الخطأ» في غير محلّـه. نعم لا يكون ذلك تقصيراً وإن كان مخطئاً، ومع اختلافهما لا محالـة يعلم بخطأ أحدهما، ومعـه لايكون البناء على الرجوع إذا كان الاختلاف كثيراً ولو في غير مورد اختلافهما، للاعتداد باحتمال الخطأ حينئذ.

(الصفحة 449)

وثانياً: أنّـه لو سلّم أنّ نظر العقلاء في مثل المقام إلى تحصيل الحجّـة والعذر، لكنّهما متوقّفان على إلغاء احتمال خطأ الاجتهاد بالنسبـة إلى التكاليف الواقعيـة الأوليـة، وهو في المقام ممنوع، ومؤدّى الطرق لو فرض باطلا كونـه حكماً ثانوياً لا يوجب معذوريتـه بالنسبـة إلى الواقعيات إلاّ للمعذور وهو المجتهد، لا للمقلّد الذي يكون مبنى عملـه فتواه، وهو ليس معذّراً إلاّ مع كونـه كسائر الأمارات العقلائيـة قليل الخطأ لدى العقلاء، والفرض أنّ كلّ مجتهد يحكم بخطأ أخيـه لا بتقصيره، ومعـه كيف يمكن حجّيـة الفتوى.
نعم يمكن أن يقال: إنّ الأمر الثاني من الأمرين المتقدّمين يدفع الإشكال، فإنّ عدم ردع هذا البناء الخارجي دليل على رضاء الشارع المقدس بالعمل على فتاوى الفقهاء مع الاختلاف المشهور.
لكن في صيرورة ذلك هو البناء العقلائي المعروف والبناء على أماريّـة الفتوى كسائر الأمارات إشكالا، إلاّ أن يقال; إنّ بناء المتشرّعـة على أخـذ الفتوى طريقاً إلى الواقـع، والعمل على طبق الأماريّـة والسكوت عنـه دليل علـى الارتضاء بذلك، وهو ملازم لجعل الأماريّـة لـه، والمسألـة تحتاج إلى مـزيد تأمّل.
ثمّ إنّـه بناءً على أنّ المناط في رجوع الجاهل إلى العالم هو إلغاء احتمال الخلاف والخطأ بحيث يكون احتمالـه موهوماً لا يعتنى بـه العقلاء لا إشكال في أنّ هذا المناط موجود عندهم في تشخيصات أهل الخبرة وأصحاب الفنون، كان الأفضل موجوداً أو لا، ولهذا يعملون على قولـه مع عدم وجود الأفضل، وهذا دليل قطعي على تحقّق مناط العمل عندهم في قول الفاضل، وإلاّ فكيف يعقل العمل مع عدم المناط، فيكون المناط موجوداً كان الأفضل موجوداً أولا، اختلف
(الصفحة 450)

رأيهما أو لا. فلو فرض تقديمهم قول الأفضل عند الاختلاف فإنّما هو من باب ترجيح إحدى الحجّتين على الاُخرى، لا من باب عدم الملاك في قول المفضول، لعدم تعقّل تحقّق المناط مع عدم الفاضل وعدمـه مع وجوده، فقول المفضول حجّـة وأمارة عقلائيّـة في نفسـه، لأجل موهوميّـة احتمال الخطأ، كما أنّ مناط العمل بقول الأفضل ذلك بعينـه.

هل ترجيح قول الأفضل عند العقلاء لزومي أم لا؟

نعم يبقى في المقام أمر، وهو أنّـه هل بناء العقلاء على ترجيح قول الأفضل لدى العلم بمخالفتـه مع غيره إجمالا أو تفصيلا يكون بنحو الإلزام، أو من باب حسن الاحتياط وليس بنحو اللزوم؟
لا يبعد الاحتمال الثاني، لوجود تمام الملاك في كليهما، واحتمال أقربيّـة قول الأعلم ـ على فرض صحّتـه ـ لم يكن بمثابـة ترى العقلاء ترجيحـه عليـه لزوميّاً، ولهذا تراهم يراجعون إلى المفضول بمجرّد أعذار غير وجيهـة كبعد الطريق وكثرة المراجعين، ومشقّـة الرجوع إليـه ولو كانت قليلـة، وأمثال ذلك ممّا يعلم أنّـه لو حكم العقل إلزاماً بالترجيح لما تكون تلك الأعذار وجيهـة لدى العقل والعقلاء.
هذا مع علمهم إجمالا بمخالفـة أصحاب الفنّ في الرأي في الجملـة، فليس ترجيح الأفضل إلاّ ترجيحاً غير ملزم واحتياطاً حسناً، ولهذا لو أمكن لأحد تحصيل اجتماع أصحاب فنّ في أمر والاستفتاء منهم لَفَعَل، لا لأجل عدم الاعتناء بقول الأفضل أو الفاضل، بل للاحتياط الراجح الحسن.