جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 305)

فانقدح من جميع ما ذكرنا: أنّـه لا يعتبر في حسن الاحتياط شيء زائد على تحقّق موضوعـه وهو احتمال التكليف. هذا كلّـه في الاحتياط.

اعتبار الفحص في جريان البراءة

وأمّا أصالـة البراءة فيعتبر في جريانها في الشبهات الحكميـة الفحص. والكلام فيـه تارة: يقع في أصل اعتبار الفحص ووجوبـه، واُخرى: في مقداره، وثالثـة: فيما يترتّب على العمل بالبراءة قبل الفحص من التبعـة والأحكام.
أمّا الكلام في أصل اعتبار الفحص ووجوبـه فقد يقع في البراءة العقليّـة وقد يقع في البراءة الشرعيّـة.

ادلّـة وجوب الفحص

أمّا البراءة العقليّـة التي مدركها قبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان فلا إشكال في اعتبار الفحص فيها، لأنّها متفرّعـة على عدم البيان، والمراد بـه وإن كان هو البيان الواصل إلى المكلّف جزماً، إلاّ أنّ مناط الوصول ليس هو أن يُعلم المولى كلّ واحد من المكلّفين بحيث يسمعـه كلّ واحد منهم، بل وصولـه يختلف حسب اختلاف الموالي والعبيد.
فالمولى المقنّن للقوانين العامّـة الثابتـة على جميع المكلّفين يكون إيصالـه للأحكام من الأوامر والنواهي إنّما هو بإرسال الرسل وإنزال الكتب ثمّ الأحاديث المرويّـة عن أنبيائـه وأوصيائهم المحفوظـة في الكتب التي بأيدي المكلّفين، بحيث يتمكّن كـلّ واحـد منهم مـن المراجعـة إليها والاطّلاع على
(الصفحة 306)

أحكام اللّه جلّ شأنـه. وحينئذ: فالملاك في تحقّق البيان الذي لا يقبح العقاب والمؤاخذة معـه هو أنّ أمر اللّه تعالى رسولـه بتبليغـه وقـد بلّغـه الرسول على نحو المتعارف وصار مضبوطاً في الكتب المعدّة لـه، ومـع فقدان أحـد هـذه الشروط يصدق عدم البيان ويقبح العقاب معـه. وحينئذ فمع احتمال المكلّف ثبوت التكليف المبيّن الـواصل بحيث لـو فحص لظفـر بـه لا يجـوز الاعتماد على البراءة التي مدركها قبح العقاب بلا بيان، كما أنّ العبد العرفي لو وصل إليـه مكتوب من ناحيـة مولاه واحتمل أن يكون المكتوب متضمّناً لبعض التكاليف لا يجـوز لـه القعود عنـه بعد عـدم المراجعـة إليـه استناداً إلـى أنّ المولى لم يبيّن حكمـه، ولا يكون مثل هـذا العبد معذوراً عند العقلاء جـزماً، كما هـو غير خفي.
ثمّ إنّـه قد يستشكل في وجوب الفحص وعدم جريان البراءة قبلـه بأنّ الحكم ما لم يتّصف بوصف المعلوميّـة لا يكون باعثاً ومحرِّكاً، ضرورة أنّ البعث بوجوده الواقعي لا يصلح للمحرّكيـة، وإلاّ لكان اللازم تحقّق الانبعاث بالنسبـة إلى الجاهل بـه المعتقد عدمـه، بل قد عرفت سابقاً(1) أنّـه لا يعقل أن يكون الانبعاث مسبّباً عـن البعث الواقعي، بل الانبعاث دائماً مسبّب عـن البعث بوجوده العلمي الذي هي الصورة الذهنيـة الكاشفـة عنـه، والأوامـر إنّما تتّصف بالباعثيّـة والمحرّكيـة بالعرض، كما أنّ اتّصافها بوصف المعلوميـة أيضاً كذلك، ضرورة أنّ المعلوم بالـذات، إنّما هـي نفس الصورة الحاضـرة عند النفس، كما حقّق في محلّـه.

  • 1 ـ تقدّم في الصفحـة 298.

(الصفحة 307)

وبالجملـة: فالبعث الواقعي لا يكون باعثاً ما لم يصر مكشوفاً، والكاشف عنـه إنّما هو العلم ونحوه. وأمّا الاحتمال فلا يعقل أن يكون كاشفاً، وإلاّ لكان اللازم أن يكشف عن طرفي الوجود والعدم، كما هو واضح. فمع الاحتمال لا يكون البعث الواقعي باعثاً ومحرّكاً، وبدون الباعثيّـة لا يمكن أن يكون منجّزاً، ومع عدم التنجّز لا وجـه لاستحقاق العقوبـة على مخالفتـه، وهذا بلا فرق بين كون المكلّف قادراً على الفحص وعدمـه.
ويرد عليـه أوّلا: النقض بما إذا قامت الحجّـة المعتبرة من قبل المولى على ثبوت التكليف وفرض عدم إفادتها الظنّ، بل كان التكليف مع قيام الأمارة أيضاً مشكوكاً أو مظنون الخلاف، فإنّـه يجري فيـه هذا الإشكال، ومقتضاه حينئذ عدم ثبوت العقاب على مخالفتـه على تقدير ثبوتـه في الواقع، مع أنّـه واضح البطلان، وإلاّ يلزم لغويّـة اعتبار الأمارة، كما هو واضح، مضافاً إلى أنّـه لا يلتزم بـه المستشكل أيضاً.
وثانياً: الحلّ بأنّـه لا نسلّم أن يكون المنجّزيّـة متفرّعـة على الباعثيّـة، لأنّ المنجّزيـة الراجعـة إلى صحّـة عقوبـة المولى على المخالفـة والعصيان حكم عقلي، وقد عرفت أنّ العقل يحكم بعدم المعذوريّـة وبصحّـة العقوبـة لو بيّن المولى التكليف بنحو المتعارف، بحيث كان العبد متمكّناً من الاطّلاع عليـه بالمراجعـة إلى مظانّ ثبوتـه ولم يراجع، فخالف اعتماداً على البراءة كما عرفت في مثال المكتوب الواصل من المولى إلى العبد ويحتمل اشتمالـه على بعض التكاليف، والظاهر أنّ هذا من الوضوح بمكان، فلا موقع لهذا الإشكال.
ثمّ إنّـه قد يقرّر وجوب الفحص بوجـه آخر ، ومحصّلـه: أنّ ارتكاب التحريم قبل الفحص والمراجعـة إلى مظانّ ثبوتـه ظلم على المولى، والظلم خصوصاً
(الصفحة 308)

على المولى قبيح محرّم، فلو اقتحم في المشتبـه قبل الفحص يستحقّ العقوبـة لأجل الظلم على المولى، كما أنّـه في موارد التجرّي يستحقّ العقوبـة عليـه وإن كان لا يستحقّ العقوبـة على مخالفـة الواقع في المقامين.
ويرد عليـه: أنّ تحقّق عنوان الظلم في المقام ليس إلاّ من جهـة احتمال حصول المخالفـة بالاقتحام في المشتبـه، ضرورة أنّـه مع العلم بعدم وجود التكليف في البين لا يكون مجرّد ترك الفحص من مصاديق ذلك العنوان، فترك الفحص وارتكاب محتمل التحريم إنّما يكون ظلماً لأجل احتمال تحقّق المخالفـة التي هي قبيحـة موجبـة لاستحقاق العقوبـة.
وحينئذ نقول: بعد جريان حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ولو قبل ترك الفحص ـ كما هو المفروض ـ لا يبقى مجال لاحتمال تحقّق المخالفـة القبيحـة أصلا ومع انتفاء هذا الاحتمال يخرج المقام عن تحت عنوان الظلم على المولى، كما هو واضح.
ومن هنا يظهر الفرق بين المقام وبين مسألـة التجرّي: فإنّ الموضوع للحكم بالقبح والحرمـة هناك على تقدير ثبوتـه إنّما هو نفس عنوان التجرّي، الراجع إلى الطغيان على المولى والخروج عن رسم الرقيّـة والعبوديّـة، وهذا لا يتوقّف تحقّقـه على ثبوت التكليف، بل يصدق على كلا التقديرين، بخلاف المقام. فإنّ تحقّق عنوان الظلم يتوقّف على عدم حكم العقل بقبح العقاب ولو قبل الفحص، والمفروض حكمـه بذلك مطلقاً، فتدبّر، هذا.
وقد يقرّر حكم العقل بوجوب الفحص بوجـه ثالث وهو: أنّ كلّ من التفت إلى المبدء والشريعـة يعلم إجمالا بثبوت أحكام فيها، ومقتضى العلم الإجمالي هو الفحص عن تلك الأحكام.

(الصفحة 309)

ولا يخفى ضعف هذا الوجـه، لأنّ الكلام إنّما هو في شرائط جريان أصل البراءة بعد كون المورد المفروض مجرى لها، وقد عرفت أنّ مجريها هو الشكّ في أصل التكليف وعدم العلم بـه لا إجمالا ولا تفصيلا. فلو فرض ثبوت العلم الإجمالي يخرج المورد عن مجريها، فالتمسّك لاعتبار وجوب الفحص في جريانها بالعلم الإجمالي لا يبقى لـه موقع أصلا، كما هو أظهر من أن يخفى. ولكن حيث إنّـه وقع مورداً للنقض والإبرام بين الأعلام فلا مانع من التعرّض لحالـه بما يسعـه المقام، فنقول:
قد نوقش في الاستدلال بالعلم الإجمالي لوجوب الفحص تارةً: بأنّـه أخصّ من المدّعى، لأنّ المدّعى هو وجوب الفحص والاستعلام في كلّ مسألـة تعمّ بها البلوى، وهذا الاستدلال إنّما يوجب الفحص قبل استعلام جملـة من الأحكام بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيـه، لانحلال العلم الإجمالي بذلك.
واُخرى: بأنّـه أعمّ من المدّعى، لأنّ المدّعي هو الفحص عن الأحكام في خصوص ما بأيدينا من الكتب، والمعلوم بالإجمال معنى أعمّ من ذلك، لأنّ متعلّق العلم هي الأحكام الثابتـة في الشريعـة واقعاً، لا خصوص ما بأيدينا، والفحص فيما بأيدينا من الكتب لا يرفع أثر العلم الإجمالي، بل العلم باق على حالـه ولو بعد الفحص التامّ عمّا بأيدينا، هذا.
وأجاب المحقّق النائيني (قدس سره) ـ على ما في التقريرات ـ عن المناقشـة الاُولى بأنّ استعلام مقدار من الأحكام يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها لا يوجب انحلال العلم الإجمالي، لأنّ متعلّق العلم تارة: يتردّد من أوّل الأمر بين الأقلّ والأكثر، كما لو علم بأنّ في هذا القطيع من الغنم موطوء وتردّد بين كونـه عشرة أو