جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 24)

لا يكون عباديّاً، بل هو كسائر الأوامر التوصليّـة، ولكن لو تعلّق النذر بما يكون عبادة كنذر صلاة الليل يكتسب الأمر بالوفاء بالنذر العباديّـة من الأمر بصلاة الليل، كما أنّ الأمر بصلاة الليل يكتسب الوجوب من الأمر بالوفاء.
والسرّ أنّ النذر إنّما يتعلّق بذات صلاة الليل، لا بها بما أنّها مستحبّـة، وإلاّ كان النذر باطلا; لعدم القدرة على وفائـه، فإنّها تصير بالنذر واجبـة، فلابدّ وأن يتعلّق النذر بذات صلاة الليل، والأمر الاستحبابي أيضاً تعلّق بها لا بوصف كونها مستحبّـة، كما هو واضح، فيكون كلّ من الأمر الاستحبابي والأمر بالوفاء بالنذر قـد تعلّق بذات صلاة الليل، ولمكان اتحاد متعلّقهما يكتسب كـلّ منهما مـن الآخر ما كان فاقداً لـه، هذا إذا اتّحد متعلّق الأمرين.
وأمّا إذا لم يتّحد فلا يكاد يمكن أن يكتسب أحـد الأمرين العباديّـة مع كونـه فاقداً لها من الآخر الواجد لها، كالأمر بالوفاء بالإجارة إذا كان متعلّق الإجارة أمراً عباديّاً، كما لو اُوجر الشخص على الصلاة الواجبـة أو المستحبّـة على الغير، فإنّ الأجير إنّما يستأجر لتفريغ ذمّـة الغير، فالإجارة إنّما تـتعلّق بما في ذمّـة المنوب عنـه، ومـا في ذمّـة المنوب عنـه إنّما هـي الصلاة الواجبـة أو المستحبّـة بوصف كونها واجبـة أو مستحبّـة، فمتعلّق الإجارة إنّما تكون الصلاة بقيد كونها مستحبّـة على المنوب عنـه، لا بذات الصلاة بما هي هي، ومتعلّق الأمـر الاستحبابي إنّما هـو نفس الصلاة، فلا يتّحد الأمـر الاستحبابي مع الأمـر الإجاري.
وكيف كـان: فقد عرفت أنّ الأمـر العبادي إمّا أن يكون بنفسـه عبادة، وإمّا أن يكتسب العباديّـة من أمر آخر، والأوامر المتعلّقـة بالاحتياط فاقدة لكلتا
(الصفحة 25)

الجهتين، أمّا الجهـة الاُولى فواضح، وأمّا الجهـة الثانيـة فلأنّ الأمر بالاحتياط لم يتعلّق بذات العمل مرسلا عن قيد كونـه محتمل الوجوب، بل التقيـيد بذلك مأخوذ في موضوع أوامر الاحتياط، وإلاّ لم يكن من الاحتياط بشيء، بخلاف الأمر المتعلّق بالعمل المحتاط فيـه، فإنّـه على تقدير وجوده الواقعي إنّما تعلّق بذات العمل، فلم يتّحد متعلّق الأمرين حتّى يكتسب الأمر بالاحتياط العباديّـة من الأمر المتعلّق بالعمل لو فرض أنّـه كان ممّا تعلّق الأمر العبادي بـه، وقد عرفت أنّـه ما لم يتّحد متعلّق الأمر الغير العبادي مع متعلّق الأمر العبادي لا يمكن أن يصير الأمر الغير العبادي عبادياً(1)، انتهى ملخّصاً.
ولا يخفى ما فيـه ; فإنّ اكتساب الأمر الغير العبادي العباديّـة من الأمر العبادي نظراً إلى اتّحاد متعلّقهما ممّا لا نتصوّره بعد عدم إمكان اتّحاد متعلّق الأمرين، فإنّـه كيف يعقل تعلّق إرادتين مستقلّتين بأمر واحد وشيء فارد. ولذا لو تعلّق أمران بطبيعـة واحدة لابدّ من جعل الأمر الثاني تأكيداً للأمر الأوّل لو لم يكن المقصود الإتيان بفردين منها; لوضوح استحالـة أن يكون أمراً تأسيسيّاً ناشئاً من إرادة مستقلّـة، فاتّحاد متعلّق الأمرين ممّا لا يعقل. وعلى تقدير الإمكان فاكتساب الأمر الغير العبادي العباديّـة من الأمر الآخر العبادي ممّا لا وجـه لـه بعد كون كلّ من الأمرين لـه مبادئ مخصوصـة ومقدّمات خاصّـة بـه، فإنّ مجرّد اتّحاد المتعلّق لا يوجب سرايـة العباديّـة بعد عدم كون الأمر الناشئ من مقدّماتـه الخاصّـة بـه أمراً عباديّاً كان الغرض التعبّد والتقرّب بـه.

  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 403 ـ 406.

(الصفحة 26)

هذا مضافاً إلى أنّ المثال الذي ذكره لاتّحاد متعلّق الأمرين لا يكون من هذا الباب; فإنّ متعلّق الأمر النذري هو الوفاء بالنذر، ومتعلّق الأمر الاستحبابي الذي تعلّق بالمنذور هي صلاة الليل، ولا خفاء في كونهما متغايرين في عالم المفهوميـة الذي هو ظرف تعلّق الأمر وثبوتـه، ومجرّد اجتماعهما في الخارج بوجود واحد لا يوجب اتّحادهما مفهوماً وصيرورتهما عنواناً واحداً حتّى يصحّ القول باتحاد متعلّقهما، كما حقّقنا ذلك في محلّـه.
فالتحقيق: أنّ صلاة الليل إنّما تكون مستحبّـة ولو بعد تعلّق النذر، والوفاء بالنذر يكون واجباً مطلقاً، وبعد تغاير المتعلّقين لا يعقل سرايـة الوجوب من الثاني إلى الأوّل، وكذا سرايـة العباديّـة من الأوّل إلى الثاني، فافهم واغتنم.

تصحيح الاحتياط في العبادات بأخبار من بلغ

ثمّ إنّـه يؤيّد ما ذكرنا من إمكان الاحتياط في العبادات في الشبهات البدويّـة، بل يدلّ عليـه أخبار من بلغ(1); فإنّها بصدد بيان أنّ العمل المأتي بـه برجاء إدراك الواقع إذا لم يكن مصادفاً لـه ولم يقلـه رسولاللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يترتّب عليـه الثواب ويعطى عليـه تفضّلا وعنايـة، وظاهرها أنّـه لو صادف الواقع وكان ممّا قالـه رسولاللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)لكان الآتي بـه مدركاً للواقع حقيقـة ومستوجباً للثواب المترتّب عليـه، فلو كان العمل المأتي بـه باحتمال الأمر لغواً أو تشريعاً محرّماً لما كان وجـه لترتّب الثواب عليـه وإدراك الواقع، كما هو واضح.

  • 1 ـ راجع وسائل الشيعـة 1: 80، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمـة العبادات، الباب18.

(الصفحة 27)

مفاد أخبار من بلغ

وإذا انتهى الكلام إلى ذكر أخبار من بلغ فينبغي التعرّض لبيان مفادها، فنقول: ذكر المحقّق الخراساني (قدس سره) في الكفايـة: أنّـه لا يبعد أن يقال بدلالـة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليـه الثواب، فإنّ صحيحـة هشام بن سالم المحكيّـة عن المحاسن عن أبيعبداللّه (عليه السلام) قال: «من بلغـه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء من الثواب فعملـه كان أجر ذلك لـه وإن كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقلـه»(1)ظاهرة في أنّ الأجر كان مترتّباً على نفس العمل الذي بلغـه عنـه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّـه ذو ثواب، وكون العمل متفرّعاً على البلوغ وكونـه الداعي إلى العمل غير موجب لأن يكون الثواب مترتّباً عليـه فيما إذا أتى برجاء أنّـه مأمور بـه وبعنوان الاحتياط بداهـة أنّ الداعي إلى العمل لا يوجب لـه وجهاً وعنواناً يؤتى بـه بذلك الوجـه والعنوان، وإتيان العمل بداعي طلب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قيّد بـه في بعض الأخبار وإن كان انقياداً، إلاّ أنّ الثواب في الصحيحـة إنّما رتّب على نفس العمل، ولا موجب لتقيـيدها بـه، لعدم المنافاة بينهما(2)، انتهى.
وأفاد المحقّق النائيني على ما في تقريرات بحثـه ما ملخّصـه: إنّ الوجوه المحتملـة في هذه الأخبار من حيث الدلالـة ثلاثـة:
أحدها: أن يكون مفادها مجرّد الإخبار عن فضل اللّه سبحانـه من غير نظر
  • 1 ـ المحاسن: 25 / 2، وسائل الشيعـة 1: 81، كتاب الطهارة، أبواب مقدّمـة العبادات، الباب18، الحديث3.
  • 2 ـ كفايـة الاُصول: 401

(الصفحة 28)

إلى حال العمل وأنّـه على أيّ وجـه يقع. وبعبارة اُخرى: أنّها ناظرة إلى العمل بعد وقوعـه وأنّ اللّه تعالى حسب فضلـه ورحمتـه يعطي الثواب الذي بلغ العامل وإن تخلّف قول المبلّغ عن الواقع.
ثانيها: أن تكون الجملـة الخبريّـة بمعنى الإنشاء، ويكون مفاد قولـه (عليه السلام): «فعملـه» أو «ففعلـه» الأمر بالفعل والعمل، كما هو الشأن في غالب الجمل الخبريّـة الواردة في بيان الأحكام، سواء كانت بصيغـة الماضي كقولـه (عليه السلام): «من سرّح لحيتـه فلـه كذا»(1)، أو بصيغـة المضارع كقولـه: «يسجد سجدتي السهو»(2)، وعليـه فمقتضى إطلاق البلوغ القول باستحباب العمل مطلقاً، سواء كان قول المبلّغ واجداً لشرائط الحجّيـة أو لم يكن، وهذا ـ أي كون الجملـة الخبريّـة بمعنى الإنشاء وأنّها في مقام بيان استحباب العمل ـ يمكن أن يكون على أحد وجهين:
أحدهما: أن تكون القضيّـة مسوقـة لبيان اعتبار قـول المبلغ وحجّيتـه، سواء كان واجداً لشرائط الحجّيـة أو لم يكن، كما هو ظاهـر الإطلاق، فيكون مفاد الأخبار مسألـة اُصوليّـة مرجعها إلى حجّيـة الخبر الضعيف في باب المستحبّات. ففي الحقيقـة تكون أخبار مـن بلغ مخصّصـة لما دلّ على اعتبار الوثاقـة أو العدالـة في الخبر وأنّها تختص بالخبر القائم على وجوب الشيء،
  • 1 ـ هذا نصّ الروايـة: عن أبيعبداللّه (عليه السلام)، قال: «من سرّح لحيتـه سبعين مرّة وعدّها مرّة مرّة لميقربـه الشيطان أربعين يوماً». الكافي 6: 489 / 10، وسائل الشيعـة 2: 126، كتاب الطهارة، أبواب آداب الحمام، الباب76، الحديث1.
  • 2 ـ تهذيب الأحكام 2: 354 / 1466، وسائل الشيعـة 8: 203، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب3، الحديث14.