جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 303)

نعم قد يستدلّ بالإجماع على ذلك، كما ادّعاه السيّد الرضي(1) على بطلان صلاة من صلّى ولا يعلم أحكامها، كما أنّـه قد اُدّعي الإجماع على بطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد والأخذ بالاحتياط، ولكن كلّ ذلك ممّا لم يثبت.
نعم القدر المتيقّن أنّـه يعتبر في صحّـة العبادة أن لا يكون الداعي لها أمراً دنيوياً بل أمراً مرتبطاً باللّه جلّ شأنـه، والزائد على ذلك مشكوك مورد لجريان البراءة على ما عرفت سابقاً(2) من أنّ مقتضى التحقيق هو جريان البراءة في الأقلّ والأكثر.
والفرق بين نيّـة الوجـه وبين سائر الشروط من حيث جريان البراءة كما ذكره الشيخ في الرسالـة(3) ممّا لا يتمّ. كما أنّ دعوى كون المقام من صغريات مسألـة التعيـين والتخيـير لا مسألـة الأقلّ والأكثر ممنوعـة جدّاً.
وبالجملـة: فالظاهر صحّـة عبادة المحتاط، هذا كلّـه في الإشكال في الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي.
وأمّا الإشكال الراجع إلى الاحتياط فيما إذا كان على خلافـه حجّـة شرعيّـة، فهو ما ذكره المحقّق النائيني على ما في التقريرات، ومحصّلـه: أنّـه يعتبر في حسن الاحتياط إذا كان على خلافـه حجّـة شرعيّـة أن يعمل المكلّف أوّلا بمؤدّى الحجّـة، ثمّ يعقّبـه بالعمل على خلاف ما اقتضتـه الحجّـة إحرازاً للواقع، وليس للمكلّف أن يعمل بالعكس إلاّ إذا لم يستلزم الاحتياط استئناف
  • 1 ـ اُنظر ذكرى الشيعـة 4: 325، فرائد الاُصول 2: 508.
  • 2 ـ تقدّم في الصفحـة 176 و 195.
  • 3 ـ فرائد الاُصول 2: 507.

(الصفحة 304)

جملـة العمل وتكراره. والسرّ في ذلك أنّ معنى اعتبار الطريق إلقاء احتمال مخالفتـه للواقع عملا وعدم الاعتناء بـه، والعمل أوّلا برعايـة احتمال مخالفـة الطريق للواقع ينافي إلقاء احتمال الخلاف، فإنّ ذلك عين الاعتناء باحتمال الخلاف، وهذا بخلاف ما إذا قدّم العمل بمؤدّى الطريق، فإنّـه حيث قد أدّى المكلّف ما هو الوظيفـة وعمل بما يقتضيـه الطريق فالعقل يستقلّ بحسن الاحتياط لرعايـة إصابـة الواقع، هذا مضافاً إلى أنّـه يعتبر في حسن الطاعـة الاحتماليّـة عدم التمكّن من الطاعـة التفصيليّـة، وبعد قيام الطريق المعتبر يكون المكلّف متمكّناً من الامتثال التفصيلي بمؤدّى الطريق، فلا يحسن منـه الامتثال الاحتمالي(1)، انتهى.
ويرد عليـه أوّلا: أنّ معنى حجّيـة الأمارة واعتبارها ليس إلاّ مجرّد وجوب العمل على طبقها وترتيب آثار الواقع عليها في مقام العمل، وأمّا دلالـة دليل الحجّيـة على لزوم إلقاء احتمال الخلاف فلم نعرف لها وجهاً. وبالجملـة: فحجّيـة الأمارة معناها مجرّد عدم جواز ترك العمل بها وهذا لا ينافي الإتيان على طبق الاحتمال المخالف من باب الاحتياط، كما هو واضح.
وثانياً: أنّ تقدّم رتبـة الامتثال التفصيلي على الامتثال الاحتمالي ممنوع، بل الظاهر كونهما في عرض واحد ورتبـة واحدة، فمع التمكّن مع تحصيل العلم يجوز لـه الاقتصار على الامتثال الاحتمالي. والسرّ أنّـه لا يعتبر في تحقّق الإطاعـة أزيد من الإتيان بالمأمور بـه مع جميع القيود المعتبرة فيـه ولو بداعي احتمال الأمر، ولا فرق بينهما في نظر العقل أصلا.

  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 265.

(الصفحة 305)

فانقدح من جميع ما ذكرنا: أنّـه لا يعتبر في حسن الاحتياط شيء زائد على تحقّق موضوعـه وهو احتمال التكليف. هذا كلّـه في الاحتياط.

اعتبار الفحص في جريان البراءة

وأمّا أصالـة البراءة فيعتبر في جريانها في الشبهات الحكميـة الفحص. والكلام فيـه تارة: يقع في أصل اعتبار الفحص ووجوبـه، واُخرى: في مقداره، وثالثـة: فيما يترتّب على العمل بالبراءة قبل الفحص من التبعـة والأحكام.
أمّا الكلام في أصل اعتبار الفحص ووجوبـه فقد يقع في البراءة العقليّـة وقد يقع في البراءة الشرعيّـة.

ادلّـة وجوب الفحص

أمّا البراءة العقليّـة التي مدركها قبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان فلا إشكال في اعتبار الفحص فيها، لأنّها متفرّعـة على عدم البيان، والمراد بـه وإن كان هو البيان الواصل إلى المكلّف جزماً، إلاّ أنّ مناط الوصول ليس هو أن يُعلم المولى كلّ واحد من المكلّفين بحيث يسمعـه كلّ واحد منهم، بل وصولـه يختلف حسب اختلاف الموالي والعبيد.
فالمولى المقنّن للقوانين العامّـة الثابتـة على جميع المكلّفين يكون إيصالـه للأحكام من الأوامر والنواهي إنّما هو بإرسال الرسل وإنزال الكتب ثمّ الأحاديث المرويّـة عن أنبيائـه وأوصيائهم المحفوظـة في الكتب التي بأيدي المكلّفين، بحيث يتمكّن كـلّ واحـد منهم مـن المراجعـة إليها والاطّلاع على
(الصفحة 306)

أحكام اللّه جلّ شأنـه. وحينئذ: فالملاك في تحقّق البيان الذي لا يقبح العقاب والمؤاخذة معـه هو أنّ أمر اللّه تعالى رسولـه بتبليغـه وقـد بلّغـه الرسول على نحو المتعارف وصار مضبوطاً في الكتب المعدّة لـه، ومـع فقدان أحـد هـذه الشروط يصدق عدم البيان ويقبح العقاب معـه. وحينئذ فمع احتمال المكلّف ثبوت التكليف المبيّن الـواصل بحيث لـو فحص لظفـر بـه لا يجـوز الاعتماد على البراءة التي مدركها قبح العقاب بلا بيان، كما أنّ العبد العرفي لو وصل إليـه مكتوب من ناحيـة مولاه واحتمل أن يكون المكتوب متضمّناً لبعض التكاليف لا يجـوز لـه القعود عنـه بعد عـدم المراجعـة إليـه استناداً إلـى أنّ المولى لم يبيّن حكمـه، ولا يكون مثل هـذا العبد معذوراً عند العقلاء جـزماً، كما هـو غير خفي.
ثمّ إنّـه قد يستشكل في وجوب الفحص وعدم جريان البراءة قبلـه بأنّ الحكم ما لم يتّصف بوصف المعلوميّـة لا يكون باعثاً ومحرِّكاً، ضرورة أنّ البعث بوجوده الواقعي لا يصلح للمحرّكيـة، وإلاّ لكان اللازم تحقّق الانبعاث بالنسبـة إلى الجاهل بـه المعتقد عدمـه، بل قد عرفت سابقاً(1) أنّـه لا يعقل أن يكون الانبعاث مسبّباً عـن البعث الواقعي، بل الانبعاث دائماً مسبّب عـن البعث بوجوده العلمي الذي هي الصورة الذهنيـة الكاشفـة عنـه، والأوامـر إنّما تتّصف بالباعثيّـة والمحرّكيـة بالعرض، كما أنّ اتّصافها بوصف المعلوميـة أيضاً كذلك، ضرورة أنّ المعلوم بالـذات، إنّما هـي نفس الصورة الحاضـرة عند النفس، كما حقّق في محلّـه.

  • 1 ـ تقدّم في الصفحـة 298.

(الصفحة 307)

وبالجملـة: فالبعث الواقعي لا يكون باعثاً ما لم يصر مكشوفاً، والكاشف عنـه إنّما هو العلم ونحوه. وأمّا الاحتمال فلا يعقل أن يكون كاشفاً، وإلاّ لكان اللازم أن يكشف عن طرفي الوجود والعدم، كما هو واضح. فمع الاحتمال لا يكون البعث الواقعي باعثاً ومحرّكاً، وبدون الباعثيّـة لا يمكن أن يكون منجّزاً، ومع عدم التنجّز لا وجـه لاستحقاق العقوبـة على مخالفتـه، وهذا بلا فرق بين كون المكلّف قادراً على الفحص وعدمـه.
ويرد عليـه أوّلا: النقض بما إذا قامت الحجّـة المعتبرة من قبل المولى على ثبوت التكليف وفرض عدم إفادتها الظنّ، بل كان التكليف مع قيام الأمارة أيضاً مشكوكاً أو مظنون الخلاف، فإنّـه يجري فيـه هذا الإشكال، ومقتضاه حينئذ عدم ثبوت العقاب على مخالفتـه على تقدير ثبوتـه في الواقع، مع أنّـه واضح البطلان، وإلاّ يلزم لغويّـة اعتبار الأمارة، كما هو واضح، مضافاً إلى أنّـه لا يلتزم بـه المستشكل أيضاً.
وثانياً: الحلّ بأنّـه لا نسلّم أن يكون المنجّزيّـة متفرّعـة على الباعثيّـة، لأنّ المنجّزيـة الراجعـة إلى صحّـة عقوبـة المولى على المخالفـة والعصيان حكم عقلي، وقد عرفت أنّ العقل يحكم بعدم المعذوريّـة وبصحّـة العقوبـة لو بيّن المولى التكليف بنحو المتعارف، بحيث كان العبد متمكّناً من الاطّلاع عليـه بالمراجعـة إلى مظانّ ثبوتـه ولم يراجع، فخالف اعتماداً على البراءة كما عرفت في مثال المكتوب الواصل من المولى إلى العبد ويحتمل اشتمالـه على بعض التكاليف، والظاهر أنّ هذا من الوضوح بمكان، فلا موقع لهذا الإشكال.
ثمّ إنّـه قد يقرّر وجوب الفحص بوجـه آخر ، ومحصّلـه: أنّ ارتكاب التحريم قبل الفحص والمراجعـة إلى مظانّ ثبوتـه ظلم على المولى، والظلم خصوصاً