جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 35)

لانقص فيـه; لأنّـه ليس عليـه إلاّ بيان الكبريات، والمفروض العلم بها.
ولكنّ الحقّ هو جريان البراءة; لأنّـه وإن لم يكن على المولى إلاّ بيان الكبريات، إلاّ أنّ العلم بها لا يكون بمجرّده حجّـة على العبد بالنسبـة إلى الفرد المشكوك.
وتوضيح جريان البراءة في مثل المقام ممّا كـان الحكم متعلّقاً بالطبيعـة على نحـو العامّ الاستغراقي أن يقال: إنّ مثل كلمـة «كـلّ» المأخـوذ في الموضوع إنّما يكون عنواناً إجماليّاً مشيراً إلى جميع أفراد مدخولـه، فهو بمنزلـة ما لو تعرّض لذكر جميعها واحداً بعد واحد، ولا يكون الغرض تحصيل هـذا العنوان بحيث يكون المطلوب هو إكرام كلّ عالم بهذا العنوان الإجمالي، بل الغرض إنّما هـو إكرام كلّ فـرد على سبيل الاستقلال، وحينئذ فلو شكّ في فرد أنّـه عالم أم لا فمرجعـه إلى الشكّ في تعلّق الوجوب بإكرامـه، وهو مجرى البراءة. وهذا بخلاف ما لو كان الحكم متعلّقاً بالطبيعـة على نحو العامّ المجموعي; فإنّ المطلوب فيها هو إكرام المجموع بما هو مجموع، ولذا لا يكون لـه إلاّ إطاعـة واحدة وعصيان واحد، فإذا شكّ في أنّ هذا الفرد عامّ أم لا، فلايجوز إجراء البراءة; لأنّ مع إجرائها يشكّ في حصول غرض المولى وسقوط الأمر، وسيأتي توضيحـه.
وبالجملـة: بعدما عرفت من أنّ الأمر في العامّ الاستغراقي ينحلّ إلى أوامر متعدّدة، لعدم كون عنوان الكلّ المأخوذ في الموضوع مقصوداً بذاتـه لا يبقى إشكال في جريان البراءة في الشبهات الموضوعيـة.
إن قلت: بناء على ما ذكر ـ من عدم كون العلم بالكبرى بمجرّده حجّـة ما لمينضمّ إليـه العلم بالصغرى ـ لا يبقى مجال للقول بعدم جواز التمسّك بالعامّ في
(الصفحة 36)

الشبهـة المصداقيّـة للمخصّص; لوضوح أنّـه بعد ما لم يكن المخصّص حجّـة بالنسبـة إليـه فلم لا يجـوز التمسّك بالعـامّ بعـد كونـه حجّـة بالنسبـة إلـى الأفراد المعلومـة التي تكون الشبهـة المصـداقيّـة للمخصص مـن جملتها قطعـاً، كما لا يخفى؟
قلت: الوجـه في ذلك هو أنّ التمسّك بالعامّ وحجّيتـه يتوقّف على اُصول عقلائيـة التي من جملتها أصالـة تطابق الإرادة الاستعماليـة مع الإرادة الجدّيـة.
ومن الواضح أنّ هذا الأصل العقلائي ما لم يكن العامّ مخصّصاً قطعاً أو احتمالا يكون متّبعاً بالنسبـة إلى جميع أفراد العامّ، وأمّا بعد عروض التخصيص قطعاً فلا محالـة يكون مقصوراً بغير مورد الخاصّ.
وبعبارة اُخرى: التخصيص وإن لم يكن موجباً لتعنون العامّ بعنوان غير الخاصّ حتّى تكون الشبهـة المصداقيّـة للمخصّص شبهـة مصداقيّـة للعامّ أيضاً، إلاّ أنّـه يوجب قصر مورد قاعدة التطابق على غير مورد الخاصّ. وحينئذ فبعد عدم جواز التمسّك بالخاصّ لا يجوز التمسّك بالعامّ أيضاً، لأنّـه وإن كان بعمومـه يشمل الفرد المشكوك، إلاّ أنّـه بالمقدار الذي يجوز التمسّك بـه ويكون حجّـة، لا يعلم شمولـه فلايكون حجّـة.
ولبعض المحقّقين من المعاصرين وجـه آخر في تقريب جريان البراءة فيها، قال على ما في تقريرات بحثـه ما حاصلـه: إنّ الخطاب كما لا يمكن أن يكون فعليّاً إلاّ بعد وجود المكلّف، كذلك لا يمكن أن يكون فعليّاً إلاّ بعد وجود الموضوع، والسرّ في ذلك أنّ التكاليف الشرعيّـة إنّما تكون على نهج القضايا الحقيقيـة التي تنحلّ إلى قضيـة شرطيّـة مقدّمها وجود الموضوع وتاليها عنوان المحمول، فلابدّ من فرض وجود الموضوع في ترتّب المحمول، فمع الشكّ في
(الصفحة 37)

وجوده يشكّ في فعليّتـه، ومع الشكّ فيها يكون المرجع هي البراءة(1).
هذا، ولكن ما أفاده من أنّ القضايا الحقيقيـة تنحلّ إلى القضايا الشرطيـة في غير محلّـه، لأنّ القضايا الحقيقيـة قضايا بتيّـة، كالقضايا الخارجيـة، بلا فرق بينهما من هذه الجهـة أصلا.
غايـة الأمر أنّ الحكم في القضايا الحقيقيـة إنّما يكون على الطبيعـة بوجودها الساري أعمّ من الأفراد المحقّقـة والمقدّرة، وفي القضايا الخارجيّـة يكون مقصوراً على خصوص الأفراد الموجودة.
وبالجملـة فقولنا: كلّ نار حارّة، يكون الحكم بالحرارة فيـه حكماً بتّياً ثابتاً لجميع أفراد طبيعـة النار، ولا يكون حكماً مشروطاً بوجوده، كيف ولو كان الحكم في مثلـه مشروطاً بوجود الموضوع لكان اللازم في مثل ما إذا كان المحمول من لوازم ماهيّـة الموضوع، كقولنا: الأربعـة زوج أن يكون ترتّب الزوجيـة على الأربعـة مشروطاً بوجودها، مع أنّ المفروض كونها من لوازم الماهيّـة التي مرجعها إلى ثبوتها لنفس الماهيّـة مع قطع النظر عن الوجودين، بحيث لو فرض لها تقرّر وثبوت في غير عالم الوجودين لكانت تلزمها.
وبالجملـة: فمعنى القضيّـة الشرطيـة هو كون الشرط فيها دخيلا في ثبوت المحمول وترتّبـه على الموضوع، مـع أنّ القضايا الحقيقيـة لا يكون كلّها كـذلك كما عرفت.
فالحقّ أنّ القضايا الحقيقيـة قضايا بتّيـة غير مشروطـة، ولذا جعلها المنطقيون من الحمليّات التي تكون قسيماً للشرطيّات.

  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3: 393.

(الصفحة 38)

نعم لا شبهـة في أنّ الحكم ما لم يتحقّق موضوعـه لا يثبت، وليس ذلك لاشتراطـه بوجود الموضوع، بل لأنّ الموضوع ما لم يوجد لا يكون موضوعاً، فإنّ النار ما لم تـتحقّق في الخارج لا تكون ناراً، والحكم بالحرارة معلّق على النار وحينئذ فمع الشكّ في وجود الموضوع لا يكون الحكم مترتّباً ولا يكون حجّـة على العبد، لأنّ العلم بالكبرى بمجرّده لا يكون حجّـة ما لم ينضمّ إليـه العلم بالصغرى كما عرفت، لا لأجل الشكّ في وجود الشرط المستلزم للشكّ في المشروط وهو فعليّـة الحكم.
وكيف كان: فالتحقيق في تقريب جريان البراءة في الشبهات الموضوعيـة ما ذكرنا.
هذا كلّـه فيما لو كان متعلّق الحكم مأخوذاً بنحو العامّ الاستغراقي.

حكم ما لو تعلّق الأمر أو النهي بالطبيعة على نحو العامّ المجموعي

وأمّا لو كان مأخوذاً بنحو العامّ المجموعي فقد يقال كما قيل: إنّ جريان البراءة في الشبهات الموضوعيّـة فيـه مبني على جريان البراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيـين، لأنّـه أيضاً من مصاديق تلك المسألـة.
ولكن لا يخفى أنّـه لو قلنا بالجريان في تلك المسألـة فلا يلازم القول بالجريان في المقام; لأنّ مع الشكّ في كون فرد عالماً مثلا وعدم إكرامـه يشكّ في تحقّق العنوان الذي اُخذ موضوعاً للحكم ويجب على المكلّف تحصيلـه وهو إكرام المجموع بما هو مجموع، ومن الواضح لزوم تحصيل هذا العنوان.
وهذا بخلاف ما لو شكّ في لزوم السورة في الصلاة مثلا، فإنّـه يعلم مع
(الصفحة 39)

كونها فاقـدة للسورة بصدق عنوانها، وإلاّ فلو كان الجـزء المشكوك بحيث يشكّ في تحقّق عنوان الصلاة مع فقدانـه فلا مجال لجريان البراءة أصلا، كما هو واضح لا يخفى.
هذا في ناحيـة الأمر، وأمّا لو كان العامّ المجموعي متعلّقاً للنهي فالظاهر جواز ارتكاب الفرد الذي يشكّ في تحقّق المجموع بـه، لأنّ حقيقـة النهي عبارة عن الزجر عن المنهي عنـه، ومع ارتكابـه لا يعلم بتحقّق المنهي عنـه في الخارج وليس النهي كالأمر، فإنّ معناه هو الطلب، ولابدّ من تحصيل مطلوب المولى بعد العلم بالطلب، وحينئذ فلو شكّ في تحقّق المجموع بإكرام غير الفرد المشكوك فمقتضى الاشتغال اليقيني هو تحصيل البراءة اليقينيّـة بإكرام الفرد المشكوك أيضاً، وهذا بخلاف النهي، فإنّـه زجر عن إكرام مجموع الفسّاق مثلا في المقام ومع ارتكاب إكرام الفرد الذي يشكّ في تحقّق المجموع بـه لا يعلم بتحقّق المنهي عنـه حتّى يكون مزجوراً عنـه، كما هو واضح.
نعم لو كان النهي عبارة عن طلب الترك فلابدّ حينئذ أيضاً من تحصيل مطلوب المولى وهو ترك المجموع، فلا يجوز ارتكاب إكرام الفرد الذي يشكّ في تحقّق المجموع بـه، لأنّـه لا يعلم مع ارتكابـه بحصول المطلوب، كما لايخفى.
ومن هنا يعلم أنّ ما أفاده في الكفايـة من أنّـه لو كان النهي عن شيء في زمان أو مكان بحيث لو وجد في ذاك الزمان أو المكان ولو دفعـة لما امتثل أصلا كان اللازم على المكلف إحراز أنّـه تركـه بالمرّة ولو بالأصل، فلا يجوز الإتيان بشيء يشكّ معـه في تركـه(1).

  • 1 ـ كفايـة الاُصول: 402.