جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 454)

وأنت خبير بعدم سلامـة جميع المقدّمات لو سلم بعضها، فلك أن تمنع كون التفقّـه غايـة النفر بأن يقال: إنّ قولـه: (وَمَا كَانَ المُؤمِنُون لِيَنفِرُوا كَافَّةً )يحتمل أن يكون إخباراً في مقام الإنشاء، أي ليس لهم النفر العمومي، كما ورد أنّ القوم كانوا ينفرون كافّـة للجهاد وبقي رسولاللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده، فورد النهي عن النفر العمومي والأمر بنفر طائفـة للجهاد.
فحينئذ لا يكون التفقّـه غايـة للنفر إذا كان التفقـه لغير النافرين; أي الباقين. لكن الإنصاف أنّ ذلك خلاف ظاهرها، بل ظاهرها أنّ المؤمنين بحسب اشتغالهم باُمور المعاش ونظم الدنيا ما كانوا لينفروا جميعاً، أي النفر العمومي ليس ميسوراً لهم، ولولا نفر من كلّ فرقـة طائفـة منهم للتفقّـه؟ ولا إشكال في أنّ الظاهر منـه مع قطع النظر عن قول المفسّرين هو كون التفقّـه غايـة لـه.
وأمّا كون الإنذار من سنخ ما يتفقّـه فيـه; أي بيان الأحكام بنحو الإنذار فليست الآيـة ظاهرة فيـه، بل الظاهر منها أنّ غايـة النفر أمران:
أحدهما: التفقّـه في الدين وفهم الأحكام الدينيّـة.
والآخر: إنذار القوم وموعظتهم. فيكون المراد: يجب على الفقيـه إنذار القوم وإيجاد الخوف من بأس اللّه في قلوبهم، فإذا خافوا يحكم عقلهم بوجوب تحصيل المؤمِّن، فلا محيص لهم إلاّ العلم بالأحكام مقدّمـة للعمل بها، وأمّا وجوب العمل بقول المنذر فلا تدّل الآيـة عليـه.
ودعوى أنّ الإنذار لابدّ وأن يكون من جنس ما يتفقّـه فيـه، وإلاّ فأيّـة مناسبـة للفقيـه معـه، ممنوعـة، لأنّ الإنذار مناسب للفقيـه، لأنّـه يعلم حدوده وكيفيّتـه وشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أنّ لكلامـه تأثيراً في القوم ما لا يكون لكلام غيره، لعلوّ مقامـه وعظم شأنـه لديهم، وأمّا التفقّـه في
(الصفحة 455)

الدين فهو أعمّ من الاُصول والفروع، فلا وجـه لاختصاصـه بالثاني، والأخبار الواردة في تفسيرها تدلّ على تعميمـه. فحينئذ لا يمكن أن يقال بوجوب قبول قولـه تعبّداً، لعدم جريانـه في الاُصول.
اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ إطلاقها على فرضـه يقتضي قبول قول الغير في الاُصول والفروع ويقيّد إطلاقها عقلا في الاُصول وتبقى الفروع.
وأمّا كون المنذر ـ بالكسر ـ كلّ واحد من الطائفـة فلا إشكال في ظهور الآيـة فيـه، لكنّ الظاهر منها أنّ كل واحد من المنذرين يجب عليـه إنذار القوم جميعاً، ومعـه لا تدلّ الآيـة على وجوب القبول من كلّ واحد منهم، فإنّـه بإنذار كلّ واحد منهم قومهم ربّما يحصل لهم العلم.
وأمّا كون التحذّر بمعنى التحذّر العملي أي قبول قول الغير والعمل بـه فهو خلاف ظاهرها، بل التحذّر إمّا بمعنى الخوف، وإمّا بمعنى الاحتراز وهو الترك عن خوف، والظاهر أنّـه بمعنى الخوف الحاصل عن إنذار المنذرين، وهو أمر غير اختياري لا يمكن أن يتعلّق بعنوانـه الأمر، نعم يمكن تحصيلـه بمقدّمات اختياريّـة كالحبّ والبغض وأمثالهما، هذا كلّـه مع أنّـه لا إطلاق للآيـة، ضرورة أنّها بصدد بيان كيفيّـة النفر وأنّـه إذن لا يمكن للناس نفر عمومي، فلِمَ لا ينفر طائفـة منهم، فإنّـه ميسور لهم؟!
وبالجملـة: لا يجوز للناس سدّ باب التفقّـه والتعلّم بعذر الاشتغال باُمور الدنيا; فإنّ أمر الدين كسائر اُمورهم يمكن قيام طائفـة بـه، فلابدّ من التفقّـه والإنذار، وأمّا وجوب قبول السامع بمجرّد السماع فلا إطلاق للآيـة يدلّ عليـه، فضلا عن إطلاقها لحال التعارض.
والإنصاف: أنّ الآيـة أجنبيّـة عن حجّيـة قول المفتي، كما أنّها أجنبيّـة عن
(الصفحة 456)

حجّيـة قول المخبر، بل مفادها ـ والعلم عند اللّه ـ أنّـه يجب على طائفـة من كلّ فرقـة أن يتفقّهوا في الدين ويرجعوا إلى قومهم وينذروهم بالمواعظ والإنذارات والبيانات الموجبـة لحصول الخوف في قلوبهم لعلّهم يحذرون، ويحصل في قلوبهم الخوف قهراً، فإذا حصل الخوف في قلوبهم يدور رحى الديانـة ويقوم الناس بأمرها قهراً لسوقهم عقلهم نحو القيام بالوظائف.
هذا حالها مع قطع النظر عن الروايات الواردة في تفسيرها، ومع النظر إليها أيضاً لا تدلّ على المطلوب.
لأنّ منها: ما تدلّ على أنّ الإمام إذا مات لم يكن للناس عذر في عدم معرفـة الإمام الذي بعده، أمّا من في البلد فلرفع حجّتـه، وأمّا غير الحاضر فعليـه النفر إذا بلغـه(1).
ومنها: ما دلّ على أنّ تكليف الناس بعد الإمام الطلب وأنّ النافرين في عذر ماداموا في الطلب، والمنتظرين في عذر حتّى يرجع إليهم أصحابهم(2). ومعلوم أنّ قول النافرين بمجرّده ليس بحجّـة في باب الإمامـة.
ومنها: ما وردت في علّـة الحجّ، وفيها: «ولأجل ما فيـه من التفقّـه ونقل أخبار الأئمّـة إلى كلّ صقع وناحيـة»(3).
ومنها: ما دلّ على أنّـه تعالى أمرهم أن ينفروا إلى رسولاللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)
  • 1 ـ راجع الكافي 1: 378 / 2 و3.
  • 2 ـ راجع الكافي 1: 378 / 1.
  • 3 ـ راجع وسائل الشيعـة 27: 96، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب8، الحديث65.

(الصفحة 457)

فيتعلّموا، ثمّ يرجعوا إليهم فيعلّموهم، وهو معنى قولـه (صلى الله عليه وآله وسلم): «اختلاف اُمّتي رحمـة»(1). وهذه الطائفـة أيضاً لا تدلّ على وجوب القبول بمجرّد السماع فضلا عن حال التعارض، هذا حال الآيات الشريفـة والآيات الاُخرى التي استدلّ بها أضعف دلالـة منها.

الثاني : الأخبار التي استدلّ بها على حجّية قول المفضول

وأمّا الأخبار فمنها: ما عن تفسير الإمام (عليه السلام) في ذيل قولـه تعالى: (وَمِنهُم أُمِّيُّونَ لا يَعلَمُونَ الكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيَّ وَإِن هُم إِلاّ يَظُنُّونَ )(2) والحديث طويل وفيـه: «وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسـه، حافظاً لدينـه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه»(3).
دلّ بإطلاقـه على جواز تقليد المفضول إذا وجد فيـه الشرائط ولو مع وجود الأفضل أو مخالفتـه لـه في الرأي.
لكنّـه ـ مع ضعف سنده وإمكان أن يقال إنّـه في مقام بيان حكم آخر، فلا إطلاق لـه لحال وجود الأفضل فضلا عن صورة العلم بمخالفـة رأيـه رأي الأفضل مخدوش من حيث الدلالـة، لأنّ صدره في بيان تقليد عوام اليهود من
  • 1 ـ راجع وسائل الشيعـة 27: 140، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب11، الحديث10.
  • 2 ـ البقرة (2): 78.
  • 3 ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 299، وسائل الشيعـة 27: 131، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب10، الحديث20.

(الصفحة 458)

علمائهم في الاُصول، حيث قال: (وَإِن هُم إِلاّ يَظُنُّونَ ) ما تقول رؤساؤهم من تكذيب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) في نبوّتـه وإمامـة علي سيّد عترتـه، وهم يقلّدونهم مع أنّـه محرّم عليهم تقليدهم».
ثمّ بعدما سأل الرجل عن الفرق بين عوامنا وعوامهم حيث كانوا مقلّدين؟ أجاب بما حاصلـه: إنّ عوامهم مع علمهم بفسق علمائهم وكذبهم وأكلهم الحرام والرشا وتغيـيرهم أحكام اللّه يقلّدونهم، مع أنّ عقلهم يمنعهم عنـه، ولو كان عوامهم [عوامنا] كذلك لكانوا مثلهم ثمّ قال: «وأمّا من كان من الفقهاء...» إلى آخره.
فيظهر منـه أنّ الذمّ لم يكن متوجّهاً إلى تقليدهم في اُصول العقائد كالنبوّة والإمامـة، بل متوجّـه إلى تقليد فسّاق العلماء، وأنّ عوامنا لو قلّدوا علمائهم فيما قلَّد اليهود علمائهم لابأس بـه إذا كانوا صائنين لأنفسهم حافظين لدينهم... إلى آخره. فإخراج الاُصول منـه إخراج للمورد وهو مستهجن.
فلابدّ من توجيـه الروايـة بوجـه أو ردّ علمها إلى أهلها. وأمّا حملها على حصول العلم من قول العلماء للعوام لحسن ظنّهم بـه وعدم انقداح خلاف الواقع من قولهم، بل يكون قول العلماء لديهم صراح الواقع وعين الحقيقـة، فبعيد بل غير ممكن، لتصريحها بأنّهم لم يكونوا إلاّ ظانّين بقول رؤسائهم وأنّ عقلهم كان يحكم بعدم جواز تقليد الفاسق، مع أنّـه لو حصل العلم من قولهم لليهود لم يتوجّـه إليهم ذمّ بل لم يسمّ ذلك تقليداً.
وبالجملـة: سوق الروايـة إنّما هو في التقليد الظنّي الذي يمكن ردع قسم منـه والأمر بالعمل بقسم منـه، والالتزام بجواز التقليد في الاُصول أو في بعضها كما ترى، فالروايـة مع ضعفها سنداً واغتشاشها متناً لا تصلح للحجّيـة، ولكن