جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 483)

والحاصل: أنّ جواز الاتّكال على الأمارات العقلائيّـة موقوف على إمضاء الشارع لفظاً أو كشفـه عن عدم الردع، وليس ما يدلّ لفظاً عليـه، والكشف عن عدم الردع موقوف على جري العقلاء عملا على طبق ارتكازهم، ومع عدمـه لا محلّ لردع الشارع ولا يكون سكوتـه كاشفاً عن رضاه.
فحينئذ نقول: لا إشكال في بناء العقلاء على العمل برأي الحي، ويمكن دعوى بنائهم على العمل بما أخذوا من الحي في زمان حياتـه ثمّ مات، ضرورة أنّ الجاهل بعد تعلّم ما يحتاج إليـه من الحي، يرى نفسـه عالماً، فلا داعي لـه من الرجوع إلى الآخر، بل يمكن إثبات ذلك من الروايات كروايـة علي بن المسيّب المتقدّمـة(1).
فإنّ إرجاعـه إلى زكريّا بن آدم ـ من غير ذكر حال حياتـه وأنّ ما يأخذه منـه في حال الحياة لا يجوز العمل بـه بعد موتـه، مع أنّ في ارتكازه وارتكاز كلّ عاقل عدم الفرق بينهما ـ دلالـة على جواز العمل بما تعلّم منـه مطلقاً، فإنّ كون شقّتـه بعيدة بحيث إنّـه بعد رجوعـه إلى شقّتـه كان يصير منقطعاً عن الإمام (عليه السلام)في مثل تلك الأزمنـة، كان يوجب عليـه بيان الاشتراط لو كانت الحياة شرطاً. واحتمال أنّ رجوع علي بن المسيّب إليـه كان في نقل الروايـة، يدفعـه ظهور الروايـة، ومثلها مكاتبـة أحمد بن حاتم وأخيـه(2).
وبالجملـة: إرجاع الأئمّـة (عليهم السلام) في الروايات الكثيرة، شيعتهم إلى العلماء عموماً وخصوصاً ـ مع خلوّها عن اشتراط الحياة ـ كاشف عن ارتضائهم بذلك.

  • 1 ـ تقدّمت في الصفحة 462.
  • 2 ـ تقدّمت في الصفحـة 461.

(الصفحة 484)

نعم لا يكشف عن الأخذ الابتدائي بفتوى الميّت، فإنّ الدواعي منصرفـة عن الرجوع إلى الميّت مع وجود الحي، ولم يكن في تلك الأزمنـة تدوين الكتب الفتوائيـة متعارفاً، حتّى يقال: إنّهم كانوا يراجعون الكتب، فإنّ الكتب الموجودة في تلك الأزمنـة كانت منحصرة بكتب الأحاديث، ثمّ بعد أزمنـة متطاولـة صار بنائهم على تدوين كتب بنحو متون الأخبار ككتب الصدوقين ومن في طبقتهما أو قريب العصر بهما، ثمّ بعد مرور الأزمنـة جرت عادتهم على تدوين الكتب التفريعيّـة والاستدلاليّـة، فلم يكن الأخذ من الأموات ابتداءً ممكناً في الصدر الأوّل ولا متعارفاً أصلا.
نعم من أخذ فتوى حي في زمان حياتـه، فقد كان يعمل بـه على الظاهر; ضرورة عدم الفرق في ارتكازه بين الحي والميّت، ولم يرد ردع عن ارتكازهم وبنائهم العملي، بل إطلاق الأدلّـة يقتضي الجواز أيضاً.
فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّـه لو كان مبنى جواز البقاء على تقليد الميّت هو بناء العقلاء، فلابدّ من التفصيل بين ما إذا أخذ فتوى الميّت في زمان حياتـه وغيره، والإنصاف: أنّ جواز البقاء على فتوى الميّت بعد الأخذ منـه في الجملـة هو الأقوى، وأمّا الأخذ الابتدائي ففيـه إشكال، بل الأقوى عدم جوازه.
وأمّا التمسّك بالأدلّـة اللفظيـة كالكتاب والسنّـة فقد عرفت في المبحث السالف عدم دلالتهما على تأسيس حكم شرعي في هذا الباب فراجع.

(الصفحة 485)

فصل
في تبدّل الاجتهاد


إذا اضمحلّ الاجتهاد السابق وتبدّل رأي المجتهد فلا يخلو إمّـا أن يتبدّل مـن القطع إلى القطع أو إلـى الظـنّ المعتبر، أو مـن الظـنّ المعتبر إلى القطع أو إلى الظنّ المعتبر.

حال الفتوى المستندة إلى القطع

فإن تبدّل مـن القطع إلى غيره فلا مجـال للقول بالإجـزاء; ضرورة أنّ الواقع لا يتغيّر عمّا هو عليـه بحسب العلم والجهل، فإذا قطع بعدم كون السورة جزءً للصلاة، ثمّ قطع بجزئيتها أو قامت الأمـارة عليها، أو تبدّل قطعـه، يتبيّن لـه في الحال الثاني وجداناً أو تعبّداً عدم كون المأتي بـه مصـداقاً للمأمـور بـه، ومعـه لا وجـه للإجزاء. ولا يتعلّق بالقطـع جعل حتّى يتكلّم في دلالـة دليلـه على إجزائـه عن الواقع أو بدليّتـه عنـه، وإنّما هو عذر في صورة ترك المأمور بـه، فإذا ارتفـع العـذر يجب عليـه الإتيان بالمأمـور بـه في الوقت وخـارجـه إن كان لـه القضاء.

(الصفحة 486)

حال الفتوى المستندة إلى الأمارات

وإن تبدّل من الظنّ المعتبر فإن كان مستنده الأمارات كخبر الثقـة وغيره، فكذلك إذا كانت الأمارة عقلائيّـة أمضاها الشارع، ضرورة أنّ العقلاء إنّما يعملون على ما عندهم كخبر الثقـة والظواهر بما أنّها كاشفـة عن الواقع وطريق إليـه ومن حيث عدم اعتنائهم باحتمال الخلاف، وإمضاء الشارع هذه الطريقـة لا يدلّ على رفع اليد عن الواقعيّات، وتبديل المصاديق الأوّليـة بالمصاديق الثانويّـة أو جعل المصاديق الناقصـة منزلـة التامّـة.
وربّما يقال: إنّ الشارع إذا أمـر بطبيعـة كالصلاة، ثمّ أمـر بالعمل بقول الثقـة أو أجاز المأمور بالعمل بـه، يكون لازمـه الأمر أو الإجازة بإتيان المأمور بـه على طبق ما أدّى إليـه قول الثقـة، ولازم ذلك هو الإجزاء، ففي مثل قولـه: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ )(1) يكون أمر بصلاتين إلى غسق الليل لا غير، فإذا أمر بالعمل على قول الثقـة فقد أمر بإتيان المأمور بـه بالكيفيـة التي أدّى إليها الأمارة، فلا محالـة يكون المأتي بـه مصداقاً للمأمور بـه عنده، وإلاّ لمّا أمر بإتيانـه كذلك فلا محيص عن الإجزاء، لتحقّق مصداق المأمور بـه وسقوط الأمر.
ولكنّك خبير بأنّ إمضاء طريقـة العقلاء ليس إلاّ لأجل تحصيل الواقعيّات، لمطابقـة الأمارات العقلائيـة نوعاً للواقع، وضعف احتمال تخلّفها عنـه، وفي مثل ذلك لا وجـه لسقوط الأمر إذا تخلّف عن الواقع، كما أنّ الأمر كذلك عند العقلاء،
  • 1 ـ الإسراء (17): 78.

(الصفحة 487)

والفرض أنّ الشارع لم يأمر تأسيساً. بل وكذا الحال لو أمر الشارع على أمارة تأسيساً وكان لسان الدليل هو التحفّظ على الواقع، فإنّ العرف لا يفهم منـه إلاّ تحصيل الواقع لا تبديلـه بمؤدّى الأمارة.
وأنت إذا راجعت الأدلّـة المستدلّ بها على حجّيـة خبر الثقـة، لترى أنّ مفادها ليس إلاّ إيجاب العمل بـه لأجل الوصول إلى الواقعيات، كالآيات على فرض دلالتها وكالروايات، فإنّها تنادي بأعلى صوتها بأنّ إيجاب العمل على قول الثقـة إنّما هو لكونـه ثقـة وغير كاذب وأنّـه موصل إلى الواقع، وفي مثلـه لا يفهم العرف أنّ الشارع يتصرّف في الواقعيّات على نحو أداء الأمارة.
هذا مع أنّ احتمال التأسيس في باب الأمارات العقلائيـة مجرّد فرض، وإلاّ فالناظر فيها يقطع بأنّ الشارع لم يكن في مقام تأسيس وتحكيم، بل في مقام إرشاد وإمضاء ما لدى العقلاء، والضرورة قاضيـة بأنّ العقلاء لا يعملون على طبقها إلاّ لتحصيل الواقع، وحديث تبديل الواقع بما يكون مؤدّى الأمارة ممّا لا أصل لـه في طريقتهم، فالقول بالإجزاء فيها ضعيف غايتـه.
وأضعف منـه التفصيل بين تبدّل الاجتهاد الأوّل بالقطع فلا يجزي، وبين تبدّلـه باجتهاد آخر فيجزي، بدعوى عدم الفرق بين الاجتهادين الظنّيـين وعدم ترجيح الثاني حتّى يبطل الأوّل، وذلك لأنّ تبدّل الاجتهاد لا يمكن إلاّ مع اضمحلال الاجتهاد الأوّل بالعثور على دليل أقوى أو بالتخطئـة للاجتهاد الأوّل، ومعـه لا وجـه لاعتباره فضلا عن مصادمتـه للثاني.
هذا حـال الفتوى المستند إلى الأمارات.