جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة المیاه
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 49)

مسألة 8 ـ الماء الجاري وهو النابع السائل لا ينجس بملاقاة النجس كثيراً كان أو قليلاً; ويلحق به النابع الواقف كبض العيون وكذلك البئر على الأقوى، فلا ينجس المياه المزبورة إلاّ بالتغيّر كما مرّ1.

1 ـ الكلام في هذه المسألة يقع في مقامات:

المقام الأوّل: في تحقيق موضوع الماء الجاري وبيان حقيقته، وقد عرفه جماعة من الأصحاب بل قيل إنّه المشهور بينهم بأنّه هو النابع السائل على الأرض ولو في الباطن سيلاناً معتدّاً به، وقد صرّح بذلك في كلام صاحب الجواهر(قدس سره) ويظهر من الشيخ الأعظم في طهارته. وقد يفسّر ـ كما عن المسالك ـ بأنّه هو النابع غير البئر سواء كان جارياً على الأرض أم لم يكن كذلك، وتسميته ـ حينئذ ـ جارياً امّا حقيقة عرفية خاصة أو من باب التغليب لتحقّق الجريان في كثير من أفراده، وعليه فمثل العيون التي لا تدخل تحت عنوان «البئر» ولم يكن مائه جارياً على الأرض فعلاً يكون من الجاري.

أقول: لا إشكال في عدم إطلاق الماء الجاري على الماء الخارج من مثل الابريق اتفاقاً، نعم يقال: الماء جار منه باعتبار معناه الحدثي ولا يقال: الماء الجاري، وهذا يدلّ على عدم كون هذا المشتق تابعاً لفعله في الإطلاق، بل يعتبر فيه خصوصية زائدة كإطلاق التاجر ـ مثلاً ـ فإنّه لا يقال على من صدرت منه التجارة دفعة أو دفعتين من دون أن يتّخذها حرفة وصنعة انّه تاجر بل يعتبر في صدقه اشتغاله بالتجارة بحيث صارت حرفة له.

وبالجملة: المشتقات على قسمين: قسم يصحّ إطلاقه بمجرّد تحقّق مبدئه وحدوثه من الفاعل كالضارب والقاتل ونحوهما، وقسم لا يكفي مجرّد حدوث المبدأ وصدوره في صحّة جريه وإطلاقه كمثال التاجر، والظاهر انّ عنوان

(الصفحة 50)

«الجاري» من هذا القبيل إذ يصحّ ـ كما عرفت ـ أن يقال: جرى الماء من الابريق والميزاب ولا يصحّ أن يقال: إنّه الماء الجاري كما يظهر بمراجعة العرف.

نعم بين المقام ومثال التاجر فرق وهو أنّ التاجر ليس له إلاّ إطلاق واحد ولا يستعمل إلاّ بنحو فارد، وامّا المقام فله استعمالان نظراً إلى أنّ الماء السائل من الميزان كما انّه ليس من الماء الجاري على ما عرفت كذلك يصحّ أن يوصف بالجريان ويحكم عليه بحكم مثل أن يقال: الماء الجاري من الميزاب كثير ـ مثلاً ـ فالماء الجاري من الميزان كما انّه يطلق عليه عنوان «الجاري» كذلك ليس من الماء الجاري وهذا يشعر بل يدلّ على الفرق بين ما إذا كان بنحو التوصيف وما إذا كان بنحو الاسمية والعلمية وإن كان الاتصاف مرعياً في جانب العلمية أيضاً إلاّ انّه فرق بين الإطلاقين.

وـ حينئذ ـ فهل يعتبر في صدقه النبوع من الأرض والسيلان بالفعل كما عرفت انّه المصرّح به في الجواهر، أو يعتبر أن يكون له مادّة مع الجريان سواء كانت مادّته تحت الأرض كالعيون أو فوق الأرض كالماء الجاري على الأرض المنهدر من الجبال الحاصل من ذوبان الثلج عليها، أو يعتبر فيه النبع من الأرض سواء كان جارياً على الأرض أم لم يكن كذلك كما عرفت من المسالك بل يظهر من بعضهم انّه المشهور بينهم؟

ويمكن أن يورد على الأوّل بأنّ مادّة الجريان لم يؤخذ فيها النبوع كما يظهر بمراجعة اللغة وقد عرفت انّه يقال: جرى الماء من الابريق أو الماء الجاري منه بنحو التوصيف وهذا بمكان من الوضوح و ـ حينئذ ـ فإن كان إطلاق الجاري من قبيل إطلاق التاجر بحيث لم يعتبر فيه اشتغاله بالتجارة فعلاً بل يكفي في صدقه اتخاذه صنعة وحرفة فاللاّزم عدم اعتبار التلبّس بالمبدأ في معنى الجاري وـ حينئذ ـ فلا

(الصفحة 51)

وجه لإضافة قيد السيلان بالفعل واعتباره في تحقّقه بل لابدّ من الالتزام بكفاية ملكة الجريان في صدقه وإن لم يكن جارياً بالفعل كما انّه يطلق التاجر على التاجر المحبوس غير المشتغل بالتجارة في برهة من الزمان.

وبالجملة فلفظ «الجاري» امّا أن يكون تابعاً لفعله في الصدق، وامّا أن يكون من قبيل التاجر، فعلى الأوّل لا مجال لأخذ قيد النبوع من الأرض فيه كما انّه على الثاني لا وجه لاعتبار الجريان بالفعل في صدقه وتحقّقه فالجمع بين الأمرين ممّا لا يساعده اللغة اللهمّ إلاّ أن يقال بموافقة العرف معه.

و ـ حينئذ ـ فلا وجه لما يظهر من بعض الكلمات من دلالة اللغة والعرف على هذا المعنى، وكان صاحب الجواهر(قدس سره) تفطّن لعدم كون اللغة مساعدة على هذا المعنى ولأجله ادّعى كونه هو المتبادر عند العرف ويثبت به اللغة. ولا محيص عن ذلك بعد ملاحظة ما ذكرنا من الاسمية والعلمية فإنّها لا محالة ترتبط بالعرف وتصير حقيقة عرفية كما عرفت في كلام المسالك.

وكيف كان فالظاهر في معنى الجاري اعتبار أن يكون له مادّة تحت الأرض فالماء الجاري من مادّة حاصلة على الأرض كالثلج على الجبال لا يقال له انّه الماء الجاري كما يظهر بمراجعة العرف، ولا يبعد القول بعدم لزوم الجريان على وجه الأرض بالفعل بل يكفي كونه قابلاً ومستعدّاً للجريان بحيث لو لم يمنع عنه مانع يكون كسائر المياه الجارية على وجه الأرض، ومقتضى ذلك كون ماء البئر ماءً جارياً أيضاً ولعلّ استثناء صاحب المسالك (قدس سره) إنّما هو لأجل عدم مساعدة العرف عليه.

وقد ادّعى جامع المقاصد ـ في المحكي عنه ـ الاتفاق ممّن عدا ابن أبي عقيل على أنّ الجاري لا عن نبع من أقسام الراكد يعتبر فيه الكرية ولكنّه ربّما يقال بأنّ

(الصفحة 52)

البداهة والوجدان تحكمان بأنّ مثل دجلة والفرات من أقسام الماء الجاري مع أنّ منشأهما ذ وبان ثلوج الجبال، وعليه فيمكن أن يكون مراده من النبع هو المادّة الموجبة لدوام الجريان في مقابل مثل الساعة واليوم سواء كانت تحت الأرض أم على الجبال ولكن هذا الاحتمال خلاف ظاهر لفظ «النبع» كما لا يخفى.

وحكم البداهة والوجدان بذلك ممنوع والإطلاق إنّما هو بالمعنى اللغوي الذي عرفت انّه بملاحظته لا مانع من الإطلاق على ماء الميزاب والابريق، نعم نفس الفرق بين المادّة الواقعة تحت الأرض والمادّة الواقعة فوقها خصوصاً بعد ملاحظة انّ الأولى إنّما تتحقّق غالباً وتنشأ من الثانية مشكلة جدّاً فالإنصاف مع ذلك جعل الثانية من مصاديق الماء الجاري، كما أنّ مجرّد قابلية الجريان والاستعداد له من دون الفعلية لا يكفي في الصدق، وعليه فاستثناء البئر يكون من قبيل الاستثناء المنقطع ويتعيّن الاحتمال الثاني من الاحتمالات المتقدّمة فتدبّر جيّداً.

ثمّ إنّه هل يعتبر في النبع من الأرض أن يكون على وجه يخرج الماء دفعة، أو يكفي أن يكون خروجه بنحو الرشح؟ الظاهر هو الثاني خصوصاً بعد ملاحظة انّ الغالب في أكثر البلاد هو الرشح لأنّ الغالب اجتماع الماء في الأمكنة المنخفضة والترشح من عروق الأرض تدريجاً ومنه ظهر انّه لا يعتبر أن يكون خارجاً من عين بمعنى أن يكون له منبع تحت الأرض يخرج منه الماء، بل يكفي الخروج من تحت الأرض ولو لم يكن له منبع بأن كان ذلك لتبدّل الأبخرة بالماء تدريجاً وخروجه منه وذلك ظاهر لمن راجع العرف وإن كان الظاهر من كلمات بعض اللغويين اعتبار الخروج من العين في تحقّق النبع، نعم ما ذكرناه من كفاية خروج الماء بنحو الرشح إنّما هو فيما إذا كان الماء المجتمع من الرشحات متّصلاً بها، وعليه فالماء الجاري على وجه الأرض الحاصل من رشحات واقعة فوق الجبال بأن كان الماء مترشّحاً على

(الصفحة 53)

مكان من فوقها ثمّ يصير مجتمعاً في ذلك المكان الأسفل ثمّ يجري على وجه الأرض لا يكون ماءً جارياً قطعاً وإن لم نعتبر فيه خصوص المادّة الأرضية.

والعجب من بعض الأعلام حيث استدلّ لعدم اعتبار كون الجريان بنحو الدفع والفوران بإطلاق صحيح ابن بزيع باعتبار التعليل بأنّ له مادّة نظراً إلى تحققها في الرشح أيضاً مع أنّ التعليل فيه إنّما يجدي لتعميم الحكم بالاعتصام لكلّ ماء مشتمل على مادّة ولا دلالة له على صدق عنوان الماء الجاري أصلاً والكلام إنّما هو في موضوعه وما له أحكام مخصوصة لا تجري لا تجري في سائر المياه المعتصمة، كما أنّ لها أيضاً أحكاماً خاصة لا تجري في الماء الجاري.

المقام الثاني: في حكم الماء الجاري من جهة الاعتصام وعدمه وهو ـ أي الاعتصام ـ فيما إذا كان الماء الجاري كرّاً موضع وفاق، وفي القليل منه يظهر الخلاف من العلاّمة(قدس سره) حيث ذهب إلى أنّه لا فرق بين القليل من الجاري والقليل من غيره ونسب ذلك إلى الشهيد الثاني أيضاً وما يستفاد منه إطلاق الحكم وشموله لصورة القلّة أيضاً روايات:

منها: صحيحة حريز بن عبدالله عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب، فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا توضّأ منه ولا تشرب. فإنّها تدلّ بإطلاقها على جواز التوضّي والشرب من الماء الجاري فيما إذا غلب على ريح الجيفة ولو كان قليلاً غير بالغ حدّ الكرّ ودعوى عدم الشمول للماء الجاري باعتبار فرض وقوع الجيفة الظاهر في الماء الراكد واضحة المنع.

ومنها: رواية أبي خالد القماط أنّه سمع أبا عبدالله(عليه السلام) يقول في الماء يمرّ به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضّأ منه، وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّأ. ومورد