جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه158)

الشهرة الفتوائيّة

حجّيّة الشهرة الفتوائيّة

الشهرة في الاصطلاح على أقسام ثلاثة:

الأوّل ـ الشهرة الروائية: وهي اشتهار الحديث بين الرواة وأرباب الحديثبكثرة نقلها وتكرّرها في الجوامع الروائيّة، وهي التي عدّها المشهور منالمرجّحات السنديّة في باب التعارض، استدلالاً بمقبولة عمر بن حنظلة،ومرفوعة زرارة، وتمام الكلام في محلّه.

الثاني ـ الشهرة العمليّة: وهي اشتهار العمل بالرواية واستناد الأصحابإليها في مقام الفتوى، وهذه الشهرة هي الجابرة؛ لضعف الرواية ومصحّحةللعمل بها ولو كانت بحسب القواعد الرجالية في منتهى الضعف.

ومن الواضح أنّ النسبة بين الشهرة الروائيّة والشهرة العمليّة عموم منوجه؛ إذ ربّما تكون الرواية مشهورة بين الرواة ولكن لم يستندوا إليها في مقامالعمل؛ لصدورها في مقام التقيّة مثلاً، وربما ينعكس الأمر، وقد يجتمعان.

الثالث ـ الشهرة الفتوائيّة: وهي مجرّد اشتهار الفتوى في مسألة بين الفقهاءبلا استناد إلى رواية، سواء لم تكن في المسألة رواية أو كانت رواية علىخلاف الفتوى، أو كانت على وفقها ولكن لم يستند إليها، فهل تتّصف هذهالشهرة بالحجّية أم لا؟ قد يستدلّ على حجّيتها بوجوه:

منها: مقبولة عمر بن حنظلة حيث ورد فيها عن الإمام الصادق عليه‏السلام : «ينظر

(صفحه 159)

إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عندأصحابك، فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عندأصحابك، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه، وإنّما الاُمور ثلاثة: أمر بيّن رشدهفيتّبع، و أمرٌ بيّن غيّه فيجتنب، وأمرٌ مشكل يردّ حكمه إلى اللّه‏ وإلى رسولاللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ».(1)

والاستدلال بها يتوقّف على بيان مقدّمتين:

الاُولى: أنّ المراد من «المجمع عليه» ليس هو الإجماع الاصطلاحي ـ أعنياتّفاق الكلّ ـ حتّى تكون المقبولة أجنبيّة عن بحث الشهرة الفتوائيّة، بل المرادمنه هو المشهور، وذلك بقرينة قوله عليه‏السلام : «ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عندأصحابك».

الثانية: أنّ الذي يوصف بأنّه لا ريب فيه هو الخبر الذي عليه فتوىالمشهور، وأمّا نفس شهرة الخبر مجرّدة عن الفتوى فإنّه يورث الريب، بليوجب الاطمئنان بوجود خلل فيه، وإلاّ لعمل الأصحاب على طبقه.

والحاصل: أنّ اشتهار رواية بين الأصحاب بحسب الفتوى يوجب اتّصافهبأنّه لا ريب فيها، ومن هنا يتّضح أنّ المراد بالمجمع عليه الذي لا ريب فيه هوالخبر المشهور بين الأصحاب بحسب الفتوى، ولا شكّ أنّ ما يقابل المجمع عليهـ أي الشاذّ النادر ـ فهو ممّا لا ريب في بطلانه بقرينة المقابلة، فالمجمع عليهداخل في القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة، فيكون بيّناً رشده، والشاذّ النادريكون داخلاً في القسم الثاني فيكون بيّناً غيّه.

إذا عرفت هاتين المقدّمتين فنقول: إنّ الشهرة الفتوائيّة بين القدماء تندرجفي قوله عليه‏السلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»؛ لأنّ المتعارف لديهم كان نقل


  • (1) الوسائل 27: 106، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1.
(صفحه160)

الرواية في مقام الفتوى، فكانت متون الروايات فتاواهم، وقلنا: إنّ اشتهارالرواية بحسب الفتوى بين الأصحاب القدماء يجعل الرواية ممّا لاريب فيه،ويجب الأخذ بمفاده، ولايصحّ القول بورود المقبولة في الشهرة الروائيّة؛ إذيمكن أن تكون الرواية مشهورة بين الأصحاب من حيث النقل، ولكن بلحاظصدورها في مقام التقيّة ـ مثلاً ـ لا يكون مفادها قابلاً للأخذ، مع أنّ أمرالإمام عليه‏السلام بأخذ الحكم ومفاد الرواية المشهورة دليل على أنّ المراد منهالشهرة الفتوائيّة، فالرواية المشهورة بحسب الفتوى لاريب في أنّ مفادها نظرالمعصوم عليه‏السلام . هذا ما تدلّ عليه المقبولة سؤالاً وجواباً.

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ اشتمال ذيل المقبولة على السؤال والجواب الآخر ينفيهذا الاستدلال، وهو قوله: فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهمالثقات عنكم؟ قال عليه‏السلام : «ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالفالعامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة».(1)

توضيح ذلك: أنّ اتّصاف الروايتين المعروفتين بالشهرة ممّا يمكن أن يتحقّقكلتاهما معاً بنقل كثير من الأصحاب؛ إذ لا إشكال في نقل شخص واحدللروايتين المتعارضتين، وأمّا الشهرة الفتوائيّة فإن كانت بمعنى فتوى الأكثر فليمكن تحقّق الشهرتين المتعارضتين في مسألة واحدة، وإن كانت بمعناها اللغويـ أي الوضوح كقولنا: شهر فلان سيفه ـ فلا مانع أن تتحقّق في مسألة واحدةشهرتان متعارضتان، ولذا نرى في كلام الأعاظم التعبير بأنّ هذا مشهوروذاك أشهر.

وثانياً: سلّمنا أنّ التعليل في المقبولة يقول: فإنّ الرواية المشهورة من حيثالمفاد والفتوى لا ريب في أنّ مفادها نظر المعصوم عليه‏السلام ولكنّه لا يثبت المقصود،


  • (1) المصدر السابق.
(صفحه 161)

فإنّ محلّ البحث عبارة عن فتوى المشهور بدون الاستناد إلى آية وروايةودليل آخر، وحجّيّته لا تستفاد من المقبولة.

وجوابه: أوّلاً: أنّ تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلّيّة، فيكون تمام الملاكلوجوب الأخذ بالحكم ونفي الريب عنه وصف الشهرة، فلا دخل لوجودالموصوف ـ أي الرواية ـ وعدمه فيما نحن فيه.

وثانياً: أنّه يمكن إلغاء الخصوصيّة عن الرواية المشهورة في التعليل، فكما أنّالرواية المشهورة لا ريب فيها كذلك الفتوى المشهورة لا ريب فيها.

ولكنّ التحقيق: أنّ إلغاء الخصوصيّة أمر عرفي يحتاج إلى الإثبات، وهوليس بمعلوم فيما نحن فيه، فلا يستفاد من المقبولة نفي الخصوصيّة عن الرواية،كما أنّ الإشعار بالعلّيّة ليس بدليلٍ قابلٍ للاطمئنان كما لا يخفى.

ومع ذلك يمكن استفادة الحجّيّة للشهرة الفتوائيّة بين القدماء من المقبولةبلحاظ الخصوصيّة الموجودة في فتاواهم، وهي أنّ المتعارف لديهم كان نقلالرواية في مقام الفتوى، فكانت فتاواهم عبارة عن نقل متون الرواياتبالألفاظ والتعابير المأثورة وحذف الأسناد، ونرى هذا الأمر في جميع كتبهمشائعاً قبل كتاب المبسوط للشيخ الطوسي قدس‏سره فإذا كانت الفتوى مشهورة فيكتب القدماء تكون بمنزلة الرواية المشهورة، فلا محالة تكون حجّة باستنادالمقبولة، وأمّا حجّيّة الفتوى المشهورة بين المتأخّرين فلا تستفاد منها.

ولقائل أن يقول: إنّه يصحّ استفادة حجّيّة الشهرة الفتوائيّة بين المتأخّرينأيضاً من المقبولة، بأنّ قوله عليه‏السلام : «فإنّ المجمع عليه لاريب فيه» يكون بمنزلةالكبرى الكلّيّة، فدليل أمر الإمام عليه‏السلام بأخذ الرواية المشهورة من حيث المفاد:أنّ كلّ مشهور لا ريب فيه، فكلّ ما اتّصف بالشهرة فهو ممّا لا ريب فيه،سواء كانت رواية أو فتوى، وهذا نظير «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر».

(صفحه162)

وأجاب عنه المحقّق النائيني قدس‏سره (1) بأنّ هذا التعليل ليس من العلّة المنصوصةليكون من الكبرى الكلّيّة التي يتعدّى عن موردها؛ إذ لا يصحّ حمل قوله عليه‏السلام :«فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» على الشهرة الفتوائيّة بقول مطلق، بل لابدّ أنيكون المراد منه عدم الريب بالإضافة إلى ما يقابله، وهذا يوجب خروجالتعليل عن كونه كبرى كلّيّة؛ لأنّه يعتبر في الكبرى صحّة التكليف بها ابتداءًبلا ضمّ المورد إليها، كما في قوله: «الخمر حرام لأنّه مسكر»، فإنّه يصحّ أنيقال: «لا تشرب المسكر» بلا ضمّ الخمر إليه، والتعليل الوارد في المقبولة ليسكذلك؛ إذ لا يصحّ أن يقال: «يجب الأخذ بكلّ ما لا ريب فيه بالإضافة إلى ميقابله»، وإلاّ لزم الأخذ بكلّ راجح بالنسبة إلى غيره وبأقوى الشهرتينوبالظنّ المطلق وغير ذلك من التوالي الفاسدة التي لا يمكن الالتزام بها.

ولكنّه مدفوع بأنّ المراد من «لا ريب فيه» هو عدم الريب بقول مطلقولكن عرفاً لا عقلاً، ومن الواضح أنّ اشتهار الرواية بحسب الفتوى منمصاديق «ما لا ريب فيه» بحيث يعدّ الطرف الآخر شاذّاً لا يعتنى به عندالعرف والعقلاء، وهذا غير موجود في الموارد التي عدّها قدس‏سره مثل أقوىالشهرتين، فلا يصدق عرفاً على أقوى الشهرتين بأنّها لا ريب فيه بقولمطلق، بحيث يعدّ الطرف الآخر ـ أي الشهرة التي تقابلها ـ شاذّاً لا يعتنى بهعند العقلاء، فعموم التعليل تامّ لا إشكال فيه من هذه الناحية.

نعم، يصحّ الإشكال بأنّ كلمة «المجمع» في ابتداء المقبولة وفي التعليل تكونبمعنى واحد، أي الرواية المشهورة لا ريب فيها، فلا يمكن هنا استفادة حكمكلّي، ويكون التعليل بصورة الوصف والموصوف لا بصورة قضيّة حمليّة بحملالشائع الصناعي التي يكون الموضوع فيها من مصاديق المحمول مثل: «ل


  • (1) فوائد الاُصول 3: 154 ـ 155.