جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 377)

الأمر الرابع: في الشبهة الغير المحصورة

ولا بد قبل الورود في البحث من بيان مقدّمتين:

الاُولى: جعل البحث فيها فيما إذا كان الحكم الموجود بين الأطراف الغيرالمحصورة ثابتا من إطلاق أو عموم أو قيام أمارة؛ ضرورة أنّه لو كان معلومبالعلم الوجداني فقد عرفت في أوّل مبحث الاشتغال أنّه يحرم مخالفته، ويجبموافقته قطعا، ولا يعقل الترخيص ولو في بعض الأطراف؛ لعدم اجتماع الفعليّةعلى أيّ تقدير مع الإذن في البعض فضلاً عن الكلّ.

الثانية: تمحيض الكلام في خصوص الشبهة الغير المحصورة، وأنّ كثرةالأطراف بنفسها هل يوجب الاجتناب عن الجميع أم لا؟ مع قطع النظر عنالعسر أو الاضطرار أو عدم الابتلاء، فإنّ هذه الاُمور نافية للاحتياط حتّى فيالشبهة المحصورة.

فمحلّ النزاع في الشبهة الغير المحصورة هو أن كثرة الأطراف وكونهغيرمحصورة هل يوجب الاحتياط أم لا؟

وممّا ذكرنا يظهر أنّه لاوجه للتمسّك في المقام بالاضطرار أو العسر أو عدمالابتلاء، كما صنعه الشيخ في الرسائل(1)، وغيره في غيرها.

ثمّ إنّه تدلّ على عدم وجوب الاحتياط فيها وجوه:


  • (1) فرائد الاُصول 2: 430 ـ 431.
(صفحه378)

منها: دعوى الإجماع، بل الضرورة من غير واحد من الأعلام قدس‏سرهم (1).

وفيه: أوّلاً: أنّه لا حجّيّة لادّعاء الإجماع أو الضرورة بما هما إذا كانمنقولين، بل لا بدّ أن يصل كلّ واحد إليهما بنفسه.

وثانياً: أنّه يحتمل استناد الإجماع إلى أدلّة اُخرى كالرواية مثلاً، فلابدّ منالبحث في مستنده.

ومنها: الأخبار الكثيرة الدالّة على عدم وجوب الاحتياط في مطلقالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي أو خصوص الغير المحصورة منها، كصحيحةعبداللّه‏ بن سنان المتقدّمة عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام ، قال: «كلّ شيء فيه حلال وحرامفهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه».

وقد عرفت ظهورها في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي، وهي وإن كانتشاملة للمحصورة أيضا إلاّ أنّه لابدّ من تقييدها وحملها على غير المحصورة.

ودعوى أنّ ذلك حمل على الفرد النادر مدفوعة جدّا؛ لمنع كون الشبهةالغير المحصورة قليلة نادرة بالنسبة إلى المحصورة لو لم نقل بأنّها أكثر، كما يظهرلمن تدبّر في أحوال العرف.

ومنه يظهر الخلل فيما أفاده الشيخ الأنصاري في الرسائل في مقام الجوابعن الاستدلال بالأخبار الدالّة على حلّيّة كلّ مالم يعلم حرمته: من أنّ هذهالأخبار نصّ في الشبهة البدويّة، وأخبار الاجتناب نصّ في الشبهة المحصورة،وكلا الطرفين ظاهران في الشبهة الغير المحصورة، فإخراجها عن أحدهموإدخالها في الآخر ليس جمعا، بل ترجيحا بلا مرجّح(2).

وجه الخلل: ما عرفت من ظهور مثل الصحيحة في خصوص الشبهة


  • (1) جامع المقاصد 2: 166، روض الجنان: 224، السطر 21، الفوائد الحائريّة: 247.
  • (2) فرائد الاُصول 2: 432.
(صفحه 379)

المقرونة بالعلم الإجمالي؛ لأنّ الشيء الذي فيه حلال بالفعل وحرام بالفعل هوعبارة عن المختلط بهما مثل مجموع الإنائين أو المايعين، والشبهة البدويّةلاتكون كذلك.

وحينئذ فبعد إخراج الشبهة المحصورة ـ لحكم العقلاء باستلزام الإذن فيالارتكاب فيها للإذن في المعصية، وهو مضافا إلى قبحه غيرمعقول كمعرفت ـ تبقى الشبهة الغير المحصورة باقية تحتها.

هذا، مضافا إلى أنّه لو سلّمنا الشمول للشبهة البدويّة فكونها نصّا فيهوظاهرة في الشبهة الغير المحصورة محلّ نظر، بل منع، كما لا يخفى، فالاستدلالبها صحيح.

ويدلّ على ما ذكرنا أيضا ما رواه البرقي في محكي المحاسن عن أبيالجارود، قال: سألت أباجعفر عليه‏السلام عن الجبن، فقلت: أخبرني من رأى أنه يجعلفيه الميتة، فقال: «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرّم جميع ما فيالأرض؟! إذا علمت أنّه ميتة فلا تأكله، وما لم تعلم فاشتر وبع وكل، واللّه‏، إنّيلأعترض السوق فأشتري اللحم والسمن والجبن، واللّه‏، ما أظنّ كلّهم يسمّون،هذه البربر وهذه السودان»(1).

فإنّه لو أغمض النظر عن المناقشة في السند وكذا في المضمون من جهةصدورها تقيّة ـ لما عرفت سابقا من عدم حرمة الجبن الذي علم تفصيلبوضع الأنفحة من الميتة فيه عند علمائنا الإماميّة قدس‏سرهم ، خلافا للعامة، والروايةمقرّرة لهذا الحكم ـ تكون دلالتها على عدم وجوب الاجتناب في الشبهة الغيرالمحصورة واضحة.

وما ادّعاه الشيخ رحمه‏الله في الرسائل من أنّ المراد أنّ جعل الميتة في الجبن في


  • (1) الوسائل 25: 119، الباب 61 من أبواب أطعمة المباحة، الحديث 5.
(صفحه380)

مكان واحد لايوجب الاجتناب عن جبن غيره من الأماكن، ولا كلام فيذلك، لا أنّه لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن يحتمل أن يكون من ذلكالمكان، فلا دخل له بالمدّعى(1).

فيه نظر واضح؛ لأنّ الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الجبن في مكان معالعلم بعدم كونه من الأمكنة التي توضع فيه الميتة في الجبن ممّا لاينبغي أنيصدر من الإمام عليه‏السلام ولا أن يقع موردا للشكّ، كما هو واضح.

بل الظاهر أنّ المراد أنّ مجرّد احتمال كون الجبن موضوعا فيه الميتة وأنّه منالجبن المنقولة من الأمكنة التي توضع فيها الميتة في الجبن لايوجب الاجتنابعن كلّ جبن، وهذا هو المطلوب في باب الشبهة الغير المحصورة، كما أنّقوله عليه‏السلام : «ما أظنّ كلّهم يسمّون» ظاهر في أنّ العلم بعدم تسمية جماعة حينالذبح ـ كالبربر والسودان ـ لايوجب الاجتناب عن جميع اللحوم.

ودعوى أنّ المراد منه عدم وجوب الظنّ أو القطع بالحلّيّة، بل يكفي أخذهمن سوق المسليمن ـ كما في الرسائل(2) ـ غريبة جدّا ومخالفة لظاهر صدرالرواية؛ لعدم ارتباط استناد الحلّيّة إلى سوق المسلمين بالمقام، فمقتضى حفظالتناسب والارتباط أنّه لا موضوعيّة للسوق في الرواية، بل معناه حكايةالإمام عليه‏السلام ما يعمل به بالمباشرة، فالذيل مؤيّد للصدر في عدم وجوبالاجتناب عن الشبهات الغير المحصورة.

ومنها: ما أفاده المحقّق الحائري رحمه‏الله في كتاب الدرر، وتوضيحه: أنّ تنجّزالتكليف عند العقلاء عبارة عن كونه بحيث يصحّ للمولى الاحتجاج على العبدوالمؤاخذة على مخالفته، وهذا المعنى غير متحقّق في الشبهة الغير المحصورة؛ لأنّ


  • (1) فرائد الاُصول 2: 433.
  • (2) المصدر السابق.
(صفحه 381)

احتمال الحرام قد بلغ من الضعف إلى حدّ لايكون موردا لاعتناء العقلاءواعتمادهم عليه، بل ربّما يعدّون من رتّب الأثر على هذا النحو من الاحتمالسفيها خارجا عن الطريقة العقلائية.

ألاترى أنّ من كان له ولد في بلد عظيم كثير الأهل، فسمع وقوع حادثة فيذلك البلد منتهية إلى قتل واحد من أهله، لو رتّب الأثر على مجرّد احتمال كونالمقتول هو ولده فأقام التعزية والتضرّع يعدّ مذموما عند العقلاء، موردلطعنهم، بل لو كان مثل هذا الاحتمال سببا لترتيب الأثر عليه لانسدّ بابالمعيشة وسائر الأعمال، كما هو واضح.

وبالجملة، فالتكليف وإن كان معلوما لدلالة الإطلاق عليه أو نهوضأمارة شرعيّة على ثبوته، إلاّ أنّ في كلّ واحدمن الأطراف أمارة عقلائيّة علىعدم كونه هو المحرّم الواقعي؛ لأنّ احتماله مستهلك في ضمن الاحتمالات الكثيرةعلى حسب كثرة الأطراف، ومع بلوغه إلى هذا الحدّ يكون عند العقلاء بحيثلايكون قابلاً للاعتناء أصلاً، وحينئذ فيجوز ارتكاب جميع الأطراف معوجود هذه الأمارة العقلائيّة بالنسبة إلى الجميع.

هذا، ولكنّ المحقّق المزبور بعد توجيهه جواز الارتكاب بما يرجع إلىذلك قال: ولكن فيما ذكرنا أيضا تأمّل، فإنّ الاطمئنان بعدم الحرام في كلّواحد واحد بالخصوص كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدمخروجه عنها؟ وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئيّة مع الظنّ بالسلبالكلّي؟(1). إنتهى.

ولكن لا يخفى أنّ هذه الشبهة إنّما تتمّ لو كان متعلّق الاطمئنان متّحدا معمتعلّق العلم، ولكنه ليس كذلك؛ لأنّ المعلوم ومتعلّق العلم هو وجود الحرام


  • (1) درر الفوائد: 471.