جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 399)

مقتضى الأصل الشرعي في صور الملاقاة

إلى هنا تمّ البحث في حكم العقل، وأمّا مقتضى الاُصول الشرعيّة فقد يقالـ كما قيل ـ بأنّه لا مانع من جريان أصالة الطهارة في الملاقي؛ لأنّ طهارة الملاقيونجاسته مسبّبة عن طهارة الملاقى ونجاسته، والأصل الجاري في السبب وإنكان حاكما على الأصل الجاري في المسبّب، إلاّ أنّه حيث لايجري الأصل فيالسبب؛ لأنّه يسقط بالمعارضة مع الأصل الجاري في الطرف الآخر، فلا مانعمن جريان الأصل في المسبّب، فيكون الملاقي ـ بالكسر ـ محكوما شرعبالطهارة والحلّيّة.

هذا، ولا يخفى أنّه لم ترد آية ولا رواية على ما ذكروه من أنّ مع جريانالأصل في السبب لا مجال لجريانه في المسبّب، بل المستند في ذلك هو أنّه معجريان الأصل في السبب يرتفع الشكّ في ناحية المسبّب تعبّدا، ومع ارتفاعه فيعالم التشريع لا مجال لجريان الأصل فيه أيضا.

ولكن لا يخفى أنّ هذا لايتمّ بإطلاقه، بل إنّما يصحّ فيما إذا كان الشكّ فيناحية المسبّب في الأثر الشرعي المترتّب على السبب شرعا، كالشكّ في نجاسةالثوب المغسول بالماء المشكوك الكرّيّه، فإنّ مقتضى استصحاب الكرّيّة تحقّقموضوع الدليل الشرعي الذي يدلّ على أنّ الكرّ مطهّر مثلاً.

والسرّ في ذلك: أنّ معنى الاستصحاب الجاري في الموضوعات هو الحكمبإبقاء الموضوع تعبّدا في زمان الشكّ، وحيث إنّه لا معنى لذلك فيما لو لم يكنالموضوع مترتّبا عليه أثر شرعي فلابدّ من أن يكون الموضوع المستصحبموضوعا لأثر شرعي، ومن هنا يكون الاستصحاب الجاري في الموضوعاتحاكما على الأدلّة الواقعيّة لأنّه ينقّح به موضوعاتها، وتفصيل الكلام يأتي في

(صفحه400)

مبحث الاستصحاب إن شاء اللّه‏ تعالى.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن نجاسة الملاقي وإن كانت من الآثار الشرعيّةلنجاسة الملاقى، إلاّ أنّ طهارة الملاقي لم‏تجعل في شيء من الأدلّة الشرعيّة منآثار طهارة الملاقى، وإنّما هو حكم عقلي، كما هو واضح، فما أفادوه من أنّالشكّ في طهارة الملاقي مسبّب عن الشكّ في طهارة الملاقى، ومع جريان الأصلفيها لايبقى مجال لجريانه في المسبّب، ممنوع جدّا، فجريان الأصل في الملاقيباقٍ بقوّته.

شبهة المحقّق الحائرى وجوابه

ثمّ إنّ هنا شبهة لبعض المحقّقين من المعاصرين، وهي تبتني على مقدّمتين:

الاُولى: أنّه إذا لاقى الإناء الثالث إلانائين المشتبهين فيقع الشكّ أوّلاً في أنّهذا المائع الواقع في هذا الإناء طاهر أم نجس؟ وثانيا في أنّ شربه حلالأم لا؟

الثانية: أنّه كما أنّ طهارة الملاقي مسبّب عن طهارة الملاقى، كذلك حلّيّة كلّواحد من الإناءات الثلاث مسبّبُ عن طهارته، فالحلّيّة في كلّ منها في الرتبةالمتأخّرة عن طهارته، فالشكّ في طهارة الملاقي يكون في مرتبة الشكّ في حلّيّةالملاقى، بمعنى أنّ كليهما مسبّبان عن الشكّ‏في طهارة الملاقى.

وحينئذ نقول: هنا ستّة اُصول في الأطراف الثلاثة: ثلاثة منها أصالةالطهارة، وثلاثة أصالة الحلّيّة، والاثنان منها ـ وهما أصالة الطهارة في الملاقىوأصالة الطهارة في الطرف ـ يسقطان أوّلاً؛ لأنّهما في رتبة واحدة، وثلاثٌ منهـ وهي أصالة الحلّيّة فيهما وأصالة الطهارة في الملاقي في رتبة ثانية ـ فمع سقوطأصالتي الحلّيّة ـ كما هو المفروض ـ تسقط أصالة طهارة الملاقي أيضا، ولم يبق

(صفحه 401)

في البين إلاّ أصالة الحلّيّة في الملاقي، وهي واقعة في رتبة ثالثة، ولا وجهلسقطوها، لسلامتها عن المعارض، والمفروض أنّه لايكون أصل حاكم عليها؛لأنّ الأصل الحاكم غيرجارٍ لأجل المعارضة.

وحينئذ فلا يجب الاجتناب عن الملاقي بالنسبة إلى الأكل ونظائره، وليكون محكوما بالطهارة شرعا، فلا يجوز التوضّي به.

هذا، ويمكن الجواب عن الشبهة ـ مضافا إلى ما عرفت سابقا ـ بأنّ أصالةالحلّيّة في مطلق الشبهات ممّا لم يدلّ عليها دليل؛ لأنّ ما يتوهّم أن يكونمستندا لها هي رواية مسعدة بن صدقة المتقدّمة(1)، وقد عرفت الإشكال فيهبحيث لايجوز الاعتماد عليها، وأمّا مثل قوله: «كلّ شيء فيه حلال وحرام» إلىآخره، كما في صحيحة عبداللّه‏ بن سنان(2)، فقد ظهر لك أنّ ذلك يختصّبالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، ومقتضى عمومها وإن كان الشمول للشبهةالمحصورة أيضا إلاّ أنّ الدليل العقلي أو العقلائي قد خصّصه، فانحصر موردهبالشبهة الغير المحصورة.

وأمّا التمسّك في نفي الحرمة المجهولة بأدلّة البراءة فهو وإن كان صحيحا، إلأنّك عرفت عدم شمول أدلّة البراءة لأطراف العلم الإجمالي. وبالجملة، فليسهنا ما يحكم بالحلّيّة وعدم الحرمة أصلاً.

وكيف كان، فلو سلّم ذلك فيمكن الجواب بما عرفت من أنّ الأصلالجاري في السبب إنّما يكون حاكما على الأصل الجاري في المسبّب إذا كانالمسبّب من الآثار الشرعيّة المترتّبة على السبب، والمقام لايكون كذلك، فإنّحلّيّة كلّ واحد من الأطراف لاتكون من الآثار الشرعيّة لطهارته؛ لأنّه لم‏يدلّ


  • (1) وسائل الشيعة 17: 89 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
  • (2) وسائل الشيعة 17: 87 ، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1.
(صفحه402)

دليل على أنّ كلّ طاهر حلال، بل الحلّيّة الواقعيّة إنّما يكون موضوعها الأشياءالتي هي حلال بعناوينها الواقعيّة، كما هو واضح.

كما أنّك عرفت أنّ طهارة الملاقي أيضا لاتكون من الآثار الشرعيّة المترتّبةعلى طهارة الملاقى، وحينئذ فلابدّ من ملاحظة طرفي العلم الإجمالي الحادثأوّلاً، المؤثّر في التنجيز، والحكم بعدم جريان الاُصول في طرفيه؛ للزوم المخالفةالعمليّة.

وأمّا ما هو خارج عنهما ـ كالملاقى ـ فلا مانع من جريان أصالتي الطهارةوالحلّيّة فيه أصلاً، وحينئذ فيصير مقتضى الأصل الشرعي موافقا لحكم العقلالحاكم بالتفصيل بين الصور الثلاثة المتقدّمة في كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله ،فتأمّل جيّدا.

هذا كلّه بناء على ما هو مقتضى التحقيق.

وأمّا بناء على مسلك القوم من اعتبار أصالة الحلّيّة في مطلق الشبهاتوترتّب الحلّيّة على الطهارة، وكذا ترتّب طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ على طهارةالملاقى ـ بالفتح ـ وكون الشكّ في الأوّل مسبّبا عن الشكّ‏في الثاني بحيث لم يكنمجال لجريان الأصل فيه بعد جريانه في السبب، فلابدّ من التفصيل بين الصورالثلاثة من حيث ورود الشبهة وعدمه.

فنقول في توضيح ذلك: إنّ عدم جريان الاُصول في أطراف العلم الإجماليإنّما هو فيما إذا لزم من جريانها مخالفة عمليّة للتكليف المنجّز، وأمّا إذا لم‏يلزممن ذلك مخالفة عمليّة أصلاً، أو لزم ولكن لم يكن مخالفة عمليّة للتكليفالمنجّز، فلا مانع من جريان الاُصول؛ لأنّ التعارض بينهما تعارض عرضيحاصل بسبب العلم الإجمالي بكذب أحدهما، لا ذاتي ناش عن عدم إمكاناجتماع مؤدّاها؛ ضرورة عدم المنافاة حقيقة بين حلّيّة هذا الإناء وحلّيّة ذاك

(صفحه 403)

الإناء ولو علم إجمالاً بحرمة واحد منهما، كما لا يخفى.

وحينئذ فلو علم إجمالاً بنجاسة هذا الإناء أو ذاك الإناء، ثمّ علم إجمالبنجاسة الإناء الثاني أو الإناء الثالث فقد عرفت أنّ العلم الإجمالي الحادثثانيا لا يعقل أن يكون منجّزا بعد اشتراكه مع العلم الإجمالي الأوّل في بعضالأطراف، وحينئذ فلا مانع من جريان أصالة الطهارة في طرفي العلم الثاني؛لأنّه وإن لم يلزم من جريانها مخالفة عمليّة للمعلوم الإجمالي، إلاّ أنّ المحذور فيالمخالفة العمليّة للتكليف المنجّز، لا في مطلق المخالفة العمليّة، والمفروض أنّالعلم الثاني لم‏يؤثّر في التنجيز أصلاً.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ في الصورة الاُولى من الصور الثلاثة المفروضة فيكلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله لابدّ من الالتزام بجريان أصالتي الطهارة والحلّيّة معفي الملاقي ـ بالكسر ـ لأنّ طهارته وإن كانت مترتّبة على طهارة الملاقىـ بالفتح ـ وواقعة في عرض أصالتي الحلّيّة الجاريتين في الملاقى والطرف، إلاّ أنّالملاقى خارج من طرفي العلم الإجمالي الأوّل، والعلم الإجمالي الثاني لايكونمؤثّرا في التنجيز حتّى يلزم من جريان الأصل فيه أيضا مخالفة عمليّةللتكليف المنجّز، كما هو واضح.

وأما الصورة الثالثة فالظاهر ورود الشبهة فيها بناء على مبنى القوم، وهيعبارة عمّا إذا كان الملاقي والملاقى معا طرفا للعلم الإجمالي، وبيان ورودالشبهة: أنّ أصالتي الطهارة في الملاقى والطرف ساقطتان بالتعارض، وفي الرتبةالثانية تسقط أصالتي الحلّيّة فيهما بضميمة أصالة الطهارة في الملاقي، وفي الرتبةالثالثة نرى أصالة الحلّيّة في الملاقى بلا معارض؛ لعدم وجود الطرف لها، ولعدموجود الأصل الحاكم عليها، فيمكن الاستفادة منه في مقام الأكل والشرب لفي مقام التوضّي؛ لعدم الطهارة المحرزة.