جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه176)

الضابطة لتمييز الأخبار التي يجب التبيّن فيها عن الأخبار التي لايجب التبيّنفيها، وقد علّق وجوب التبيّن فيها على كون المخبر فاسقاً، فيكون الشرطلوجوب التبيّن هو كون المخبر فاسقاً لا كون الخبر واحداً؛ لأنّه لو كان الشرطذلك لعلّق وجوب التبيّن في الآية عليه؛ لأنّه بإطلاقه شامل لخبر الفاسق، فعدمالتعرّض لخبر الواحد وجعل الشرط خبر الفاسق كاشف عن انتفاء التبيّن فيخبر غير الفاسق.

وفيه: أنّ ظهور الآية في إفادة الكبرى الكلّيّة لتمييز الأخبار التي يجب التبيّنفيها عن الأخبار التي لا يجب فيها التبيّن موقوف على ثبوت المفهوم للآية،وهو أوّل الكلام، مع أنّ سياق بيانه قدس‏سره أقرب إلى مفهوم الوصف من مفهومالشرط، فكلامه قدس‏سره هذا ليس إلاّ مصادرة للمطلوب، فإنّ الآية الشريفة علىفرض تحقّق المفهوم للقضيّة الشرطيّة تكون من قبيل: «إن رزقت ولدفاختنه» كما ذكرنا.

ويرد ثانياً على الاستدلال بالآية الشريفة بمفهوم الشرط: أنّ الظاهر فينوع القضايا الشرطيّة أن يكون الارتباط بين الشرط والجزاء بنحو العليّة،ولذا وقع البحث في تداخل الجزاء وعدمه في صورة تعدّد العلّة، كما في قولنا:«إذا بلت فتوضّأ»، و«إذا نمت فتوضّأ».

وأمّا الجزاء في الآية الشريفة بحسب الواقع فلا يكون تبيّناً، فإنّه لايترتّبعلى إخبار الفاسق بعنوان الحكم اللزومي بحيث يعدّ تاركه عاصياً، فلابدّ منتقدير جزاء يترتّب على الشرط المذكور في الآية، وما تقتضيه السنخيّةلإخبار الفاسق أن يكون الجزاء هو عدم العمل وترتيب الأثر بإخباره، فكأنّهقال: إن جاءكم فاسق بنبأ فلا أثر له، ولا يترتّب عليه شيء، فيكون مفهومالآية: إن جاءكم عادل بنبأ فله أثر ويترتّب عليه شيء. ومعلوم أنّ هذا المعنى

(صفحه 177)

لا يدلّ على كون خبر العادل تمام الموضوع للحجّية، بل هو أعمّ من ذلك ومنكونه جزء الموضوع؛ بأن يفتقر للعمل به إلى أجزاء اُخرى تنضمّ إليه، مع أنّالمدّعى كونه موضوعاً مستقلاًّ للحجّية وأنّ له كمال الأثر، فالمفهوم بما هوـ على تقدير ثبوته ـ لا يثبت المدّعى.

ويرد عليه ثالثاً ـ بعد فرض تحقّق المفهوم للقضيّة الشرطيّة وعدم كونالشرط في الآية مسوقة لبيان الموضوع وتسليم أنّ مفهوم الآية هو حجّيةخبر العادل ـ : أنّ اشتمال الآية للتعليل ـ أعني قوله تعالى: «أَن تُصِيبُواْ قَوْمَامبِجَهَــلَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَـدِمِينَ» ـ مانع عن تحقّق المفهوم.

توضيح ذلك: أنّ علّة عدم اعتبار خبر الفاسق قبل التبيّن فيه هي أنّ العملبه عمل بغير علم ومظنّة للندامة، وهذه العلّة بعينها موجودة في خبر العادلأيضاً، فإنّه لا يفيد العلم كما لا يخفى، فتتحقّق الجهالة في مورديهما، ولعلّه كانذكر عنوان الفاسق في الآية بداعي بيان فسق الوليد، لا لدخله في موضوعالحكم، ففي الواقع يتحقّق للآية ظهوران: ظهورها في ثبوت مفهوم الشرط،وظهور التعليل في أنّ وجوب التبيّن يدور مدار عدم العلم، وهو مشترك بينخبر العادل والفاسق، وظهور التعليل في العموميّة أقوى من ظهورها فيالمفهوم ومانع منه.

وقد اُجيب عن هذا الوجه بأجوبة متعدّدة:

الأوّل: أنّ على فرض اختصاص الآية ـ مفهوماً ومنطوقاً ـ بخبر غير مفيدللعلم يقع التعارض بين المفهوم والتعليل، فإنّ مفاد التعليل وجوب التبيّن فيمورد كلّ خبر غير مفيد للعلم، ومفاد المفهوم عدم وجوب التبيّن في موردخبر غير مفيد للعلم إذا كان المخبر عادلاً، ودليل الخاصّ مقدّم على عمومالتعليل، ولا تعارض في البين.

(صفحه178)

وعلى فرض عموميّة الآية مفهوماً ومنطوقاً للخبر المفيد للعلم أيضاً يتحقّقللمفهوم مصداقان: أحدهما: إتيان العادل بالخبر المفيد للعلم، والآخر: إتيانهبالخبر غير المفيد للعلم، فيقع التعارض بين عموم التعليل وإطلاق المفهوم فيمورد الاجتماع ـ أعني خبر العادل الغير مفيد للعلم ـ وهنا لابدّ من إبقاء موردالاجتماع في إطلاق المفهوم وتخصيص عموم التعليل بخبر الفاسق غير المفيدللعلم، وذلك دفعاً للغوية؛ إذ لو أبقينا خبر العادل غير المفيد للعلم في عمومالتعليل يلزم أن يكون مورد المفهوم خصوص خبر العادل المفيد للعلم. ومنالواضح أنّ هذا لا خصوصيّة له؛ إذ ما يفيد العلم حجّة مطلقاً بلا فرق بينخبر العادل والفاسق.

وفيه: أوّلاً: أنّ عموم التعليل لمّا كان أقوى في مفاده يمنع من انعقاد الظهورللآية في المفهوم، ومعه لا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة بين عموم التعليلوالمفهوم، فإنّ ملاحظة النسبة فرع وجود المفهوم للآية، وقد عرفت عدمه.

وثانياً ـ بعد كون فرض الثاني خلاف الظاهر وغير واقعيّ ـ : أنّ إبقاء مادّةالاجتماع في عموم العلّة لا يوجب اللغويّة، بل معناه أنّه لا يتحقّق المفهوم للآيةولا ظهور لها في المفهوم.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق النائيني قدس‏سره (1) من أنّ المفهوم حاكم علىعموم التعليل فلا تعارض بينهما، وذلك لأنّ المفهوم يدلّ على أنّ خبر العادلعلم في عالم التشريع، وعليه فلا يكون خبر العادل من أفراد عموم التعليل؛لأنّ أقصى ما يقتضيه العموم هو عدم جواز العمل بما وراء العلم، والعمل بخبرالعادل عمل بالعلم لا بما وراء العلم.

وفيه: أوّلاً: أنّ هذا الجواب مبني على ما يراه المحقّق النائيني قدس‏سره من أنّ


  • (1) فوائد الاُصول 3: 172.
(صفحه 179)

المجعول في الأمارات هو جعلها علماً بالاعتبار والتعبّد، وقد عرفت عدم تماميّةهذا المبنى، فإنّ الشارع جعلها حجّة شرعيّة؛ إذ لو كان طريق استفادةالأحكام منحصراً بالقطع يوجب تعطيل أكثر الأحكام كما يستفاد من أدلّةالحجّية، وأمّا جعل خبر العادل بمنزلة العلم في عالم التشريع فلا يستفاد منهبوجه، وعليه فلا مجال للحكومة، بل المفهوم معارض للتعليل.

وثانياً: على فرض تسليم أنّ خبر العادل مفيد للعلم في عالم التشريع،ولكنّه فيما كان التعليل في ضمن دليل مستقلّ ودليل آخر ـ مثلاً يقول: صدّقالعادل ـ فيصحّ القول بتقدّم صدق العادل على التعليل بنحو الحكومة، وأمّا فيآية النبأ فأصل ثبوت المفهوم يكون محلّ بحث، ويقول المستشكل بأنّ اشتمالالآية على التعليل مانع عن ظهورها في المفهوم، فكيف يمكن حكومة المفهومالذي يكون أصل وجوده محلّ الترديد على التعليل الذي يدور الحكم مداره؟!

وثالثاً: ما أفاده المحقّق الأصفهاني قدس‏سره (1) من أنّ الحكومة المدعاة مستلزمةللدور؛ إذ انعقاد ظهور الآية في المفهوم فرع كونه حاكماً على عموم التعليلوكون المفهوم حاكماً يتوقّف على وجود المفهوم.

الجواب الثالث: ما أفاده المحقّق الخراساني قدس‏سره (2) من أنّ إشكال التعارضإنّما يرد فيما إذا كانت الجهالة بمعنى عدم العلم المشترك بين خبر الفاسقوالعادل، إلاّ أنّه لا يبعد دعوى كون الجهالة بمعنى السفاهة التي هي عبارة عنفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل، ومعه فيختصّ التعليل بخبر الفاسق وليعمّ خبر العادل؛ إذ الاعتماد على خبر الفاسق بلا تبيّن عمل سفهي، لاحتمالتعمّده الكذب، وأمّا الركون إلى خبر العادل فلا يكون سفهيّاً بوجه؛ لمكان


  • (1) نهاية الدراية 2: 78.
  • (2) كفاية الاُصول 2: 86.
(صفحه180)

علمنا بعدم تعمّده الكذب كما عليه طريقة العقلاء.

ويرد عليه: أنّ جعل الجهالة بمعنى السفاهة خلاف المتفاهم العرفي من هذاللفظ، بل هي بمعنى عدم العلم بالواقع. ويدلّ على ذلك جعل الجهالة في الآيةالشريفة في مقابل التبيّن الذي هو بمعنى تحصيل العلم وإحراز الواقع، ويؤيّدهأيضاً خلوّ المعاجم ومصادر اللغة من تفسير الجهالة بالسفاهة.

ولكنّه قابل للمناقشة؛ إذ سلّمنا أنّ الجهالة في كتب اللغة تكون في مقابلالعلم، إلاّ أنّ الجهل في لسان الشارع يكون في مقابل العقل كما نرى في الأدعيةالواردة في ليالي القدر وآية التوبة، كقوله تعالى: «لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوآءَبِجَهَــلَةٍ»(1)؛ إذ لا شكّ في كونها بمعنى عمل لا ينبغي أن يصدر من العاقل،وإلاّ يلزم أن لا تكون التوبة للعالم العامد.

على أنّ التبيّن في الآية أعمّ من حصول العلم وقيام البيّنة، فإنّها لا تكون فيمقام نفي حجّية البيّنة في مورد ارتداد بني المصطلق أو عدمه، فيكون للتبيّنمصداقان: العلم وقيام البيّنة، والجهالة في مقابلهما.

ويرد رابعاً على الاستدلال بالآية الشريفة: أنّه يلزم من كون القضيّة ذاتمفهوم خروج المورد من عموم المفهوم، مع أنّ خروج المورد من العموممستهجن؛ لأنّ انطباق العام على مورده يكون بالنصّ، ومن الواضح أنّ موردالآية هو الإخبار بارتداد بني المصطلق، والارتداد موضوع من الموضوعاتالخارجيّة التي لا تثبت إلاّ بالعلم الوجداني أو البيّنة؛ لاختصاص حجّية خبرالواحد بالأحكام، فلو كان للآية مفهوم فلابدّ وأن يستثنى المورد بأن يقال:صدّق العادل إلاّ في الارتداد الذي هو مورد هذا العام، وقد عرفت استهجانه.

وأجاب عنه المحقّق النائيني قدس‏سره (2) بأنّ المورد إنّما كان إخبار الوليد الفاسق


  • (1) النحل: 119.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 174.