جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 194)

مسألة 4 ـ لو اتّهم رجل بقتل وأقرّ المتّهم بقتله عمداً ، فجاء آخر وأقرّ أنّه هو الذي قتله ورجع المقِرّ الأوّل عن إقراره ، درأ عنهما القصاص والدية ، وتؤدّى .

الجميع . وكيف كان فإن كان مقتضى القاعدة في المقام هو التخيير ، فلا حاجة في مقام الاستدلال إلى أزيد منها ، وإن لم يكن كذلك فربّما يستدلّ على التخيير بدعوى الإجماع عليه ـ كما في محكيّ الانتصار(1) ـ وبما رواه الحسن بن محبوب ، عن الحسن ابن صالح قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل وجد متقولاً فجاء رجلان إلى وليّه ، فقال أحدهما: أنا قتلته عمداً ، وقال الآخر: أنا قتلته خطأً؟ فقال: إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل ، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل (شيء) . ورواه الصدوق باسناده عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن حيّ(2) .
والظاهر أنّه هو الحسن بن صالح ، وأنّ حيّاً هو جدّه . ولكنّه على ما ذكره الشيخ (قدس سره)متروك العمل بما يختصّ بروايته ويتفرّد بها(3) ، كما في المقام . وابن محبوب وإن كان من أصحاب الإجماع إلاّ أنّه قد تقدّم في كتاب الحدود ، أنّ كون الراوي من أصحاب الإجماع لا يوجب أزيد من تسلّم وثاقته والإعتماد عليه ، ولا يقتضي بالنسبة إلى من يروي عنه شيئاً . فالرواية غير قابلة للاعتماد ، كما أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد لا حجّية فيه .
وعليه فلو فرض كون التخيير على خلاف القاعدة لا مجال للاستدلال عليه بالرواية والاجماع المذكورين ، خصوصاً بعد عدم موافقة شهرة محقّقة للرواية ،
  • (1) الإنتصار: 543 مسألة 303  .
  • (2) وسائل الشيعة: 19 / 106 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 3 ح1  .
  • (3) التهذيب: 1 / 408  .

(الصفحة 195)

دية المقتول من بيت المال على رواية عمل بها الأصحاب ، ولا بأس به ، لكن يقتصر على موردها ، والمتيقّن من مورد فتوى الأصحاب ، فلو لم يرجع الأوّل عن إقراره عمل على القواعد ، ولو لم يكن بيت مال للمسلمين فلايبعد إلزامهما أو إلزام أحدهما بالدية ، ولو لم يكن لهما مال ففي القود إشكال1..

لأنّه حكي عن الغنية(1) والإصباح(2) تخيّر الولي بين قتل المقرّ بالعمد وأخذ الدية منهما نصفين .
ثمّ إنّ إلزام الدية على المقرّ بالقتل خطأ إنّما هو لعدم تأثير إقراره بالإضافة إلى العاقلة ، لكونه إقراراً عليهم ، وثبوت الدية على العاقلة يحتاج إلى إحراز الخطأ ، كما أنّ القصاص يحتاج إلى إحراز العمد ، وأمّا ثبوت الدية على القاتل فلا يحتاج إلى إحراز شيء سوى القتل وعدم إحراز العمد أو الخطأ ، فتدبّر .

1 ـ الرواية هي ما رواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن بعض أصحابنا ، رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أُتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل وجد في خربة وبيده سكّين ملطَّخ بالدم ، وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ما تقول؟ قال: أنا قتلته ، قال: اذهبوا به فأقيدوه به ، فلمّا ذهبوا به أقبل رجل مسرع  ـ إلى أن قال: ـ فقال: أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للأوّل: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: وما كنت أستطيع أن أقول ، وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال ، وأخذوني وبيدي سكين ملطَّخ بالدَّم ، والرّجل يتشحّط في دمه وأنا قائم عليه خفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ،
  • (1) غنية النزوع: 407  .
  • (2) إصباح الشيعة: 494 ، وكذا في الكافي في الفقه: 386 ـ 387 .

(الصفحة 196)

وأخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل متشحّطاً في دمه ، فقمت متعجِّباً! فدخل عليَّ هؤلاء فأخذوني ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن ، وقولوا له: ما الحكم فيهما؟ قال: فذهبوا إلى الحسن وقصّوا عليه قصّتهما ، فقال الحسن (عليه السلام) : قولوا لأمير المؤمنين (عليه السلام) : إن كان هذا ذبح ذاك فقد أحيى هذا ، وقد قال الله عزّوجلّ: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعَاً}(1) . يخلّى عنهما وتخرج دية المذبوح من بيت المال .
ورواه الشيخ باسناده عن علي بن إبراهيم نحوه ، ورواه أيضاً مرسلاً نحوه ، ورواه الصدوق باسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) نحوه(2) ، ولكنّه ربّما يقال: بأنّ ما في الوسائل من أنّ الصدوق رواه بالإسناد المذكور إنّما هو سهو من قلم صاحب الوسائل(3) .
وكيف كان فالظاهر أنّ الحكم الأوّل بإجراء القصاص عليه لابدّ وأن يحمل على وجود شرائطه ، ومنها اختيار الولي ذلك ، أو كون المورد ممّن لا وليّ له غير الإمام ، كما أنّ الظاهر أنّ المراد من شهود جماعة هو شهودهم لكون الرجل مذبوحاً ، وكون الآخر قائماً عليه وبيده سكين كذائي لا شهادتهم على القتل . كما أنّ خوفه من الضرب الموجب للإقرار لا يستلزم كون إقراره لا عن اختيار ، لعدم تحقّق توعيد وتهديد من ناحية الجماعة المذكورين بوجه ، والخوف الباطني من دون اقتران بالتوعيد لا يوجب تحقّق الإكراه ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ الإقرار وقع عند أمير المؤمنين (عليه السلام)  ، وفي ذلك الوقت لا يحتمل الضرب أصلاً .

  • (1) المائدة 5 : 32  .
  • (2) وسائل الشيعة: 19 / 107 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 4 ح1  .
  • (3) انظر مباني تكملة المنهاج: 2 / 95 مسألة 97  .

(الصفحة 197)

ثمّ إنّ الرواية مضافاً إلى كونها ضعيفة السند مخالفة للقاعدة ، لأنّ مقتضاها فيما إذا كان هناك إقراران تخيير وليّ المقتول في الرجوع إلى أحد المقرّين والاقتصاص منه ، ورجوع المقرّ الأوّل عن إقراره بعد الإقرار الثاني لا يستلزم عدم جواز رجوع الولي إليه ، لأنّه لا أثر للرجوع بعد الإقرار ، كما قد تحقّق في كتاب الإقرار ، فمقتضى القاعدة في مورد الرواية أيضاً المشتمل على الرجوع تخيير الوليّ في الاقتصاص ، فالرواية مخالفة للقاعدة .
كما أنّ استدلال الإمام الحسن (عليه السلام) لسقوط القصاص عنهما بأنّ المقرّ الثاني إن كان ذبح المقتول فقد أحيى المقرّ الأوّل المحكوم بالقصاص ، مستشهداً بقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعَاً} ممّا لا يكون مبيَّناً لنا ، ولا يبتنى الفقه عليه على الضوابط الموجودة والقواعد المحقَّقة ، فإنّه إذا أقرّ شخص بقتل زيد مثلاً وصار محكوماً بالقصاص فهل يرتفع قصاصه إذا منع عمراً من قتل بكر ، بحيث لو لم يتحقّق المنع لكان القتل متحقّقاً قطعاً مع أنّ الدليل المذكور يجري فيه .
وعليه فالاستدلال المذكور غير مبيَّن لنا ، ولكنّه لا يقدح في ظهور الرواية من حيث الدلالة على سقوط القصاص عنهما ، فلو فرض انجبار ضعف السند بعمل الأصحاب واستناد المشهور إليه لابدّ من الحكم على طبق الرواية ، كما نفى البأس عنه في المتن . والظاهر ثبوت الاستناد ، فعن التنقيح(1) وغاية المرام(2): عليها عمل الأصحاب ، وعن السرائر نسبته إلى رواية أصحابنا(3) .

  • (1) التنقيح الرائع: 4 / 434  .
  • (2) غاية المرام: 4 / 393  .
  • (3) السرائر: 3 / 343  .

(الصفحة 198)

وأمّا ما عن المسالك(1) وأبي العباس(2) من المخالفة ـ نظراً إلى إرسال الرواية وإلى اقتضاء ذلك إسقاط حق المسلم ، لجواز التواطؤ من المقرّين على قتله وإسقاط القصاص والدية ـ فيدفعه أنّ الإرسال لا يقدح مع الانجبار ، والاعتبار المذكور لا ينهض في مقابل الرواية المنجبرة . مضافاً إلى بطلانه في نفسه ، لأنّ المفروض أنّه لا طريق إلى إحراز القتل غير الإقرار ، وعليه فلا ملزم للتواطؤ المذكور بعد إمكان عدم الإقرار من واحد منهما من رأس ، كما لا يخفى .
ثم إنّ الرواية حيث تكون مخالفة للقاعدة يقتصر في الحكم على طبقها على خصوص موردها ، وعليه فلو لم يرجع المقرّ الأوّل عن إقراره بعد الإقرار الثاني بل بقى على إقراره يرجع فيه إلى القاعدة التي عرفت أنّ مقتضاها تخيير الولي في الرجوع والاقتصاص ، وإن كان مقتضى الاستدلال المذكور في الرواية عدمه .
وأمّا لو لم يكن بيت مال للمسلمين مع ثبوت المال للمقرّين فلايبعد ـ كما في المتن  ـ عدم تغيّر الحكم ، لأنّ التأدية من بيت المال إنّما هو لئلاّ يبطل دم مسلم ، فإذا فرض إمكان التأدية من مال المقرِّين بالاشتراك أو بالتخيير لا يوجب تحقّق البطلان ، وعليه فسقوط القصاص عنهما بحاله ، فتدبّر .
وهذا بخلاف ما إذا لم يكن مال لهما أيضاً ، فإنّه يشكل الحكم حينئذ من جهة أنّ سقوط القصاص مستلزم للبطلان المذكور ، ومن جهة أنّ سقوط القصاص ولزوم أداء المال أمران ، فإذا لم يمكن الثاني كما هو المفروض يبقى الأوّل بحاله ، ولأجله استشكل في المتن في القود ، ومقتضى الاحتياط العدم ، كما هو ظاهر .

  • (1) مسالك الأفهام: 15 / 177 ، الروضة البهية: 10 / 70  .
  • (2) المهذّب البارع: 5 / 202  .