جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 217)

الثالث : القسامة

والبحث فيها في مقاصد :

الأوّل: في الّلوث
والمراد به أمارة ظنّية قامت عند الحاكم على صدق المدّعي ، كالشاهد الواحد أو الشاهدين مع عدم استجماع شرائط القبول ، وكذا لو وجد متشحّطاً بدمه وعنده ذو سلاح عليه الدّم ، أو وجد كذلك في دار قوم أو في محلّة منفردة عن البلد لا يدخل فيها غير أهلها ، أو في صفّ قتال مقابل الخصم بعد المراماة . وبالجملة كلّ أمارة ظنّية عند الحاكم توجب اللّوث ، من غير فرق بين الأسباب المفيدة للظّن فيحصل اللّوث بإخبار الصبي المميِّز المعتمد عليه والفاسق الموثوق به في اخباره ، والكافر كذلك والمرأة ونحوهم1..

1 ـ قال في الجواهر في معنى القسامة : هي الأيمان تقسم على جماعة يحلفونها كما في الصحاح(1) . أو الجماعة الذين يحلفونها كما في القاموس(2) . ولا يبعد صدقها عليهما كما عن المصباح(3) . وعن غير واحد: أنّها لغة اسم للأولياء الّذين يحلفون على دعوى الدم ، وفي لسان الفقهاء اسم للأيمان ، وعلى التقديرين هي اسم أُقيم مقام المصدر ، يقال: أقسم إقساماً وقسامة ، وهي الاسم له . يقال: أكرم إكراماً وكرامة ، ولا اختصاص لها بأيمان الدماء لغة ، ولكنّ الفقهاء خصّوها بها(4) .

  • (1) الصحاح: 5 / 2010  .
  • (2) القاموس المحيط: 4 / 166  .
  • (3) المصباح المنير: 2 / 690  .
  • (4) جواهر الكلام: 42 / 226 .

(الصفحة 218)

والقسامة جارية في خصوص القتل ومثله ، ولا تجري في سائر الحقوق ، والوجه فيها كما يظهر من بعض الروايات أنّها إنّما جعلت ليحقن بها دماء المسلمين ، نظراً إلى أنّه بدونها تتحقّق الجرأة على القتل نوعاً ، لأنّه بعد عدم كون القاتل مقرّاً بالقتل نوعاً ، وعدم كون البيّنة حاضرة عند تحقّق القتل كذلك ـ لو لم تشرع القسامة مضافة إلى الإقرار والبيّنة ـ يلزم بطلان دماء المسلمين وصيرورتها هدراً ، فالغرض من تشريعها إنّما هو ذلك ، والظاهر أنّها من وضع الإسلام ، وعدم ثبوت السابقة لها قبله ، كما يظهر من بعض الروايات الآتية أيضاً .
وأمّا اللّوث فهو لغة القوّة ، أو من التلوّث وهو التلطّخ . والأوّل يناسب تفسيره بأنّه أمارة ظنّية قامت عند الحاكم على صدق المدّعى كالأمثلة المذكورة في المتن; لأنّه يوجب تقوّى دعوى المدّعي . والثاني يناسب تفسيره بالتهمة وسوء الظّن التي يوجب تلك الأمارات تحقّقها  ، وتوجب تلوّث المتّهم وتلطّخه ، وكلا التفسيرين يظهر من المتن .
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنّ أصل اعتبار القسامة لإثبات القتل ، فقد ذكر في الجواهر ـ بعد قوله: ولم نجد مخالفاً في ذلك من العامة والخاصّة إلاّ عن الكوفي منهم(1) ـ : هي من الضروريات بين علماء المسلمين(2) .
كما أنّ اعتبار اللّوث في القسامة بمعنى عدم اعتبارها بدونه ، بخلاف الإقرار والبيّنة ، حيث لا يشترط في اعتبارهما اللّوث بوجه ، ضرورة اعتبار الإقرار ولو لم يكن المقرّ متَّهماً بالقتل بوجه . كما أنّه من الواضح اعتبار البيّنة ولو لم يكن المشهود
  • (1) نيل الأوطار: 7 / 38 ، حاشية ردّ المحتار: 6 / 627 ، الخلاف: 5 / 303 مسألة 1  .
  • (2) جواهر الكلام: 42 / 227  .

(الصفحة 219)

عليه متّهماً كذلك . فقد ادّعى عليه الشيخ في محكيّ الخلاف الإجماع(1) ، وكذا صاحب الغنية(2) ، ولابدّ من ملاحظة النّصوص الواردة في المقام ليظهر اعتبار القسامة أوّلاً ، وأنّه هل تدلّ على اعتبار اللّوث فيها أم لا ثانياً؟ حيث إنّه يظهر من المقدّس الأردبيلي عدم دلالة هذه النصوص على ذلك ، حيث قال: وكأنّ لهم على ذلك إجماعاً أو نصّاً ما اطّلعت عليه(3) ، فنقول:
منها: صحيحة بريد بن معاوية ، التي رواها المشايخ الثلاثة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلّها البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه إلاّ في الدّم خاصّة ، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بينما هو بخيبر ، إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً ، فقالت الأنصار: إنّ فلان اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده (أقده) برمّته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمّته .
فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وإنّا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فودّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة; لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به ، فكفّ عن قتله; وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً; وإلاّ اُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون(4) .
ودلالتها على اعتبار القسامة واضحة ، وأمّا اعتبار اللّوث فيها فموردها وإن
  • (1) الخلاف : 5 / 303 مسألة 1  .
  • (2) غنية النزوع: 441  .
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان: 14 / 183  .
  • (4) وسائل الشيعة: 19 / 114 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب9 ح3 .

(الصفحة 220)

كانت صورة تحقّق اللّوث والتهمة إلاّ أنّه لا يظهر من الرواية مدخليّته فيها ; لعدم كون المورد موجباً للتقييد ، كما أنّ ذكر الفاجر الفاسق في مقام التعليل لا دلالة له على أنّه لأجل تحقّق الاتّهام ، بل يمكن أن يكون لأجل عدم صدور القتل من غيره نوعاً ، أو تحقّق الإقرار بعد القتل كذلك ، فتدبّر .
ومنها: رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القسامة أين كان بدؤها؟ فقال: كان من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا كان بعد فتح خيبر تخلّف رجل من الأنصار عن أصحابه ، فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحّطاً في دمه قتيلاً ، فجاءت الأنصار إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا ، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلاً على أنّهم قتلوه ، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نرَ؟ قال: فيقسم اليهود ، قالوا: يا رسول الله من يصدّق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدّي صاحبكم ، فقلت له: كيف الحكم فيها؟
فقال: إنّ الله عزّوجلّ حكم في الدّماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدّماء ، لو أنّ رجلاً ادّعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقلّ من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدّعي ، وكانت اليمين على المدّعى عليه ، فإذا ادّعى الرّجل على القوم أنّهم قتلوا كانت اليمين لمدّعي الدّم قبل المدّعى عليهم ، فعلى المدّعي أن يجيء بخمسين يحلفون أنّ فلاناً قتل فلاناً ، فيدفع إليهم الذي حلف عليه ، فإن شاؤوا عفوا ، وإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا قبلوا الدّية ، وإن لم يقسموا فإنّ على الذين ادّعي عليهم أن يحلف خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلاً ، فإن فعلوا أدّى أهل القرية الّذين وجد فيهم ، وإن كان بأرض فلاة أُدّيت ديته من بيت المال ، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا يبطل دم امرىء مسلم(1) .

  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 118 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 10 ح5 .

(الصفحة 221)

والظاهر أنّ قوله (عليه السلام) في صدر الرواية: «من قِبَل» بكسرالقاف وفتح الباء ، لا بفتح القاف وسكون الباء ، فمفاده أنّ مشروعية القسامة كان من ناحية رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ولا سابقة لها قبل الإسلام ، وهذه الرواية هي التي أشرنا إليها في أوّل البحث .
وموردها إن كانت صورة تحقّق اللّوث والتهمة إلاّ أنّ دلالتها على اعتبارها في القسامة ممنوعة ، سيّما مع إطلاق كلام الإمام (عليه السلام) بعد نقل القصة الواقعة بخيبر ، فإنّ ظاهره أنّ مسألة الدّم لها خصوصية من جهة اعتبار القسامة من دون مدخلية أمر آخر ، والتفصيل في الذيل في الدية بين ما إذا وجد المقتول في القرية ، وبين ما إذا وجد في أرض فلاة ، بلزومها على أهل القرية في الأوّل ، ولزوم أدائها من بيت المال في الثاني ، لعلّه يستفاد منه عدم اعتبار اللّوث ، فتدبّر .
ومنها: صحيحة زرارة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القسامة؟ فقال: هي حقّ ، إنّ رجلاً من الأنصار وجد قتيلاً في قليب من قلب اليهود ، فأتوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقالوا: يا رسول الله إنّا وجدنا رجلاً منّا قتيلاً في قليب من قلب اليهود ، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم ، قالوا: يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا ، فقال لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) : فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم ، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نرَ؟ قال: فيقسم اليهود ، قالوا: يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم ، فودّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
قال زرارة : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : إنّما جعلت القسامة احتياطاً لدماء الناس ، كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل(1) .

  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 117 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 10 ح 3 .