جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 218)

والقسامة جارية في خصوص القتل ومثله ، ولا تجري في سائر الحقوق ، والوجه فيها كما يظهر من بعض الروايات أنّها إنّما جعلت ليحقن بها دماء المسلمين ، نظراً إلى أنّه بدونها تتحقّق الجرأة على القتل نوعاً ، لأنّه بعد عدم كون القاتل مقرّاً بالقتل نوعاً ، وعدم كون البيّنة حاضرة عند تحقّق القتل كذلك ـ لو لم تشرع القسامة مضافة إلى الإقرار والبيّنة ـ يلزم بطلان دماء المسلمين وصيرورتها هدراً ، فالغرض من تشريعها إنّما هو ذلك ، والظاهر أنّها من وضع الإسلام ، وعدم ثبوت السابقة لها قبله ، كما يظهر من بعض الروايات الآتية أيضاً .
وأمّا اللّوث فهو لغة القوّة ، أو من التلوّث وهو التلطّخ . والأوّل يناسب تفسيره بأنّه أمارة ظنّية قامت عند الحاكم على صدق المدّعى كالأمثلة المذكورة في المتن; لأنّه يوجب تقوّى دعوى المدّعي . والثاني يناسب تفسيره بالتهمة وسوء الظّن التي يوجب تلك الأمارات تحقّقها  ، وتوجب تلوّث المتّهم وتلطّخه ، وكلا التفسيرين يظهر من المتن .
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنّ أصل اعتبار القسامة لإثبات القتل ، فقد ذكر في الجواهر ـ بعد قوله: ولم نجد مخالفاً في ذلك من العامة والخاصّة إلاّ عن الكوفي منهم(1) ـ : هي من الضروريات بين علماء المسلمين(2) .
كما أنّ اعتبار اللّوث في القسامة بمعنى عدم اعتبارها بدونه ، بخلاف الإقرار والبيّنة ، حيث لا يشترط في اعتبارهما اللّوث بوجه ، ضرورة اعتبار الإقرار ولو لم يكن المقرّ متَّهماً بالقتل بوجه . كما أنّه من الواضح اعتبار البيّنة ولو لم يكن المشهود
  • (1) نيل الأوطار: 7 / 38 ، حاشية ردّ المحتار: 6 / 627 ، الخلاف: 5 / 303 مسألة 1  .
  • (2) جواهر الكلام: 42 / 227  .

(الصفحة 219)

عليه متّهماً كذلك . فقد ادّعى عليه الشيخ في محكيّ الخلاف الإجماع(1) ، وكذا صاحب الغنية(2) ، ولابدّ من ملاحظة النّصوص الواردة في المقام ليظهر اعتبار القسامة أوّلاً ، وأنّه هل تدلّ على اعتبار اللّوث فيها أم لا ثانياً؟ حيث إنّه يظهر من المقدّس الأردبيلي عدم دلالة هذه النصوص على ذلك ، حيث قال: وكأنّ لهم على ذلك إجماعاً أو نصّاً ما اطّلعت عليه(3) ، فنقول:
منها: صحيحة بريد بن معاوية ، التي رواها المشايخ الثلاثة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلّها البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه إلاّ في الدّم خاصّة ، فإنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بينما هو بخيبر ، إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً ، فقالت الأنصار: إنّ فلان اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده (أقده) برمّته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمّته .
فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا ، وإنّا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فودّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة; لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به ، فكفّ عن قتله; وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً; وإلاّ اُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون(4) .
ودلالتها على اعتبار القسامة واضحة ، وأمّا اعتبار اللّوث فيها فموردها وإن
  • (1) الخلاف : 5 / 303 مسألة 1  .
  • (2) غنية النزوع: 441  .
  • (3) مجمع الفائدة والبرهان: 14 / 183  .
  • (4) وسائل الشيعة: 19 / 114 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب9 ح3 .

(الصفحة 220)

كانت صورة تحقّق اللّوث والتهمة إلاّ أنّه لا يظهر من الرواية مدخليّته فيها ; لعدم كون المورد موجباً للتقييد ، كما أنّ ذكر الفاجر الفاسق في مقام التعليل لا دلالة له على أنّه لأجل تحقّق الاتّهام ، بل يمكن أن يكون لأجل عدم صدور القتل من غيره نوعاً ، أو تحقّق الإقرار بعد القتل كذلك ، فتدبّر .
ومنها: رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القسامة أين كان بدؤها؟ فقال: كان من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا كان بعد فتح خيبر تخلّف رجل من الأنصار عن أصحابه ، فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحّطاً في دمه قتيلاً ، فجاءت الأنصار إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا ، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلاً على أنّهم قتلوه ، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نرَ؟ قال: فيقسم اليهود ، قالوا: يا رسول الله من يصدّق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدّي صاحبكم ، فقلت له: كيف الحكم فيها؟
فقال: إنّ الله عزّوجلّ حكم في الدّماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدّماء ، لو أنّ رجلاً ادّعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقلّ من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدّعي ، وكانت اليمين على المدّعى عليه ، فإذا ادّعى الرّجل على القوم أنّهم قتلوا كانت اليمين لمدّعي الدّم قبل المدّعى عليهم ، فعلى المدّعي أن يجيء بخمسين يحلفون أنّ فلاناً قتل فلاناً ، فيدفع إليهم الذي حلف عليه ، فإن شاؤوا عفوا ، وإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا قبلوا الدّية ، وإن لم يقسموا فإنّ على الذين ادّعي عليهم أن يحلف خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلاً ، فإن فعلوا أدّى أهل القرية الّذين وجد فيهم ، وإن كان بأرض فلاة أُدّيت ديته من بيت المال ، فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا يبطل دم امرىء مسلم(1) .

  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 118 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 10 ح5 .

(الصفحة 221)

والظاهر أنّ قوله (عليه السلام) في صدر الرواية: «من قِبَل» بكسرالقاف وفتح الباء ، لا بفتح القاف وسكون الباء ، فمفاده أنّ مشروعية القسامة كان من ناحية رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ولا سابقة لها قبل الإسلام ، وهذه الرواية هي التي أشرنا إليها في أوّل البحث .
وموردها إن كانت صورة تحقّق اللّوث والتهمة إلاّ أنّ دلالتها على اعتبارها في القسامة ممنوعة ، سيّما مع إطلاق كلام الإمام (عليه السلام) بعد نقل القصة الواقعة بخيبر ، فإنّ ظاهره أنّ مسألة الدّم لها خصوصية من جهة اعتبار القسامة من دون مدخلية أمر آخر ، والتفصيل في الذيل في الدية بين ما إذا وجد المقتول في القرية ، وبين ما إذا وجد في أرض فلاة ، بلزومها على أهل القرية في الأوّل ، ولزوم أدائها من بيت المال في الثاني ، لعلّه يستفاد منه عدم اعتبار اللّوث ، فتدبّر .
ومنها: صحيحة زرارة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القسامة؟ فقال: هي حقّ ، إنّ رجلاً من الأنصار وجد قتيلاً في قليب من قلب اليهود ، فأتوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فقالوا: يا رسول الله إنّا وجدنا رجلاً منّا قتيلاً في قليب من قلب اليهود ، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم ، قالوا: يا رسول الله ما لنا شاهدان من غيرنا ، فقال لهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) : فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم ، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نرَ؟ قال: فيقسم اليهود ، قالوا: يا رسول الله كيف نرضى باليهود وما فيهم من الشرك أعظم ، فودّاه رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
قال زرارة : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : إنّما جعلت القسامة احتياطاً لدماء الناس ، كيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل(1) .

  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 117 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 10 ح 3 .

(الصفحة 222)

وذكر الفاسق في مقام التعليل لا دلالة له على اعتبار اللّوث ، بعد احتمال أن يكون لأجل عدم صدور القتل من غير الفاسق نوعاً ، كما تقدّم .
ومنها: صحيحة مسعدة بن زياد ، عن جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي رضي الله عنه إذا لم يقم القوم المدّعون البيّنة على قتل قتيلهم ولم يقسموا بأنّ المتّهمين قتلوه ، حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً ، ثمّ تؤدّى(1) الدّية إلى أولياء القتيل ، ذلك إذا قتل في حيّ واحد ، فأمّا إذا قتل في عسكر أو سوق مدينة فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال(2) .
والظّاهر أنّ التعبير عن المدّعى عليه بالمتّهم كما في الرواية لا دلالة له على اعتبار الاتّهام في القسامة ، وأمّا التفصيل في الذيل فسيأتي البحث في المراد منه .
ومنها: موثّقة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشرّ المتّهم ، فإن شهدوا عليه جازت شهادتهم(3) .
وقد جعله في الجواهر(4) أظهر من الرواية المتقدّمة في الدلالة على اعتبار اللّوث ، وإن حكم بعده بعدم ظهورها فيه كالرواية السابقة ، ولعلّ الوجه فيه أنّ ذيل الرواية الظاهر في جواز الشهادة على المتّهم بعد القسامة كما يظهر من التفريع ظاهر في أنّ المراد بالقسامة في الصدر هي الأيمان المتوجّهة إلى المدّعى عليه ، لا الأيمان الثابتة ابتداء على المدّعي ، وعليه فالتغليظ فيها بلحاظ الرجل الكذائي الذي يفرّ من القتل الذي صدر منه لا دلالة له على انحصار مورد الأيمان بذلك .

  • (1) كذا في التهذيبين ، ولكن في كلا طبعتي الوسائل : يؤدّي .
  • (2) وسائل الشيعة: 19 / 115 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 9 ح 6 .
  • (3) وسائل الشيعة: 19 / 116 ، كتاب القصاص ، أبواب دعوى القتل ب 9 ح 7 .
  • (4) جواهر الكلام: 42 / 231 .