جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 29)

مورد السؤال هي صورة عدم قصد القتل بقرينة السؤال الحاكي عن وجود شبهة موجبة له ، ومن الواضح أنّه لو فرض ثبوت القصد مع كون العمل مؤثِّراً في القتل لا مجال للشبهة أصلاً ; لأنّه المورد الظاهر من قتل العمد . فنفس السؤال قرينة على عدم ثبوت قصد القتل بوجه ، وعلى تقدير التنزّل فمقتضى إطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب عدم الفرق بين صورتي القصد وعدمه ، وعلى أيّ تقدير فالرواية تدلّ على حكم المقام ، وأنّه هو ثبوت العمد ولو مع عدم  القصد .
ومرسلة يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)  ، قال: إن ضرب رجل رجلاً بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلّم فهو يشبه العمد فالدية على القاتل ، وإن علاه وألحّ عليه بالعصا أو بالحجارة حتّى يقتله فهو عمد يقتل به ، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلّم ثم مكث يوماً أو أكثر من يوم فهو شبه العمد(1) . بناء على أنّ المراد من قوله (عليه السلام) : «وإن علاه» ليس إذاكان قاصداً للقتل ، وإن كان قوله (عليه السلام) : «حتّى يقتله» مشعراً بذلك ، لأنّه ظاهر في أنّ الفرق بين هذا الفرض وبين الفرض الأوّل المذكور في الرواية ليس إلاّ في مجرّد كون مورد الفرض الأوّل هو الضرب بمثل العصا ضربة واحدة من دون أن يكون مقروناً بقصد القتل ، ومورد الفرض الثاني هو الضرب مع الإلحاح والتكرّر المنجرّ إلى الموت .
فلو كان المفروض في هذه الصورة تحقّق قصد القتل أيضاً يلزم ثبوت الاختلاف بين الفرضين من وجهين ، وهو خلاف ظاهر الرواية ، وعليه فيكون قوله (عليه السلام) : «حتّى يقتله» في هذه الرواية بمعنى قوله (عليه السلام) : «حتّى مات» في الرواية الأُولى ،
  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 25 ، أبواب القصاص في النفس ب 11 ح 5  .

(الصفحة 30)

مسألة 8 ـ لو ضربه بما لا يوجب القتل فأعقبه مرضاً بسببه ومات به فالظاهر أنّه مع عدم قصد القتل لا يكون عمداً ولا قود ، ومع قصده عليه القود1..

فالإنصاف ظهور الروايتين في أنّ الضرب المؤثِّر في القتل نوعاً موجب لتحقِّق موجب القصاص ، وإن لم يكن مقروناً بقصد القتل .

1 ـ وربما يقال بثبوت عنوان قتل العمد الموجب للقصاص في المقام وإن لم يكن مقروناً بقصد القتل ، قال في المسالك في وجهه: لأنّ ضربه وإن لم يكن قاتلاً غالباً ولا قصده ، إلاّ أنّ إعقابه للمرض الذي حصل به التلف صيّر الأمرين بمنزلة سبب واحد ، وهو ممّا يقتل غالباً; وإن كان الضرب على حدته مما لايقتل . ويؤيّده ما سيأتي من أنّ سراية الجرح عمداً يوجب القود وإن كان الجرح قاتلاً ، وهذا من أفراده; لأنّ المرض مسبَّب من الجرح ، ومنه نشأ الهلاك ، فكان في معنى السراية . وبهذا الحكم صرّح في القواعد(1) والتحرير(2) .
ولكنّه استشكل فيه بقوله: ولا يخلو من إشكال ، لأنّ المعتبر كما تقدّم إمّا القصد إلى القتل أو فعل ما يقتل غالباً ، والمفروض هنا خلاف ذلك ، وإنّما حدث القتل من الضرب والمرض المتعقب له ، والمرض ليس من فعل الضارب ، وإن كان سبباً  فيه(3) .
وأمّا صاحب الجواهر فقد اختار فيها(4) أنّه عمد مطلقاً ، نظراً إلى مسلكه من
  • (1) قواعد الأحكام: 2 / 278  .
  • (2) تحرير الأحكام: 2 / 241  .
  • (3) مسالك الأفهام: 15 / 70  .
  • (4) جواهر الكلام: 42 / 24  .

(الصفحة 31)

عدم اعتبار قصد القتل ولا كون الشيء ممّا يقتل مثله غالباً ، إذ هو عمد إلى القتل ، لا قتله عامداً ، والعنوان في الأدلّة الثاني لا الأوّل . وذكر أنّ ما في بعض النصوص من عدم تحقّق العمد فيما إذا ضرب ضربة بالعصا فمات المضروب إنّما هو على خلاف القاعدة فيقتصر فيه على مورده ، وأمّا المقام فلم يدلّ دليل على خروجه ، فيبقي تحت القاعدةويحكم بكونه عمداً ، والحكم بثبوت القود في مورد سراية الجرح غير القاتل إنّما هو لهذه الجهة ، لا لأجل كونه بسبب السراية يصير ممّا يقتل مثله.
والحقّ أن يقال ـ بناءً على ما اخترناه من اعتبار أحد الأمرين في تحقّق عنوان العمد على سبيل منع الخلوّ ، ولازمه كون ما ورد في الضربة بالعصا من النصوص الدالّة على أنّه يشبه العمد إنّما هو على وفق القاعدة لا على خلافها ـ  : إنّ اللاّزم في المقام التفصيل في صورة عدم قصد القتل ابتداءً وأصالة ، بين ما إذا علم الضارب بأنّ ضربه يعقب المرض وأنّه يؤثّر في القتل غالباً ، وبين صورة الجهل بذلك ، ففي الصورة الأولى لا ينفكّ علمه بذلك عن قصد القتل تبعاً; لوضوح أنّه مع العلم بأنّ ضربه معقِّب للمرض الذي يترتّب عليه الموت كيف لا يكون قاصداً للقتل تبعاً ، ولو لم يقصده بالأصالة .
وأمّا في صورة الجهل فلا وجه لتحقّق عنوان العمد ، بعدما كان الصادر منه هو الضربة الواحدة غير المؤثِّرة في القتل غالباً ، وإعقابها للمرض المؤثّر فيه لم يكن معلوماً له بوجه . وقد مرّ في المسألة السادسة أنّ ثبوت القصاص في ضرب الضعيف المؤثّر في قتله إنّما هو فيما إذا كان الضارب عالماً بضعفه ، ولا يشمل صورة الجهل ، فالمقام أيضاً من هذا القبيل . ولعلّ الحكم بثبوت العمد في مورد سراية الجرح غير القاتل إنّما هو في خصوص صورة العلم بالسراية المؤثرة في القتل دون الأعمّ منها ومن صورة الجهل . وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى .

(الصفحة 32)

مسألة 9 ـ لو منعه عن الطعام أو الشراب مدّة لا يحتمل لمثله البقاء فهو عمد وإن لم يقصد القتل ، وإن كان مدّة يتحمّل مثله عادة ولا يموت به لكن اتفق الموت ، أو أعقبه بسببه مرض فمات ففيه التفصيل بين كون القتل مقصوداً ولو رجاءً أو لا1.

مسألة 10 ـ لو طرحه في النار فعجز عن الخروج حتّى مات ، أو منعه عنه حتّى مات قتل به ، ولو لم يخرج منها عمداً وتخاذلاً فلا قود ولا دية قتل ، وعليه دية جناية الإلقاء في النار ، ولو لم يظهر الحال واحتمل الأمران لا يثبت قود ولا  دية2..

1 ـ لا إشكال في ثبوت العمد الموجب للقصاص في الفرض الأوّل وإن لم يقصد القتل ، لأنّ المفروض عدم تحمّل مثله من جهة السنّ والحال وغيرهما; للممنوعية عن الطعام أو الشراب في تلك المدة .
كما أنّه لا إشكال في عدم تحقّق العمد مع عدم قصد القتل فيما إذا كان المنع مدّة يتحمّل مثله عادة ولا يموت به غالباً ، ولكن تحقّق الموت على سبيل المصادفة والإتفاق ، كضربة واحدة بمثل العصا ، وأمّا فيما إذا أعقب مرضاً وصار المرض سبباً للموت فاللاّزم بمقتضى ما مرّ في المسألة المتقدّمة التفصيل مع عدم قصد القتل ، بين صورة علمه بذلك وأنّ المنع يعقب مرضاً كذلك ، فيتحقّق العمد لثبوت قصد القتل لا محالة ولو تبعاً; وبين صورة الجهل بذلك ، فلا وجه للقصاص لعدم تحقّق العمد بوجه .

2 ـ في هذه المسألة فروع:
الأوّل: ما لو طرحه في النار ، ولكنّه كان عاجزاً عن الخروج مع العلم بذلك أو
(الصفحة 33)

منعه عنه حتّى مات ، ولا إشكال فيه في ثبوت القود ، لتحقّق موجبه الذي هو قتل العمد ، لكون العمل مؤثِّراً في القتل والموت من دون فرق بين صورة العجز وصورة المنع ، وهذا واضح .
الثاني: ما لو طرحه في النار ولكنّه كان قادراً على الخروج ، ومع ذلك لم يخرج منها عمداً وتخاذلاً ، ولا ينبغي الإشكال في عدم استناد القتل في هذا الفرض إلى الملقي ، بل هو مستند إلى البقاء الذي هو فعل اختياريّ للمطروح ، ضرورة أنّه لو لم يختر المكث والبقاء لما تحقّق الموت أصلاً ، فالموت مستند إلى نفسه لا محالة ، ولا يستند إلى عمل الملقي الذي هو مجرّد الإلقاء الذي لا يترتّب عليه الموت . ومنه يظهر أنّه كما لا مجال للقصاص في هذا الفرض ، لا يثبت دية أيضاً; لأنّ ثبوت الدية فرع الاستناد ، ولو كان بنحو الخطأ أو شبه العمد ، والمفروض انتفاء الاستناد رأساً . نعم لو ترتّب على مجرّد الإلقاء جناية تجب ديتها على الملقي ، ولكنّها لا ترتبط بالقتل الموجب للقصاص أو الدية .
ثمّ إنّ الفرق بين هذه الصورة ، وبين ما إذا كان قادراً على المعالجة والمداواة ، ولكنّه تركها اختياراً حتّى مات ـ الذي ادّعى صاحب الجواهر (قدس سره)(1) فيه الاتفاق على الضمان ـ هو أنّه مع ترك المعالجة وإن كان يتحقّق التقصير بملاحظة عدم رعاية حفظ النفس الواجب عليه لأنّ المفروض القدرة عليه ، إلاّ أنّه لا يوجب استناد الموت إلى التارك لها ، بل الموت مستند إلى مثل الجارح ، فإنّ الجرح صار سبباً لتحقق الموت ، وإن كان المجروح قادراً على إيجاد المانع بسبب المعالجة ، إلاّ أنّ استناد الموت إنّما هو إلى المقتضي والسبب دون عدم المانع . وهذا كما لو كان من يراد
  • (1) جواهر الكلام: 42 / 27 .