جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 70)

أحدهما: إنّ القتل مع الإكراه لا ينسب إلاّ إلى المُكرَه المباشر ، ولا يضاف إلاّ إليه ، والإكراه لا يوجب سلب الإضافة بعد صدور الفعل عن المُكرَه عن إرادة واختيار ، وترجيحه على الضرر المتوعَّد به من ناحية المُكرِه . ويدلّ عليه العرف والعقلاء واللغة أيضاً ، فكما أنّ الإكراه على شرب الخمر مثلاً لا ينافي الإسناد إلى المباشر والحكم بأنّه شارب الخمر ، كذلك الإكراه على القتل ، فالقاتل هو المباشر دون الآمر ، وهذا من الوضوح بمكان .
ثانيهما: إنّ حديث الرفع(1) وإن كان مشتملاً على رفع ما استُكرِهوا عليه ، ويدلّ على رفع الحكم التكليفي والوضعي المترتّب على العمل المُكرَه عليه مع قطع النظر عن الإكراه ، إلاّ أنّه لا يشمل الإكراه على القتل ، وإن توعّده بالقتل ، لما ورد في النص والإجماع من أنّه «إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس تقية»(2) بل قد ذكرنا في أوائل كتاب الحدود(3): إنّ إطلاق حديث الرفع لا يشمل كل محرَّم سوى القتل أيضاً ، ضرورة أنّه لا يكاد يسوغ بالإكراه والتوعّد بالضرر المالي مثلاً ـ وإن كان مضرّاً بحاله ـ الزنا ، خصوصاً إذا كان مقروناً بالإحصان ، ولا يخرج عن الحرمة مثل ذلك بمجرّد التوعيد بالإهانة الموجبة لهتك الحيثية وأشباههما .
وبالجملة: كما لا يسوغ قتل الشخص لأكله في المخمصة لأجل الاضطرار ، كذلك لا يجوز قتل الشخص لأجل الإكراه عليه ، فهو القاتل عمداً عدواناً ، والقود عليه لا على المُكرِه . نعم ورد في رواية صحيحة وجوب حبسه حتّى يموت ، وهي ما
  • (1) وسائل الشيعة: 11 / 295 ، أبواب جهاد النفس ب 56 ح1  .
  • (2) وسائل الشيعة: 11 / 483 ، كتاب الجهاد ، أبواب الأمر والنهي ب 31 ح1 و 2  .
  • (3) تفصيل الشريعة ، كتاب الحدود : 20 ـ 21 .

(الصفحة 71)

رواه المشايخ الثلاثة بطرق صحيحة عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل أمر رجلاً بقتل رجل فقتله ، فقال: يقتل به الذي قتله ، ويحبس الآمر بقتله في الحبس حتى يموت . وفي رواية الصدوق: أمر رجلاً حرّاً(1) .
وقال صاحب الجواهر (قدس سره) بعد نقل الرواية: ولا بأس بالعمل بها بعد صحّتها وعمل غير واحد من الأصحاب بها ، فما عساه يظهر من المتن من التوقف في ذلك في غير محلّه(2) .
أقول: لعلّ منشأ توقف المحقّق في الشرائع(3) وجود صحيحة حريز المتقدّمة الدالّة على انحصار التخليد في السجن في الثلاثة ، وهذا المورد ليس منها ، لأنّها عبارة عن الممسك على الموت ، والمرأة المرتدّة ، والسارق في المرّة الثالثة . وهي أيضاً رواية صحيحة لابدّ من ملاحظتها ، وهل يمكن الجمع بينهما بحمل الحصر فيها على الحصر الإضافي ، أو بحمل هذه الرواية على مجرّد الرجحان دون خصوص الوجوب ، والظّاهر استبعاد كلا الجمعين ، فإنّ الحصر الإضافي مع كون الاُمور الثلاثة المذكورة فيها غير مرتبطة وغير مجتمعة تحت جامع في غاية البعد ، كما أنّ الرجحان في باب الحدود والقصاص لا مجال له ولا يقاس بباب العبادات ، كما لايخفى ، فالإنصاف أنّ للتوقّف في المسألة مجالاً .
الثاني: ما لو كان المُكرَه غير مميِّز كالمجنون والطفل غير المميِّزين ، ولا خفاء في ثبوت القصاص في هذا الفرض على المكره الآمر ، لأنّ غير المميِّز بمنزلة الآلة بالإضافة إلى الآمر ، والقتل ينسب إليه لا إلى غير المميِّز ، فالقود عليه .

  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 32 ، أبواب القصاص في النفس ب 13 ح 1  .
  • (2) جواهر الكلام : 42 / 48  .
  • (3) شرائع الإسلام: 4 / 975  .

(الصفحة 72)

الثالث: ما لو كان المُكرَه طفلاً مميّزاً ، ويظهر من المتن أنّ فيه صورتين:
إحداهما: ما إذا كان في البين مجرّد الأمر الخالي عن الايعاد والتخويف المتحقّق في الإكراه .
ثانيتهما: ما إذا كان في البين الإكراه المشتمل على التخويف ، والظاهر أنّه لا مجال للإشكال في الصورة الأُولى في أنّه لا يثبت القود على واحد منهما; إمّا على الآمر فلعدم استناد القتل إليه بعد كون المباشر مميِّزاً ، وإمّا على المباشر فلعدم كونه بالغاً ، والبلوغ معتبر في القصاص . نعم حكي عن الشيخ في المبسوط(1) والنهاية(2)وابن البرّاج في المهذب(3) والجواهر(4) أنّه يقتصّ منه إن بلغ عشراً مستنداً إلى أنّه مقتضى عموم أخبار القصاص ، ويؤيّده ما دلّ على جواز عتقه وصدقته وطلاقه ووصيّته ، وحكي عن الوسيلة(5) أنّ المراهق كالعاقل ، وعن المقنع(6) والمقنعة(7)يقتصّ منه إن بلغ خمسة أشبار ، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر السكوني : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتصّ منه ، وإذا لم يكن يبلغ خمسة أشبار قضى بالدية(8) .
ولكن يرد على الأوّلين ما دلّ على رفع القلم عن الصبي حتّى يبلغ(9) ، وما دلّ
  • (1) المبسوط : 7 / 44  .
  • (2) النهاية: 761  .
  • (3) لم نعثر عليه .
  • (4) جواهر الفقه: 214 مسألة 744  .
  • (5) الوسيلة: 438  .
  • (6) المقنع : 523  .
  • (7) المقنعة: 748  .
  • (8) وسائل الشيعة: 19 / 66 ، أبواب القصاص في النفس ب 36 ح1  .
  • (9) وسائل الشيعة: 1 / 32 ، أبواب مقدّمة العبادات ب 4 ح11  .

(الصفحة 73)

مسألة 35 ـ لو قال بالغ عاقل لآخر: اقتلني وإلاّ قتلتك ، لا يجوز له القتل ولا ترفع الحرمة ، لكن لو حمل عليه بعد عدم إطاعته ليقتله جاز قتله دفاعاً بل وجب ، ولا شيء عليه ، ولو قتله بمجرّد الإيعاد كان آثماً ، وهل عليه القود؟ فيه إشكال وإن كان الأرجح عدمه ، كما لايبعد عدم الدية أيضاً1..

على أنّ عمد الصبي وخطأه واحد ، أو أنّ عمد الصبي خطأ(1) ، والحكم بجواز مثل العتق والصدقة لا يستلزم الحكم بثبوت الحرمة التي لا يتحقّق موجب القصاص بدونها .
وأمّا الأخير ، فالرواية معرَض عنها لدى المشهور(2) ، فلا مجال للأخذ بها ، فالظّاهر حينئذ عدم ثبوت القصاص على الصبي ولو كان مراهقاً .
وامّا الصورة الثانية المشتملة على الإكراه ، فقد احتمل فيها في المتن ثبوت القود على المُكرِه بعد عدم ثبوته على المُكرَه لعدم البلوغ ، والحبس أبداً حتّى يموت ، ولكنّ الظاهر أنّه لا وجه للاحتمال الأوّل ; لأنّ عدم البلوغ لا يوجب استناد القتل إلى المُكرِه ، لأنّه لا فرق في هذه الجهة بين كون المُكرَه مميّزاً أو بالغاً ، ومع عدم الاستناد لا مجال لثبوت القصاص ، فالظاهر هو الاحتمال الثاني ، لو فرض ثبوت الحبس أبداً في الفرع الأوّل من فروع الإكراه .

1 ـ في هذه المسألة جهتان من البحث:
الأُولى: في أنّه على تقدير هذا القول هل يصير قتله مجازاً ومشروعاً ، أو أنّه لا يصير القتل بذلك مشروعاً . والظاهر أنّ هذا القول بمجرّده لا يوجب صيرورة
  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 307 ، كتاب الديات ، أبواب العاقلة ب 11 ح2 و 3  .
  • (2) راجع مسالك الأفهام: 15 / 87 وجواهر الكلام: 42 / 48  .

(الصفحة 74)

القتل جائزاً ، فإنّه إذا لم يشرع لنفسه أن يقتل نفسه ، لعدم كونه مسلَّطاً من قبل المالك الحقيقي على هذا النحو من التصرّف ، فلا وجه لأن يكون إذنه وطلبه موجباً لجوازه للغير ، فهذا القول بمجرّده لا يرفع الحرمة ولا يجوّز القتلَ .
نعم ، لو حمل عليه المُكرِه بعد عدم إطاعته ، ليحقّق القتل المتوعّد به ، يجوز بل يجب عليه الدفاع ولو انجرّ إلى قتل المُكرِه ، لكنّ الجواز في هذه الصورة مستند إلى عنوان الدفاع ، كما فيما لو حمل عليه كذلك من دون إكراه ، لا إلى الإذن المستفاد من قوله ، ولو كان مقروناً بالإكراه والتوعيد .
الثانية: أنّه لو تحقّق القتل من المُكرَه ، مع عدم جوازه له وكونه آثماً في ذلك ، فهل يكون عمله موجباً للقصاص ، كما إذا كان المُكرَه عليه قتل غير المُكرِه ، كما فيما تقدّم من ثبوت القصاص على المُكرَه المباشر أو لا يكون موجباً له ، لخصوصية في المقام غير موجودة في ذلك المورد؟ وجهان:
من أنّه لا فرق بين كون المُكرَه عليه قتل الغير ، وبين ما لو كان قتل نفس المُكرِه ، فإنّه في كلتا الصورتين يكون القتل محرَّماً موجباً للقصاص ، لصدوره عمداً عدواناً .
ومن ثبوت الفرق، إمّا من جهة أنّه إذا كان للوارث الذي هو وليّ المقتول وفرعه، إسقاط الحقّ والعفو عن ضمان القصاص والدية ، فثبوت هذا الحق للمورِّث الذي هو الأصل إنّما هو بطريق أولى ، ضرورة أنّ الرجوع إلى الوارث إنّما هو لعدم إمكان الرجوع إلى المورِّث بسبب الموت ، وإلاّ فالحق له أوّلاً ، فيجوز له إسقاط حقّه ، كما فيما إذا لم يكن في البين إكراه ، كما إذا علم زيد بأنّ عمراً إنّما يكون بصدد قتله وأنّه يقتله في الآجل ، فأسقط حقّه من القصاص والدية ، قائلاً بأنّه إذا صدر قتلي من ناحية عمرو أسقطت حقّي منه ، والظاهر أنّه لا مجال للإشكال في  ذلك .