جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه106)

توصيفٌ للوضع بمعنى اسم المصدر، والنتيجة الحاصلة من عمل الواضع.

إن قلت: إنّه لو كانت ماهيّة الوضع بمعنى المصدر معرَّفاً فلا معنى لهذالتقسيم أصلاً وأبداً.

قلت: هذا التقسيم ظاهري، ومعلوم أنّ كلّ ظاهر مأخوذ به ما لم تكنقرينة على خلافه، ولنا قرينة على أنّ إطلاق كلمة الوضع على الوضع التعيّنيمجازٌ، وكثرة الاستعمال فيه يوجب صدق عنوان المعنى الحقيقي، ومن البديهيأنّ كلّ معنى حقيقي لايكون موضوعاً له، فلا تكون حقيقة الوضع في الوضعالتعيّني موجودة.

القول الثاني: نسب إلى بعض الأعاظم ـ على ما في كتاب المحاضرات(1) القول بأنّ حقيقة الوضع من الاُمور الواقعيّة، لا بمعنى أنّها من إحدىالمقولات؛ ضرورة وضوح عدم كونها من مقولة الجوهر؛ لانحصارها في خمسةأقسام: العقل والنفس والصورة والمادّة والجسم، وهي ليست من إحداها،وكذا عدم كونها من المقولات التسع العرضيّة أيضاً؛ لأنّها متقوّمة بالغير فيالخارج؛ لاستحالة تحقّقها في العين بدون موضوع توجد فيه، فإنّ وجودها فينفسها عين وجودها لغيرها، وهذا بخلاف حقيقة العُلقة الوضعيّة، فإنّها قائمةبطبيعي اللفظ والمعنى ومتقوّمة بهما، فلا يتوقّف ثبوتها وتحقّقها على وجودهمفي الخارج، وهذا واضحٌ.

ولذا يصحّ وضع اللفظ لمعنى معدوم، بل مستحيل، بل بمعنى أنّها عبارة عنملازمة خاصّة وربط مخصوص بين طبيعي اللفظ والمعنى الموضوع له، نظيرسائر الملازمات الثابتة في الواقع بين أمرين من الاُمور التكوينيّة، مثل: قولنا:


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 38 ـ 39.
(صفحه 107)

إن كان هذا العدد زوجاً فهو منقسمٌ إلى المتساويين، وإن كان فرداً فهو غيرمنقسم كذلك، فالملازمة بين زوجيّة العدد وانقسامه إلى متساويين وبينفرديّته وعدم انقسامه كذلك ثابتةٌ في نفس الأمر والواقع أزلاً، غاية الأمر أنّتلك الملازمة ذاتيّة أزليّة، وهذه الملازمة جعليّة اعتباريّة، لا بمعنى أنّ الجعلوالاعتبار مقوّم لذاتها وحقيقتها، بل بمعنى أنّه علّة وسبب لحدوثها وبعدهتصير من الاُمور الواقعيّة. وكونها جعليّة بهذا المعنى لا ينافي تحقّقها وتقرّرهفي لوح الواقع ونفس الأمر، وكم له من نظير.

وقد حققنا في محلّه أنّ هذه الملازمات ليست من سنخ المقولات في شيءكالجواهر والأعراض، فإنّها وإن كانت ثابتة في الواقع في مقابل اعتبار أيّمعتبر وفرض أي فارض كقوله تعالى: «لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُلَفَسَدَتَا»(1)، فإنّ الملازمة بين تعدّد الآلهة وفساد العالم ثابتةٌ واقعاً وحقيقة، إلأنّها غير داخلة تحت شيء منها، فإنّ سنخ ثبوتها في الخارج غير سنخ ثبوتالمقولات فيه، كما هو واضح.

وأشكل عليه بعض الأعلام بأنّه قدس‏سره إن أراد بوجود الملازمة بين طبيعياللفظ والمعنى الموضوع له وجودها مطلقاً حتّى للجاهل بالوضع فبطلانه منالواضحات التي لا تخفى على أحد، فإنّ هذا يستلزم أن يكون سماع اللفظوتصوّره علّة تامّة لانتقال الذهن إلى معناه، ولازمه استحالة الجهل باللغات،مع أنّ إمكانه ووقوعه من أوضح البديهيّات.

وإن أراد قدس‏سره به ثبوتها للعالم بالوضع فقط دون غيره فيرد عليه: أنّ الأمروإن كان كذلك ـ يعني: أنّ هذه الملازمة ثابتةٌ له دون غيره ـ إلاّ أنّها ليست


  • (1) الأنبياء: 22.
(صفحه108)

بحقيقة الوضع، بل هي متفرّعة عليها ومتأخّرة عنها رتبةً، ومحلّ كلامنا هنتعيين حقيقة الوضع التي تترتّب فيها الملازمة بين تصوّر اللفظ والانتقال إلىمعناه.

أقول: لا يخفى عليك أنّ أساس هذا الإشكال باطلٌ؛ إذ الواضع أوجدالملازمة بين اللفظ والمعنى واقعاً، ولا ربط له بالعالم والجاهل، كالملازمةالواقعيّة التي بيّنها في الآية: «لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا»، ولكن يبقىالإشكال بأنّه ليس في كلام بعض الأعاظم كلمة «الإيجاد».

نعم، يمكن أن يكون مراده قدس‏سره هذا، ولكنّ كلامه قدس‏سره مخدوش من جهة اُخرى،فإنّه لا يعقل لنا تصوّر الملازمة التي كانت لها من ناحية الحدوث سابقة العدم،ومن ناحية البقاء واقعيّة أزليّة، فكيف يمكن هذا مع أنّ نفس عمل الواضع لهعنوان اعتباري؟! فلابدّ من كونها إمّا حدوثاً وبقاءً أزليّة، وإما حدوثاً وبقاءًاعتباريّة، مع أنّه لا يوجد باعتبار معتبر واقعيّة أزليّة.

القول الثالث: وهو لجماعة من العلماء، منهم صاحب كتاب منتهىالاُصول(1)، وهو: أنّ الوضع عبارة عن الهوهويّة والاتّحاد بين اللفظ والمعنى فيعالم الاعتبار.

توضيحه: أنّ هذه الهوهويّة والاتّحاد ملاك للحمل في القضايا الحمليّة، مثل:«زيد قائمٌ»؛ إذ لا يكون بينهما نسبة متحقّقة، فإنّ كلاهما واحد، ولكنّ هذهالهوهويّة والاتّحاد ههنا واقعيّة، بخلافها في مسألة الوضع فإنّها فيه اعتباريّة.ولا يخفى أنّ اتّحاد الواقعيّة لا يمكن أن توجد بصرف الإنشاء والتشريع، وأمّالاعتباريّة فلا مانع من إيجادها في عالم الاعتبار بصرف الإنشاء والجعل


  • (1) منتهى الاُصول 1: 15.
(صفحه 109)

التشريعي، وإلى هذا ترجع توسعة الموضوع في الحكومة الواقعيّة كقوله عليه‏السلام :«الطواف بالبيت صلاة» وقد قال شيخنا الاُستاذ في فرائده بمثل ذلك في كيفيّةحجّيّة الأمارات: بأنّ المجعول فيها هو الهوهويّة، بمعنى: أنّ المجعول فيها هو أنّالمؤدّى هو الواقع.

والحاصل: أنّ حال الهوهويّة الاعتباريّة هنا حال سائر الاعتباريّات في أنّإيجادها بإنشائها بمكان من الإمكان.

وأمّا الدليل على أنّ الوضع بهذا المعنى فهو كما يلي: أوّلاً: أنّه لاشكّ في أنّإلقاء اللفظ إلقاء المعنى عند إلقاء المراد إلى الطرف، ومعلوم أنّ إلقاء شيء ليسإلقاء شيء آخر، إلاّ فيما إذا كانت بينهما هوهويّة واتّحاد، وإلاّ لا يكون إلقاءأحدهما إلقاءً للآخر.

وثانياً: قد تقرّر عند العلماء أنّ لكلّ شيء أربعة أنحاء من الوجودات ـ أيالوجود الحقيقي الخارجي، الوجود الذهني، الوجود الإنشائي، الوجوداللفظي ـ فلو لم يكن ذلك الاتّحاد كيف يمكن أن يكون وجود شيء أجنبي عنشيء آخر وجوداً له مع أنّ اللفظ من مقولة الكيف المسموع والمعنى من مقولةاُخرى؟! ثمّ أيّده بأنّ لهذه الجهة أيضاً يسري قبح المعنى وحُسنه إلى اللفظ.

وأيضاً: أنّ في مقام الاستعمال يكون اللفظ فانياً في المعنى لا استقلال له فيقبال المعنى، وهكذا في مسألة الوضع، وهذا يكشف عن الاتّحاد الاعتباريبينهما.

أقول: هذا المعنى بعيدٌ عن أذهان عامّة الواضعين ومخالف للوجدان، فإنّنمن الواضعين، ومسألة الوضع محلّ ابتلاء عامّة الناس، فإذا وُلد مولودٌ أواخترع أحدٌ مخترَعاً أو صنّف كتاباً فإنّه يضع له لفظاً بعنوان الاسم؛ ليدلّ عليه

(صفحه110)

ويحكى به عنه وليس فيه من إيجاد الاتّحاد بين اللفظ والمعنى خبرٌ ولا أثر،وهكذا في وضع اللفظ للمفهوم الكلّي، ولا فرق بينهما في صدق الوضع عليهما،وأنّ كليهما من أقسام الوضع ـ كما سيأتي إن شاء اللّه‏ ـ فلا تكون حقيقة الوضعبهذه الدقّة التي تغفل عنها أذهان الخاصّة فضلاً عن العامّة.

وجواب دليله الأوّل: أنّ أصل هذا الكلام صحيحٌ، ولكنّ العلّة فيه ليستالاتّحاد والهوهويّة، بل الدليل أنّ المعاني في مقام التفهيم والتفهّم مقصودةبالأصالة، والألفاظ آلة محضة لإبراز المعاني ومقصودة بالتبع، ولذا يكون إلقاءاللفظ للمخاطب إلقاءً للمعنى بلا توجّه منه إلى اللفظ.

وأمّا جواب دليله الثاني: فإنّ هذا الدليل لو تأمّل فيه دليلٌ على المباينة بيناللفظ والمعنى؛ إذ لا شكّ ولا ريب في أنّ كلّ قسم من أقسام المقسم قسيمللآخر ومباين له، كمباينة البقر والبشر من أقسام الحيوان، فيكون الوجوداللفظي للمعنى مبايناً لوجوده الحقيقي كمباينته لوجوده الذهني، فكيف يكونالاتّحاد والهوهويّة بين اللفظ والمعنى مع مباينة وجوده اللفظي مع وجودهالحقيقي؟! ومن البديهي أنّه لو كان بين «زيد» و«قائم» اتّحاد وهوهويّة وهكذبين «زيد» و«عالم» للزم الاتّحاد والهوهويّة بين «القائم» و«العالم»، فلك أنتقول: العالم قائمٌ، وهكذا في عالم الاعتبار، فإذا اعتبر الاتّحاد والهوهويّة بينشيئين فإنّه يعتبر بين لوازمهما أيضاً، وإذا اعتبر بين اللفظ والمعنى اتّحادوهوهويّة فلا معنى للمباينة بين وجوده اللفظي ووجوده الحقيقي، بل تنفىنفس هذه المسألة الاتّحاد ههنا.

هذا، ولا يخفى أنّ أصل هذا التقسم أيضاً كان نوعاً من المسامحة؛ إذ لا معنىللوجود اللفظي حقيقةً وواقعاً، فهذا التفسير لحقيقة الوضع غير تام.