جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 475)

«الطلب الحقيقي طلبٌ»، فلا محالة تكون هذه قضيّة حمليّة بالحمل الشائعالصناعي، وقد يجعل الطلب الذهني موضوعاً ويحمل عليه مفهوم الطلب، وقديجعل الطلب الإنشائي موضوعاً ويحمل عليه مفهوم الطلب.

وقال المرحوم صدر المتألّهين: إنّ هذين الحملين لا يكونان حملاً شائعاً ولحملاً أوّليّاً ذاتيّاً، بل نوع آخر من الحمل، فإنّ الموضوع في الحمل الشائع لابدّأن يكون مصداقاً حقيقيّاً للمحمول، فإن كان مصداقاً ذهنيّاً أو إنشائيّاً له فليكون حملاً شائعاً صناعيّاً. وكان كلام صاحب الكفاية قدس‏سره ناظراً إلى هذا المعنى.

ولابدّ لنا بالمناسبة من ذكر بحث في حقيقة الإنشاء، قال الشهيد الأوّل ـ فيكتاب قواعد الأحكام الذي نظّمه الفاضل المقداد وسمّـاه باسم نضد القواعدالفقهيّة(1) ـ : «الإنشاء هو القول الذي يوجد به مدلوله في نفس الأمر».

ولا يكون ذكر القول في كلامه للاحتراز عن غيره، بل لعلّ ذكره كانلوضوحه وكونه فرداً كاملاً لما يتحقّق به الإنشاء، فمقصوده في الواقع أعمّ منالقول والفعل، فالبيع أمرٌ اعتباري يتحقّق بسبب القول والفعل في نفس الأمر،وتترتّب عليه الآثار عند العقلاء والشارع كالتمليك والتملّك، وهكذا في النكاحوأمثال ذلك، ولا يكون البيع ونحوه من الاُمور الواقعيّة، فإنّ تحقّقه لايوجبتغييراً واقعيّاً في البائع والمشتري، ولا الثمن والمثمن، بل يوجب تبديل الإضافةالاعتباريّة في الثمن والمثمن، ولا يكون أيضاً من الاُمور الذهنيّة؛ لأنّ الوجودالذهني عبارة عن تصوّر مفهوم البيع وإيجاد البيع في الذهن لا في عالمالاعتبار، ولا يبحث في علم الفلسفة عن الاُمور الاعتباريّة، بل يبحث فيه عنالواقعيّات، ولذا تكون واقعيّة الوجود الذهني أيضاً مورداً للتأمّل، فلاحظّ


  • (1) نضد القواعد الفقهية: 137.
(صفحه476)

للاُمور الاعتباريّة والذهنيّة في هذا العلم.

نعم، لاينحصر الوجود الإنشائي في الاُمور الاعتباريّة، ولا يشمل جميعالمفاهيم والماهيّات، بل يشمل بعض المفاهيم التي لها مصاديق حقيقيّة، مثلمفهوم الطلب والاستفهام والتمنّي والترجّي الموجودة في القرآن، كما قال بهصاحب الكفاية قدس‏سره (1).

والظاهر أنّ المشهور أيضاً يقول بأنّ الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ.

وأشكل على هذا القول بعض الأعلام في كتاب البيان في تفسير القرآن(2)،وملخّص كلامه: أنّ الوجود الإنشائي لا أصل له، واللفظ والمعنى وإن كانتلهما وحدة عرضيّة منشأها ما بينهما من الربط الناشئ من الوضع، ومن ذلكيسري حسن المعنى أو قبحه إلى اللفظ، إلاّ أنّ هذا لايختصّ بالجملالإنشائيّة، بل يعمّ الجمل الخبريّة والمفردات أيضاً، وأمّا وجود المعنى بغيروجوده اللفظي فينحصر في نحوين:

أحدهما: وجوده الحقيقي الذي يظهر به في نظام الوجود من الجواهروالأعراض، ولابد في تحقّق هذا الوجود من تحقّق أسبابه وعلله، والألفاظأجنبيّة عنها بالضرورة.

وثانيهما: وجوده الاعتباري، وهو نحو من الوجود للشيء، إلاّ أنّه في عالمالاعتبار لا في الخارج، وتحقّقه باعتبار من بيده الاعتبار، واعتبار كلّ معتبرقائم بنفسه ويصدر منه بالمباشرة، ولا يتوقّف على وجود لفظ في الخارج أبداً.

أمّا إمضاء الشارع أو إمضاء العقلاء للعقود أو الإيقاعات الصادرة من


  • (1) كفاية الاُصول 1: 102 ـ 103.
  • (2) البيان في تفسير القرآن: 409 ـ 410.
(صفحه 477)

الناس فهو وإن توقّف على صدور لفظ من المنشئ أو ما بحكم اللفظ، ولا أثرلاعتباره إذا تجرّد عن المبرز من قول أو فعل، إلاّ أنّ الإمضاء المذكور متوقّفعلى صدور لفظ قصد به الإنشاء، وموضع البحث هو مفاد ذلك اللفظ الذيجيء به في مرحلة سابقة على الإمضاء، فالقول بالوجود الإنشائي للبيعـ مثلاً ـ قبل إمضائه من الشارع وتحقّقه في عالم الاعتبار لا أساس له.

ثمّ قال في مقام الحلّ: والصحيح أنّ الهيئات الإنشائيّة وضعت لإبراز أمر مّمن الاُمور النفسانيّة، وهذا الأمر النفساني قد يكون اعتباراً من الاعتباراتكما في الأمر والنهي والعقود والإيقاعات، وقد يكون صفة من الصفات كما فيالتمنّي والترجّي، فهيئات الجمل أمارات على أمر مّا من الاُمور النفسانيّة، وهوفي الجمل الخبريّة قصد الحكاية، وفي الجمل الإنشائيّة أمر آخر.

ثمّ إنّ الإتيان بالجملة المبرزة بوضعها لأمر نفساني قد يكون بداعي إبرازذلك الأمر، وقد يكون بداعي آخر سواه، وفي كون الاستعمال في هذا القسمالأخير مجازاً أو حقيقة كلام ليس هنا محلّ ذكره.

وجوابه: أوّلاً: أنّ إشكاله على المشهور ليس بصورة برهان منطقي دائر بينالنفي والإثبات، فإنّه يقول: لو كان منشأ الوجود الإنشائي العلقة الوضعيّة فهويعمّ الجمل الخبريّة والمفردات أيضاً، ولو لم يكن هذا منشأه فالوجود منحصرفي الوجود الحقيقي والاعتباري، وكلاهما أجنبيّ عن الوجود الإنشائي.

ولكن لقائل أن يقول: إنّه ما الدليل على انحصار الوجود بهذين النوعين؟

فلنا أن نقول: بأنّ هنا وجوداً ثالثاً يسمّى بالوجود الإنشائي.

وثانياً: لا شكّ في أنّه يجوز للبائع اعتبار الملكيّة والبيع قبل اعتبار الشارعوالعقلاء ـ يعني في المرحلة السابقة على الامضاء ـ وإلاّ لا معنى لإبراز ما في

(صفحه478)

نفسه باللفظ، فنحن نقول بالوجود الإنشائي في هذه المرحلة، وأنّ البيع الذياعتبره البائع في نفسه يوجد بلفظ «بعت»، ولكنّه ربّما يكون منشأ لاعتبارالشارع والعقلاء، وربّما لا يكون منشأ لاعتبارهما كالمعاملة الفاسدة عندهما،فيتحقّق الوجود الإنشائي فيها أيضاً، ولكن لا يترتّب عليها الأثر المقصود عندالعقلاء والشارع.

وثالثاً: لا نسلّم أن تكون الألفاظ بعنوان الأمارة والمبرز لما تحقّق فيالنفس، بل يتحقّق البيع ونحوه بنفس اللفظ، ولا يكون ما اعتبره البائع فينفسه بيعاً، ويشهد له الوجدان والعقلاء من المتشرّعة، وغيره.

على أنّ الأمارة لا موضوعيّة لها، بل هي طريق وكاشفة عن الواقع للشاكّ،فإذا علم أنّ الزوجة في نفسها اعتبرت الزوجيّة فهل يمكن الالتزام بأنّه قدتحقّقت الزوجيّة ولا احتياج إلى اللفظ المبرز؟ فالتحقيق أنّ الاُمور الاعتباريّةوبعض المفاهيم ـ مثل الطلب ـ يوجد بالقول، ونسمّي هذا الإيجاد بالوجودالإنشائي، كما قال به المشهور.

والمحقّق الخراساني قدس‏سره (1) بعد القول بأنّ المراد من الطلب الذي يكون معنىالأمر هو الطلب الإنشائي لا الطلب الحقيقي، قال: ولو أبيت إلاّ عن كونهموضوعاً للطلب ـ أي الجامع بين الحقيقي والإنشائي ـ فلا أقلّ من كونهمنصرفاً إلى الإنشائي منه عند إطلاقه كما هو الحال في لفظ الطلب أيضاً، وذلكلكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائي، كما أنّ الأمر في لفظ الإرادة على عكسلفظ الطلب، والمنصرف منها عند إطلاقهما هي الإرادة الحقيقيّة، واختلافهما فيذلك ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من المغايرة بين


  • (1) كفاية الاُصول 1: 93.
(صفحه 479)

الطلب والإرادة، خلافاً لقاطبة أهل الحقّ والمعتزلة.

ولكن لابدّ لنا من ذكر مقدّمة لتحقيق المسألة وهي: أنّ المسائل الاعتقاديّةـ مثل وجود الصانع وصفاته الثبوتيّة والسلبيّة والمعاد وأمثال ذلك ـ كانتمحلاًّ للبحث والنزاع من القرون المتمادية قبل الإسلام بين الناس، وأمّا بعدظهور الإسلام ونزول القرآن فقد ظهر للمسلمين رؤوس المسائل الاعتقاديّةكمقام الربوبيّة والخالقيّة وسائر صفاته تعالى، والمبدأ والمعاد وغير ذلك، وأمّبعد استقرار الحكومة الإسلاميّة ووقوع حروب مكرّرة بين المسلمينوالكفّار، وإسارة بعض علمائهم، ومعاشاتهم معهم، وإلقاء اعتقاداتهم بينهم،وإسلام بعضهم على الظاهر، ونفوذ نظريّاتهم الخاصّة بينهم، فقد جعل بعضنظريّاتهم محلاًّ للبحث.

على أنّ ارتباط الخلفاء بالحكّام الكفّار وتبادل السفراء بينهم وانعقادالمعاهدات بينهم ـ مثل انعقاد المعاهدة بين معاوية وحاكم الروم(1) ـ أوجبوقوع المسلمين في جريان اعتقاداتهم.

والمهمّ من ذلك أنّ اندحار الكفّار ـ بالأخصّ اليهود والنصارى ـ وذلّتهم فيزمن حياة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بيد المسلمين وعدم تسليمهم مع ذلك في مقابلالإسلام من حيث الاعتقاد يوجب القطع بأنّهم كانوا دخلاء في انحرافالخلافة عن مسيرها الأصلي، بل نرى تسلّط أياديهم وعمّالهم على المقاماتالعاليّة من الحكومة الإسلاميّة ومشاورة الخلفاء لهم في الاُمور المهمّة، ويشهدعلى ذلك مصاحبة معاوية ومشاورته لـ «سرجون» النصراني وابنه منصوروحضورهما في المقامات العالية، مثل أمارة الماليّات وأرزاق العساكر،


  • (1) حجة السعادة: 70.