جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 233)

لم يحفظ ذكراً عن الوضع والنقل، مع أنّه لو كان هناك شيء لنقل إلينا؛ لكثرةالدواعي إلى نقله، والمهمّ منه عدم ذكر الأئمّة عليهم‏السلام للوضع في كلماتهم، مع أنّهمذكروا خصوصيّات مهمّة من حياته صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ولكن لم يتعرّضوا له أصلاً. ولم تتحقّقمسألة باسم الوضع حتّى لو قلنا بأنّ الوضع كما يحصل بالتصريح بإنشائهكذلك يحصل باستعمال اللّفظ في غير ما وضع له بقرينة الوضع كما قال بهصاحب الكفاية، وإلاّ لابدّ من ذكره في التأريخ أو في لسان الأئمّة عليهم‏السلام فإنّه ليسأقلّ أهمّية من كيفيّة وضوئه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله التي نقلت مراراً على ألسنتهم عليهم‏السلام .

الجهة الثانية: في ملاحظة كتاب اللّه‏ من حيث وجود تلك المعاني في الاُممالسابقة وعدمه فلا شكّ في أنّه يستفاد من مراجعة القرآن معهوديّة تلك المعانيفي الاُمم السابقة، كما ينبئ عنه غير واحد من الآيات، مثل: قوله سبحانه:«كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»(1)، وقوله تعالى فيمقام الحكاية عن قول عيسى عليه‏السلام : «وَ أَوْصَـنِى بِالصَّلَوةِ وَ الزَّكَوةِ مَا دُمْتُحَيًّا»(2)، وقوله سبحانه لإبراهيم عليه‏السلام : «وَ أَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَرِجَالاً»(3)، والمهمّ منها قوله تعالى: «وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءًوَتَصْدِيَةً»(4)، فثبوت هذه المعاني حتّى الزكاة في الشرائع السابقة لا إشكالولا كلام فيه، وإن لم نقل بثبوتها فيها بهذه الكيفيّة والأجزاء والشرائط الثابتةفي شرعنا، بل كانت فيها بعنوان عبادة مخصوصة سوى المعنى اللغوي،والاختلاف فيها بين شريعتنا وسائر الشرائع لا يكون أزيد من اختلافه


  • (1) البقرة: 183.
  • (2) مريم: 31.
  • (3) الحجّ: 27.
  • (4) الأنفال: 35.
(صفحه234)

بحسب حالات المكلّفين، كاختلاف صلاة الحاضر والمسافر والغريقوالمريض.

فهذه الآيات كلّها شواهد بيّنة على أنّ ألفاظ العبادات كانت معلومةالمفهوم عند رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأصحابه ومعاصريه من الكفّار، وكلّهم يفهمونمعانيها بلا معونة قرينةٍ.

إن قلت: إنّ ثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة لا يدلّ على وجود تلكالألفاظ فيها، بل كانت في بعضها بالسريانيّة كما في لغة عيسى عليه‏السلام ، أو بالعبريّةكما في لغة موسى عليه‏السلام وقد نقلت عنها بهذه الألفاظ الخاصّة في شريعتنا،لاقتضاء مقام الإفادة ذلك.

قلنا: إنّ المهمّ تحقّق هذه المعاني بعنوان عبادة مخصوصة في الشرائع السابقةولو كانت باللغة السريانيّة أو العبريّة، فإذا تحقّق أنّ الصوم أو الصلاة كان فيهبعنوان عبادة من العبادات يكفي في الاستدلال؛ على عدم كون هذه المعانيمستحدثة في شريعة الإسلام، مع أنّه مخالف لظاهر الآيات، ولا يكون جوابلمعهوديّة تلك الألفاظ عند رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ومعاصريه من الأصحابوالمشركين حين نزول الآيات.

ولا يتوهّم أنّ الألفاظ المذكورة موضوعة بإزاء تلك المعاني في ألسنةالأنبياء السالفة؛ لأنّه وإن كان ممكناً في نفسه إلاّ أنّه لا شاهد عليه، لا منالآيات، ولا من الروايات، مع أنّه لو كان كذلك فلا فائدة لنا في بحث الحقيقةالشرعيّة، فإنّ جميع الاستعمالات في لسان النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تحمل على المعاني السابقة.

الجهة الثالثة: في أنّه لابدّ للوضع من موقعيّة تقتضي تحقّقه فيها، ولا معنىله بدونها، فإنّ الواضع بعد ملاحظة أنّه كان معنى الصوم ـ مثلاً ـ مورداً لابتلاء

(صفحه 235)

الناس وأنّ تفهيمه من طريق الإشارة مشكل وضع هذا اللفظ لهذا المعنى؛لغرض السهولة في التفهيم والتفهّم، فإذا جاء رسول من اللّه‏ تعالى بدين جديدومسلك حادث كان موقعيّة وضعه من حين تبعيّة الناس له ورغبتهم إليهوبسط دينه، فهو بعد ملاحظة احتياجه واحتياج اُمّته إلى استعمال الألفاظ فيالمعاني المستحدثة يضع الألفاظ للمعاني على فرض تحقّقه بسبب النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .

وبناء على ذلك كان المقتضي له زمان تقرّره وحياته في المدينة، لازمانحياته في مكّة، حيث إنّ تابعيه في ذلك الزمان كانوا في غاية القلّة، مع أنّا نرىوجود ألفاظ العبادات في الآيات المكّيّة النازلة في ابتداء البعثة، كقوله سبحانهفي سورة المزمّل: «وَ أَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّكَوةَ»(1)، وقوله تعالى في سورةالأعلى: «وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِى فَصَلَّى»(2).

ولا شكّ في أنّ المراد من الصلاة هي العبادة المخصوصة، وأنّ دلالتها عليهليست بمعونة قرينة حاليّة أو لفظيّة، فإنّا نرى عدم وجود قرينة لفظيّة في الآية،وأمّا القرينة الحاليّة فليست مناسبة للكتاب الذي كان بعنوان معجزة باقية إلىيوم القيامة، فكيف وضع رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هذه الألفاظ لتلك المعاني مع أنّالموقعيّة لم تقتضيه أصلاً؟!

وأمّا قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في حديث: «صَلُّوا كما رأيْتُمْوني اُصَلّي»(3) فليس بقرينة، بلهو مؤيّد لعلم الناس بكون الصلاة عبادة مخصوصة وجهلهم بكيفيّتها، وقد مرّأنّ الجهل بالكيفيّة لا ينافي أصل التحقّق، فكان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يُرشدهم إلىالكيفيّة بهذه الجملة، كإرشاد العالم الجاهل إلى الكيفيّة في زماننا هذا.


  • (1) المزمل: 20.
  • (2) الأعلى: 15.
  • (3) البحار 82 : 279.
(صفحه236)

فيستفاد من الجهات الثلاثة المذكورة عدم تحقّق النقل والوضع أو الحقيقةالشرعيّة بلسان رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .

هذا، واختلف الاُصوليّون أيضاً في مسألة الحقيقة الشرعيّة من حيث ترتّبالثمرة عليها وعدمه، فقال عدّة من الأعاظم: لا تترتّب عليها ثمرة أصلاً، فليكون في هذا البحث فائدةٌ عمليّة.

وقال المحقّق الخراساني قدس‏سره (1): «وأمّا الثمرة بين القولين فتظهر في لزومحمل الألفاظ الواقعة في كلام الشارع، بلا قرينة على معانيها اللغويّةمع عدم الثبوت، وعلى معانيها الشرعيّة على الثبوت فيما إذا علم تأخّرالاستعمال، وفيما إذا جهل التأريخ ـ إمّا بجهل تأريخ كليهما أو أحدهما ففيه إشكال».

ووافقه بعض بناء على الثبوت بأن يحمل على المعنى الشرعي فيما إذا تأخّرالاستعمال عن النقل، ولكن خالفه بعض بناء على عدم الثبوت بأنّ اللفظيصير مُجملاً، فلابدّ من التوقّف فيه، ولا يحمل على المعنى الحقيقي اللغوي، ولعلى المعنى الشرعي الحادث.

إن قلت: لابدّ لنا من متابعة أصالة الحقيقة إذا دار الأمر بين المعنى المجازيوالحقيقي فهي المرجع ههنا لا التوقّف.

قلنا: لا شكّ في صيرورة المعاني الشرعيّة من المجازات المشهورة، بحيث إذاستعمل اللفظ بلا قرينة ليس احتمالها أقلّ من احتمال المعنى الحقيقي؛ لكثرةاستعمال هذه الألفاظ في المعاني الشرعيّة، فصار اللفظ حينئذٍ مُجملاً، والمختارههنا هو التوقّف.


  • (1) كفاية الاُصول 1: 34.
(صفحه 237)

وممّن أنكر أصل ترتّب الثمرة في هذا البحث المحقّق النائيني قدس‏سره (1) وتبعه فيهتلميذه العلاّمة الخوئي ـ دام ظلّه ـ(2) وقال في مقام الإنكار: إنّه لا ثمرة لهذهالمسألة أصلاً؛ لأنّ ألفاظ الكتاب والسنّة الواصلتين إلينا يداً بيدٍ معلومتان منحيث المراد، فلا يبقى مورد نشكّ فيه في المراد الاستعمالي، ولا يتوقّف في حملهعلى المعاني الشرعيّة، فإنّ ألفاظ الكتاب والسنّة قد وصلت إلينا من النبيّالأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بواسطة الأئمّة الأطهار عليهم‏السلام .

ثمّ قال: إنّ الحقيقة الشرعيّة وإن فرض أنّها لم تثبت إلاّ أنّه لا شبهة فيثبوت الحقيقة المتشرّعيّة في زمن مّا، كما قال المحقّق الخراساني قدس‏سره : إنّ منعحصوله في زمان الشارع في لسانه ولسان تابعيه مكابرة، فاستعملت هذهالألفاظ في ألسنة الأئمّة عليهم‏السلام ... جميعاً في المعاني المستحدثة بلا قرينة، مثل:استعمالات سائر المتشرّعة، وعليه فليس لنا مورد نشكّ فيه في مراد الشارعالمقدّس من هذه الألفاظ حتّى تظهر الثمرة المزبورة. نعم: لو فرض كلام وصلإلينا من النبيّ الأكرم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بلا واسطة الأئمّة الأطهار عليهم‏السلام فيمكن أن تظهر الثمرةفيه إذا فرض الشكّ في مراده صلى‏الله‏عليه‏و‏آله منه، إلاّ أنّه فرض في فرض. فبالنتيجة لا ثمرةللبحث عن هذه المسألة أصلاً، بل هو بحث علمي فقط. انتهى.

ولكن يمكن المناقشة في قوله ـ دام ظلّه ـ فقوله: «إنّ ألفاظ الكتاب والسنّةقد وصلت إلينا من النبيّ الأكرم بواسطة الأئمّة الأطهار» غير صحيح؛ لأنّللكتاب حيثيّتين: حيثيّة اللفظ وحيثيّة المعنى، ولا شكّ ولا شبهة في أنّ المرجعلحيثيّة الثاني هو الأئمّة عليهم‏السلام فإنّهم مفسّرو الكتاب، ولو كان تفسيرهم على


  • (1) أجود التقريرات 1: 33 ـ 34.
  • (2) محاضرات في اُصول الفقه 1: 125 ـ 126.