جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 403)

وثانياً: لا دليل على اعتبار هذا الأصل في تعيين الموضوع له. فإن قلنا: إنّمنشأه هو بناء العقلاء فهذا ممّا يحتاج إلى الإثبات، ولا دليل لإثباته؛ لأنّالثابت عند العقلاء اعتبار الأصل المذكور في تعيين المراد ـ مثل أصالة عدمالقرينة إذا شكّ في إقامتها بعد قوله: «رأيت أسداً» لا في كيفيّة الإرادةوتشخيص الموضوع له مع العلم بالمراد.

وإن قلنا: إنّ منشأه عبارة عن الأدلّة الشرعيّة مثل «لا تنقض اليقينبالشكّ» فلا مانع منه، إلاّ أنّ الإشكال من ناحية اُخرى، وهو: أنّ من شرائطالاستصحاب أن يكون المستصحب أثراً شرعيّاً أو موضوعاً له، وإن لم يكنكذلك بل كان لازماً عقليّاً له أو عرفيّاً يترتّب عليه الأثر الشرعي، فلا يجريالاستصحاب إلاّ على القول بالأصل المثبت، والمستصحب في ما نحن فيه ـ أيعند عدم ملاحظة الخصوص ـ لا يكون أثراً شرعيّاً ولا موضوعاً له. نعميترتّب الأثر الشرعي على ملاحظة العموم، لكنّه لازم عقلي له.

ثمّ قال صاحب الكفاية قدس‏سره (1): «وأمّا الأصل العملي فيختلف في الموارد».

توضيح كلامه: أنّ تشريع الحكم قد يكون بعد انقضاء المبدأ كما إذا قال:«أكرم كلّ عالم» بعد انقضاء العلم عن الذات المتّصفة به، وقد يكون قبلانقضائه عنها، فإن كان بعده فمقتضى أصل البراءة عدم الوجوب؛ لأنّ المشتقّإن كان حقيقة في الأعمّ فوجوب إكرامه ثابت، وإن كان حقيقة في خصوصحال التلبّس فإكرامه غير واجب، فالشكّ في معنى المشتقّ يوجب الشكّ فيأصل التكليف وحدوث الوجوب، ومقتضى أصالة البراءة عدمه.

وأمّا إن كان تشريعه قبل انقضاء العلم عنها فمقتضى الاستصحاب بقاء


  • (1) المصدر السابق.
(صفحه404)

وجوبه؛ إذ المفروض القطع بوجوب إكرامه قبل زوال العلم عنه، فبعده يشكّفي ارتفاع الوجوب؛ إذ على تقدير وضع المشتقّ للأعمّ فالحكم باقٍ، وعلىتقدير وضعه للأخصّ فالحكم مرتفع، وحيث إنّ الحكم مشكوك فيهفالاستصحاب يقتضي بقاءه، فمع أنّ منشأ الشكّ في كلتا المسألتين واحد لكنّالأصل الجاري في كلّ منهما غير الآخر كما لا يخفى.

وقال بعض الأعلام(1): إنّ ما أفاده صاحب الكفاية قدس‏سره أوّلاً من أنّه لا أصلهنا ليعوّل عليه عند الشكّ في الوضع، فهو صحيح، وأمّا ما أفاده ثانياً من أنّهلا مانع من الرجوع إلى الأصل الحكمي في المقام، وهو أصالة البراءة في مواردالشكّ في الحدوث، والاستصحاب في موارد الشكّ في البقاء، فلا يمكنالمساعدة عليه؛ إذ المرجع في كلا الموردين هو أصالة البراءة دونالاستصحاب؛ لأنّ الاستصحاب لايجري في موارد الشبهات المفهوميّة ـ كمأشار إليه شيخنا العلاّمة الأنصاري قدس‏سره ـ لا حكماً ولا موضوعاً، أمّالاستصحاب الحكمي فإنّه لم يحرز فيه الاتّحاد المعتبر بين القضيّة المتيقّنةوالمشكوكة، فإذا شكّ في بقاء وجوب الصوم بعد استتار القرص وقبل ذهابالحمرة المشرقيّة عن قمّة الرأس من جهة الشكّ في مفهوم المغرب، وأنّ المراد بههو الاستتار أو ذهاب الحمرة؟ فعلى الأوّل كان الموضوع ـ وهو جزء النهار منتفياً، وعلى الثاني كان باقياً، وبما أنّا لم نحرز بقاء الموضوع فلم نحرز الاتّحادبين القضيتين، وبدونه لا يمكن جريان الاستصحاب.

وأمّا الاستصحاب الموضوعي ـ أي النهاريّة ـ فلعدم الشكّ في شيءخارجاً مع قطع النظر عن وضع اللفظ وتردّد مفهومه بين الأعمّ والأخصّ،


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 242 ـ 245.
(صفحه 405)

فإنّ استتار القرص حسّي معلوم لنا بالعيان، وذهاب الحمرة غير متحقّقكذلك، فما هو المستصحب؟ وما نحن فيه من هذا القبيل بعينه، فإنّ الشبهة فيهمفهوميّة، والموضوع له مردّد بين خصوص المتلبّس أو الأعمّ منه ومنالمنقضي، فإذا كان «زيد» عالماً وتشريع الحكم أيضاً كان في زمانه تلبّسهبالعلم، ففي زمان انقضائه عنه ماذا يستصحب؟ فإن قلنا بالاستصحابالحكمي ـ يعني زيد كان واجب الإكرام فبعد الشكّ يستصحب وجوبإكرامه ـ فهو مردود؛ بأنّ وجوب الإكرام في السابق كان بلحاظ تلبّسه بالعلمقطعاً، وجريان الحكم فيه بعد الانقضاء ليس إلاّ بمعنى جريان حكم متيقّنالعالميّة في حقّ مشكوك العالميّة، وهو كما ترى. فإن قلنا: بالاستصحابالموضوعي ـ أي العالميّة ـ فهو أيضاً مردودٌ؛ بأنّا لا نشكّ في أمر خارجي؛ إذ لشكّ في أنّ زيداً كان متلبّساً بالعلم في الأمس وانقضائه عنه الآن، بل الشكّ فيمفهوم العالم، وجريان الاستصحاب فيه كما ترى.

ويردّ على كلام صاحب الكفاية قدس‏سره أيضاً: أنّ القول بجريان الاستصحاب فيالفرض الثاني ـ أي تشريع الحكم قبل الانقضاء ـ يستلزم جريانه في الفرضالأوّل ـ أي تشريع الحكم بعد الانقضاء ـ أيضاً؛ إذ لا فرق بين تشريعه قبلالانقضاء وبعده بعد القول بجريان الاستصحاب في الشبهة المفهوميّة؛ بأنّتلبّس زيد ـ مثلاً ـ بالعلم وانقضاءه عنه كان متيقّناً، فإذا صدر الحكم بإكرامكلّ عالم نشكّ في صدق هذا العنوان عليه وعدمه؛ للشكّ في وضع المشتقّلخصوص المتلبّس أو أعمّ منه، فتستصحب العالميّة، فيجري الاستصحاب فيكلا الفرضين على مبناه هذا قدس‏سره .

(صفحه406)

الأقوال في مسألة المشتق

وإذا فرغنا ممّا ذكرنا من المقدّمات فيقع البحث في أصل النزاع في بابالمشتقّ. قال المحقّق الخراساني قدس‏سره في هذا المقام: إنّ الأقوال في المسألة وإنكثرت إلاّ أنّها حدثت بين المتأخّرين بعدما كانت ذات قولين بين المتقدّمين؛لأجل توهّم اختلاف المشتقّ باختلاف مبادئه في المعنى ـ كما فصّل صاحبالفصول(1) بين ما كانت مادّته فعلاً لازماً، وبين ما كانت مادّته فعلاً متعدياً؛بأنّ الأوّل حقيقة في خصوص المتلبّس بالمبدأ، والثاني حقيقة في الأعمّ منه أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال، مثل كونه محكوماً عليه أو محكوماً به، فقالبعضهم باشتراط البقاء في الثاني دون الأوّل، وقد مرّت الإشارة إلى أنّه ليوجب التفاوت فيما نحن بصدده، ويأتي له مزيد بيان في أثناء الاستدلال علىما هو المختار، وهو اعتبار التلبّس في الحال؛ وفاقاً لمتأخّري الأصحابوالأشاعرة، وخلافاً لمتقدّميهم والمعتزلة.

وقد مرّ في ضمن بيان المقدّمات أنّ النزاع في باب المشتقّ يكون في المعنىاللغوي وتعيين ماهو الموضوع له لهيئة المشتقّ، وأنّ الأساس في باب المشتقّوالفارق بين المشتقّات هي الهيئات، وأنّ الملاك لدخول المشتقّ في محلّ النزاع


  • (1) الفصول الغرويّة: 60.
(صفحه 407)

أن يجري على الذات ويحمل عليها وإن لم يكن مشتقّاً نحويّاً كالحرّ والعبدوالزوج والزوجة.

ومن هنا يستفاد أنّ التفصيلات المذكورة في المسألة أجنبيّة عمّا نحن فيه،فإنّها ترجع إلى المبادئ، مع أنّ الواضع حين الوضع لم يتوجّه إلى المبادئواختلافاتها أصلاً، كما أنّه لا دخل لوقوع المشتقّ مسنداً أو مسنداً إليه فيوضع هيئته، فالبحث في المعنى التصوّري للمفرد، سواء كان محكوماً به أومحكوماً عليه، أو غير ذلك، فلابدّ من البحث حول القولين الأصليّين ههنا.وهما القول بكون المشتقّ حقيقة في خصوص المتلبّس بالمبدأ ومجازاً في غيره،والقول بكونه حقيقة في الأعمّ منه وممّا انقضى عنه المبدأ.

ولا يخفى أنّ المحقّق الخراساني قدس‏سره (1) أقام لمختاره ثلاث أدلّة، ولكنّها ترجعإلى التبادر كما سيأتي إن شاء اللّه‏ تعالى، ولاريب في أنّ المتبادر من الهيئات هوخصوص المتلبّس بالمبدأ، وقد قرر في محلّه أنّ التبادر علامة الحقيقة.

وقال صاحب الكفاية قدس‏سره (2): «إنّ عدم صحّة السلب والاطّراد أيضاً منعلائم الحقيقة».

وقلنا: إنّ الطريق لإثبات الحقيقة منحصر بالتبادر وتصريح الواضع، ولفائدة في شيء آخر حتّى التنصيص من أهل اللغة. وأمّا صحّة الحمل وعدمصحّة السلب فيرجع إلى التبادر، فإنّ حمل المعنى المرتكز في الذهن على اللفظيحتاج إلى اللحاظ، فتكشف الحقيقة حين اللحاظ بالتبادر قبل الحمل، فليكون عدم صحّة السلب دليلاً مستقلاًّ في مقابل التبادر.


  • (1) كفاية الاُصول 1: 68.
  • (2) المصدر السابق.