جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 339)

المعاني غير متناهية فلابدّ من الأوضاع الغير المتناهية، وصدورها من واضعمتناه محال.

وثانيها: أنّه لو سُلّم إمكان الاشتراك حينئذٍ بدعوى أنّ الواضع هو اللّه‏تعالى إلاّ أنّه من البديهي أنّ الوضع مقدّمة للاستعمال ولإبراز الحاجةوالأغراض، وهو من البشر لا منه تعالى، فحينئذٍ وضع الألفاظ بإزاء المعانيالغير المتناهية يكون لغواً محضاً، ولا يترتّب عليه الأثر، فلا يصدر عن الواضعالحكيم، فإنّه زائد على مقدار الحاجة إلى الاستعمال.

وثالثها: أنّ المعاني الجزئيّة وإن كانت غير متناهية لكنّها لا تقتضيالأوضاع الغير المتناهية؛ لإغناء الوضع للمعاني الكلّيّة المتناهية عن الوضعللمعاني الجزئيّة الغير المتناهية، كما أنّ الأمر كذلك في جميع أسماء الأجناس،فإنّ لفظ الأسد ـ مثلاً ـ موضوع لطبيعي ذلك الحيوان الخاصّ ثمّ نستعمله فيكلّ فرد من أفرادها من دون أن تكون لأفرادها أسماء خاصّة فلا داعي إلىوجوب الاشتراك.

ورابعها: أنّ باب التفهيم والتفهّم ليس منحصراً بالاستعمال الحقيقي، بليمكن إفهام المعاني بالاستعمال المجازي، فإنّ باب المجاز واسع، ولا مانع من أنيكون الاستعمال لمعنى واحد حقيقيّاً ولمعان متعدّدة مجازيّة، فلا موجبلوجوب الاشتراك في الألفاظ. هذا تمام كلامه في مقام الجواب عن القولبوجوب الاشتراك.

ويضاف إليه ما ينسبق إلى الذهن من أنّه لا مانع من وضع لفظ مخصوصلمعنى غير متناهي، مثل: وضع لفظ «اللّه‏» لذات واجب الوجود.

ولا يخفى أنّ ما أفاده قدس‏سره في الجواب الأوّل من احتياج كلّ معنى من المعاني

(صفحه340)

إلى وضع على حدة منافٍ لما مرّ منه قدس‏سره في باب الوضع؛ لأنّ من أقسام الوضعالمذكورة فيه هو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، ومعناه ملاحظة معنى كلّيووضع اللفظ لمصاديقه، ومعلوم أنّ بين المصاديق تحقّق التباين، فيمكن أنيكون للفظ واحد ألف ألف معنى، مع أنّه يتحقّق بوضع واحد، فيتحقّقالاشتراك اللفظي بدون الاحتياج إلى أوضاع متعدّدة، ولا معنى لهذا القسم منالوضع سوى الاشتراك اللفظي، فالقائل بهذا القسم من الوضع كيف ينكروحدة الوضع في باب الاشتراك؟! فلابدّ لمن قال بإمكان تصويره ـ كالمحقّقالخراساني قدس‏سره ـ من وحدة الوضع في باب الاشتراك، وذكرنا فيما تقدّم أنّ هذالقسم من الوضع لا إمكان له لا وقوعاً ولا تصوّراً. فهذا مناقشة في كلامه قدس‏سره مع أنّ أصل ما أفاده قدس‏سره في كمال المتانة والتماميّة.

واستدل القائل بالاستحالة بوجوه:

منها: أنّ الاشتراك ينافي حكمة الوضع وهي التفهيم والتفهّم بسهولة، فإنّإبراز المقاصد لا يمكن في جميع الموارد إلاّ باللفظ، وأمّا غيره ـ كالإشارةونحوها ـ فلا يفي بذلك في المحسوسات فضلاً عن المعقولات ـ فنحتاج إلىالوضع لسهولة التفهّم والتفهيم، وحيث إنّ الاشتراك مخلٌّ بذلك؛ لأنّ نسبةاللفظ إلى كلّ من المعنيين أو المعاني على حدٍّ سواء، وخفاء قرائن المراد نوعفتبطل حكمة الوضع، فصدوره عن الواضع الحكيم محال.

وأجاب عنه صاحب الكفاية قدس‏سره بوجهين: الأوّل: أنّ إمكان الاتّكال فيتفهيم المعنى الذي أراده على القرائن الواضحة الدالّة من الواضحات، فإنّاللفظ المشترك وإن لم يدلّ على المقصود بنفسه ولكنّه يدلّ عليه بواسطة ضمّقرينة إليه، فلا يلزم منافاة لحكمة الوضع.

(صفحه 341)

الثاني: أنّا نمنع كون الاشتراك يوجب الإخلال بغرض الوضع، فإنّ الغرضكما يتعلّق بالتفهيم والتفهّم كذلك قد يتعلّق بالإهمال والإجمال وعدم نصبدلالة على المراد.

والحاصل: أنّ هذا التعليل أخصّ من المدّعى؛ لاختصاصه بصورة خفاءالقرائن، فلا يصلح لأن يكون دليلاً على منع الاشتراك مطلقاً ولو فيما إذا كانتقرائن المراد جليّة ودلالتها على المقصود واضحة.

ومنها: أنّ الاشتراك ينافي حقيقة الوضع؛ لأنّ الوضع عبارة عن جعلاللفظ مرآةً وفانياً في المعنى، بحيث إنّا ننتقل من استعمال اللفظ إلى المعنى بلتحيّر وتردّد، ومعلوم أنّ هذا المعنى لا يناسب الاشتراك.

وجوابه: أنّه قد خلط المستدلّ بين مقام الوضع والاستعمال؛ إذ لا شكّ فيأنّ الواضع يلاحظ اللفظ مستقلاًّ كالمعنى ثمّ يجعله علامة للمعنى، وقد مرّ مرارأنّ الوضع مثل تسمية الأب لمولوده من جهة استقلال اللفظ والمعنى معاً.

نعم، بعد تحقّق الوضع وإيصال النوبة إلى مقام الاستعمال يتعلّق غرضالمستعملين بإلقاء وتلقّي المعنى فقط، ويكون التفاتهم إلى اللفظ التفات مرآتي،بل اللفظ يكون فانياً في المعنى بحدّ كأنّه لم يُسمع أصلاً. فهذا الدليل ليس بتامّ.

ومن الوجوه التي استدلّ بها القائل باستحالة الاشتراك: أنّ حقيقة الوضععبارة عن جعل الملازمة الذهنيّة بين اللفظ والمعنى؛ بحيث أنّ اللفظ لا يكادينفكّ عن المعنى، والمعنى لا يكاد ينفكّ عن اللفظ، فعليه يلزم من الوضعللمعنيين أن يحصل عند تصور اللفظ الانتقالان المستقلاّن دفعة واحدة،وسيأتي أنّ هذا المعنى مستحيلٌ عند عدّة من المحقّقين، فكيف يعقل الملازمةبين اللفظ والمعنى الأوّل والثاني وعدم انفكاكهما عنه؟!

(صفحه342)

وجوابه: أنّ هذا المبنى مخدوش من أساسه؛ إذ الوضع لا يكون عبارة عنجعل الملازمة بين اللفظ والمعنى، فإنّهما من المتباينين، ولا يمكن جعل الملازمةالتكوينيّة بينهما للواضع، ولا معنى لجعل الملازمة الاعتباريّة، مضافاً إلى أنّالواضع في مقام الوضع يقيم الوضع مقام الإشارة اللفظيّة حتّى يعرف المشارإليه في حال الحياة والموت، والحضور والغياب باللفظ الموضوع، فامتناعالاشتراك كضرورة وجوده ليس بتامّ، بل هو أمر ممكن تحقّقه في الخارج، بلنرى تحقّقه بين المعنيين المتضادّين، مثل: لفظ «القرء» بمعنى الطهر والحيض،وأمثال ذلك.

ولكنّه يمكن أن يقال: إنّه لا نحتاج إلى الاشتراك، مع أنّ الألفاظ كانتوافية للمعاني، فلا موجب له، فما الدليل لتحقّقه؟

ذكروا ههنا وجهين:

الأوّل منهما ينتج من ضمّ مقدّمتين:

إحداهما: أنّ الاشتراك في لغة لا يستلزم الاشتراك في كلّ لغة، فإنّا نرى أنّلكلّ قبيلة أو بلد اصطلاحات خاصّة مع اشتراكهم في أصل اللغة، مثلاً: يُرادمن لفظ «العين» في بلد من البلاد العربية العين الباكية، وفي بلد آخر منها العينالجارية، فالاصطلاحات متغايرة بحسب البلاد في زماننا هذا، وبحسب القبائلفي الأزمنة السابقة؛ لأنّ الواضع لايكون ذات الواجب ولا شخصاً معيّنخاصّاً، بل لكلّ قبيلة وضع خاصّ واصطلاح مخصوص.

وثانيتهما: أنّ ديدن المحقّقين من اللّغويين كان استفادة اللّغات من ألسنةالأقوام والقبائل، فإذا رأى اللّغوي أنّ في قبيلة يراد من لفظ العين ـ مثلاً العين الباكية وقبيلة اُخرى يراد منها العين الجارية فلابدّ له حين الكتابة

(صفحه 343)

من كتابة جميع المعاني؛ بأنّ العين ـ مثلاً ـ تكون حقيقة في سبعين معنى، فيكونأحد مناشئ الاشتراك اختلاف المعاني في القبائل في الأزمنة السابقة،واختلافها في البلاد في زماننا هذا.

الثاني: تقدّم أنّ الغرض من الوضع هو التفهيم والتفهّم، ولا يخفى أنّ ذلكعلى نوعين، فإنّ غرض المتكلّم قد يتعلّق ببيان المراد بنحو كامل وإظهاره مفي ضميره بنحو أجلى للمخاطب، وقد يتعلّق غرضه ببيان المراد بنحوالإجمال، ومعلوم أنّ الاشتراك اللفظي أحسن طريق لبيان المراد على النحوالثاني، فيقضي غرض الوضع تحقّق الاشتراك في اللّغات.

ويمكن لنا بيان منشأ آخر للاشتراك وهو: أنّ الواضع وضع لفظ «الأسد»للحيوان المفترس، ولكنّه استعمل كثيراً في المعنى المجازي بحيث صار حقيقةفيه في مقابل المعنى الحقيقي؛ بحيث أنّ المخاطب حين استماع كلمة «الأسد» بلقرينة يصير متحيّراً في أنّ المراد منه ما هو؟ فيتحقّق ههنا الاشتراك اللفظيبصورة الوضع التعيّني، فهذا أيضاً منشأ للاشتراك اللفظي، كما لا يخفى.

وأشار المحقّق الخراساني قدس‏سره (1) إلى قول آخر في المسألة وهو القول بالتفصيلبين القرآن وغيره؛ بأنّ الاشتراك مستحيل في القرآن دون غيره؛ إذ لو قلنبوجود لفظ المشترك فيه لزم التطويل بلا طائل أو الإجمال، وكلاهما غير لائقبكلامه تعالى.

توضيحه: أنّه حين الاستعمال إن اعتمد في تعيين المراد على القرائن الدالّةعليه لزم التطويل غير المحتاج إليه، وإن لم يعتمد عليها في تعيين المراد لزمالإجمال، وكلا الأمرين غير لائق بكلامه تعالى، وهذان المحذوران أوجب


  • (1) كفاية الاُصول 1: 53.