جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 501)

إلاّ في إنشاء الطلب ـ أي الطلب الإنشائي في مقابل الطلب الحقيقي لا إنشاءالطلب؛ إذ الإنشائيّة والإخباريّة كالاستقلاليّة والآليّة عن المعنى الاسميوالحرفي خارجتان عن المعنى المستعمل فيه ـ إلاّ أنّ الداعي إلى ذلك كما يكونتارةً هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي، ويكون اُخرى أحد هذهالاُمور كما لا يخفى.

وقصارى ما يمكن أن يدّعى أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب فيمإذا كان بداعي البعث والتحريك، لا بداعٍ آخر منها، فيكون إنشاء الطلب بهبعثاً حقيقة وإنشاؤه بها تحديداً مجازاً، وهذه غير مستعملة في التحديد وغيرهفلا تغفل. هذا تمام الكلام لصاحب الكفاية قدس‏سره (1).

ولكنّه يصحّ على القول باتّحاد الطلب والإرادة في جميع المراحل؛ إذ لا فرقبين أن يقول: مفاد هيئة «افعل» هو إنشاء الطلب أو إنشاء الإرادة.

وأمّا على القول بتغايرهما وكونهما واقعتين مستقلّتين: إحداهما قائمةٌبالنفس والاُخرى عبارة عن السعي المشاهد والمحسوس في الخارج، فليكون كلّ منهما قابلاً للإنشاء، بل لابدّ من أن يكون المنشأ أمراً اعتباريّاً، بناءًعلى الضابطة التي حكيناها عن المرحوم البروجردي قدس‏سره ، مع أنّه لا شكّ في أنّمفاد هيئة «افعل» هو المعنى الإنشائي، فما الذي ينشأ بصيغة «افعل» بعد أليكون الطلب قابلاً للإنشاء؟

ولابدّ لنا من التحقيق في هذه المسألة المبتلى بها والشائعة بين الناس،فنقول: إنّ استعمال هيئة «افعل» قد يكون بداعي البعث والتحريك وتحقّقالمأمور به في الخارج، وقد يكون بسائر الدواعي كالتمنّي والترجّي والتعجيز


  • (1) كفاية الاُصول 1: 102.
(صفحه502)

وأمثال ذلك.

وأمّا إذا كان بداعي البعث والتحريك كقولنا: «جئني بماءٍ» فلا شكّ في تحقّقالواقعيّة النفسانيّة للمستعمل، وهي علاقة وصوله إلى المأمور به وتمكّنه منه،وإن لم تكن بين العلاقة و الأمر ملازمة إلاّ أنّ الأمر كاشف عن تحقّقها فيالنفس. ولا يخفى أنّ الأمر ليس بعلّة تامّة لتحقّق المأمور به في الخارج، ولذا ليوجب العصيان التغيير في ماهيّة الأمر وحقيقته.

وقد مرّ في الفصل السابق أنّ البعث والتحريك كما يحصلان بالتحريكالعملي و التكويني ـ بأن يأخذ الطالب من المأمور ويجرّه نحو العمل المقصود كذلك يحصلان بالتحريك القولي، ولكن لا يتصوّر العصيان في الأوّل بخلافالثاني، فإنّ المأمور به قد يتحقّق بعده وقد لا يتحقّق.

إذا عرفت هذه المقدّمة فيستفاد منها أنّ البعث والتحريك على قسمين:أحدهما: البعث والتحريك الواقعي التكويني، وهو لايكون قابلاً للإنشاء.وثانيهما: البعث والتحريك الاعتباري وهو ينشأ بصيغة «افعل» وتترتّبعليه آثار متعدّدة، منها: أنّ العبد إذا وافقه وعمل على مفاده يستحقّ المثوبة،وإلاّ يستحقّ العقوبة عند العقلاء، كما أنّ الملكيّة والزوجيّة بعد إنشائهما يترتّبعليهما الآثار، فيتحقّق بواسطة هيئة «افعل» البعث والتحريك الاعتباري فيعالم الاعتبار.

ويمكن أن يقال: إنّه لا فرق بين هذا القول وما قال به المحقّق الخراساني قدس‏سره إلاّ في التعبير والتسمية، فإنّه قائل بأنّ متعلّق الصيغة هو الطلب الإنشائي،وعبّر في هذا القول عنه بالبعث والتحريك الاعتباري، فالنزاع بينهما لفظيّ.

وجوابه: أنّ الطلب هو السعي في الخارج للإيصال إلى المطلوب ولا شكّ في

(صفحه 503)

أنّه واقعيّة من الواقعيّات المحسوسة، وهو لا يكون قابلاً للإنشاء، إلاّ أنّ الآمريوجد مصداقاً للطلب بسبب الإنشاء؛ إذ الأمر نوع من الطلب كما مرّ، فنفسإصدار الأمر مصداق للطلب، ولا بحث فيه، والبحث في المرحلة السابقة عليه،وهي: أنّ الذي يتعلّق به الإنشاء والذي ينشأ بصيغة «افعل» ماهما؟ فيكونمتعلّق الإنشاء والطلب القولي هو البعث والتحريك الاعتباري، وهما مغايرانللطلب الذي هو أمرٌ واقعي، مع أنّه ليس لنا طلب اعتباري أصلاً، فلا يمكنتسمية البعث والتحريك بالطلب.

ويؤيّده اختلاف الطلب مع البعث في المشتقّات؛ لأنّ مادّة الطلب لا تحتاجإلى تعدّد الشخص، بخلاف مادّة البعث فإنّها تحتاج إلى شخصين الباعثوالمبعوث، بخلاف الطالب كما ترى في طالب العلم وطالب الدنيا وأمثالهما.

نعم، قد يعبّر عن المأمور والمبعوث بالمطلوب منه، ولكن ليس له أساس فياللغة، بل هو جُعل للسهولة في التعبير.

على أنّه لو كان له أساس فهو أقوى شاهد على المغايرة بينهما؛ إذ المراد منالمطلوب منه هو المبعوث، والمراد من المطلوب هو المبعوث إليه، فكيف يمكنأن يكون النزاع مع صاحب الكفاية قدس‏سره نزاعاً لفظيّاً مع ملاحظة هذهالاختلافات في المشتقّات؟!

والحاصل: أنّ هيئة «افعل» وضعت للبعث والتحريك الاعتباري كما اُشيرإليه في كلام اُستاذنا السيّد الإمام قدس‏سره .

وأمّا إذا كان استعمال الهيئة بدواعي اُخر ـ كالتعجيز والتهديد والتسخيروأمثال ذلك ـ فلا بأس في القول بكون المستعمل فيه عبارة عن البعثوالتحريك الاعتباري في هذه الموارد أيضاً، لكنّه لغرض التعجيز والتسخير

(صفحه504)

وأمثالهما، كما مرّ في باب المجاز أنّ المجاز ليس التلاعب بالألفاظ، بل المستعملفيه في الاستعمالات المجازيّة عبارة عن المعنى الحقيقي والموضوع له، كما قال بهالسكّاكي في خصوص الاستعارة ـ أي المجاز بعلاقة المشابهة ـ إلاّ أنّ المعنىالحقيقي قد يثبت الذهن فيه ولا يتجاوز إلى غيره، وقد يجعل معبراً للتجاوزعنه إلى المصداق الادّعائي.

ومن المعلوم أنّ الاستعمالات المجازيّة إذا كانت بهذه الكيفيّة تكون جامعةللمحسّنات البيانيّة، بخلاف ما قال به المشهور، كقول الشاعر:

 قامت تظلُّني ومن عجب  شمش تظلّلني عن شمس

فإنّ التعجّب من أنّ الشمس كيف تكون حائلة بينه وبين الشمس، ولمعنى للتعجّب إذا كان المراد من الشمس معشوقته وهذا نظر ابتكره الشيخمحمّد رضا الأصفهاني صاحب كتاب وقاية الأذهان اُستاذ الإمام.

كذلك في صيغة «افعل» فإنّها وضعت للبعث والتحريك الاعتباري، أمّا إذكان استعمالها بداعي تحقّق المبعوث إليه في الخارج يكون الاستعمال على نحوالحقيقة، وأمّا إذا كان بدواعي اُخر كالتعجيز والتسخير والتمنّي والترجّي، مثلقول أمرؤ القيس:

 ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي  بصبح وما الإصباح منك بأمثل

فيكون الاستعمال فيها على نحو المجاز، ولكنّ المستعمل فيه هو المعنىالحقيقي الذي جاوزنا عنه إلى هذه الأغراض.

ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدس‏سره (1) ذكر بحثاً لدفع المشكلة القرآنيّة؛ بأنّا نرى فيالقرآن استعمال أدوات الاستفهام والتمنّي والترجّي، كقوله تعالى: «وَمَا تِلْكَ


  • (1) كفاية الاُصول 1: 102 ـ 103.
(صفحه 505)

بِيَمِينِكَ يَـمُوسَى»(1)، وكقوله تعالى: «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»(2) «يَهْتَدُونَ»(3) وأمثالذلك، مع أنّ ثبوت هذه المعاني مستلزم للجهل والعجز المستحيلين في حقّهتعالى.

وقال صاحب الكفاية قدس‏سره في مقام الجواب عنها: إنّ المستحيل في حقّه تعالىهو الاستفهام والتمنّي والترجّي الحقيقيّة دون إنشائها الذي يكون بمجرّد قصدحصوله بالصيغة كما عرفت، ففي كلامه تعالى قد استعملت في معانيهالإنشائيّة الإيقاعيّة أيضاً، لا لإظهار ثبوتها حقيقة، بل لأمر آخر حسبميقتضيه الحال من إظهار المحبّة أو الإنكار أو التقرير إلى غير ذلك.

وأمّا حلّ الإشكال على المبنى الذي ذكرناه فإنّ أدوات الاستفهام والتمنّيوالترجّي استعملت في معانيها الحقيقيّة في جميع الموارد، إلاّ أنّ لاستعمالها فيمورد الجاهل والعاجز والاستعمالات الحقيقيّة خصوصيّةً، وهي خصوصيّةالثبوت والبقاء في معانيها الحقيقيّة، بخلاف استعمالها في مورد العالم والقادروالاستعمالات المجازيّة؛ إذا المعاني الحقيقيّة في هذا المورد تكون بمنزلة المعبّرعن الأغراض الأصليّة. ويؤيّده ما مرّ منا من أنّ الإنشاء لا يتعلّق باُمورواقعيّة، ولاشكّ في أنّ الاستفهام والتمنّي والترجّي تكون من الاُمور الواقعيّة.


  • (1) طه: 17.
  • (2) البقرة: 21.
  • (3) الأنبياء: 31.