جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 519)

بدواع اُخر كما مرّ.

ثمّ أشكل على نفسه بأنّه كيف تكون الجمل الخبريّة مستعملة في معناهالإخباري دون الإنشائي، مع أنّه مستلزم للكذب غالباً؛ لكثرة عدم وقوعالمطلوب كذلك في الخارج، تعالى اللّه‏ وأولياؤه عن ذلك علوّاً كبيراً.

وأجاب عنه بقوله: إنّما يلزم الكذب إذا أتى بها بداعي الإخبار والإعلام للداعي البعث؛ إذ كيف يكون الإخبار بداعي البعث مستلزماً للكذب؟! ولوكان كذلك لزم الكذب في غالب الكنايات، فمثل «زيد كثير الرماد» أو «مهزولالفصيل» لا يكون كذباً إذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رماد وفصيلأصلاً، وإنّما يكون كذباً إذا لم يكن بجواد وإن كان له رماد كثير، فيكون الطلببصورة الخبر في مقام التأكيد أبلغ من الطلب بالصيغ الإنشائيّة، فإنّه مقالبمقتضي الحال.

فأثبت قدس‏سره إلى هنا أظهريّة الجمل في الوجوب، ثمّ أقام دليلاً لظهورها فيه.

وتوضيحه: أنّ مقدّمات الحكمة تقتضي حلمها على الوجوب؛ إذ المفروضأنّ الإمام عليه‏السلام حين سأله زرارة كان في مقام البيان لا في مقام الإهمالوالإجمال، ولم ينصب قرينة على الندب، فاستفاد زرارة من جملة «يعيدصلاته» الوجوب، بقرينة سؤاله عن مسألة اُخرى ولشدّة مناسبة الإخباربالوقوع مع الوجوب، وتلك النكتة إن لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا أقلمن كونها موجبة لتعيّنه من بين محتملات ما هو بصدده. هذا تمام كلامصاحب الكفاية قدس‏سره في مقابل القول بالتوقّف وإنكار أصل الظهور، وأنّاستعمالها في الإنشاء ـ سواء كان وجوبيّاً أو استحبابيّاً ـ مجاز، ولا يحمل بدونالقرينة على الوجوب.

(صفحه520)

ولكن لابدّ لنا من ملاحظة الوجوه التي حكيناها لإثبات ظهور الهيئة فيالوجوب، والوجه الأخير منها ما اختاره الإمام والبروجردي، وخلاصته:أنّ صدور الأمر وإقامة الحجّة من المولى يحتاج إلى الجواب بالامتثالوالإطاعة، ويترتّب على مخالفتها استحقاق العقوبة بحكم العقل، وهذا معنىالوجوب، فإن اخترنا هذا المسلك ههنا فهل هو منحصرٌ بالحجّة الصادرةبصورة هيئة «افعل» أو الأعمّ منها ومن الحجّة الصادرة بصورة الجملةالخبريّة؟ لا شكّ في أنّ الأساس والملاك في هذا الوجه هو ثبوت الحجّة منالمولى وصدورها منه، ولا دخل لكيفيّة صدورها فيه بعد القطع بأنّ الإمام عليه‏السلام كان في مقام بيان الحكم، وصدور الجمل عنه عليه‏السلام لا يكون في مقام الإخبار،بل كان في مقام الإنشاء، فلا شكّ في حجّيّتها، بل قد يكون صدور الحجّة منالمولى بالإشارة المفهمة، فالحجّة تامّة مع أنّها لم تصدر بالقول.

وبالنتيجة: أنّ الجمل الخبريّة ـ مثل هيئة «افعل» ـ ظاهرة في الوجوب،ويكون كلاهما من حيث الظهور في رتبة واحدة، ولا أظهريّة لأحدهما علىالآخر، ولا فرق بينهما من حيث الظهور، إلاّ أنّ الوجوب كان معنى حقيقيّلهيئة «افعل» ومعنى مجازيّاً للجمل الخبريّة، فيكون المستعمل فيه في جميعالجمل الخبريّة، سواء استعملت في مقام الإخبار أو الإنشاء هو ثبوت النسبةبين الفعل وفاعله، إلاّ أنّها إذا استعملت في مقام الإخبار يثبت المستعمل فيالمعنى الحقيقي، وإذا استعملت في مقام إنشاء الحكم بداعي البعث والتحريكيتجاوز عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي.

وإذا ثبت ظهور الهيئة في الوجوب بالتبادر ـ كما هو المختار ـ فلا ريب فيانحصار التبادر بهيئة «افعل» وأشباهها، وحينئذٍ لابدّ من القول بأنّ التبادر في

(صفحه 521)

هيئة «افعل» يدلّ على شيئين: أحدهما: أنّها ظاهرة في الوجوب، وثانيهما: أنّهوضعت للبعث والتحريك الوجوبي، ولكن في الجمل الخبريّة نحن بصدد إثباتالظهور فقط، وهو أعمّ من الحقيقة؛ إذ لا شكّ في جريان أصالة الظهور فيالاستعمالات الحقيقيّة والمجازيّة، فيستفاد ظهورها في الوجوب ـ بعد القطعبعدم جريان التبادر فيها ـ من نفس الروايات؛ بأنّ محطّ النظر ومحور سؤالالراوي يشهد على ذلك، فإنّ زرارة ـ مثلاً ـ قال: قلت له عليه‏السلام : أصاب ثوبي دمرعاف أو غيره أو شيء من المني، فعلّمت أثره إلى أنّ اُصيب له الماء،فحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصلّيت، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟قال عليه‏السلام : «تغسله وتعيد الصلاة...»(1).

ومعلوم أنّه لا يتوهّم أحد أنّ زرارة سئل عن استحباب الإعادة وعدمه،بل العرف يستفيد أنّه سئل عن وجوب الإعادة وعدمه، فتحمل جملة «تعيدالصلاة» ـ لمطابقة الجواب مع السؤال ـ على الوجوب، والغرض من هذالتعبير أنّ الإمام عليه‏السلام لمّا كان في مقام البعث فالمناسب له الإتيان بما يؤكّد،وحيث إنّ الإخبار بالوقوع يدلّ على شدّة الطلب والاهتمام بالمطلوب وإرادةإيجاده بحيث لا يرضى بتركه، ولذا أخبر بوقوع المطلوب وأتى بالجملةالخبريّة.

هذا ما يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدس‏سره .

ويستفاد من كلام الإمام قدس‏سره (2) أنّ البعث والتحريك في الجمل الخبريّةمتضمّن للتشويق بلسان الإخبار، فقول الوالد لولده: ولدي يصلّي أو يقر


  • (1) الوسائل 3: 479، الباب 42 من أبواب النجاسات، الحديث 2.
  • (2) تهذيب الاُصول 1: 145.
(صفحه522)

القرآن أو يحفظ مقام أبيه لا يريد منها إلاّ الأمر، لكن بلسان الإخبار عنوقوعه وصدوره عنه بلا طلب من والده، بل بحكم عقله ورشده وتمييزه.

وببالي مع قطع النظر عن التتبّع أنّ السائل والراوي إذا كان عالماًبالضوابطوالاُصول في الأحكام ـ بحيث إن لاحظ بدقّة يعلم الحكم بنفسه، ولكنّه مععدم الدقّة في المسألة يسأل حكمها من الإمام عليه‏السلام ـ فيعبّر الإمام عليه‏السلام في مقامالجواب بالجمل الخبريّة، كما في سؤال زرارة الإمام عليه‏السلام في الحديث المذكور.

وأمّا إذا كان الراوي جاهلاً محضاً فيعبّر بصورة هيئة «افعل»، مثل:قوله عليه‏السلام : «صلّ صلاة الجمعة» ولكنّه يحتاج إلى التتبّع والدقّة في الروايات،وأمّا أصل ظهور الجمل الخبريّة في الوجوب فليس قابلاً للإنكار كما مرّتفصيله.

وذكر اُستاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدس‏سره (1) شبهة مهمّة في ذيل البحث،وهي: أنّ الأوامر والنواهي الصادرة عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والأئمّة عليهم‏السلام على قسمين:

القسم الأوّل: ما صدر عنهم في مقام إظهار السلطنة وإعمال المولويّة، نظيرالأوامر الصادر عن الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم، مثل جميع ما صدرعنهم عليهم‏السلام في الجهاد وميادين القتال، بل كان ما أمروا به عبيدهم وأصحابهمفي الاُمور الدنيويّة ونحوها، كبيع شيء لهم وعمارة بناء ومبارزة زيد مثلاً.

القسم الثاني: ما صدر عنهم عليهم‏السلام في مقام التبليغ والإرشاد إلى أحكاماللّه‏تعالى، كقولهم: «صلّ» أو «اغتسل للجمعة والجنابة» أو نحوهما ممّا لم يكنالمقصود منها إعمال المولويّة، بل كان الغرض منها بيان ما حكم اللّه‏ به، نظيرأوامر الفقيه في الأحكام الشرعيّة بالنسبة إلى مقلّديه.


  • (1) نهاية الاُصول 1: 108.
(صفحه 523)

أمّا القسم الأوّل فهو وإن كان ظاهراً في الوجوب ولكنّه نادر جدّاً بالنسبةإلى القسم الثاني الذي هو العمدة في أوامرهم ونواهيهم، وهو محلّ الابتلاءأيضاً.

وأمّا القسم الثاني فلمّا لم يكن صدورها عنهم لإعمال المولويّة بل كانلغرض الإرشاد إلى ما حكم اللّه‏ به على عباده كانت في الوجوب والندبتابعة للمرشد إليه ـ أعني ما حكم اللّه‏ بها ـ وليس لاستظهار الوجوب أوالندب من هذا السنخ من الأوامر وجه؛ لعدم كون الطلب فيها مولويّاً، فتأمّلجيّداً.

وحاصله: أنّ الأمر إذا كان مولويّاً فهو ظاهرٌ في الوجوب بأيّ نحو صدر،وأمّا إذا كان إرشاديّاً فلا يكون ظاهراً فيه، وإن صدر بهيئة «افعل» فإنّه تابعللمرشد إليه في الوجوب والاستحباب، فالأوامر الصادرة عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والأئمّة عليهم‏السلام لا تكون مولويّة؛ لأنّ الأمر المولوي هو الأمر الصادر عن المولى بمأنّه آمر ومقنّن ومن شأنه إصدار الأمر، وهو اللّه‏ تعالى فقط.

ولكنّ هذا الإشكال قابلٌ للجواب؛ بأنّا سلّمنا أنّ أوامر النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والأئمّة عليهم‏السلام إمّا مولويّة ـ مثل أمره صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بقلع نخلة سمرة بن جندب ورميها إليه(1) ـ وإمّإرشاديّة كقولهم عليهم‏السلام : «اغتسل للجنابة» أو «تعيد الصلاة» وأمثال ذلك،والأوامر الإرشاديّة تابعة لمرشد إليه في الوجوب والاستحباب، إلاّ أنّ الأوامرالإرشاديّة اُخذت في ماهيّتها الإرشاديّة، مثل: أمر الطبيب للمريض بشربالدواء، فإنّ معناه أنّ طريق التخلّص من المرض هو الاستفادة من المعجونالكذائي، ومعلوم أنّه ليس لهذا الأمر المولويّة والإلزام وإن صدر بهيئة «افعل»،


  • (1) الوسائل 25: 428، الباب 12 من كتاب إحياء الموات، الحديث 3.