جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه 53)

من سائر مسائله، وحيث لم تكن هاتان الجهتان خارجتين عن ذوات المسائلبحكم الوجدان فلا محالة ليستا خارجتين عن الموضوع والمحمول؛ إذ النسبةمعنى آلي توجد في جميع القضايا بنحو واحد، ولا تختلف باختلاف المسائل.

المقدّمة الثانية: أنّك إذا تتبّعت العلوم المدوّنة، ودقّقت النظر في مسائل كلّواحد منها رأيت أنّ في بعض العلوم الموجودة يكون المحمول في جميع مسائلهأمراً واحداً، كالعلم الإلهي بالمعنى الأعمّ، فإنّ المحمول في جميع مسائله مفهومواحد، وهو قولنا: «موجود». فيقال: اللّه‏ موجودٌ، العقل موجود، الجسمموجود، الجوهر موجود، الكمّ موجود، وهكذا، وأنّ بعضها ممّا يختلفالمحمول في مسائله، ولكنّه يوجد بين محمولاته المختلفة جهة جامعة، بل ربميكون المحمول في مسائل فصل منه أمراً واحداً كعلم النحو، فإنّ المرفوعيةـ مثلاً ـ تارة تحمل على الفاعل واُخرى على المبتدأ، ويتحصّل بذلك مسألتان،ومع ذلك فالمرفوعيّة وإن كانت تغاير المنصوبيّة ولكن بينهما جهة جامعةذاتيّة، حيث إنّ كلاًّ منهما من تعيّنات الإعراب الحاصل لآخر الكلمة.

وبالجملة، فإنّ المحمول لا يختلف دائماً في جميع مسائل العلم، وأمّموضوعات المسائل فهي ممّا تختلف دائماً في جميع المسائل من أيّ علم كانت،وكما عرفت في المقدّمة الاُولى: من أنّ في كلّ مسألة من مسائل العلم توجدجهتان: جهة ذاتيّة جامعة بين جميع مسائل هذا العلم وبها تمتاز عن مسائلسائر العلوم، وجهة ذاتيّة بها تمتاز هذه المسألة عن غيرها من مسائل هذالعلم.

وعرفت أيضاً أنّ الجهتين ليستا خارجتين عن الموضوع والمحمول، فلمحالة تنحصر الجهة الاُولى في المحمول والجهة الثانية في موضوع المسائل؛ لأنّهيختلف في جميع المسائل بخلاف المحمول.

(صفحه54)

وبعبارة اُخرى: تمايز مسائل العلم بتمايز موضوعاتها، وتمايز العلوم بتمايز مهو الجامع لمحمولات مسائلها.

وبهاتين المقدّمتين يثبت الادّعاء الأوّل.

المقدّمة الثالثة: أنّ المراد بالعرض ـ في قولهم: موضوع كلّ علم ما يبحثفيه عن عوارضه الذاتيّة ـ هو العرض في الاصطلاح المنطقي لا الفلسفي، فإنّالعرض الفلسفي عبارة عن ماهيّة شأن وجودها في الخارج الاحتياج إلىالموضوع، ويقابله الجوهر. والعرض المنطقي عبارة عمّا يكون خارجاً عن ذاتالشيء متّحداً معه في الخارج، ويقابله الذاتي.

وبين الاصطلاحين بون بعيد، فإنّ العرض المنطقي قد يكون جوهراً منالجوهر كالناطق بالنسبة إلى الحيوان وبالعكس، حيث إنّ كلاًّ منهما خارج عنذات الآخر ومحمول عليه، فيصدق تعريف العرض المنطقي وإن كان كلاًّ منهمذاتيّاً بالنسبة إلى‏الإنسان، فالعرض‏فيالاصطلاح‏الفلسفي مطلق، وفيالاصطلاحالمنطقي أمر نسبيٌّ، فإنّ الفصل ـ مثلاً ـ بالنسبة إلى الجنس عرض خاصّ،وبالنسبة إلى النوع المؤلّف منه ذاتيٌّ له. وأمّا المقولات التسع العرضيّة فهو فيالاصطلاح‏الفلسفي، فلاتتغيّر عن‏وصف‏العرضيّة باختلاف‏الاعتبارات‏والنسب.

المقدّمة الرابعة: لا يخفى أنّ الموضوع والمحمول في مسائل كلّ علمٍ عرضبالنسبة إلى الآخر، ولا يقصر وصف العرض على المحمول؛ إذ المراد بالعرضهنا ـ كما عرفت ـ هو العرض في الاصطلاح المنطقي، وهو عبارة عمّا يكونخارجاً عن ذات الشيء ومتّحداً معه في الخارج، ففي قولنا في العلم الإلهي:«الجسم موجودٌ» كلّ واحد من وصفي الجسم والوجود خارج عن ذاتالآخر مفهوماً ومتّحد معه خارجاً، فكلّ واحد منهما عرض ذاتيّ بالنسبة إلىالآخر، بمعنى أنّه لا يكون عين الآخر ولا جزءً له، وكذلك كلّ واحد من

(صفحه 55)

وصفي الفاعليّة والمرفوعيّة في قولنا: «الفاعل مرفوع» يكون عرضاً منطقيّبالنسبة إلى الآخر، وهكذا في جميع مسائل العلوم، فالموضوعات في مسائلكلّ علم أعراض ذاتيّة لما هو الجامع بين محمولات مسائله، وليستالموضوعات ذاتيّة له؛ إذ الذاتي منحصر في النوع والجنس والفصل بالنسبة إلىالنوع المؤلّف منهما، ولا تجد مسألة من مسائل العلوم يكون الموضوع لجامعمحمولات المسائل نوعاً أو جنساً أو فصلاً؛ إذ كلّ واحد من نوع الشيءوجنسه وفصله البعيد أعمّ منه، والفصل القريب مساوٍ لما هو فصل له، مع أنّكترى أنّ موضوع كلّ مسألة أخصّ من جامع محمولات المسائل.

والحاصل: أنّ الموضوع في كلّ مسألة عرض بالنسبة إلى جامع محمولاتالمسائل وبالعكس، غاية الأمر أنّ المتداول في عقد القضيّة جعل الأخصّموضوعاً والأعمّ محمولاً.

المقدّمة الخامسة: بالرغم من كون جعل الأخصّ موضوعاً والأعمّ محمولهو الرائج في كتب القوم إلاّ أنّ النظم الطبيعي يقتضي جعل المعلوم من الأمرينموضوعاً والمجهول منهما محمولاً، فالموضوع بحسب الحقيقة هو المعلوم منالأمرين، والمحمول هو تعيّنه المجهول الذي اُريد في القضيّة إثباته، سواء كانالأمر المجهول أعمّ بالنسبة إلى الموضوع أو مساوياً له، وعلى هذا الأساسالمرفوعيّة هي المعلوم، والمجهول هو اتّصاف الفاعل بها، فلابدّ أن نقول:المرفوع فاعلٌ، والمرفوع مبتدأ.

بيان الحقّ في المسألة

وبعد هذه المقدّمات يتّضح لك أنّ الحقّ مع القدماء، حيث قالوا: إنّ تمايزالعلوم بتمايز الموضوعات؛ إذ المراد بموضوع العلم هو ما يبحث فيه عن

(صفحه56)

عوارضه الذاتيّة، وليس هو إلاّ عبارة عن جامع محمولات المسائل الذيعرفت في المقدّمة الثانية: أنّ تمايز العلوم بتمايزه.

ثمّ يؤيّد ادّعاءه الثاني بقوله: ولذلك تراهم يقولون: إنّ الموضوع في الإلهيّاتبالمعنى الأعمّ هو الوجود، مع أنّ الوجود يصير محمولاً في القضايا المعقودة،ويكون جامعاً بين المحمولات لا الموضوعات(1). هذا تمام كلامه.

ويرد عليه إشكالات متعدّدة:

أحدها: في نتيجة المقدّمة الاُولى وانحصار المسألة في الموضوع والمحمول،وأنّ النسبة معنى آلي توجد في جميع القضايا بنحو واحد، مع أنّا نسلّم أنّ قوامالمسألة بالموضوع والمحمول، ولكنّ الأصل في تحقّق المسألة إيجاد الارتباطبينهما، والنسبة مجهولة عند المخاطب، والمتكلّم بصدد إثباتها له، ومعلوم أنّالمعاني الحرفيّة مقصودة بالتفهيم والإفهام وكلّ المسائل تدور مدارها، فكيفتكون النسب في جميع القضايا بنحو واحد مع أنّ قضيّة «اللّه‏ تعالى موجودٌ»وقضيّة «زيد قائمٌ» بينهما بون بعيد؟!

وثانيها: على المقدّمة الثانية بأنّه لا تكون محمولات المسائل في جميع العلومأمراً واحداً كما في الفلسفة، بل يكون بالعكس، مثل: علم العرفان، فإنّالموضوع فيه وموضوعات مسائله عبارة عن اللّه‏ تعالى، فهل يمكن أن يقالههنا: إنّ تمايز كلّ مسألة منه بتمايز موضوعاته؟ وهل يتفاوت اللّه‏ تعالى فيمسألة مع مسألة اُخرى؟ تعالى عن ذلك.

ثالثها: على التأييد الذي ذكره أخيراً، بأنّ المشهور قائل بأنّ الموضوع فيعلم النحو هو الكلمة والكلام، مع أنّهما جامع بين الموضوعات ولا ربط لهم


  • (1) نهاية الاُصول 1: 10 ـ 13.
(صفحه 57)

بالمحمولات، فإنّ كلاًّ من الفاعل والمفعول والمضاف إليه كلمةٌ، لا المرفوعوالمنصوب والمجرور؛ إذ الجامع هو كيفيّة آخر الكلمة. هذا أوّلاً.

وثانياً: أنّ القضايا في العلم الإلهي تكون بصورة عكس الحمل، وأنّ الأصلفي قضيّة «الجسم موجودٌ» عبارة عن «الموجود هو جسمٌ»، وإذا كان الأمركذلك فيكون موضوع الفلسفة هو الجامع بين الموضوعات.

ويمكن أن يقال: إنّ الوجود ليس موضوعاً في الفلسفة، وهذا مبنيٌّ علىأصالة الوجود، بل الموضوع فيه عبارة عن الواقعيّة، وتكون موضوعاتالمسائل مصاديقاً لها، وهي الجامع بينها، وعلى هذا فالذي له واقعيّة خارجيّةهو الوجود عند من يقول بأصالته واعتباريّة الماهيّة، أو الماهيّة عند من يقولبأصالتها واعتباريّة الوجود، ولو كان الوجود فيه موضوعاً يلزم أن يكونالبحث فيه بناءً على أصالة الماهيّة إمّا خارجاً عن الفلسفة، وإمّا يكونالموضوع عندهم أمراً اعتباريّاً، وكلاهما كما ترى.

والأصل في الإشكال أنّه لاشكّ في أنّ بحث التمايز لا يكون بحثاً علميّاً بحتاً،بل ضابطة لتمييز مسائل مشكوكة في العلوم، مثلاً: لا نعلم أنّ الاستصحابمسألة اُصوليّة لا يجوز التقليد فيها، أو مسألة فقهيّة يجوز التقليد فيها، وهذالبحث طريق لإحراز وضع المسائل المشكوكة، فإن كان التمايز بالغرض فكلّمسألة كان لها دخل في غرض أيّ علم تكون هذه من مسائله، وإن لم يكن لهدخل في غرضه فليست من مسائله. ولاشكّ أيضاً في أنّ المراد من جامعالمحمولات لا يكون إلاّ الجامع بين كلّ محمولات المسائل الذي يوجب التمايزبين العلوم.

إذا عرفت هذا فنقول: لو فرض لعلم النحو ـ مثلاً ـ ألف مسألة معيّنةومشخّصة وعشرة مسائل مشكوكة، وأنت تقول: إنّ الجامع بين المحمولات