جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول دراسات في الاُصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه542)

الاُولى: أنّ متعلّق الأمر والوجوب أو الموضوع في قضيّة «الصلاة واجبةٌ»يحتمل أن تكون عبارة عن نفس ماهيّة الصلاة من دون التقيّد بوجودهالذهني أو الخارجي.

ويحتمل أن تكون عبارة عن ماهيّة الصلاة مقيّدة بوجودها الذهني، يعنيالصلاة الموجودة في ذهن المولى بما أنّها موجودة في ذهنه تكون معروضةللوجوب.

ويحتمل أن تكون عبارة عن ماهيّة الصلاة مقيّدة بوجودها الخارجي،يعني الصلاة المتّصفة بالوجود الخارجي معروضة للوجوب، مع أنّ التعبيربكلمة «معروضة عنها» تسامح، ولكن بعد الدقّة نتوجّه إلى أنّ الماهيّة المقيّدةبوجودها الخارجي لا يعقل أن تكون متعلّقة للصلاة، فإنّ غرض المولىيحصل بعد تحقّق الصلاة في الخارج ويسقط التكليف، ولذا قالوا: الخارج ظرفسقوط التكليف لا ظرف ثبوته.

وهكذا لايمكن أن يكون متعلّق الأمر عبارة عن الماهيّة المقيّدة بوجودهالذهني، فإنّها ليست قابلة للامتثال.

ولو قلنا بحصول الامتثال بإيجادها في ذهن العبد فهو مخدوش: أوّلاً بأنّ ماُوجد في ذهن العبد مباين لما كان متعلّقاً للأمر ـ أي الصلاة المقيّدة بوجودذهن المولى ـ إذ ما تصوّره المولى غير ما تصوّره العبد.

وثانياً: أنّ الامتثال الواقعي يحتاج إلى إيجاد المكلّف به في الخارج، وإذا كانكذلك لا شبهة في أنّ وجود خارجي الصلاة ووجودها الذهني نوعان منالوجود كالإنسان والبقر، ولا يمكن أن يكون فرد من نوع فرداً من نوع آخر،فالموجود في الذهن بما أنّه موجود في الذهن لا يعقل أن يتحقّق في الخارج،

(صفحه 543)

وهكذا عكسه.

ويمكن أن يتوهّم أنّ الموجود الخارجي بسبب التصوّر يصير موجودذهنيّاً، وبهذا يتّحد الوجودان.

وجوابه: أنّ الموجود الخارجي بوصف الخارجيّة لا يعقل أن يتحقّق فيالذهن، وما يتحقّق في الذهن عبارة عن الصورة الحاصلة من الخارج فيالذهن، كما مرّ نظيره في مسألة العلم والمعلوم.

وبالنتيجة بعد بطلان الاحتمالين المذكورين يتعيّن الاحتمال الأوّل، يعنيماهيّة الصلاة مع قطع النظر عن التقيّد بشيء من الوجودين الذهنيوالخارجي تكون معروضة للوجوب.

ولا يخفى أنّ جميع المقدّمات يدور مدار جملتين عند صاحب الكفاية:الاُولى منها قوله: «الأمر يكون داعياً إلى متعلّقه»، الثانية منها قوله: «ولا يكاديكون داعياً إلى غير متعلّقه»، وجعلنا البحث في المقدّمة الاُولى حول المتعلّقوقلنا فيها: إنّ المتعلّق عبارة عن ماهيّة المأمور بها بلا دخل للوجود الذهنيوالخارجي فيها.

المقدّمة الثانية: في المراد من قوله: الأمر يكون داعياً إلى متعلّقه؟ فإن كانمراده البعث والتحريك للمكلّف إلى تحقّق المتعلّق بالبعث التكويني والحقيقيفهو ليس بصحيح، فإنّا نرى عدم الانبعاث في العُصاة والكفّار، مع أنّ البعثالحقيقي لاينفكّ عن الانبعاث. وإن كان مراده أنّ الأمر يكون محقّقاً لموضوعالطاعة والانبعاث ـ كما هو الحقّ على ما سنبينّه ـ فهو مخالف لظاهر العبارة.

فالداعي عبارة عن الأمر القلبي الراسخ في نفس العبد، ويختلف بحسبتفاوت درجات العباد واختلاف حالاتهم وملكاتهم، فمنهم من وجد في قلبه

(صفحه544)

ملكة الخوف من عقاب المولى أو ملكة الشوق إلى ثوابه ورضوانه، ومنهم منوجد في قلبه ملكة الشكر وصار بحسب ذاته عبداً شكوراً، وباعتبار هذهالملكات يصدر عنه إطاعة أوامر المولى، ومنهم من رسخ في قلبه عظمة المولىوجلاله وكبريائه فصار مقهوراً في جنب عظمته، وباعتبار هذه الملكة صارمطيعاً لأوامره.

وأعلى مرتبة العبادة ما نقل عن أمير المؤمنين عليه‏السلام في دعائه وهو قوله عليه‏السلام :«ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، بل وجدتك أهلاً للعبادةفعبدتك»(1)، فكان خوفاً من النار وطعماً في الجنّة وشكراً للمنعم ووجدانالمعبود أهلاً للعبادة من الدواعي إلى المتعلّق، كما أنّ كلام أمير المؤمنين عليه‏السلام صريح بأنّ المحرّك والداعي عبارة عن وجدانه عليه‏السلام إياه أهلاً للعبادة.

وأمّا الأمر فليس من شأنه إلاّ تعيين موضوع الطاعة، فيصير بمنزلةالصغرى لتلك الكبريات، فما اشتهر من أنّ الأمر يكون داعياً إلى متعلّقه ليسبتامّ.

المقدّمة الثالثة: حول قوله: «الأمر لايكاد يكون داعياً إلى غير متعلّقه»،ومعناه على مبنى صاحب الكفاية قدس‏سره أنّ ما كان خارجاً عن دائرة المتعلّق فهوخارج عن تحت داعويّة الأمر، وعلى هذا فالشرائط بما أنّها خارجة عن دائرةالمتعلّق لايكاد يكون الأمر داعياً إليها، وهكذا في نفس الأجزاء فإنّها تغايرالمتعلّق ـ أي المركّب من جميع الأجزاء ـ بتغاير اعتباري، وإن اتّحدا خارجاً،فإنّ المتعلّق عبارة عن نفس الماهيّة، فإن تغاير معها شيء بتغاير اعتباري فهوخارج عن الماهيّة، فالأجزاء أيضاً لا تكون متعلّقاً للأمر، ولذا قال بعض


  • (1) البحار 41: 14، الحديث 4.
(صفحه 545)

بتبعّض الأمر حسب تعدّد الأجزاء فراراً عن الإشكال، وقال بعض آخر بأنّالأجزاء محكومة بالوجوب الغيري بعنوان المقدّمة.

وأمّا إن كان الداعي بالمعنى الذي ذكرناه فلا إشكال في تعلّق الأمربالأجزاء والشرائط، فإنّ المحرّك والداعي الإلهي إذا وجد في النفس كما يدعوإلى المتعلّق يدعو إلى جميع ما يتوقّف عليه المتعلّق أيضاً، بلا فرق بين كونالداعي خوفاً من العقاب أو طعماً في الجنّة أو وجدان اللّه‏ تعالى أهلاً للعبادة؛ إذالمكلّف يرى أنّ خوفاً من العقاب كما يدعو إلى أصل الصلاة كذلك يدعو إلىكلّ ماله دخل في تحقّقها، وكما أنّ ترك أصل الصلاة موجب لترتّب العقابكذلك ترك تحصيل الطهارة موجب لترتّب العقاب، وأنّ شكر المنعم والعبادة ليتحقّق بدون الشرائط وجميع الأجزاء، وهكذا.

إذا عرفت هذه المقدّمات فنقول: ما هو الحقّ في الإجابة عمّا ذهب إليهصاحب الكفاية قدس‏سره ؟ ومحصّل كلامه: أنّ قصد الأمر إن اُخذ في المتعلّق بعنوانالشرطيّة لا يكون المكلّف قادراً على إتيان المأمور به بداعي الأمر المتعلّق به،فإنّ المأمور به بدون قيد الداعي لا يكون متعلّقاً للأمر، وإن اُخذ بعنوانالجزئيّة فمعناه أنّ الأمر كما يكون داعياً إلى أصل المأمور به كذلك يكون داعيإلى أجزائه، ومن الأجزاء نفس داعي الأمر، ويلزم من ذلك أن يكون داعيالأمر محرِّكاً ومحرّكاً إليه. وكلا الفرضين مستحيل؛ إذ لو كان الأمر داعياً لينفكّ عن الامتثال الخارجي، فإنّ الداعي بمنزلة العلّة، والعلّة لاتنفكّ عنالمعلول.

والجواب عن فرضه الأوّل: أنّه سلّمنا أنّ قصد القربة إن كان بالمعنى الذيذكرته فليس المكلّف قادراً على الامتثال، وأمّا إن كان قصد القربة والداعويّة

(صفحه546)

بالمعنى الذي ذكرناه فلا إشكال في البين بوجه، ولا مانع من قول الشارع بأنّالصلاة تجب عليكم، أو أقيموا الصلاة بشرط أن يكون الإتيان بها بإحدىالدواعي الإلهيّة المذكورة، والمكلّف أيضاً قادر في مقام الامتثال على إتيانهكذلك.

وأمّا الجواب عن فرضه الثاني فإنّ الأمر متعلّق بجزئين أحدهما: عبارة عنالصلاة، والآخر: عبارة عن إحدى الدواعي الإلهيّة المذكورة، وإن كان كذلكفكيف يلزم أن يكون الداعي داعياً إلى نفسه بعد أن لا يكون الأمر داعيأصلاً؟! فلا استحالة في كلا الفرضين.

وأمّا قوله بأنّ القصد يكون بمعنى الإرادة وهي ليست من الاُمورالاختياريّة، فلذا لايمكن أخذ قصد الامتثال في المتعلّق، فجوابه: أنّه لا شكّ فيأنّ الإرادة ـ كما مرّ وسيأتي أيضاً في المباحث الآتية ـ أنّها تكون من الاُمورالاختياريّة، وأنّ نفس الإنسان بواسطة عناية الرحمن كانت مظهرة لخلاّقيّة اللّه‏تعالى بالنسبة إلى الإرادة، وإن شككنا في اختياريّة الإرادة فلابدّ من التشكيكفي الأفعال أيضاً.

وأجاب المحقّقُ الحائري قدس‏سره (1) صاحبَ الكفاية بجوابين، ومحصّل جوابهالأوّل أنّه ذكر في الابتداء بعنوان المقدّمة: أنّ متعلّق الحكم سواء كان حكمتكليفيّاً أو وضعيّاً على قسمين: أحدهما: ما ليس للقصد دخل في تحقّقه أصلاً،بل لو صدر عن الغافل لصدق عليه عنوانه، مثل عنوان الإتلاف في قاعدة«من أتلف مال الغير فهو له ضامن».

وثانيهما: ما يكون قوامه في الخارج بالقصد كالتعظيم والإهانة وأمثالهما.


  • (1) درر الفوائد 1: 95 ـ 97.