جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 117)

ثبوت معنى معقول للحجّية التخييريّة . غاية الأمر عدم الدليل عليه في مقام الإثبات ; فإنّ مرجع ذلك إلى إمكان شمول الدليل في ذلك المقام ، فينافي دعوى عدم الإمكان في هذا المقام ، كما هو ظاهر(1) ـ : بأ نّه لا مانع من شمول الإطلاقات بالنحو الذي سيأتي في البحث عن معنى الحجّية التخييريّة(2) .

الثاني : السيرة العقلائيّة الجارية على التخيير في مثل المقام ; فإنّهم لا يتوقّفون عن العمل بقول الطبيب مثلا ، وترتيب الأثر عليه ولو علموا بالمخالفة بينه وبين طبيب آخر في كيفيّة العلاج أو في أصل تشخيص المرض ، بل السيرة المتشرّعيّة أيضاً جارية على ذلك ; لأنّهم يرون أنفسهم مخيّرين عند تساوي أصحاب الآراء من الفقهاء والمجتهدين في العلم والفضيلة .

وأُورد عليه بأنّ جريان سيرة العقلاء على التخيير مع العلم بالمخالفة ممنوع ، ومثال الطبيب أقوى شاهد على ذلك; فإنّهم في مثله يحتاطون مع إمكان الاحتياط، أو يتوسّلون إلى وجود مرجّح لا محالة ، والسيرة المتشرّعيّة لم يحرز كونها متّصلة بزمان المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين; إذ لم يصل إلينا وجود مثل ذلك في زمانهم ، ولم يردع الأئمّة(عليهم السلام) عنه حتّى يكون ذلك كاشفاً عن الرضا والإمضاء ، ومن الجائز أن تكون السيرة ناشئة من فتوى المفتين من أصحابنا بالتخيير (3).

ويمكن دفع هذا الإيراد بأنّ اتّصال سيرة المتشرّعة بزمانهم(عليهم السلام) ورضاهم بذلك يستفاد من الإرجاع إلى أشخاص متعدّدين ، ورجوع المسلمين بأنفسهم إلى أصحابهم ، مع العلم بتساوي جمع منهم في الفضيلة وثبوت الاختلاف إجمالا .

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 170 .
  • (2) في ص122 ـ 124 .
  • (3) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 167 ـ 168 .

(الصفحة 118)

وبالجملة : بعد ما كان التقليد أمراً ثابتاً في زمن الأئمة(عليهم السلام) ـ كما تدلّ عليه الروايات الكثيرة(1)  ـ لا مجال لدعوى اختصاصه بما إذا كان المفتي من الأصحاب محرز الأعلميّة، أو لم تعلم المخالفة بينه وبين غيره في الرأي والاعتقاد ، كما هو واضح.

فالإنصاف وجود السيرة المتشرّعيّة على ذلك واتّصالها بزمانهم بحيث يكون كاشفاً عن رضاهم ، بل التأمّل في تلك الروايات من حيث السؤال والجواب في بعضها يعطي مفروغيّة التخيير ، فتأمّل .

الثالث : دعوى الإجماع على ثبوت التخيير في المسألة، وتؤيّدها الشهرة المحقّقة بين الأصحاب على ذلك(2) .

وأُورد عليه بأ نّه إجماع منقول بخبر الواحد ، ولا يمكن الاعتماد عليه على أ نّ الاتّفاق غير مسلّم ; لأنّ المسألة من المسائل المستحدثة ، ولم يتعرّض لها الفقهاء في كلماتهم ، بل لو فرض العلم باتّفاقهم أيضاً لم يمكننا الاعتماد عليه ; لاحتمال استناد المجمعين إلى أحد الوجوه المذكورة في المسألة ، فلا يكون كاشفاً عن موافقة المعصوم(عليه السلام)(3) .

والجواب عن هذا الإيراد : أنّ نقل الإجماع في المقام إنّما يكون على نحو تكون المسألة مورداً للتسالم بين الأصحاب ، وأرسلها الناقل إرسال المسلّمات ، وفي مثل

  • (1) تقدّمت هذه الروايات في ص82 ـ 88 .
  • (2) مناهج الأحكام والاُصول: 302 سطر آخر ، رسالة في تقليد الأعلم للمحقّق الرشتي : 60 ـ 62 . وانظر مفاتيح الاُصول: 631 . وحكاه عن الشيخ(رحمه الله) في التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 106 ، لكن لم نعثر عليه في كتبه التي بأيدينا عاجلا . نعم ، يمكن استظهار الإجماع من رسالته في الاجتهاد والتقليد ، ضمن مجموعة رسائل: 70 .
  • (3) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 168 .

(الصفحة 119)

ذلك لا مجال لدعوى أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد لا يمكن الاعتماد عليه .

ودعوى كون المسألة من المسائل المستحدثة ، غريبة جدّاً ; لأنّها عبارة عن خصوص المسائل التي لم يكن لها موضوع في الأزمنة السابقة ، بل حدث موضوعها تكويناً في القرون المتأخّرة ، ومن المعلوم في المقام خلاف ذلك ، وعدم تعرّض الفقهاء في كتبهم لا دلالة فيه على كونها كذلك ; لأنّ عدم التعرُّض إنّما هو لوضوح الحكم في المسألة ، كما هو المرتكز في ذهن المتشرّعة ، بحيث لا يحتمل واحد منهم خلاف ذلك ، واحتمال الاستناد إلى أحد الوجوه المذكورة ـ مع ما عرفت من جريان السيرة العقلائيّة على خلافه ، وكون إرسالها على نحو إرسال المسلّمات ـ غير معتن به .

فالإنصاف أ نّه لا مجال للمناقشة في هذا الوجه ، بل هو العمدة في الباب .

الرابع : دعوى الإجماع ـ كما في كلام بعضهم ـ على أ نّ العامّي لا يجب عليه الاحتياط ، بل يجوز له الاستناد دائماً إلى فتوى المجتهد مع وجوده (1).

وأُورد عليه بأ نّه من الإجماع المنقول بخبر الواحد ; وهو ممّا لا اعتبار به ، مع أ نّه على تقدير تحقّقه وانعقاده لا يقتضي الالتزام بالتخيير ; لأنّ عدم العمل بالاحتياط كما يجتمع مع ثبوت التخيير في المقام ، كذلك يجتمع مع سقوط كلتا الفتويين عن الاعتبار ، واختيار العمل على وفق إحداهما من جهة تنزّل العقل إلى الامتثال الاحتمالي عند عجز المكلّف من الامتثال الجزمي ; بمعنى عدم لزوم الاحتياط عليه ، وعدم ثبوت حجّة لديه ولو تخييراً(2) .

  • (1) رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري ، ضمن مجموعة رسائل: 48 ـ 49 ، مستمسك العروة الوثقى: 1 / 21.
  • (2) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 171 .

(الصفحة 120)

الخامس : عموم الأخبار العلاجيّة(1) ـ الواردة في الخبرين المتعارضين ، الدالّة على ثبوت التخيير في المتكافئين ، وفيما إذا لم يكن مرجّح في البين ـ وشمولها للمجتهدين المتساويين :

إمّا لأجل كون المقام من مصاديق موضوعها ; لأنّ مرجع الفتوى إلى الرواية . غاية الأمر أنّها رواية منقولة بالمعنى كما صرّح به المحدّث الجزائري(قدس سره) في عبارته التي سيأتي نقلها(2) .

وإمّا بدعوى إلغاء الخصوصيّة، نظراً إلى أنّ الفتوى وإن كانت مغايرة للرواية ، إلاّ أ نّه لا خصوصيّة للخبرين المتعارضين في الحكم بالتخيير ، بل يشمل تعارض مطلق الحجّتين المتكافئتين ولو لم تكونا خبرين، فتدلّ على ثبوت التخيير في المقام أيضاً(3).

والجواب عن هذا الوجه : أنّ دعوى كون الفتوى من مصاديق الرواية ـ غاية الأمر أ نّها رواية منقولة بالمعنى ـ ممنوعة جدّاً ، كما ستعرف في البحث عن جواز تقليد الميّت(4) ، كما أنّ دعوى إلغاء الخصوصيّة أيضاً كذلك ; لوضوح الفرق بين الفتوى والرواية ، فكيف يمكن تعميم الحكم بالتخيير الثابت فيها ، خصوصاً مع كون الحكم في موطنه على خلاف القاعدة العقليّة ، المقتضية للتساقط في مورد التعارض وعدم وجود المرجّح ؟

  • (1) وسائل الشيعة : 27 / 106 ـ 124 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب9 .
  • (2) في ص192 ـ 193 .
  • (3) درر الفوائد للشيخ عبدالكريم الحائري : 2 / 714 ـ 715 .
  • (4) في ص192 ـ 193 .

(الصفحة 121)

مضافاً إلى أنّ لازم ذلك إعمال المرجّحات في ذلك الباب في المقام أيضاً ، فترجّح الفتوى المخالفة للعامّة مثلا على الفتوى الموافقة لهم ، وغير ذلك من المرجّحات ، ومن الواضح عدم ثبوت ذلك في باب الفتاوى والآراء ، فهذا الوجه غير صحيح .

السادس : خصوص موثّقة سماعة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر ، كلاهما يرويه : أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال : يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه(1) .

بتقريب أنّ مورد السؤال ليس الاختلاف في مجرّد نقل الرواية ، بل الاختلاف في الفتوى والنظر الناشىء من الاختلاف في الرواية ; فإنّ التعبير بالأمر والنهي إنّما يناسب مقام الإفتاء ولا يلائم مع نقل الرواية ; فإنّ الراوي بما هو راو ليس له الأمر والنهي ، فمورد الموثّقة اختلاف الفتوى والنظر ، وسياق السؤال يعطي عدم ثبوت مزيّة في البين واشتراك الرجلين في الجهات الموجبة للرجوع إليهما ، كما لا يخفى ، فالحكم بالسعة في الجواب المساوق للتخيير وارد في المقام (2).

والجواب : أنّ مورد السؤال وإن كان ما ذكر ، إلاّ أنّ الجواب لا دلالة فيه على التخيير بوجه ، بل مرجعه إلى لزوم التأخير إلى أن يلقي من يخبره ، وعدم ثبوت ضيق واستحقاق عقوبة عليه بالنسبة إلى التأخير حتى يلقاه ، فدلالته على عدم الاعتناء بكلا الرجلين وعدم الأخذ بشيء من النظرين وعدم ترتيب الأثر على الأمر والنهي أقرب من دلالته على التخيير ، والإنصاف أ نّه لا يستفاد من هذه

  • (1) الكافي : 1 / 66 ح7 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 108 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب9 ح5 .
  • (2) درر الفوائد للشيخ عبد الكريم الحائري : 2 / 714 ـ 715 .