جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 204)

وأمّا ما استدلّ به على عدم الاشتراط وجواز الرجوع إلى فتوى المجتهد الميّت ابتداءً فوجوه أيضاً :

الأوّل : إطلاق أدلّة جواز التقليد وحجّية فتوى المجتهد من الآيات والروايات الواردة في هذا الباب(1) ; فإنّها غير مقيّدة بحال الحياة ، فكما أنّها تدلّ على حجّية فتوى الحيّ ، كذلك تشمل فتوى المجتهد الميّت ، نظراً إلى إطلاقها .

والجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّ أغلب تلك الأدلّة غير خالية عن المناقشة في الدلالة على أصل جواز التقليد وحجّية الفتوى ، بالنحو الذي هو محّل البحث ، لِما عرفت سابقاً(2) ـ : ما مرّت الإشارة إليه ; من أنّ العناوين المأخوذة فيها ظاهرة في الفعليّة التي لا تجتمع إلاّ مع وصف الحياة ، فكما أنّ قوله : «الخمر حرام» ظاهر في الخمر الفعلي لا ما كان خمراً سابقاً ، وقوله : «العالم يجب إكرامه» ظاهر في المتّصف بالعلم فعلا ، كذلك قوله : «الفقيه المنذر» ظاهر في المتّصف بهما فعلا .

وهكذا سائر العناوين المأخوذة فيها ، وإن شئت قلت : إنّ المشتقّ ظاهر في خصوص المتلبّس بالمبدأ في الحال ; لأ نّه حقيقة فيه ، ومن المعلوم أنّ الاتّصاف بالفعل ملازم لوجود قيد الحياة .

نعم ، قد عرفت(3) أ نّه لا دلالة لهذه الأدلّة على اشتراط وصف الحياة بنحو يفيد نفي الحجّية بالإضافة إلى الميّت ، بل هي ساكتة عن التعرّض لها .

ومن هنا ينقدح أ نّه لا دلالة لها على قول النافين ولا المثبتين ، بل تجتمع مع

  • (1) الوافية: 305 ـ 306 .
  • (2  ، 3) في ص197 ـ 202 .

(الصفحة 205)

كليهما ; لسكوتها عن الدلالة على النفي ، أو الإثبات فيما هو محلّ الكلام ومورد النقض والإبرام . نعم ، قد عرفت أنّ هنا رواية واحدة عامّة ظاهرة في اشتراط الحياة ، ضعيفة من حيث السند .

الثاني : جريان السيرة المستمرّة العمليّة من العقلاء على الرجوع إلى آراء العلماء وأنظار المطّلعين ، من دون فرق بين الأحياء والأموات (1)، ولا مجال للإشكال فيه ، كما عرفت(2) .

والجواب عنه : أنّ حجّية السيرة موقوفة على إمضاء الشارع وعدم ردعه عنها ، وقد مرّ(3) أنّ الإجماع الكاشف عن موافقة المعصوم(عليه السلام) لرأي المجمعين ، وحكمهم بعدم جواز تقليد الميّت ابتداءً كاف في مقام الردع ، وعدم اتّصاف السيرة بوصف الحجّية ، كما هو ظاهر .

الثالث : استصحاب حجّية فتوى المجتهد الميّت ; لأنّها كانت مقطوعة قبل موته ، وبعده يشكّ في بقائها ، فلا مانع عن استصحابها أصلا ، ويكفي هذا الاستصحاب الذي لازمه جواز الأخذ بفتوى الميّت في الخروج عن الأصل الأوّلي ، الذي كان مرجعه إلى أنّ الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدمها ; لأ نّه مع جريانه لا يبقى شك في الحجّية ، كما لا يخفى (4).

وقد أُورد على جريان هذا الاستصحاب بوجوه متعدّدة :

منها : أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب مجعولا شرعيّاً ، أو موضوعاً لأثر شرعيّ ، وهذا الشرط متحقّق في المقام على تقدير كون الحجّية

  • (1) لاحظ التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 101 .
  • (2، 3) في ص200 ـ 202 .
  • (4) درر الفوائد للشيخ عبد الكريم الحائريّ : 2/703 ـ 705 ; بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 21 ـ 24 .

(الصفحة 206)

المستصحبة متأصّلة في الجعل ، بحيث يصحّ اعتبارها من مجرّد جعلها ، وتترتّب عليها آثارها عقلا من صحّة اعتذار كلّ من المولى والعبد بها ، مع أ نّه غير ظاهر ، بل الظاهر أنّها منتزعة عن الحكم الظاهريّ الراجع إلى الأمر بالعمل بالواقع ـ على تقدير المصادفة ـ نظير الأمر بالاحتياط في بعض موارد الشكّ ، وإلى الترخيص على تقدير المخالفة ; فإنّ ذلك هو منشأ صحّة الاعتذار والاحتجاج (1).

والجواب عنه : أنّ الحجّية ـ كما قد حقّق في محلّه ـ من الأحكام الوضعيّة القابلة لتعلّق الجعل بها مستقلاًّ (2)، ويصحّ انتزاعها من مجرّد جعلها ، فهو مجعول شرعيّ لامانع من جريان الاستصحاب فيها بوجه .

ومنها : ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) في الكفاية ، وحاصلة : أنّ جريان الاستصحاب يتوقّف على بقاء موضوع المستصحب عرفاً ، والموضوع في المقام غير باق ; لأنّ الرأي متقوّم بالحياة بنظر العرف ، والموت عند أهل العرف موجب لانعدام الميّت ورأيه ، وإن لم يكن كذلك واقعاً ; لتقوّم الرأي بالنفس الناطقة غير الزائلة بالموت لتجرّدها ، لكنّ المدار في الاستصحاب من جهة بقاء الموضوع وعدمه هو العرف ، فلا يجدي بقاء النفس عقلا في صحّة الاستصحاب مع عدم مساعدة العرف .

ودعوى أنّ الاعتقاد والرأي وإن كان يزول بالموت لانعدام موضوعه ، إلاّ أ نّه لا حاجة إلى بقاء الرأي ، بل مجرّد حدوثه في حال الحياة يكفي في جواز تقليده بعد موته ، كما هو الحال في الرواية ، حيث لا مدخليّة لبقاء حياة الراوي في حجّية

  • (1) مستمسك العروة الوثقى: 1 / 15 ـ 16 .
  • (2) سيرى كامل در اصول فقه: 14 / 326 وما بعدها .

(الصفحة 207)

روايته وجواز الأخذ بها .

مدفوعة بأ نّه لا شبهة في أ نّه لابدّ في جواز التقليد من بقاء الرأي ، ولا يكفي مجرّد الحدوث ، ولذا لو زال بجنون وتبدلّ ، أو مرض أو هرم لما جاز قطعاً(1) .

ويؤيّده أنّ حجّية الرأي بالإضافة إلى العامّي ليست بأعظم منها بالإضافة إليه نفسه ، ومن المعلوم أنّ حجّية الرأي بالإضافة إلى نفسه لا يكفي فيها مجرّد الحدوث ; ضرورة أنّ الحجّية الثابتة لرأي المجتهد بالإضافة إلى نفسه ، موضوعها في كلّ زمان ، الرأي في ذلك الزمان ، لا صرف الحدوث ; ضرورة أ نّه لو زال رأيه بشبهة ونحوها لزالت الحجّية عنه قطعاً ، مضافاً إلى أنّ الموت ملازم لارتفاع الرأي غالباً قبله ولو آناً مّا ، فلا مجال لاستصحابه .

وأجيب عن هذا الإيراد بوجهين :

أحدهما : ما في المستمسك من أنّ الإجماع على عدم حجّية رأي المجتهد مع اختلال الشرائط ـ لو تمّ ـ لا يقتضي عدم الحجّية مع ارتفاع الحياة إذا كان محلاًّ للخلاف ، وارتفاع الحجّية بتبدّل الرأي إنّما هو لكون الحجّية مشروطة بعدم ظهور الخطأ له في المستند ، لا لكونها منوطة بالرأي حدوثاً وبقاءً ، ولذا ترى الشهادة تسقط عن مقام الحجّية إذا ظهر للشاهد الخطأ في المستند ، مع أنّها حجّة بحدوثها إلى الأبد ، ولا ترتفع حجّيتها بموت الشاهد أو نسيانه ، وارتفاع الرأي قبل الموت غالباً إن قام إجماع على قدحه فهو خارج عن محلّ الكلام ـ والكلام في غيره من الفروض ـ وإن لم يقم إجماع على ذلك لم يقدح في جريان الاستصحاب .

وبالجملة : احتمال حجّية الرأي بحدوثه إلى الأبد لا رافع له ، فلا مانع

  • (1) كفاية الاُصول : 545 ـ 546 .

(الصفحة 208)

من الاستصحاب(1) .

ثانيهما : ما أفاده سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ من أنّ مناط عمل العقلاء على رأي كلّ ذي صنعة في صنعته هو أماريّته وطريقيّته إلى الواقع ، وهو المناط في فتوى الفقهاء ; سواء كان دليل اعتباره بناء العقلاء الممضى ، أو الأدلّة اللفظيّة ; فإنّ مفادها أيضاً كذلك ، ففتوى الفقيه بأنّ صلاة الجمعة واجبة ، طريق إلى الحكم الشرعي وحجّة عليه ، وإنّما تتقوّم طريقيّتها وطريقيّة كلّ رأي خبير إلى الواقع إذا أفتى وأخبر بنحو الجزم ، لكنّ الوجود الحدوثي للفتوى بنحو الجزم يوجب كونها طريقاً إلى الواقع أبداً ، ولا ينسلخ عنها ذلك إلاّ بتجدّد رأيه ، أو الترديد فيه ، وإلاّ فهو طريق إلى الواقع ، كان صاحب الرأي حيّاً أو ميّتاً .

فإذا شككنا في جواز العمل به ; من حيث احتمال دخالة الحياة شرعاً في جوازه ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب ووحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوك فيها ، فرأي العلاّمة وقوله وكتاب قواعده كلّ كاشف عن الأحكام الواقعيّة ، ووجوده الحدوثي كاف في كونه طريقاً ، وهو المناط في جواز العمل شرعاً ، ولدى العقلاء .

وإن شئت قلت : جزم العلاّمة أو إظهار فتواه جزماً ، جعل كتابه حجّة وطريقاً إلى الواقع ، وجائزَ العمل في زمان حياته ، ويشكّ في جواز العمل على طبقه بعد موته فيستصحب(2) ، انتهى موضع الحاجة من كلامه دام ظلّه .

أقول : وفي كلا الوجهين نظر :

أمّا الوجه الأوّل : فلأنّ التفكيك بين المقامين من جهة قيام الإجماع هناك وعدمه

  • (1) مستمسك العروة الوثقى : 1 / 17 .
  • (2) الاجتهاد والتقليد للإمام الخميني: 122 ـ 123 .