جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 154)

توضيحها(1) .

وأمّا ما استدلّ به على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، فوجوه أيضاً :

منها : التمسّك بإطلاق الأدلّة الواردة في جواز الرجوع إلى الفقيه ، وحجّيّة فتوى المجتهد من الآيات والروايات(2) الدالّة على ذلك بنحو العموم ; فإنّ مقتضاها أنّ موضوع الحجّية هو إنذار الفقيه ، وكون المجيب أهل الذكر ، وكون الفقيه واجداً للأوصاف المذكورة في رواية الاحتجاج(3) ، وإطلاقها يقتضي جواز الرجوع إلى كلّ من الأعلم وغيره مع صدق هذه العناوين ، من دون فرق بين صورة عدم العلم بالمخالفة بينهما وصورة العلم بها ، كما لا يخفى (4).

والجواب ـ بعد تسليم الدلالة على مشروعيّة التقليد وأصل حجّية فتوى المجتهد ، حيث عرفت سابقاً المناقشة في ذلك ـ : إنّا وإن ذكرنا(5) أ نّه لا مانع من شمول إطلاق أدلّة الحجّيّة لصورة التعارض وفرض الاختلاف ; لعدم كون الحجّية المجعولة بنحو الوجود الساري والطبيعة الصادقة على كلّ فرد ، بل بنحو البدليّة وصرف الوجود ، ولا مانع حينئذ من الشمول للمختلفين ، إلاّ أنّ ذلك فرع تماميّة الإطلاق وتحقّق شرائط التمسّك به ، ووجود مقدّمات الحكمة التي عمدتها كون المتكلّم في مقام البيان ، وذكر جميع الخصوصيّات التي لها دخل في ترتّب الحكم وثبوته .

  • (1) في ص 142 ـ 143 .
  • (2) تقدّم ذكرها في ص 71 ـ 88 .
  • (3) تقدّمت في ص 82 ـ 83 .
  • (4) الفصول الغرويّة: 423 ، جواهر الكلام: 40 / 43 ـ 44 .
  • (5) في ص125 ـ 127 ، 141 ـ 142 .

(الصفحة 155)

ومن الواضح عدم تحقّق هذا الشرط في الآيات ; لوضوح أنّ آية النفر إنّما تكون بصدد بيان إيجاب النفر على طائفة من كلّ فرقة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا بعد الرجوع ، ولازم ذلك وإن كانت هي الحجّية ، إلاّ أنّها لا تكون بصدد إفادة الحجّية المطلقة ، الشاملة لصورتي وجود الأعلم وعدمه ، وفرضي التعارض وعدمه ، وكذا آية السؤال ; فإنّ غاية مفادها لزوم التداوي على الجاهل بالرجوع إلى العالم . وأمّا أنّ قول العالم حجّة مطلقاً وفي جميع الموارد والفروض ، فلا دلالة لها عليه بوجه .

وهذا نظير إلزام المريض بالرجوع إلى الطبيب ; فإنّ النظر فيه إنّما هو بيان أنّ المريض إذا أراد الشفاء والتخلّص من مرضه ، يكون طريق ذلك هو الرجوع إلى الطبيب وترتيب الأثر على قوله ورأيه ، ولا دلالة في هذا الكلام على لزوم تطبيق العمل على قوله ، ولو مع وجود الأعلم منه وثبوت الاختلاف بين النظرين والتعارض بين الاعتقادين .

ولعمري أنّ هذا من الوضوح بمكان ، وهكذا الرواية العامّة المذكورة ; فإنّ النظر فيها إنّما هو نفي جواز تقليد الفقيه غير المتّصف بالأوصاف المذكورة فيها ، مثل علماء اليهود المرتكبين للمعاصي والمحرّمات . وأمّا أنّ كلّ فقيه واجد لتلك الأوصاف فهو جائز التقليد ; سواء كان الأفقه موجوداً أم لا ، والتعارض بين الفتويين ثابتاً أم لا ، فلا دلالة له عليه كما هو غير خفيّ ، فالتمسّك بالإطلاق مخدوش من هذه الجهة .

ومنها : ـ وهو العمدة في الباب ـ الروايات الكثيرة الدالّة على أنّ الأئـمّة(عليهم السلام) قد أرجعوا جماعة من الشيعة إلى جمع من أصحابهم ; كزرارة ، ويونس بن عبدالرحمن ، ومحمّد بن مسلم ، وأبي بصير ، وزكريّا بن آدم ، وغيرهم(1) ، والتمسّك

  • (1) وسائل الشيعة : 27 / 136 ـ 151 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 .

(الصفحة 156)

بهذه الطائفة من جهتين :

الجهة الأُولى : أنّ الإرجاع إلى غيرهم من الأصحاب مع وجود أنفسهم الشريفة(عليهم السلام) بين الناس ، دليل على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، وإلاّ لما جاز الإرجاع مع وجود أنفسهم(عليهم السلام)، كما هو ظاهر .

الجهة الثانية : أنّ الإرجاع إلى متعدّدين ـ مع ثبوت الاختلاف بينهم من حيث الفضيلة أوّلا ، ومن حيث النظر والعقيدة ثانياً ، كما هو الغالب فيهما ـ دليل على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، وإلاّ لكان اللازم الإرجاع إلى خصوص الأعلم من الأصحاب (1).

والجواب : أنّ الظاهر عدم ثبوت الاختلاف بين الأصحاب ، وكذا بينهم وبين الإمام(عليه السلام) في الرأي والاعتقاد ; لأنّا وإن قلنا بثبوت الاجتهاد والاستنباط في زمن الأئمة(عليهم السلام) ، إلاّ أ نّه حيث تكون المدارك في ذلك الزمان معلومة غالباً ; لعدم ثبوت الواسطة بينهم وبين أئمّتهم(عليهم السلام) ، فالاختلاف لا يكاد يتحقّق إلاّ نادراً ، والإرجاع إنّما هو لأجل ذلك .

مضافاً ألى أنّ مفروض الكلام إنّما هي صورة وجود الأعلم وإمكان الوصول إليه وأخذ الفتوى منه ، وهذا لا يتحقّق غالباً في ذلك الزمان ; لأنّ الوصول إلى الإمام(عليه السلام) كان أمراً متعسّراً غالباً لأجل بُعد الأمكنة وكثرة الفواصل وقلّة الوسائل ، أو لأجل الجهات السياسيّة الموجبة للتقيّة والمحدوديّة ، خصوصاً في بعض الأزمنة ، كما يشهد به التاريخ وغيره .

فالإنصاف أنّ هذه الطائفة من الروايات لا دلالة فيها على عدم تعيّن تقليد

  • (1) جواهر الكلام : 40 / 45 ـ 46 .

(الصفحة 157)

الأعلم فيما هو مفروض الكلام .

ومنها : دعوى جريان سيرة المتشرّعة على الرجوع إلى المجتهد الواجد للشرائط من غير الفحص عن كونه متّصفاً بالأعلميّة ، ولو كان تقليد الأعلم متعيّناً لما جرت السيرة بهذه الكيفيّة (1).

والجواب : ـ مضافاً إلى أنّ هذه الصورة خلاف مفروض الكلام من صورة وجود الأعلم وغيره ، والعلم بالاختلاف بينهما في الفتوى ـ أنّ جريان السيرة بهذا النحو ممنوع جدّاً ، وسيأتي البحث عن الفحص في المقام الآتي إن شاء الله تعالى(2) .

ومنها : أنّ وجوب تقليد الأعلم عسر على المكلّفين ; لأجل عدم تشخيص مفهوم الأعلم أوّلا ، وعدم الطريق إلى تشخيص مصداقه ثانياً ، وعدم إمكان الإطّلاع على آرائه وفتاويه نوعاً ثالثاً (3).

والجواب عنه ـ مضافاً إلى ما عرفت من أ نّه خلاف ما هو المفروض في المقام ـ : أنّ مفهوم الأعلم في الفقه لا يغاير مفهومه في سائر الفنون والصنائع والحرف والعلوم ; فإنّ المراد به ليس إلاّ مَن كان أعلم بالقواعد التي يتركّب منها العلم ، وأجود استنباطاً ، وأحسن سليقة في تطبيق الكبريات على صغرياتها ، وتشخيص المورد لها ; فإنّ الأعلم في الطبّ مثلا ليس إلاّ من كان أعلم بقواعد هذا العلم ، وأحسن في تشخيص المورد وتطبيق القاعدة عليه ، فكذا في علم الفقه .

غاية الأمر اختلاف علم الفقه مع سائر العلوم في كون قواعده محتاجة

  • (1) الفصول الغرويّة: 424، جواهر الكلام: 4 / 43 ـ 44، وحكاه المحقّق الرشتي عن الحاجبي والعضدي في رسالته في تقليد الأعلم: 28 ، فلاحظ مختصر الاُصول: 309 .
  • (2) في ص 166 ـ 167 .
  • (3) الفصول الغرويّة: 424 .

(الصفحة 158)

إلى الاستنباط وإعمال دقّة النظر ; لعدم ابتنائه على الأُمور المحسوسة كأكثر العلوم ، وهذا لا يوجب الخفاء في مفهوم الأعلم كما هو غير خفيّ ، وتشخيص مصداقه ليس أشدّ حرجاً وأكثر صعوبة من تشخيص أصل الاجتهاد ، وكون الرجل بالغاً إلى ذلك الحدّ ، بل يثبت كلّ منهما بالعلم الوجداني، وبالشياع، وبالبيّنة ، كما سيأتي البحث عند تعرّض الماتن ـ دام ظلّه ـ له(1) والاطّلاع على رأي الأعلم ، خصوصاً في مثل هذه الأزمنة التي تداول فيها جمع الفتاوى في رسالة ، وطبعها وانتشارها ممكن كما هو ظاهر .

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ مقتضى الدليل تعيّن تقليد الأعلم في الصورة الأُولى ; وهي ما إذا علم الاختلاف بينه وبين غيره ، وأنّ الدليل هو جريان سيرة العقلاء على الرجوع إلى الأعلم في الموارد الجامعة للخصوصيّات المفروضة في محلّ البحث ، وعدم ثبوت الردع عن هذه الطريقة في الشريعة ; لِما عرفت من عدم تماميّة شيء ممّا استدلّ به على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، فبقيت السيرة بلا رادع ، وهو الدليل الوحيد في هذا الباب .

وقد عرفت(2) أ نّه مع عدم دلالة الدليل يكون مقتضى حكم العقل بأصالة التعيين في دوران الأمر بينه وبين التخيير في باب الحجّيّة ، هو تعيّن تقليد الأعلم أيضاً . غاية الأمر أ نّه لو كان الوجوب بنحو الفتوى يكون مقتضاه التعيّن في جميع الموارد والفروض ، وأمّا لو كان بنحو الاحتياط ـ كما هو مقتضى حكم العقل ومختار سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن «دام ظلّه» يكون لازمه عدم التعيّن في بعض الموارد .

  • (1) في ص 247 مسألة 19 .
  • (2) في ص138 ـ 139 .