جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 352)

[معنى الإصرار على الصغيرة]

إنّما الإشكال في معنى الإصرار وأ نّه بِمَ يتحقّق ، ونقول : لا إشكال في تحقّق الإصرار مع الإكثار فعلا ، والإتيان بالمعصية في الخارج مكرّراً ; سواء كانت من سنخ واحد ، أو من جنسين أو الأجناس ، كما أ نّه لا إشكال في عدم تحقّق عنوان الإصرار مع الإتيان بذنب مرّة واحدة ثمّ الندم عليه ، بحيث كان يسوؤه التذكّر والالتفات إليه ، والظاهر تحقّق هذا العنوان أيضاً مع الإتيان به مرّة ، وكونه بحيث لو  تهيّأت له مقدّماته يأتي به ثانياً .

إنّما الإشكال في تحقّقه بمجرّد الإتيان مع الالتفات إليه وعدم الندم عليه ، وعدم كون تذكّره مسيئاً له، وعدم كونه كذلك; أي بحيث لو تهيّأت له مقدّماته يأتي به ثانياً؟

قيل : الظاهر تحقّقه به أيضاً ; لقوله ـ تعالى ـ : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَـحِشَةً أَوْظَـلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(1) . حيث إنّه يشعر بأنّ الإصرار يتحقّق بمجرّد عدم الاستغفار مع التوجّه والالتفات .

ولما ورد في تفسير الآية من رواية جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام) أ نّه قال : الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدّث نفسه بالتوبة ، فذلك الإصرار(2) .

ولرواية محمّد بن أبي عمير قال : سمعت موسى بن جعفر(عليهما السلام) يقول : من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال الله ـ تعالى ـ : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ

  • (1) سورة آل عمران : 3 / 135 .
  • (2) الكافي : 2 / 288 ح2 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 338 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب48 ح4 .

(الصفحة 353)

مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}(1) قال : قلت : فالشفاعة لمن تجب؟ فقال : حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)  : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل .

قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا ابن رسول الله ، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر ، والله ـ تعالى ـ يقول : {وَ لاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}(2) . ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟! فقال : يا أبا أحمد ما من مؤمن يذنب ذنباً إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله)  : كفى بالندم توبة ، وقال : من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ـ إلى أن قال :ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله)  : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ، الحديث(3) .

هذا ، ويمكن المناقشة في دلالة الآية والروايتين على ما ادّعاه القائل ; من أنّ الإصرار على الذنب إنّما يتحقّق بمجرّد الإتيان بالمعصية ، وعدم التوبة والاستغفار مع الالتفات إلى صدورها والإتيان بها .

أمّا الآية والرواية الأُولى ، فموردهما هو الذنب الذي يفتقر إلى الاستغفار كي يكفّر ، فيمكن أن يقال بملاحظة الآية المتقدّمة : إنّ موردهما هي المعصية الكبيرة .

وأمّا الرواية الثانية ، فلم يظهر دلالتها على مدّعى القائل أصلا ، فتأمّل .

  • (1) سورة النساء : 4 / 31 .
  • (2) سورة الأنبياء: 21 / 28 .
  • (3) التوحيد : 407 ح6 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 335 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب47  ح11 .

(الصفحة 354)

نعم ، لا مجال للإشكال على هذا القول ; بأ نّه بناءً عليه لا يبقى مورد للآية الشريفة : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الآية ، نظراً إلى أ نّه إذا توقّف تكفير الصغيرة أيضاً على التوبة ، لم يتحقّق فرق بينها وبين الكبيرة ، فلا يبقى مورد لهذه الآية أصلا .

وذلك ; لأ نّه يمكن أن يجيب عن ذلك ; بأنّ الذنب الصغير المكفّر باجتناب الكبائر هو الذنب الذي كان غافلا عنه بعد الإتيان به ، أو غافلا عن وجوب التوبة عليه ، وبه يتحقّق الفرق بينه وبين الكبيرة ، حيث إ نّه ما لم تتحقّق التوبة عنها لا  تكون مكفّرة أصلا .

وهذا الجواب وإن كان غير صحيح ; لأ نّه ـ مضافاً إلى مخالفته لظاهر الآية الشريفة الدالّة على أنّ اجتناب الكبائر موجب لتكفير الصغائر مطلقاً ، من دون فرق بين صورتي الغفلة وعدمها ـ يكون منافياً لرواية ابن أبي عمير المتقدّمة الدالّة على انحصار الشفاعة بخصوص أهل الكبائر ، والظاهرة في عدم احتياج الصغيرة إلى الاستغفار ما لم يبلغ حدّ الإصرار ، فتدبّر ، إلاّ أ نّه يكفي في إثبات بيان المورد للآية الشريفة ، كما لا يخفى .

ثمّ إنّه حكى في مفتاح الكرامة عن الفاضل السبزواري أ نّه استضعف هذا القول(1) . ولكنّه ذكر نفسه ـ بعد الاستدلال برواية جابر ثمّ الحكم بضعف سندها ـ أنّه يمكن أن يقال : إنّه لـمّا عصى ولم يتب فهو مخاطب بالتوبة ، ولـمّا لم يتب في الحال فقد عصى ، فهو في كلّ آن مخاطب بالتوبة ، ولـمّا لم يتب فقد أقام واستمرّ على عدم

  • (1) ذخيرة المعاد : 305 .

(الصفحة 355)

التوبة التي هي معصية(1) .

ويرد عليه : أنّ التكليف بالتوبة إنّما هو في خصوص المعصية الكبيرة ، أو الصغيرة غير المكفّرة باجتناب الكبائر. وأمّا الذنب الصغير المكفّر باجتنابها ، فلا يحتاج إلى التوبة أصلا ، فهذا الدليل فاسد .

فينقدح من جميع ما ذكرنا صحّة ما حكي(2) عن الشهيدين(3) والمقدّس الأردبيلي(4) ـ قدّس الله أسرارهم ـ من أنّهم بعد تقسيم الإصرار إلى فعليّ وحكميّ ، وأنّ الفعليّ هو الدوام على نوع واحد من الصغائر بلا توبة ، أو الإكثار من جنسها كذلك ، قالوا : والحكميّ هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها ، إذاً فالظاهر عدم تحقّق الإصرار بمجرّد الارتكاب وعدم الندم وإن كان متوجّهاً إلى صدوره ملتفتاً إلى إتيانه .

[اعتبار الاجتناب عن خصوص الكبائر في تحقّق العدالة]

الأمر الثاني : في أنّ المعتبر في العدالة هل هو اجتناب خصوص الكبائر الشاملة للإصرار على الصغائر ، أو الأعمّ منه ومن اجتناب الصغائر أيضاً؟ والعمدة في مستند القول الأوّل صحيحة عبدالله بن أبي يعفور المتقدّمة(5) ، بناءً على ما استظهرنا منها(6) من أ نّ قوله(عليه السلام) : «ويُعْرَف باجتناب الكبائر» عطف على قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف» .

  • (1 ، 2) مفتاح الكرامة : 3 / 88 .
  • (3) القواعد والفوائد : 1 / 227 ، قاعدة 68 ، الروضة البهيّة : 3 / 130 .
  • (4) مجمع الفائدة والبرهان : 12 / 320 .
  • (5) في ص313 .
  • (6) في ص 319.

(الصفحة 356)

وعليه : فيكون من تتمّة المعرّف للعدالة أو تخصيصاً بعد التعميم ، ويصير حاصل المراد أنّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الرادعة عن ارتكاب شيء من القبائح العرفيّة غير اللائقة بحاله ، وملكة الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة التي أوعد الله عليها النار ، ولازمه حينئذ أنّ ارتكاب شيء من المعاصي الصغيرة عند عدم الإصرار عليه لا يكون بقادح في العدالة .

ودعوى أ نّه كيف لا يكون ارتكاب المعصية قادحاً في العدالة ؟ مدفوعة بأنّها مجرّد استبعاد لا يقاوم الظهور اللفظي بعد كون ارتكابها مكفّرة باجتناب الكبائر المفروض في المقام .

نعم ، لو قيل بأنّ قوله(عليه السلام) : «ويُعرف باجتناب الكبائر» ليس من أجزاء المعرّف للعدالة ، بل أمارة شرعيّة عليها ـ كما استظهره بعض الأعاظم من المعاصرين على ما عرفت من كلامه(1) ـ فلا دليل حينئذ على كون العدالة هي الملكة الرادعة عن ارتكاب خصوص الكبائر ، بل مقتضى قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف إلخ» أ نّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الباعثة على كفّ البطن والفرج واليد واللسان عن كلّ ذنب ; سواء كان من الكبائر أو من الصغائر .

غاية الأمر أنّ الأمارة الشرعيّة على ذلك إنّما هو الاجتناب العملي عن خصوص الكبائر ، ومن المعلوم أنّ الرجوع إلى الأمارة إنّما هو مع عدم العلم بخلافها الذي يتحقّق بارتكاب صغيرة من الصغائر .

هذا ، وقد عرفت(2) أنّ هذا المعنى بعيد عن سياق الرواية مخالف لقوله(عليه السلام) :

  • (1 ، 2) في ص323 ـ 326 .