جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 211)

إِلَيْهِ سَبِيلاً}(1) لايتضمّن إلاّ جعلا واحداً متعلّقاً بعنوان واحد ;وهو «مَن استطاع» ، ولكن هذا الجعل ـ مع وحدته وعدم تكثّره ـ حجّة على كلّ متّصف بهذه الصفة .

فحينئذ لو علمنا بوجوب الحجّ بهذا النحو ، ثمّ شككنا في بقائه من جهة طروّ النسخ ، أو جهة اُخرى موجبة للشكّ في بقاء الحكم ، كما إذا احتملنا في وجوب صلاة الجمعة مثلا ، أن يكون مشروطاً بحضور الإمام(عليه السلام) ، بحيث يرتفع الوجوب بانعدام هذا الشرط وارتفاعه ، فأيّ مانع من جريان الاستصحاب ؟ وفي المقام أيضاً كذلك ، وقد حقّقنا في محلّه أنّ جريان الاستصحابات الحكميّة ممّا لا مانع منه أصلا (2).

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا في هذا المقام ـ أي المقام الأوّل ـ بطلان جميع الوجوه التي استند إليها للقول بجواز التقليد الابتدائي للميّت ، فلا محيص عن الالتزام باشتراط قيد الحياة في التقليد كذلك .

المقام الثاني : في جواز البقاء على تقليد الميّت وعدمه ، وبعبارة اُخرى : في اشتراط الحياة في المفتي بقاءً وعدمه ، والكلام فيه يقع في صورتين ; لأ نّه إمّا أن لاتعلم المخالفة بينه وبين الحيّ ـ الذي كان يجب الرجوع إليه على فرض عدم جواز البقاء على تقليد الميّت ـ في الفتوى والرأي ، وإمّا أن تعلم المخالفة بينهما فيها .

أمّا الصورة الاُولى : فقد استدلّ فيها على جواز البقاء بوجوه :

منها : الاستصحاب (3)، وتقريبه أنّه تارة : يستصحب الحكم الوضعي ; وهي الحجّية الثابتة لفتوى المجتهد الميّت قبل موته . واُخرى : يستصحب الحكم التكليفي ،

  • (1) سورة آل عمران : 3 / 97 .
  • (2) سيرى كامل در اصول فقه: 14 / 38 وما بعدها و ص 326 وما بعدها .
  • (3) مفاتيح الاُصول: 624، الفصول الغرويّة : 423 .

(الصفحة 212)

وعلى هذا التقدير تارة: يستصحب الحكم الواقعيّ الثابت لصلاة الجمعة مثلا ، الذي تكون فتوى المجتهد الميّت طريقاً إليه ، وكاشفة عن ثبوته وتحقّقه . واُخرى:يستصحب الحكم الظاهري بناءً على كون الحجّية المجعولة للأمارة مستلزمة لإنشاء أحكام ظاهريّة على طبق مؤدّاها مطلقاً ; سواء كانت موافقة للواقع أو مخالفة له ، كما نسب إلى المشهور (1).

أقول : أمّا استصحاب الحجّية فلا يرد عليه شيء من الإيرادات المذكورة في الاستصحاب المتقدّم في المقام الأوّل عدا كون الموضوع هو الرأي والنظر ، وهو لا يكون باقياً بعد الموت بحسب نظر العرف والعقلاء ، حيث يرون الموت موجباً لانعدام الشخص بجميع شؤونه وآثاره ; وذلك لأنّ الحجّية الفعليّة تكون مجرى الاستصحاب في هذا المقام ; لأنّ المفروض وجود المكلّف في عصر المجتهد الميّت ، وثبوت الحجّية لفتواه بالإضافة إليه ، فلا مانع من استصحابها إلاّ على تقدير عدم جريان الاستصحابات الحكميّة ، أو دعوى عدم كون الحجّية مجعولا شرعيّاً ولا  موضوعاً لأثر شرعيّ ، وكلاهما خلاف التحقيق .

وأمّا استصحاب الحكم الواقعي ، فيرد عليه : اختلال كلا ركني الاستصحاب ; لعدم اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء . أمّا اليقين بالحدوث ; فلعدم ثبوت اليقين الوجدانيّ ، واليقين التعبّدي ـ الذي هو نتيجة حجّية فتوى الميّت ، وكونها كاشفة عنه وطريقاً إليه أيضاً ـ غير ثابت بعد الموت ; لأنّ المفروض الشكّ في الحجّية بعد الموت ، فلا يقين بالحدوث في حال الشكّ في البقاء .

وتنظير المقام بموارد ثبوت العلم التعبّدي في الأحكام أو الموضوعات

  • (1) لاحظ كفاية الاُصول: 547 .

(الصفحة 213)

الخارجيّة ـ كما إذا دلّت الرواية المعتبرة على حكم وشكّ في بقائه من جهة ; كبقاء وجوب صلاة الجمعة بعد ارتفاع الحضور ، أو قامت البيّنة على نجاسة شيء ، ثمّ شكّ في بقائها وزوالها بالتطهير ، حيث يجري الاستصحاب في هذه الموارد ـ في غير محلّه ; فإنّه في تلك الموارد يكون اليقين التعبّدي في حال الشكّ في البقاء محفوظاً ; لعدم الشكّ في بقاء حجّية الرواية واعتبار البيّنة ، وهذا بخلاف المقام .

نعم ، لـو فرض الشكّ في بقاء الحجّية بالإضافة إليهما لا مجال حينئذ لاستصحاب الحكم الذي هو مفادهما ، بل اللازم الرجوع إلى استصحاب الحجّية كما في المقام .

وأمّا الشكّ في البقاء ، فانتفاؤه ظاهر ; لأنّ الحكم الواقعي ـ على تقدير حدوثه وثبوته ـ يكون باقياً قطعاً ; لأ نّه لم يحدث شيء يشكّ معه في البقاء على ما هو المفروض ، فاستصحاب الحكم الواقعي ممّا لا مجال له أصلا .

وأمّا استصحاب الحكم الظاهري ، فيرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ استتباع الحجّية المجعولة للأحكام الظاهريّة على طبق مؤدّى الحجّة ومفادها ممنوع ، بل لا يترتّب على جعل الحجّية إلاّ آثارها من المنجّزيّة والمعذّريّة بالإضافة إلى الأحكام الواقعيّة ; لعدم الفرق بين حجّية القطع ، وحجّية الظنون المعتبرة فيما يرجع إلى معنى الحجّية وآثارها أصلا ـ : ما أورده عليه المحقّق الخراساني(قدس سره) في «الكفاية» من أ نّه من المحتمل ، بل المقطوع أنّ الأحكام التقليديّة عند أهل العرف لا تكون أحكاماً لموضوعاتها بقول مطلق ، بحيث عدّ من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه بسبب تبدلّ الرأي ونحوه ، بل إنّما تكون أحكاماً لها بحسب رأيه ، بحيث عدّ من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدّل ، ومجرّد احتمال ذلك يكفي في عدم صحّة

(الصفحة 214)

استصحابها ; لاعتبار إحراز بقاء الموضوع ولو عرفاً(1) .

وهذا الإيراد يمكن وروده على استصحاب الحكم الواقعي أيضاً ; فإنّ العرف يرى الحكم الواقعي منجّزاً ما دام الرأي باقياً ، فإذا زال بالموت ، أو بالتبدّل ، أو بغيرهما لا يكون منجّزاً عندهم بوجه .

ومنها : إطلاق الأدلّة اللفظيّة الدالّة على التقليد من الآيات والروايات الواردة فيه عموماً أو خصوصاً(2) ; فإنّ مقتضى إطلاقها أ نّه لا فرق في حجّية الإنذار ووجوب الحذر عقيبه ، واعتبار قول أهل الذكر ، وجواز تقليد من كان واجداً للأوصاف المتعدّدة ، وترتيب الأثر على قول مثل زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وزكريّا ابن آدم ، ويونس بن عبدالرحمن(3) ، بين البقاء على الحياة بعد تحقّق الرجوع والتقليد والأخذ والتعلّم ، وبين عدم البقاء عليها . غاية الأمر اعتبار الحياة في الحدوث ; لظهور العناوين في الفعليّة كما عرفت(4) . وأمّا بحسب البقاء فلا دلالة فيها على الاعتبار ، بل مقتضى إطلاقها العدم ، كما هو ظاهر (5).

ومنها : ـ وهو العمدة في المقام ـ السيرة العقلائيّة الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم في كلّ فنّ وصنعة ، من دون فرق بين أن يكون العالم ـ الذي رجع إليه ـ باقياً على حياته عند العمل بقوله ، أم لم يكن كذلك ، ومن الواضح عدم تحقّق الردع عن هذه السيرة العمليّة العقلائيّة ، والإجماع الرادع عن السيرة في التقليد الابتدائي غير

  • (1) كفاية الاُصول : 547 .
  • (2) سبق ذكرها في ص71 ـ 88 .
  • (3) وسائل الشيعة 27 : 138 ـ 148 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب11 ح4 ، 8 ، 9 ، 14 ـ 23 ، 25 ، 30 ، 33 ـ 35 .
  • (4) في ص197 ـ 202 .
  • (5) الفصول الغرويّة: 423، التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 109 ـ 110 .

(الصفحة 215)

متحقّق هنا . نعم ، حكي عن شيخنا الأعظم الأنصاري(قدس سره) (1) دعوى الإجماع ، واستظهاره من إطلاق كلمات المجمعين ، ولكنّها ممنوعة جدّاً ; لذهاب جمع كثير وجمّ غفير إلى جواز البقاء على تقليد الميّت ، فلا مجال معه لدعوى الإجماع(2) .

هذا ، ويمكن دعوى السيرة العمليّة من المتشرّعة في الصدر الأوّل ، حيث إنّهم بعد الرجوع إلى أحد من أصحاب الأئمة(عليهم السلام) ، وأخذ المعالم منه، لم يكن واحد منهم متوقّفاً عن العمل حتى يثبت له بقاء حياة من رجع إليه ، أو يرجع إلى الغير بعد ثبوت الممات ، خصوصاً مع بعد الشقّة، كما ورد في بعض الروايات المتقدّمة(3) .

فالإنصاف أنّ هذا الدليل كاف في جواز الاعتماد عليه ، والحكم بجواز البقاء على تقليد الميّت وعدم وجوب الرجوع عنه إلى الحيّ .

نعم ، هنا أمران ربما توهّم اعتبارهما في جواز البقاء :

الأوّل : العمل بفتوى المجتهد الميّت على تقدير كون التقليد عبارة عن الاستناد إلى قول الغير في العمل ; فإنّه على هذا التقدير لو لم يتحقّق من المقلّد عمل على طبق فتوى المجتهد الميّت يكون العمل به بعد الموت تقليداً ابتدائيّاً لا محالة ، وقد مرّ أ نّه غير جائز(4) . وهذا بخلاف ما لو كان التقليد بمعنى الالتزام أو غيره من الأُمور التي لا يكون للعمل فيها دخل أصلا ; فإنّه لا يكون جواز البقاء على تقليد الميّت مشروطاً بسبق العمل ، بل يكفي مجرّد الالتزام ونحوه في جواز البقاء .

ولكن لا يخفى أنّ مسألة جواز البقاء على تقليد الميّت لا تكون بهذا العنوان

  • (1) رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري ، ضمن مجموعة رسائل : 62 .
  • (2) مستمسك العروة الوثقى: 1 / 15 و 19 ، التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 110 ـ 111 .
  • (3) في ص86 .
  • (4) في ص 193 ـ 211 .