جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 307)

الشاهد الذي عرف إسلامه ولم يعرف جرحه ، بإجماع الفرقة وأخبارهم ، قال : وأيضاً الأصل في الإسلام العدالة ، والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل . وأيضاً نحن نعلم أ نّه ما كان البحث في أيّام النبي(صلى الله عليه وآله) ولا أيّام الصحابة ولا أيّام التابعين ، وإنّما هو شيء أحدثه شريك بن عبدالله القاضي الخ(1) . فإنّ تمسّكه بالأصل ، وكذا بعدم ثبوت البحث في تلك الأيّام المختلفة المتعاقبة ، ظاهر في أ نّه ليس مراده من ذلك تفسير حقيقة العدالة وبيان معناها ، بل المراد بيان ما يكفي في حكم الحاكم بشهادة الشاهدين ، وأنّ الملاك في ذلك مجرّد معروفيّة إسلامهما وعدم معروفيّة جرحهما ، كما لا يخفى .

فانقدح من جميع ذلك أنّ العدالة لا يكاد يكون لها إلاّ معنى واحد وحقيقة فاردة ; وهي المشتملة على الملكة والحالة النفسانيّة التي هي من المراتب التالية للعصمة . غاية الأمر أنّ العصمة عبارة عن الملكة التي تحصل للنفوس الشريفة ويمتنع معها صدور المعصية عادة . وأمّا ملكة العدالة ، فلا يمتنع معها صدورها كذلك ، ولكن يتعسّر ويصعب .

ثمّ إن بعض الأعلام ذكر في شرحه على العروة كلاماً في معنى العدالة محصّله : أنّه لم تثبت للعدالة حقيقة شرعيّة ولا متشرّعيّة ، وإنّما هي بمعناها اللغوي ; أعني الاستقامة وعدم الجور والانحراف ، وهي قد تستند إلى الأُمور المحسوسة ، فيقال : هذا الجدار عدل . وقد تستند إلى الأُمور غير المحسوسة ، فيُراد منها الاستقامة المعنويّة ، فيقال : عقيدة فلان مستقيمة . وقد تستند إلى الذوات ، فيقال : زيد عادل ، وهذا هو المراد من العدالة المطلقة ، ومعناها حينئذ هي الاستقامة العمليّة

  • (1) الخلاف : 6 / 218 مسألة 10 .

(الصفحة 308)

التي هي صفة خارجيّة وليست من الأوصاف النفسانيّة .

ثمّ قال في توضيحه ما ملخّصه : إنّ ترك المحرّمات والإتيان بالواجبات قد يستند إلى عدم المقتضي لفعل الحرام أو ترك الواجب ، كما إذا لم تكن له قوّة شهويّة أو غضبيّة. وهذا مجرّد فرض لا وقوع له، أو لو كان متحقّقاً فهو من الندرة بمكان.

وكيف كان ، فعلى تقدير تحقّقه لا يكفي ذلك في تحقّق العدالة بوجه ; لأنّ المكلّف وإن لم ينحرف حينئذ عن جادّة الشرع، إلاّ أ نّه لم يسلك جادّته برادع عن المحرّمات، وإنّما سلكها لا عن مقتض لارتكابها، وهو في الحقيقة خارج عن موضوع العدالة والفسق.

وقد يكون ترك المحرّمات وفعل الواجبات مستنداً إلى الرادع عن المعصية مع وجود المقتضي لارتكابها ، وهذ الرادع قد يكون تسلّط القوّة العاقلة على العقل العملي ; بمعنى أنّ العقل قد يكون مسيطراً على النفس سيطرة تامّة ، فيلاحظ الأعمال التي يريد المكلّف إصدارها ، فيصدر ما هو محبوب منها لله سبحانه ، كما حكي ذلك عن السيّد الرضي(قدس سره)  ، وأنّه لم يرتكب مباحاً طيلة حياته فضلا عن الحرام والمكروه ، ومن الواضح أنّ العدالة المعتبرة في الموارد الكثيرة لا يكاد يكون المراد بها هذا المعنى الذي هو تلو مرتبة العصمة .

وقد يكون الرادع عن ارتكاب المعصية مع وجود المقتضي لها رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب ، كما لعلّه الغالب في آحاد المكلّفين ، وهذا المعنى من العدالة هو المراد منها في موضوع جملة من الأحكام الشرعيّة .

ثمّ إنّ الرادع عن ارتكاب المحرّم إذا لم يكن هو الخوف أو الرجاء ، فلا يخلو إمّا أن يكون أمراً محرّماً في نفسه كالرياء ، ومن البديهي أنّ ذلك لا يكون من العدالة في

(الصفحة 309)

شيء ، بل هو محكوم بالفسق ، وإمّا أن يكون أمراً مباحاً ، كما إذا كان الرادع الشرافة والجاه والخوف عن السقوط عن أعين الناس ، وفي هذه الصورة يكون المكلّف خارجاً عن عنواني العادل والفاسق معاً .

فانقدح أنّ العدالة هي الاستقامة العمليّة في جادّة الشرع بداعي الخوف من الله أو رجاء الثواب ; وهي صفة عمليّة وليست من الأوصاف النفسانيّة ، لكنّه يعتبر أن تكون هذه الاستقامة مستمرّة بحيث تصير كالطبيعة الثانويّة للمكلّف ، فالاستقامة في حين دون حين كما في شهر رمضان ، أو مكان دون مكان ، كما في المساجد والمشاهد ، لا تكون عدالة أصلا . نعم ، لا يضرّ بها ارتكاب المعصية في بعض الأحيان ـ لغلبة الشهوة أو الغضب ـ فيما إذا ندم بعد الارتكاب(1) .

ويرد عليه ـ بعد وضوح أ نّه ليس المراد بالاستقامة هي الاستقامة فيما مضى فقط أو بضميمة الحال ، بل الاستقامة الدائميّة المطلقة الحاصلة بترك المحرّم والإتيان بالواجب في الاستقبال أيضاً ـ : أنّ هذا النحو من الاستقامة الناشئة عن الخوف أو الرجاء لا تكاد تنفك عن الملكة ; فإنّ القائل باعتبار الملكة في العدالة لا يريد بها إلاّ الحالة التي إذا اطّلع الغير عليها يطمئنّ بعدم صدور المعصية من صاحبها ، إلاّ أن يحاط به ويغلب عليه الشهوة أو الغضب على خلاف العادة .

ومن المعلوم أنّ تحقّق الخوف الدائمي والرجاء كذلك لا ينفك عن هذه الحالة والكيفيّة ، بل لا مغايرة بين الأمرين ; فإنّ الحالة الكذائيّة ليست إلاّ حالة الخوف المرتكزة في النفس الحاصلة بعد تحقّق مبادئها ، التي هي عبارة عن الاعتقاد بالوحدانيّة وبالرسالة وبغيرهما من الأُمور الاعتقاديّة ، وبما يترتّب على مخالفة

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 254 ـ 258 .

(الصفحة 310)

التكليف من التبعة ، فالتحقيق أنّ هذا يرجع إلى النزاع اللفظي ، ولا نزاع معنويّاً في البين كما هو ظاهر .

نعم ، لابدّ من ملاحظة ما استدلّ به على اعتبار الملكة في العدالة ، وهي اُمور مذكورة في كلام الشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سره) على ما في رسالة العدالة(1) :

الأوّل : الأصل ، والظاهر أنّ المراد به أصالة عدم ترتّب الآثار المرغوبة من العدالة والمطلوبة منها على مجرّد الاجتناب العملي ، الذي لم يكن ناشئاً عن الملكة النفسانية ، وأشار إلى ضعف هذا الدليل بأمره بالتأمّل ، ولعلّ الوجه فيه : أنّه ليس الشكّ في حصول مفهوم مبيّن وتحقّقه في الخارج ، بل الشكّ في أصل المفهوم والمعنى ، وإجراء الأصل لا يثبت كون المفهوم معتبراً فيه الملكة إلاّ على القول بالأُصول المثبتة ، وهو خلاف التحقيق .

الثاني : الاتّفاق المنقول المعتضد بالشهرة المحقّقة ، بل عدم الخلاف ، وهذا الدليل وإن كان يساعده ما ذكرناه من رجوع الأقوال المختلفة إلى قول واحد ، إلاّ أنّ بلوغه إلى مرحلة الاتّفاق غير ثابت ، والاتّفاق المنقول لا يكون واجداً لوصف الحجيّة على ما قرّر في الأُصول(2) .

الثالث : ما دلّ على اعتبار الوثوق بدين إمام الجماعة وورعه ; فإنّ الوثوق لايحصل بمجرّد تركه المعاصي في جميع ما مضى من عمره ما لم يعلم أو يظنّ فيه ملكة الترك .

وأُورد عليه بالمنع عن عدم حصول الوثوق بدين من نرى أ نّه يأتي بواجباته

  • (1) رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري : 11 .
  • (2) فرائد الاُصول : 1 / 125 وما بعدها ، سيرى كامل در اُصول فقه: 1 / 291 وما بعدها .

(الصفحة 311)

ويترك المحرّمات مع عدم إحراز الملكة فيه ; لأنّا إذا عاشرنا زيداً مثلا مدّة ، ورأينا أ نّه يخاف حيواناً من الحيوانات الموذية مثلا يحصل لنا الوثوق بذلك في حقّه ، وكذلك الحال في المقام ، فإنّا إذا عاشرناه مدّة ، ورأينا أ نّه يخاف الله سبحانه ، ولا يرتكب محرّماً ، ولا يُخِلّ بواجب ، يحصل لنا الوثوق بديانته ، ولو لم تكن الملكة موجودة فيه (1).

والجواب عن ذلك ما ذكرنا من أنّ حصول الوثوق بتحقّق الخوف الدائمي ، أو الرجاء كذلك فيه الموجب لعدم الإخلال بالواجب ، وعدم الإتيان بالمحرّم عبارة اُخرى عن حصول الوثوق بالملكة والحالة النفسانيّة ; ضرورة عدم كون مراد القائل باعتبار الملكة أزيد من ذلك .

الرابع : ما ورد في الشاهد ممّا يدلّ على اعتبار المأمونيّة والعفّة والصيانة والصلاح وغيرها فيه(2) ، مع الإجماع على عدم اعتبارها زائداً على العدالة ، ووضوح كونها من الصفات النفسانيّة .

وأُورد عليه بأنّ العناوين المذكورة غير منطبقة على الأفعال النفسانيّة ، فضلا عن أن تنطبق على الصفات النفسانيّة ، وتفصيل ذلك : أنّ كون الرجل مرضيّاً بمعنى أن يكون أفعاله ممّا يرضى به الناس ، فهي من صفات الأعمال الخارجيّة ، وليس من الصفات النفسانيّة .

نعم ، الرضا صفة نفسانيّة ، إلاّ أ نّه صفة قائمة بالغير ; لأنّ العادل هو المرضي ، والراضي عن أفعاله هو الغير ، وكذا كونه صالحاً معناه أن لا يكون فاسد العمل ،

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 261 .
  • (2) وسائل الشيعة: 27 / 391، كتاب الشهادات ب 41 .