جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 326)

غير معتبر في العدالة(1) .

ويرد عليه : أ نّه لا مجال لجريان الاحتمالات الثلاثة بعد كون قوله(عليه السلام) : «ويُعرف» بصيغة المذكّر كما في الوسائل وغيرها . وعليه : فلابدّ من رجوع الضمير إلى الرجل ، وأن تكون الجملة عطفاً على الجملة الأُولى تتمّة للمعرّف وجزءاً للمعنى والمفهوم . نعم ، المغايرة بين الجملتين ـ بناءً على ما اخترنا ـ إنّما هو بالتخصيص والتعميم من جهتين : من جهة شمول الجملة الأُولى لملكة المروءة ، والاجتناب عن مطلق المعاصي كبيرة كانت أو صغيرة ، واختصاص الثانية بخصوص المعصية الكبيرة .

ومنها : ما أفاده بعض الأعلام في الشرح على العروة ، ويرجع حاصله إلى أنّ الرواية لا دلالة لها بوجه على اعتبار الملكة في العدالة ، بل لا نظر لها إلى بيان حقيقة العدالة بنفسها أو بلازمها ، وإنّما أوكلته إلى الراوي نفسه ; لوضوح معناها عند كلّ من يفهم اللغة العربيّة ; أعني الاستقامة وعدم الانحراف ، وإنّما سيقت الرواية لبيان كاشفها ومعرّفها ، وقد جعلت الكاشف عنها هو الاشتهار والمعروفيّة والستر وغيرهما ممّا ورد في الحديث ، إذن هي كواشف تعبديّة عن العدالة ، وحيث إنّ معرفة كون المكلّف معروفاً بالعفاف يتوقّف على الصحبة وطول المعاشرة ، فقد جعل(عليه السلام)الاجتناب عن الكبائر طريقاً وكاشفاً عن المعروفيّة بترك المحرّمات والإتيان بالواجبات .

ثمّ إنّ كونه مجتنباً عن الكبائر لـمّا لم يكن أمراً ظاهراً في نفسه ، وكان محتاجاً إلى طول المعاشرة احتاج ذلك أيضاً إلى طريق كاشف عنه ; وهو كون الرجل ساتراً

  • (1) رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري : 13 ، 15 و16 .

(الصفحة 327)

لجميع عيوبه ، وهذا هو المعبّر عنه بحسن الظاهر ، كما أ نّه جعل الإتيان بالفرائض في المجامع علناً وبمرئى ومنظر من الناس كاشفاً عن أنّ فاعلها مجتنب عن المحرّمات ، بحيث لو لم يتعاهد الفرائض في المجامع لم يحكم بعدالته ، وبعد ذلك لا دلالة في الرواية على اعتبار الملكة في العدالة بوجه ، بل هي بمعنى الاستقامة العمليّة في جادّة الشرع . نعم ، لابدّ وأن تكون مستمرّة وكالطبيعة الثانويّة للانسان حتى يصدق أ نّه مستقيم ; فإنّ الاستقامة في بعض الأوقات دون بعض لا يوجب صدق الاستقامة ، إنتهى ملخّصاً(1) .

وبملاحظة ما ذكرنا في معنى الرواية ينقدح الخلل في هذا الكلام من جهات كثيرة :

من جهة أنّ السؤال في الرواية إنّما هو عن معنى العدالة ومفهومها ، لا عن الأمارة الكاشفة بعد وضوح معناها عند السائل . وعليه : فقوله(عليه السلام) في الجواب : «أن تعرفوه» بيان لحقيقة العدالة وماهيّتها في لسان الشارع .

ومن جهة أنّه على تقدير كون السؤال عن الأمارة ، تكون الأمارة هي نفس عناوين الستر والعفاف وأشباههما ، لا المعروفيّة بهذه العناوين ، وليت شعري أنّه ما معنى كون الكاشف هو الاشتهار والمعروفيّة والستر وغيرهما ; فإنّ جعل مثل الستر كاشفاً في مقابل الاشتهار والمعروفيّة ممّا لا يتصوّر ; فإنّه إن كان الكاشف هو المعروفيّة ، فلا وجه لكون الستر بنفسه كاشفاً . وإن كان الكاشف هو الستر ، فلا معنى لكون المعروفيّة كاشفة في مقابل الستر . ثمّ إنّه بعد ما لا تكون الملكة معتبرة في العدالة ـ كما هو مدّعاه ـ لا يظهر وجه لكون مثل الستر والعفاف كاشفاً

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 268 ـ 270 .

(الصفحة 328)

عنها ; لعدم المغايرة بين الكاشف والمكشوف عنه أصلا .

ومن جهة دلالة عناوين الستر والعفاف وأشباههما على اعتبار الملكة ، كما عرفت .

ومن جهة أنّ قوله(عليه السلام) : «ويُعرف» تتمّة للمعرّف الأوّل وجزء لمعنى العدالة ومفهومها ، لا أمارة عليها ، بل لا وجه للأماريّة بعد عدم دخالة الملكة في شيء من المعرِّف والمعرَّف ; فإنّه أيّ فرق بين اجتناب الكبيرة ، وبين مثل الستر والعفاف . وإن أُريد بهما المعروفيّة ، فمن الواضح أنّ مجرّد الاجتناب لا دلالة فيه على المعروفيّة أصلا .

ومن جهة أنّ التعاهد للصلوات الخمس لم يجعل في الرواية طريقاً لخصوص الاجتناب عن الكبيرة ، بل هو جزء من الطريق المركّب منه ، ومن كونه ساتراً لجميع عيوبه بالنحو الذي ذكرنا .

ومن غير هذه الجهات الذي لا يكون مخفيّاً على المتأمّل فيما ذكرناه وما أفاده .

في الكبيرة والصغيرة

والكلام في هذا الباب يقع في أمرين :

الأمر الأوّل : صحّة تقسيم المعاصي إلى الكبائر والصغائر ، واختلاف المعاصي من هذه الجهة التي يرجع إلى اتّصاف بعضها بكونها كبيرة مطلقة ، وبعضها الآخر بكونها صغيرة كذلك ، فنقول :

غير خفيّ على الناظر في صحيحة عبدالله بن أبي يعفور المتقدّمة(1) أنّها مشعرة

  • (1) في ص 313 ـ 314 .

(الصفحة 329)

بل دالّة على أنّ المعاصي الشرعيّة على قسمين : كبيرة ، وصغيرة . كما أ نّها تشعر بأنّ ضابط الكبيرة هو ما أوعد الله تعالى عليها النار ، بناءً على كون الوصف توضيحيّاً لا احترازيّاً ، كما هو الظاهر .

ويدلّ على ذلك قبل الرواية قوله تعالى : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ}(1) . وقوله تعالى  : {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَـلـِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَ حِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ}(2) . حيث إنّ الآيتين تدلاّن على اتّصاف بعض المنهيّات والآثام بوصف الكبر ، وبعض آخر بخلافه .

نعم ، تمكن المناقشة في الجميع ; بأ نّه لا دلالة لشيء منها على كون المعاصي على قسمين ، بل غاية مفادها أنّ الأُمور التي تعلّق بها النهي ، وينطبق عليها عنوان الإثم على قسمين ، وحيث إنّ النهي على قسمين : تحريميّ ، وتنزيهيّ ، فيمكن أن يكون المراد بالكبيرة خصوص ما تعلّق به النهي التحريمي ، الشامل لجيمع المعاصي في قبال ما تعلّق به النهي التنزيهي ، وإطلاق السيّئة على المكروه لا مانع منه أصلا ، كما أنّ انطباق الإثم عليه أيضاً كذلك ، ولا يكون في الرواية دلالة على أنّ المضاف إليه في قوله(عليه السلام) : «ويُعرف باجتناب الكبائر» هو خصوص المعاصي ، فلعلّ المراد به المنهيّات التي تكون أعمّ من المعاصي .

ولكنّ الظاهر أنّ هذه المناقشة موهونة ، والاحتمال لا يقاوم ظهور الآيتين والرواية في كون المحرّمات والمعاصي على قسمين : كبيرة ، وصغيرة . ويؤيّده ما عرفت من ظهور الرواية في كون الوصف توضيحيّاً لا احترازيّاً ، وأنّها بصدد إفادة

  • (1) سورة النساء : 4 / 31 .
  • (2) سورة النجم : 53 / 32 .

(الصفحة 330)

الضابطة ، ومن المعلوم عدم جريانها في جميع المعاصي والمحرّمات ; لعدم إيعاد الله ـ تبارك وتعالى ـ عليها النار ; لأنّ الظاهر أنّ المراد به هو الإيعاد عليه بالخصوص ، لا الإيعاد بنحو العموم في مثل قوله تعالى : {وَ مَن يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ و فَإِنَّ لَهُ ونَارَ جَهَنَّمَ}(1) الآية .

وأمّا الأصحاب ، فالقدماء منهم لا يظهر من كلماتهم هذا التقسيم أصلا . نعم ، ذكر ذلك الشيخ(قدس سره) في كتاب المبسوط ، حيث قال ـ بعد تفسير العدالة في الشريعة بأنّها عبارة عن العدالة في الدين ، والعدالة في المروءة ، والعدالة في الأحكام ، وبعد تفسير كلّ واحد من هذه الأُمور الثلاثة ـ : فإن ارتكب شيئاً من الكبائر ـ ثمّ عدّ جملة منها ـ سقطت شهادته ، فأمّا إن كان مجتنباً للكبائر ، مواقعاً للصغائر ; فإنّه يعتبر الأغلب من حاله ، فإن كان الأغلب من حاله مجانبته للمعاصي ، وكان يواقع ذلك نادراً قبلت شهادته ، وإن كان الأغلب مواقعته للمعاصي ، واجتنابه لذلك نادراً لم تقبل شهادته . قال : وإنّما اعتبرنا الأغلب في الصغائر ; لأنّا لو قلنا : إ نّه لا  تقبل شهادة من أوقع اليسير من الصغائر ، أدّى ذلك إلى أن لا تقبل شهادة أحد ; لأ نّه لا أحد ينفكّ من مواقعة بعض المعاصي(2) .

ولكنّه أورد عليه ابن إدريس بقوله : «وهذا القول لم يذهب إليه(رحمه الله) إلاّ في هذا الكتاب ; أعني المبسوط ، ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا ; لأ نّه لا صغائر عندنا في المعاصي إلاّ بالإضافة إلى غيرها ، وما خرّجه واستدلّ به من أ نّه يؤدّي ذلك إلى أن لا تقبل شهادة أحد ; لأ نّه لا أحد ينفكّ من مواقعة بعض المعاصي ، فغير واضح ;

  • (1) سورة الجنّ : 72 / 23 .
  • (2) المبسوط : 8 / 217 .