جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 360)

ما اخترناه من عدم قدح ارتكاب الصغيرة شرعاً في تحقّق العدالة ما لم يبلغ حدّ الإصرار الموجب لكونه كبيرة أو للحوقه بها ، فتدبّر جيّداً .

[كون الإتيان بالكبيرة مانعاً عن قبول الشهادة وعدمه ]

ثمّ إنّه قد اتّفقت آراء المسلمين تقريباً على أنّ مجرّد الإتيان بالكبيرة يمنع عن قبول الشهادة ، وما يجري مجراه من جواز الاقتداء به في الصلاة وغيره . كما أ نّه قد ادّعى الإجماع جماعة من المتأخّرين على أنّ التوبة عن الكبيرة والرجوع عنها تزيل حكم المعصية ، ومعها تقبل الشهادة ويجري سائر أحكام العدالة(1) .

وقد وقع الخلاف في ذلك بين المسلمين ، ومورد الخلاف بينهم هي مسألة القذف ، والمنشأ له هي الآية الشريفة(2) ، وقد تعرّض لهذه المسألة الشيخ(قدس سره) في كتاب الخلاف في باب الشهادات ، حيث قال : القاذف إذا تاب وصلح قبلت توبته وزال فسقه بلا خلاف ، وتقبل عندنا شهادته فيما بعد . وبه قال عمر بن الخطاب ، وروي عنه أ نّه جلد أبا بكرة حين شهد على المغيرة بالزنا ، ثمّ قال له : تب تقبل شهادتك(3) ، وعن ابن عباس أ نّه قال : إذا تاب القاذف قبلت شهادته(4) . ولا  مخالف لهما ، ثمّ عدّ جماعة من التابعين والفقهاء الموافقين لذلك .

ثمّ قال : وذهبت طائفة إلى أ نّها تسقط ، فلا تقبل أبداً ، ذهب إليه في التابعين شريح ، والحسن البصري ، والنخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه(5) . ثمّ

  • (1) ذخيرة المعاد : 305 ، مجمع الفائدة والبرهان : 12 / 321 .
  • (2) سورة النور : 24 / 4 .
  • (3) الاُمّ : 7/48 و 94 ، السنن الكبرى للبيهقي : 15 / 171 ، كتاب الشهادات ح 21132 و21133 .
  • (4) الاُمّ : 7 / 48 و 94 ، السنن الكبرى للبيهقي : 15 / 172 ، كتاب الشهادات ملحق ح 21135 و ح 21136 .
  • (5)الاُمّ:7/47-48،المغني لابن قدامة:12/74 ـ75،الحاوي الكبير:21/25-26،المبسوط للسرخسي:16/ 125.

(الصفحة 361)

قال : والكلام مع أبي حنيفة في فصلين :

عندنا وعند الشافعي تردّ شهادته بمجرّد القذف ، وعنده لا تردّ بمجرّد القذف حتى يجلد ، فإذا جلد ردّت شهادته بالجلد لابالقذف .

والثاني : عندنا تقبل شهادته إذا تاب ، وعنده لا تقبل ولو تاب ألف مرّة .

دليلنا : إجماع الفرقة وأخبارهم .

والدليل على أنّ ردّ الشهادة يتعلّق بمجرّد القذف ، ولا يعتبر الجلد ، قوله تعالى : {وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَـنِينَ جَلْدَةً وَ لاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَـدَةً أَبَدًا}(1) فذكر القذف وعلّق وجوب الجلد بردّ الشهادة ، فثبت أنّهما يتعلّقان به .

والذي يدلّ على أنّ شهادتهم لاتسقط أبداً،قولهـ تعالىـ في سياق الآية:{وَأُولَـلـِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن م بَعْدِ ذَ  لِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(2) .

ووجه الدلالة أنّ الخطاب إذا اشتمل على جمل معطوفة بعضها على بعض بالواو ، ثمّ تعقّبها استثناء ، رجع الاستثناء على جميعها إذا كانت كلّ واحدة منها ممّا لو انفردت رجع الاستثناء إليها ـ إلى أن قال :ـ فإن قالوا : الاستثناء يرجع إلى أقرب المذكورين ، فقد دلّلنا على فساد ذلك في كتاب اُصول الفقه(3) .

والثاني : أنّ في الآية ما يدلّ على أ نّه لا يرجع إلى أقرب المذكورين ; فإنّ أقربه الفسق ، والفسق يزول بمجرّد التوبة ، وقبول الشهادة لا يثبت بمجرد التوبة ، بل تقبل بالتوبة وإصلاح العمل(4) .

  • (1  ، 2) سورة النور : 24 / 4 ـ 5 .
  • (3) عدّة الاُصول : 1 / 320 ـ 321 .
  • (4) الخلاف : 6 / 260 ـ 262 مسألة 11 .

(الصفحة 362)

ولا يخفى أنّ اعتبار الإصلاح مضافاً إلى التوبة ينحصر بباب القذف ، ولا دليل عليه في غير ذلك الباب .

وكيف كان ، فلا تنبغي المناقشة في قبول الشهادة وما يجري مجراه بعد التوبة عن المعصية . نعم ، ربما يناقش في ذلك بأنّ العدالة هي الملكة النفسانيّة الكذائيّة على ما دلّت عليه صحيحة ابن أبي يعفور المتقدّمة(1) ، وبعد زوالها بإتيان الكبيرة لا دليل على عودها بمجرّد الاستغفار والتوبة حتى تقبل الشهادة ، ولذا خصّ بعض المعاصرين(2) ـ على ما حكي عنه ـ قبول الشهادة بالتوبة بما إذا عادت معها الملكة التي كانت حاصلة له قبل الإتيان بالمعصية الكبيرة .

ولكنّ الظاهر أنّ الإتيان بالكبيرة لا يؤثّر في زوال الملكة ، بل الملكة بعده أيضاً باقية وإن لم تتحقّق التوبة بعد . نعم ، العدالة لا تكون عبارة عن مجرّد الملكة ، بل الاجتناب الناشىء عنها ; لما عرفت من أنّ الدليل على اعتبار الملكة هي الصحيحة المتقدّمة الدالّة على اعتبار الاجتناب العملي عن الكبيرة . غاية الأمر قيام بعض القرائن على اعتبار كون الاجتناب ناشئاً عن الملكة ، فقدح الإتيان بالكبيرة إنّما هو لأجل عدم تحقّق الاجتناب ، لا لأجل زوال الملكة .

نعم ، حيث إنّ التوبة تكفّر الخطيئة ، والاستغفار يزيل المعصية ، فلا محالة تترتّب آثار العدالة بعد التوبة ، ويعود الشخص كما كان قبل صدور المعصية ، وقد اشتهرت : التائب من الذنب كمن لا ذنب له(3) ، إلاّ أن تتحقّق منه المعصية

  • (1) في ص313 ـ 314 .
  • (2) راجع كتاب الصلاة للشيخ عبد الكريم الحائري : 519 .
  • (3) الكافي : 2 / 435 ح10 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 2 / 74 ح347 ، وعنهما وسائل الشيعة : 16 / 74 و75 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ب86 ح8 و14 .

(الصفحة 363)

مكرّرة ، فإنّه يوجب زوال الملكة ، فلا تعود العدالة وإن تاب عن كلّ واحدة منها بعد تحقّقها ، إلاّ أن تتحقّق مقدّمات ثبوتها كالابتداء ، كما لا يخفى .

تتميم: [اعتبار المروءة في العدالة]

المعروف بين المتأخّرين ـ على ما نسب إليهم ـ هو اعتبار المروءة في العدالة(1) ، وأ نّ ارتكاب خلافها ينافي العدالة ويمنع عن تحقّقها ، والظاهر أنّ الدليل المهمّ على ذلك قوله(عليه السلام) في صحيحة عبدالله بن أبي يعفور المتقدّمة(2) في مقام الجواب عن السؤال عن ماهيّة العدالة وحقيقتها : «أن تعرفوه بالستر والعفاف» . بناءً على ما نقلنا عن كتب اللغة في معنى العفاف ; من أ نّه هو الكفّ عمّا لا يحلّ ويَجمُلُ(3) ، فارتكاب ما لا يكون جميلا لائقاً بحال الشخص ، مناسباً لمقامه وشؤونه العرفيّة مخلّ بالعدالة ، مانع عن تحقّق عنوان العفاف المعتبر فيها على ما هو ظاهر الرواية ، وكما أنّ المعتبر في ناحية المعاصي هي ملكة الاجتناب ، كذلك المعتبر في طرف المروءة أيضاً ملكتها ـ التي يتعسّر معها ـ أن يصدر من الشخص ما لا ينبغي أن يصدر من مثله بحسب المتعارف .

فالدليل المهمّ على اعتبار المروءة ما ذكرنا ، لا قوله(عليه السلام) في الصحيحة في مقام جعل الأمارة الكاشفة : «والدلالة على ذلك كلّه أن يكون الشخص ساتراً لجميع عيوبه» ـ بتقريب أنّ «العيوب» عامّة شاملة لجميع أفرادها الشرعيّة والعرفيّة ـ حتى يدفع بأنّ مقتضى مناسبة الحكم والموضوع ، وكون الإمام(عليه السلام) هو الملقي للكلام

  • (1) رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري : 17 .
  • (2) في ص313 .
  • (3) في ص318 .

(الصفحة 364)

أن يكون المراد منها خصوص العيوب المضافة إلى الشرع والمرتبطة بالشارع . ولا الملازمة بين عدم الخجلة من الناس ، وعدم الاستحياء من غير الله ، وبين عدم الخجلة والاستحياء من الله ـ تبارك وتعالى ـ حتى يدفع بمنع الملازمة ، وعدم كون عدم الاستحياء من غير الله كاشفاً عن عدمه من الله تبارك وتعالى ، خصوصاً بالإضافة إلى من يكون متفانياً في الله وفي الأُمور المعنويّة ومتمحّضاً فيها ، بحيث لايعتني بالناس وبالشؤون التي يترقّبونها منه .

فالإنصاف بمقتضى ما ذكرنا اعتبار ملكة المروءة في العدالة ، واستبعاد مدخليّة المروءة فيها دون الاجتناب عن الصغيرة ـ نظراً إلى أ نّه كيف يكون ارتكاب أمر مباح قادحاً في العدالة . والإتيان بالمحرّم الشرعي غير قادح فيها ؟ ـ لا يقاوم ظهور الدليل ، خصوصاً بعد ملاحظة كون الإصرار على الصغيرة من جملة الكبائر القادحة ، وأ نّه يتحقّق بمجرّد الإتيان بالذنب والعزم على العود إليه ، بل بمجرّد الإتيان به وعدم الندم عليه وإن لم يعزم على العود ، كما اختاره بعض الأعاظم من المحقّقين(1) على خلاف ما اخترناه .

وليعلم أنّ محلّ الكلام في ارتكاب خلاف المروءة من جهة كونه قادحاً في العدالة ; هو ما إذا لم ينطبق عليه عنوان محرّم . وأمّا إذا انطبق عليه عنوان محرّم كالهتك ونحوه فلا إشكال في دخوله حينئذ في الذنوب التي يكون الإتيان بها مانعاً عن تحقّق العدالة إذا تحقّق الإصرار . هذا تمام الكلام في المقام الأوّل الذي كان البحث فيه مرتبطاً بمفهوم العدالة ومعناها .

  • (1) كتاب الصلاة للشيخ عبد الكريم الحائري : 519 .